«مركز دم الحبل السري» يجمع 5 آلاف عينة ويعالج 13 مريضاً
دبي تقود الشرق الأوسط في القضاء على الأمراض بالخلايا الجذعية
لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا
«المشيمة» أو «الخلاصة» بالعامية كانت قبل سنوات تعد من الفضلات والنفايات التي يتم التخلص منها مباشرة بعد الولاة، ولكن مع تقدم الطب اكتشف أن المشيمة الواحدة تحتوي على ملايين الخلايا النامية التي يمكن توجيهيها في المختبرات لعلاج الطفل نفسه من أي مرض بعد ثلاثين سنة وأكثر، كما يمكن للأهل أو الأقارب أو حتى الغرباء الاستفادة منها في حال كان التبرع مفتوحاً للغير.
وبعد التأكيد العلمي أن المشيمة مليئة بالخلايا الجذعية بات الحرص على تخزينها أمراً ضرورياً تحرص عليه، ليس فقط المستشفيات والمراكز الصحية، بل أيضاً الدول والحكومات، وكانت إمارة دبي سباقة في هذا المجال، وسارعت باتخاذ الخطوات التي تؤهلها للمشاركة في إنجاز العلاج الجديد، انطلاقاً من استراتيجيتها التي تضع صحة الإنسان على قمة أولوياتها، وتكفل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» ببناء مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث، الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط، في مستشفى لطيفة في العام 2006 على نفقته الخاصة، ومنذ ذلك الحين والإقبال على تخزين دم الحبل السري في تزايد مستمر، حتى إن الكثير من الخليجيات يحضرن إلى مستشفيات هيئة الصحة في دبي للولادة فيها ليتسنى لهن تخزين دم الحبل السري للاستفادة منه مستقبلاً، وساهم المركز منذ افتتاحه ولغاية الآن في شفاء 13 مريضاً، وبذلك أصبحت دبي تقود المنطقة نحو القضاء على الأمراض الوراثية والمزمنة باستخدام الخلايا الجذعية.
«البيان الصحي» التقى عددا من المتخصصين في مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث للوقوف على ماهية الخلايا الجذعية، ومصادرها، ومدى نجاحها في علاج الأمراض، والتكاليف والإجراءات المطلوبة لتخزين دم الحبل السري.
حياة طبيعية
وقال حسين السمت، مدير مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث بالإنابة، إن المركز عالج منذ افتتاحه ولغاية الآن 13 مريضا، حيث تمحورت غالبية الحالات حول أمراض الدم الوراثية مثل الثلاسيميا وانيميا الفالكوني وسرطانات الدم.
ولفت إلى أن جميع الحالات التي تم نقل الخلايا الجذعية لها تعيش الآن حياة طبيعية، مؤكداً أن عدد الوحدات الدموية المخزنة في المختبر وصل الآن إلى 5000 عينة لدم الحبل السري لمواطنات ومقيمات في الدولة، إضافة إلى 70 عينة لأمهات من السعودية وعمان والكويت والبحرين وقطر وسوريا ومصر.
وأشار إلى أن مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث يعتبر الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط، منوهاً بأن دم الحبل السري يمكن تخزينه لمدة 30 سنة.
إصلاح وتجديد
ورأى السمت أن الخلايا الجذعية المأخوذة من دم الحبل السري تعتبر خلايا غير مكتملة الانقسام وقادرة تحت ظروف مناسبة على تكوين خلية بالغة من أي عضو من أعضاء الجسم، وبالتالي يمكن اعتبارها نظام (إصلاح وتجديد) للجسم، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد أودع فيها القدرة على تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة بعد أن تنمو وتتطور، وعليه يمكن أن تزرع في جسم الإنسان في المكان الذي به تلف لأحد الأعضاء فيستعيد العضو وظيفته وتنمو وتنقسم مكان الأنسجة التالفة، وهي بذلك يمكن أن تكون علاجاً ناجعاً لأمراض وحالات إعاقة كثيرة مستقبلاً، منها مرض باركنسون (الشلل الرعاش)، والزهايمر، وإصابات الحبل الشوكي وأمراض القلب والتهاب المفاصل والشلل الرباعي، بل وقد تصبح بديلاً لعمليات زرع الأعضاء، لتصبح عملية زرع خلايا فقط تنمو لتكون أعضاء بديلة.
