تهدد 25 % من سكان الدولة.. ومتوسط عمر الإصابة يقل 10 سنوات عن أوروبا

أمراض القلب ضريبة الرفاهية.. ونمط الحيــاة الصحي و«الأيروبيك» أقصر طرق الوقاية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

لا يختلف اثنان على أن الحياة العصرية، بما حملته من راحة ورفاهية للمجتمعات، جلبت معها أمراضاً كان نطاق انتشارها في السابق محدوداً، وفي مقدمها أمراض القلب والشرايين، ما يستدعي من الجهات المعنية تعزيز عمليات التوعية والتثقيف الصحي، وآليات الوقاية منها، فضلاً عن اتباع نمط حياة صحي من قبل أفراد المجتمع، خصوصاً أن أمراض القلب تعبر المسبب الرئيس للوفيات في الإمارات، كما أن 25 % من السكان معرضون للإصابة بها، وذلك بحسب أطباء متخصصين في أمراض القلب.

وأكد الأطباء أن متوسط الإصابة بأمراض القلب في الإمارات والمنطقة بصفة عامة، أقل بـ 10 سنوات من معدلات الإصابة في الدول الأوروبية، حيث يبلغ متوسط عمر الإصابة في الدولة 55 عاماً، مقارنة بـ 65 عاماً في أوروبا.

وشددوا على ضرورة التخلص أو معالجة عوامل الخطر المعروفة، وعلى رأسها تغيير أسلوب الحياة، وإنقاص الوزن، والتوقف عن التدخين نهائياً، فضلاً عن ممارسة تمارين الأيروبيك لمدة 30 دقيقة يومياً، أو من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعياً، مشيرين إلى ضرورة إجراء الفحوصات الدورية للأطفال الذين يعانون من السمنة ولا يتناولون طعامهم بشكل جيد وصحي.

ضغوطات العمل

وتفصيلاً، قال الدكتور فهد باصليب استشاري ورئيس قسم أمراض القلب في مستشفى راشد، إن أمراض القلب هي ضريبة الرفاهية التي جلبتها لنا الحياة العصرية، التي أثرت بشكل مباشر في أنماط الحياة الصحية والغذائية، إلى جانب ظهور عوامل أخرى جديدة، ومنها ضغوطات العمل، والعمل لساعات طويلة خلف أجهزة الحاسوب، ما أدى إلى إصابة الناس بالكسل والخمول.

وأضاف باصليب «في السابق كانت حياة الآباء والأجداد تعتمد على البحر وخيراته، وكان الناس يمارسون الألعاب الرياضية كجزء من حياتهم اليومية، بينما لا يجد الكثير من أفراد المجتمع الآن الوقت الكافي حتى لممارسة رياضة المشي، حتى ولو نصف ساعة، إلى جانب اعتماد الناس على الوجبات الغذائية السريعة، بكل ما تحمله من أمراض، ما أدى لتفاقم أمراض القلب والجلطات القلبية بشكل لافت».

وتابع «بلغ عدد المرضى الذين راجعوا العيادات القلبية في مستشفى راشد العام الماضي 5780 مريضاً، فيما وصل عدد حالات التنويم في قسم القلب إلى 2200 حالة، وعمليات الجلطات القلبية 1150 عملية، إضافة إلى 1700 قسطرة».

أسباب وأعراض

وبيّن باصليب أن قسم أمراض القلب في مستشفى راشد قام بتركيب 950 دعامية للمرضى، في حين بلغ عدد الحالات التي خضعت لتخطيط القلب 6000 حالة، كما تم تركيب 400 جهاز للقلب والضغط، فضلاً عن إجراء فحص الجهد لـ 600 مريض، مشيراً إلى أن كل هذه الأرقام في مستشفى راشد فقط، غير أرقام المستشفيات الأخرى في الإمارات.

وأرجع باصليب أسباب أمراض القلب والنوبات القلبية، إلى الإصابة بأمراض الشرايين التاجية الناجمة عن ترسبات دهنية (الكولسترول) التي تتراكم على جدران الشريان التاجي مع مرور الوقت، والتي توقف إمداد القلب بالدم، وبالتالي، توقف إمداد الأكسجين، وفي هذه الحالة لا يستطيع القلب ضخ الدم بكميات كافية إلى جميع أجزاء الجسم.

