عبدالله الشاعر: الكتاب أنبل صناعة معرفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر البعض أن صناعة الكتاب هي صناعة ملوثة للبيئة من خلال ما تستهلكه من أشجار، لكنها في الحقيقة من الصناعات القليلة التي تحمل غرضاً سامياً، ولو قمت بمقارنتها بغيرها فإنها تعد من الصناعات النبيلة. ورغم وجود أصوات تطالب بإحلال الكتاب الإلكتروني بنظيره الورقي، إلا أنني مع الكتاب الورقي؛ نظراً إلى أن الإلكتروني يفتقد الإحساس والروح، ويستهلك كثيراً من الطاقة الكهربائية، وبالتالي يضر بالبيئة أيضاً.

لكن في الجانب الآخر ستجد أن المواد التي تستخدم في صناعة الكتاب الورقي هي لغرض معرفي نبيل، حيث تجد محتوى الكتاب يدافع عن قضايا البيئة، ويحث على السلوكيات البيئية السليمة، فضلاً عن أن الكتاب الورقي يدوم لسنين طويلة.

سُئلت مرة: أنت على علاقة وثيقة بالكتب، فإذا دخلت مكتبة ما وبحوزتك نقود تكفي لشراء كتابين وأعجبت بثلاثة كتب تتحدث عن السينما، الرواية والبيئة، فأيها سأختار؟، فكانت إجابتي بالتأكيد سأختار الكتاب السينمائي لأنه على علاقة وثيقة بشغفي، أما الكتاب الثاني فالرواية، لأن من الممكن أن أستقي منه أفكاراً وقصصاً وربما أحولها في المستقبل إلى فيلم سينمائي.

كل القائمين على المبادرات البيئية مهمومون بطريقة تطبيقها؛ لكني شخصياً أحافظ على البيئة وأعمل على إعادة تدوير الأشياء الخاصة بي من حين لآخر، إلا أنني ألاحظ أن كل الأعمال البيئية تتم بشكل فردي، فالحكومة لا تلزمك بفرز نفاياتك، وما تقوم به من إعادة تدوير من دافع حرصك على المحافظة على البيئة.

الدولة تحافظ على البيئة من خلال القوانين التي تسنها والعقوبات التي تفرضها على المتجاوزين والمضرين للبيئة، ولكن لا يلاحظ أن هناك تكريماً للأشخاص والمؤسسات التي تدعم وتلتزم بالسلوكيات المحافظة على البيئة إلا على نطاق ضيق ومحدود، وبما أن هناك قائمة سوداء تضم الأشخاص المسيئين للبيئة فيجب أن يكون هناك قائمة بيضاء تضم أسماء الأشخاص أو المؤسسات التي تحافظ على البيئة؛ فهؤلاء هم أصحاب الوجوه المضيئة.

هناك ممارسات بسيطة، لكنها كبيرة، وتحمل وعياً بيئياً؛ فمثلاً أن تجمع كافة قمامتك في كيس واحد كبير تقوم بضغطه، من شأن ذلك الأمر أن يخفف من استهلاك الأكياس، ويقلل في الوقت نفسه من حجم النفايات التي تنتجها المدينة.

من حين لآخر تطلق الدولة فعاليات تدعو إلى الحفاظ على البيئة كفعالية «يوم بلا مركبات» ومن الطبيعي أن أشارك وأدعم هذه الفعاليات، وأحياناً استخدم وسائل النقل الجماعية. كما لاحظت خلال سفري إلى أوروبا وجود مسارات على الطريق مخصصة للسيارات التي تقل أكثر من ثلاث أشخاص؛ وبهذه الطريقة يمكن أن نقلل من عدد السيارات التي تستخدم الطريق، وبالتالي يقل الازدحام وعوادم السيارات وغاز ثاني أوكسيد الكربون المضر بالبيئة، وفي هذا نوع من التكريم والشكر على وعيهم.

كما عشت فترة في الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر ما لفت انتباهي ولاحظته هو اتساع الوعي البيئي بين الناس، فلا فرق بين كبير وصغير، الجميع هناك حريص على البيئة، حتى ولو كان شيخاً كبيراً تجده تلقائياً يقوم بإعادة تدوير النفايات، والشي الآخر الملاحظ أن هناك تقبلاً للنصح؛ فإن أضر أحد بالبيئة تجد من ينصحه.

ومن المبادرات التي قمت بها خلال مهرجان دبي السينمائي أثناء عملي معهم كمدير للعمليات لنشر لوعي بين المشاركين وتسليط الضوء على أهم التحديات الني تواجه البيئة، والحث على إعادة تدوير النفايات في المهرجان، وأطلقت مبادرة «ديف ريسيكل» تدعيماً لهذه التوجهات البيئية.

ومن الأمور التي أمارسها في حياتي مهمة «محضر قضائي بيئي» وهو تكليف من بلدية دبي التي أعطت صلاحيات وتفويضاً لأشخاص مختارين لمراقبة السلوكيات المضرة بالبيئة، ويطلق على هؤلاء المتطوعين لقب «محضر قضائي بيئي»، وهم يمارسون عملهم على مدار الساعة، وعند ملاحظتهم لمخالفة مثل إطلاق سيارة ما لعوادم زائدة عن الحد الطبيعي، أو رمي البعض للمخلفات من سيارتهم فيبادرون بمخالفته. ويتم اختيار هؤلاء الأشخاص بدقة من الأشخاص ومن الذين لديهم مبادرات أو خبرات في المحافظة على البيئة كنوع من التكريم.

مدير مركز دبي العالمي للكُتّاب

عبد الله الشاعر يوصي بالكتاب الورقي، استمعوا إلى ما قاله في هذا الفيديو:

شاركنا على الإنستغرام بصور تعكس اهتمامك بالبيئة في حياتك اليومية. جوائز صديقة للبيئة بانتظارك!

Email