توعية وتثقيف
بدوره أفاد الدكتور حاتم العباس رئيس المختبرات في مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث ان الإقبال على عملية تخزين الدم بحاجة إلى توعية وتثقيف بالفوائد والمردودات الإيجابية الكبيرة التي تعود على الأسرة بكاملها مستقبلا، لافتا إلى أن إحدى العائلات كان لديها طفلان يعانيان من مرض الثلاسيميا وقامت الأم بتخزين دم الحبل السري للطفلة الثالثة ولحسن الحظ أنها كانت سليمة ولا تعاني من أي أمراض وبالتالي تم مطابقة الخلايا وعلاج الطفلين المصابين بالمرض، إضافة إلى الحالات الأخرى التي استفادت من عملية التخزين.
وقال العباس إن المركز يمثل إضافة نوعية للخدمات الصحية التي توفرها دبي للمواطنين والمقيمين حيث إن المركز يعتبر الأول من نوعه على مستوى دول المنطقة.
معجزة القرن
وذكر العباس أن ما ثبت لغاية الآن هو أن الخلايا المستخلصة من دم الحبل السري ناجعة في علاج 80 مرضا من أمراض الدم، وما زالت الأبحاث العالمية قائمة لدراسة مدى نجاعتها في علاج الأمراض الأخرى.
وتابع أن تقنية العلاج بالخلايا الجذعية المستخلصة من دم الحبل السري تعد بالفعل معجزة القرن لأن المشيمة كانت في السابق تعد من الفضلات التي يتم التخلص منها، لافتاً إلى أن خدمات تخزين دم الحبل السري لا تعتبر من الخدمات العلاجية التي توفرها الدولة لكافة المواطنين بالمجان.
وأضاف العباس أن التكاليف التي وضعتها هيئة الصحة في دبي لتخزين دم الحبل السري تعتبر رمزية لأن مدة التخزين تمتد لـ30 سنة وربما أكثر، كما أننا لو نظرنا لتكاليف التخزين على الهيئة لوجدنا أنها لا تغطي سوى النفقات.
وأشار إلى أن أسعار تخزين عينة دم الحبل السري في أوروبا تتراوح بين 15_ 25 ألف يورو أي ما يفوق أسعار المركز بأضعاف.
اتباع أفضل المعايير العالمية في التعامل مع العينات
يعمل مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث على جمع ومعالجة دم الحبل السري وخزن خلايا الجذع.
وتتمثل أهداف المركز في جمع دم الحبل السري للمولود، لاستخراج الخلايا الجذعية ثم خزنها في مختبراته، والعمل بجودة عالية متماشية مع المعايير العالمية، واتباع أصول الصحة والسلامة في التعامل مع العينات، فضلا عن أن مختبرات المركز تعنى بخدمات أخرى مثل فحص التطابق النسيجي، كما أن المركز كونه جزءا من الشبكة العالمية لبنوك دم الحبل السري العالمية يمكنه إضافة معلومات العينات في قاعدة البيانات المشتركة، وأيضاً تبادل المعلومات.
التسجيل
وتتمثل الإجراءات المطلوبة لتخزين دم الحبل السري بالمركز في التالي:
ــ يتم التسجيل لتخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري عند بداية الثلث الأخير (الأسبوع 27) من فترة الحمل.
ــ تشجيع الأم على التسجيل خلال الأشهر الأولى من الثلث الأخير للحمل وذلك لتجنب مواجهة الصعوبات المرتبطة بالتسجيل المتأخر.