وحول أعراض أمراض القلب والنوبات القلبية، قال باصليب، إن الأعراض تكون على شكل ألم وضيق بالصدر، وشعور بألم من الممكن أن يكون خفيفاً أو قوياً أو اعتصاراً أو امتلاء في مركز الصدر، وقد تكون الأعراض مشابهة لأعراض حالات عسر الهضم الحادة أو حرقة المعدة، وقد يستمر هذا الألم والضيق لأكثر من دقائق معدودة، وقد تزول ثم تعاود الظهور مرة أخرى.

وأشار إلى أنه من علامات أمراض القلب والنوبات القلبية أيضاً، الشعور بالضيق وعدم الراحة في الجزء العلوي من الجسم، والشعور بألم أو تنميل في ذراع واحدة أو كلتا الذراعين أو الجزء الخلفي من الرقبة أو الفك أو المعدة، مع قصر النفس مع أو قبل ضيق الصدر، فضلاً عن تعرق بارد والشعور بالقيء والغثيان والوهن والدوار.

وفي ما يتعلق بطرق الوقاية من أمراض القلب والنوبات القلبية، أكد استشاري ورئيس قسم أمراض القلب في مستشفى راشد، أنه قبل كل شيء، لا بد على المرء من التخلص أو معالجة عوامل الخطر المعروفة، وعلى رأسها تغيير أسلوب الحياة، ومن ثم التوقف عن التدخين نهائياً، إلى جانب ممارسة تمارين الأيروبيك، وذلك لمدة 30 دقيقة يومياً، أو من ثلاث إلى أربع مرات أسبوعياً، فضلاً عن إنقاص الوزن، وذلك للوصول إلى الوزن المثالي، حسب العمر والطول والجنس، وتجنب الجوع والحميات غير المتوازنة، التي تفتقر لبعض المجموعات الغذائية الضرورية، إضافة إلى حساب مؤشر كتلة الجسم، وذلك لحساب الوزن الذي يجب التخلص منه، فضلاً عن ضرورة تحسين النظام الغذائي، حيث يوصى بتناول وجبات غذائية متوازنة وصحية للقلب، التي تركز على الفاكهة والخضراوات والحبوب والبروتينات، وتحوي نسبة قليلة من الدهون المشبعة.

عوامل الخطر

وأفاد باصليب بأن هناك عدة عوامل تؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية، وبالتالي، يجب مراقبتها والسيطرة عليها، وفي مقدمها ضغط الدم المرتفع، لافتاً إلى أن ضغط الدم الطبيعي يجب أن يكون أقل من 140/‏‏ 90، إلا أن المصابين بمرض السكري يجب عليهم أن يحافظوا على ضغط الدم أقل من 135/‏‏ 90، أما المصابون بأمراض الكي، فيجب ألا يزيد ضغط الدم لديهم على 135/‏‏85.

وزاد قائلاً «في ما يتعلق بمرضى الكولسترول، يجب أن يكون أقل من 200 ملليغرام /‏‏ ديسيلتر، حيث يجب ألا يتجاوز معدل البروتينات الدهنية قليلة الكثافة الكولسترول الرديء (إل دي إل) عن 100، ولا يقل معدل البروتينات الدهنية عالية الكثافة الكولسترول الجيد (إتش دي إل) عن 50، كما يحب أن يبقى معدل الدهنيات الثلاثية أقل من 150 ملليغرام/‏‏ ديسلتر».

وأوضح أن الرجال فوق 45 سنة، والنساء فوق 55 سنة، أكثر عرضة للإصابة بالنوبات القلبية، خصوصاً إذا كان هناك تاريخ طبي في العائلة بالإصابة بالنوبة القلبية (العامل الوراثي).

ولفت إلى أن عدد المتوفين سنوياً بسبب أمراض القلب والشرايين في العالم، يبلغ نحو 17.5 مليون إنسان، وهو ما يعادل 31 في المئة من مجموع الوفيات عالمياً.

نصائح

وبالنسبة إلى كيفية التقليل من أمراض القلب والشرايين، نصح باصليب بضرورة الرجوع لنمط الحياة الصحي، وتناول 3 وجبات رئيسة مغذية، تتخللها وجبات خفيفة تحتوي على الفواكه والخضراوات، إضافة إلى ممارسة الرياضة لمدة لا تقل عن 30 دقيقة يومياً، وتعويد الأطفال على ذلك لتصبح جزءاً مهماً في حياتهم.

