قواعد مُتباينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدت القواعد الضريبية المتباينة في الدول المختلفة إلى لعبة حصيلتها صفر بالنسبة للحكومات الوطنية، التي تُجبر على اتباع سياسات لا شعبية لتأمين جزء أكبر من الكعكة. في ظل النظام الحالي، توفر البلدان حوافز قوية لتقديم مزايا ضريبية أكبر من أي وقت مضى للشركات العاملة داخل حدودها، رغم المنافسة الشديدة من قبل دول أخرى، كما تحول الشركات أرباحها المعلنة من اختصاص واحد إلى آخر. في معظم الحالات، لا تفعل الشركات أي شيء غير قانوني من خلال الاستفادة من هذا النظام المُفكك. ولكن إذا كانت البلدان جادة في الحد من عدم المساواة والزيادة في تمويل المعاشات والرعاية الصحية لمواطنيها، سينبغي عليها التعاون في مجال الحوكمة العالمية لتحديد أولويات الضرائب العادلة.

وتتطلب قضيتا المناخ والضرائب تنسيقاً عالمياً، والقائمة طويلة. كما يمكن للسياسات النقدية للبنوك المركزية ذات العملة الاحتياطية الكبيرة مثل المجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة أن تخلف آثاراً جانبية واسعة النطاق، كما يمكن لسياسات أسعار الصرف أو قوانين التدفقات المالية عبر الحدود أن تكون مدمرة، كما أن الضرر ينتقل من البلدان الكبرى إلى البلدان الصغرى.

أمام هذه التحديات، ليس لدينا أي خيار سوى التعاون الدولي وتعزيز المؤسسات والأطر العالمية والإقليمية، مثل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، ومجموعة الـ20، ويجب ألا يصبح وجود هياكل الحوكمة العالمية ذريعة للتقاعس عن العمل الوطني أو المحلي.

كما يجب الاعتراف أن هناك حاجة ملحة لحشد الإيمان في الحوكمة العالمية من منظور آخر. عبر الولايات المتحدة، آسيا، أوروبا، والشرق الأوسط، يهدد تجدد سياسات الهوية والقومية الكارهة للأجانب بإعادة ارتكاب مآس كبرى كما في القرن العشرين. على هذه الخلفية، يُعد التأكيد على جود واحتياجات المجتمع العالمي أمراً ضرورياً ليس فقط لأسباب اقتصادية، ولكن أيضاً للمساهمة في ضمان عالم يسوده السلام.

* وزير سابق للشؤون الاقتصادية في تركيا والمدير السابق لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

Email