ــ يرجى من كلا الوالدين إبراز بطاقة الهوية الوطنية أو جواز السفر عند التسجيل.
ــ يجب حضور الأم في المركز عند التسجيل للاستشارة الطبية التي من خلالها سيتم أخذ التاريخ الوراثي والطبي للعائلة.
ــ بعد استيفاء معايير التسجيل، سيتم توقيع العقد لتخزين الخلايا الجذعية للاستعمال الخاص أو العام.
ــ للتخزين الخاص، سيتم دفع الرسوم المطلوبة عند التسجيل.
ــ إذا كانت الولادة في مستشفى ليس تابعاً لهيئة الصحة بدبي، أي ليس في مستشفى لطيفة أو مستشفى دبي، سيتم توفير عدة تجميع دم الحبل السري للأهل بعد دفع الرسوم المطلوبة.
ــ يتم التسجيل للتخزين العام (التبرع) فقط إذا كانت الولادة في مستشفى لطيفة أو مستشفى دبي.
الإجراءات بعد الولادة
ــ إذا كانت الولادة ليست في مستشفى لطيفة أو مستشفى دبي، على الأسرة الاتصال بالسائق التابع لمركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث على الأرقام المزودة في أقرب وقت وذلك بعد تجميع وحدة دم الحبل السري وعينة من دم الأم من قبل المستشفى نفسه.
ــ تتوفر خدمة استلام العينة من المستشفى على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع وخلال العطل الرسمية أيضا.
ــ يجب إرسال العينة إلى المركز في مدة زمنية لا تتجاوز 36 ساعة من وقت التجميع.
ــ تحفظ العينات التي تم تجميعها في درجة حرارة الغرفة وبعيداً عن أشعة الشمس المباشرة حتى وصول السائق.
ــ عند وصول العينة، يتم تقييمها بناءً على معايير التخزين في المركز.
ــ بعد استيفاء العينة لكافة معايير المركز والتأكد من خلو دم الأم من الأمراض المعدية، سيتم تخزين وحدة دم الحبل السري بنجاح.
ــ إذا كانت العينة المتبرع بها (التخزين العام) غير مطابقة للمعايير، سيتم رفضها و التخلص منها أو استخدامها للأبحاث.
ــ سيتم استخدام العينة الخاصة (التخزين الخاص) التي لم تستوف المعايير للأبحاث فقط في حال موافقة الأسرة على ذلك في العقد.
ــ إذا كانت نتائج فحوص دم الأم للأمراض المعدية غير طبيعية، سيتم إعادة الاختبارات مع عينة جديدة من دم الأم، وإذا لزم الأمر سيتم إجراء فحوص الأمراض المعدية على عينة من وحدة دم الحبل السري.
ــ سيتم الاتصال بالأهل لإعلامهم عن نتائج العينة الخاصة (التخزين الخاص) في غضون 3-4 أسابيع.
عملية جمع الدم غير مؤلمة للأم والجنين
قالت فاطمة الهاشمي رئيسة وحدة الإدارة وباحثة اكلينيكية في مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث: إن عملية جمع دم الحبل السري تتم ببساطة بعد ولادة الجنين مباشرة وقبل ولادة المشيمة، حيث يتم جمع بين 120 إلى 150 ملليمتراً من الدم في كيس يشبه كيس التبرع بالدم، حيث تغرس إبرة مثبتة في الكيس البلاستيكي وتترك لتملأ الكيس عن طريق الجاذبية، في عملية تستغرق بين 2 إلى 4 دقائق، وهي عملية سهلة وغير مؤلمة بالنسبة للأم والجنين.