كما دعا إلى ضرورة الابتعاد عن التوتر والقلق والامتناع عن التدخين والمحافظة على الوزن المثالي، ومتابعة الكولسترول والسكر دورياً، خصوصاً إذا كان الطفل أو الشخص يتبع نظاماً غير صحي.

وأكد باصليب ضرورة إجراء الفحوصات الدورية للأطفال الذين يعانون من السمنة، ولا يتناولون طعامهم بشكل جيد وصحي، وذلك لأن هناك بعض الدراسات التي أجريت على أطفال المدارس الابتدائية، كشفت أن نحو 10 إلى 30 % من الأطفال لديهم ارتفاع في الدهون الثلاثية.

وكشف عن أن 90 % من نسبة الوفيات المفاجئة، تكون بجلطات قلب حادة، لافتاً إلى أن الدراسات الطبية العالمية، أشارت إلى أن نحو 5 إلى 6 % يعانون من أمراض الشرايين ولا يعلمون بذلك.

المرتبة الأولى

من جانبه، قال الدكتور عبيد الجاسم استشاري أمراض القلب في مستشفى دبي، إن أمراض القلب والشرايين والأوعية الدموية، تأتي في المرتبة الأولى بين أسباب الوفاة في دولة الإمارات، لافتاً إلى أن 25 % من سكان الدولة معرضون للإصابة بأمراض القلب.

ووصف الجاسم هذه النسبة بالعالية جداً، مشيراً إلى أن 50 % من مرضى القلب بالدولة يحتاجون إلى تدخل، سواء جراحي أو عن طريق القسطرة.

وذكر أن متوسط الإصابة بأمراض القلب في الإمارات والمنطقة بصفة عامة، أقل بـ 10 سنوات من معدلات الإصابة في الدول الأوروبية، حيث يبلغ متوسط عمر الإصابة في الدولة 55 عاماً، مقارنة بـ 65 عاماً في أوروبا.

تقنية جديدة

وأردف الجاسم أن هيئة الصحة في دبي قامت بإدخال تقنية جديدة في عمليات القلب المفتوح بالتداخلات الجراحية، من خلال إجراء ثقب صغير في الصدر باستخدام المنظار لإجراء عمليات إصلاح وتبديل الصمام المترالي، أو ترقيع ثقوب بين الأذينين في القلب أو عمليات استبدال وإصلاح الصمام الثلاثي الشرفات في الجهة اليمنى من القلب أو استخراج أورام قلبية.

وأضاف «كما بدأت الهيئة استخدام تقنية المناظير في إجراء عمليات الصدر والرئة»، مشيراً إلى أن الهيئة قامت مؤخراً بإدخال أجهزة جديدة لدعم ضعف عضلة القلب قبل وبعد إجراء العمليات الجراحية أو القسطرة العلاجية.

 

ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة أبرز أسبــاب الإصابة

أجرت جمعية القلب الإماراتية، دراسة إحصائية، شارك فيها 4128 من أفراد المجتمع، معدل أعمارهم يصل إلى 37 عاماً، وشملت 7 مراكز طبية و4 مراكز تسوق ومركزين لسكن العمال، وذلك بالتعاون مع جميع أطباء القلب، إضافة إلى الكوادر الطبية المختلفة في الدولة من المتطوعين، تحت إشراف لجنة علمية متخصصة تعمل تحت مظلة الجمعية.

الكشف المبكر

وقالت الجمعية إن الغرض الرئيس من الدراسة، تمثل في تحديد مدى فاعلية الكشف المبكر عن مخاطر وأسباب الإصابة بأمراض القلب، وتأثير نتائج الفحص المبكر على أنماط الحياة الصحية في المجتمع.

وقد أحصت الدراسة نسبة انتشار المخاطر التالية: ارتفاع ضغط الدم وداء السكري واختلال نسبة الدهون بالجسم والسمنة والتدخين وعدم ممارسة الرياضة، وهي من أبرز أسباب الإصابة بأمراض القلب. ومن خلال الدراسة التي شملت المواطنين والمقيمين على أرض الدولة، والذين تصل نسبتهم إلى 75 % رجالاً و25 % نساء من إجمالي الأعداد المشاركة، اتضح أن 30 % منهم يعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم، ولا يعلم نصفهم بإصابتهم بهذا المرض.

 كما اتضح إصابة ما يعادل 31 % باختلال في نسبة الدهون بالجسم، بما يقارب الثلث تقريباً، و30 % منهم مصاب بمرض السكري، و21 % مدخنون، و14 % يعانون من زيادة في الوزن، و20 % سمنة مفرطة.