وأضافت: بعد سحب عينة الدم يتم تثبيت المعلومات المطلوبة على الكيس، بعد أن يتم إغلاقه بإحكام، ويتم كذلك أخذ ثلاث عينات مخبرية من دم الأم، وتنقل العينات مع كيس دم الحبل السري إلى مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث، وهناك يتم التأكد من بيانات المريضة ومطابقتها لوحدة الدم وعينات الأم، ثم يتم تجهيز عينات لإرسالها للفحوص الجرثومية والأمراض المعدية الفيروسية وفصيلة الدم وعمل التطابق النسيجي وفحص عدد أنوية خلايا الدم الحمراء ومعدل تكاثر الخلايا الجذعية، وبعد ذلك تتم عملية تحضير الخلايا الجذعية وفصلها على مرحلتين في ظروف معقمة، وبعدها يتم تجميدها في النيتروجين المسال تدريجياً لمدة ساعة، ثم وضعها في ثلاجة خاصة مؤقتة لمدة شهرين عند درجة حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، وبعدها يتم الاتصال بالأم مرة ثانية لأخذ عينة دم للتأكد من خلوها من الأمراض المعدية، والتأكد من عدم وجود أي نوع من الفيروسات في فترة الحضانة.
وتابعت الهاشمي: «بعد التأكد من صلاحية عينة دم الحبل السري، وعدم وجود أمراض لدى الأم، يتم تخزين الخلايا الجذعية في درجة حرارة 196 تحت الصفر»، مشيرة إلى أن كافة الدراسات العلمية تؤكد أن دم الحبل السري يبقى صالحاً لمدة تتراوح بين 15 و 25 سنة.
وحول الوثائق المطلوبة قالت الهاشمي «يطلب صورة عن جواز الأم ورقم البطاقة الصحية لهيئة الصحة في دبي (إن وجد) وتسجيل الأم الحامل ثم توقيع العقد والتاريخ الطبي للأهل ودفع الرسم الأول للتسجيل وهو 1000 درهم، واستلام عدة تجميع العينة، ومعالجة العينة مخبرياً والتخزين وبعدها يتم اتصال المركز بالأهل لإعلامهم بنتيجة العينة».
وأردفت: «في حال نجحت العينة سيتم تحزين الدم في مختبر خاص جدا لقرابة 20 سنة في سائل النيتروجين، وعند حاجة الأهل لعينة الطفل يتم فحص مدى التطابق الجزيئي بين العينة والمريض أو البحث عن عينة ذات تطابق جيد بين العينات المفتوحة للتبرع مقابل رسوم قدرها 2000 درهم».
وأفادت بأن فريق التثقيف في المركز يقوم بتنظيم حملات توعوية وتثقيفية للحوامل في مستشفيي دبي ولطيفة بشكل دائم إضافة إلى توزيع الكتيبات والبروشورات الإرشادية والتوعوية حول أهمية تخزين دم الحبل السري.
01
مركز دبي لدم الحبل السري والأبحاث يعتبر الأول من نوعه على مستوى الشرق الاوسط، وساهم في شفاء 13 شخصاً من أمراض مستعصية.
80
ثبت علمياً أن الخلايا المستخلصة من دم الحبل السري ناجعة في علاج 80 مرضاً من امراض الدم، وما زالت الأبحاث العالمية قائمة لدراسة مدى نجاعتها في علاج الأمراض الاخرى.
30
تتم عملية جمع دم الحبل السري ببساطة بعد ولادة الجنين مباشرة وقبل ولادة المشيمة، ويمكن تخزينه لمدة 30 سنة.
196
يتم تخزين الخلايا الجذعية في درجة حرارة 196 تحت الصفر بعد التأكد من صلاحية عينة دم الحبل السري وعدم وجود أمراض لدى الأم.
27
التسجيل لتخزين الخلايا الجذعية من دم الحبل السري يتم عند بداية الثلث الأخير (الاسبوع 27) من فترة الحمل.
25
أسعار تخزين عينة دم الحبل السري في أوروبا تتراوح بين 15_ 25 ألف يورو أي ما يفوق أسعار المركز بأضعاف.