مخاطر

وخلصت الدراسة إلى أن 89 % على الأقل من المشاركين بالدراسة، مصاب بعامل واحد أو أكثر من مخاطر أمراض القلب السابق ذكرها، حيث تتراوح نسب الخطورة كالتالي: 31 % مصاب بعامل واحد، 31 % مصاب بعاملين من عوامل الخطر، 20 % مصاب بثلاثة عوامل، 7 % مصاب بأربعة عوامل من الخطر، و11 % لا يعانون من أي من هذه العوامل.

وتضمنت الدراسة المتابعة مع الذين تم اكتشاف عوامل الخطر لديهم، والتي تعد من الأسباب الرئيسة للإصابة بأمراض القلب، وبعد التواصل معهم وسؤالهم عما إذا كانوا زاروا أطباء أو غيّروا من نمط حياتهم، تبين أن 30 % فقط منهم قاموا بمراجعة الأطباء لمتابعة عوامل الخطر لديهم، و60 % فقط قاموا بتغيير نمط حياتهم لتفادي الإصابة بأمراض القلب.

ويؤكد البروفيسور سيدني سميث رئيس الاتحاد العالمي لأمراض القلب، تزايد نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول المتقدمة، وبنسبة تصل إلى 10 % بحلول عام 2020، بينما ترتفع نسب الإصابة في الدول النامية والمتطورة لتصل إلى 55 % بحلول العام نفسه.

 

مستشفى راشد يطبق برنامجاً عالمياً لعلاج الجلطات القلبية

قال استشاري ورئيس قسم أمراض القلب في مستشفى راشد، الدكتور فهد باصليب، إن القسم حصل على اعتماد عالمي من الهيئة الدولية المشتركة لاعتماد المؤسسات الصحية، كأول قسم على مستوى الشرق الأوسط يطبق برنامجاً عالمياً معتمداً لعلاج الجلطات القلبية.

معايير عالمية

وأكد باصليب أن الحصول على هذا الاعتراف التخصصي، يضع المستشفى أمام مسؤولية مواصلة الالتزام بالمعايير العالمية في تطبيق البرامج الطبية المتخصصة، وتقديم خدمات طبية متكاملة وعالية الجودة.

وأوضح باصليب أن حصول القسم على الاعتماد الدولي من قبل الهيئة الدولية المشتركة لاعتماد المؤسسات الصحية، جاء بعد استيفاء القسم لجميع شروط ومتطلبات ومعايير الهيئة لمثل هذا البرنامج المتخصص، والمتعلقة بمدى تأهيل الكادر الوظيفي من أطباء وممرضين وأطباء طوارئ وعلاج طبيعي وأشعة وصيدلة، ومدى تكاملية العملية العلاجية للمريض، وتوافر الدليل الطبي لعلاج الجلطة القلبية، ومدى تدريب وتطبيق الكادر الطبي لهذا الدليل.

وأضاف «كما تتضمن معايير الهيئة الدولية لاعتماد المؤسسات الصحية، مدى مرونة البرنامج وتطبيقه حسب الحالة المرضية، ومدى خضوعه للمراجعة الدورية، ومواكبته للتطورات العالمية في هذا المجال، ومدى القدرة على دراسة وتحليل النتائج، وتغييرها حسب الحالة المرضية، والقدرة على التحكم في المعلومات الطبية».

حقوق وواجبات

وأشار باصليب إلى أن البرنامج الذي يطبقه قسم القلب بمستشفى راشد لعلاج الجلطات القلبية، يعمل على إشراك المريض في العملية العلاجية، كما يراعي حقوق وواجبات المريض، ويعتني بتغيير النمط الحياتي للمريض، من خلال مساعدته في تبني سلوكيات إيجابية، تخدم صحة وسلامة المريض.

ولفت إلى أن مستشفى راشد يفرض مكانته كواحد من أهمّ مراكز الطوارئ الرائدة في منطقة الخليج، حيث يستقبل غالبية الحالات الصحية المستعصية، التي يتمّ إحالاتها من مستشفيات أخرى متعددة، ويقوم بالتنسيق التام مع القيادة العامة لشرطة دبي، والإدارة العامة للدفاع المدني، من أجل تدريب طاقم موظفي حالات الطوارئ الطبية في المطارات. 

Email