وفاء عايش مدير إدارة التغذية العلاجية:

الصوم يحفظنا من أمراض الكلى والكبد

ت + ت - الحجم الطبيعي

بلغة سهلة بسيطة، يفهمها الكثيرون، تقربنا وفاء عايش مدير إدارة التغذية العلاجية في هيئة الصحة بدبي، من مائدة شهر رمضان الكريم، وما تحمله هذه المائدة من قائمة ( الإفطار والسحور )، وما استخلصته التجارب العلمية والعملية والبحوث والدراسات من نتائج، وما تم توثيقه صحياً لما نتناوله في هذا الشهر الفضيل، وتجيب وفاء عايش على العديد من التساؤلات التي تخص المرضى والأصحاء، وكيفية استثمار شهر الصوم، للخروج بصحة ولياقة بدنية عالية ؟، والكثير من الاستفسارات التي طرحناها عليها في هذا الحوار ، الذي تستهله بنصيحة عامة تقول فيها :

حتى تكتمل الفائدة المرجوة من الصيام على الصحة العامة للجسم، لابد من الحرص على وجبة السحور قرب الفجر، وأن تكون وجبة متوازنة ولا تحتوي على الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية، مع الالتزام عند الإفطار بتناول شراب دافئ مع التمر يعقبه أداء صلاة المغرب، ثم تناول كمية بسيطة من الطعام بحيث يستكمل الإفطار بعد صلاة العشاء حين يكون الجهاز الهضمي قد استعد بالإنزيمات الضرورية لهضم الطعام هضماً كاملاً، والمواظبة على ممارسة رياضة المشي أثناء الصوم وبعد ثلاث ساعات من تناول الإفطار بدلاً من الاستسلام أمام أجهزة التلفاز فترات طويلة تضيف إلى السعرات الحرارية الكثير، والابتعاد قدر الإمكان عن الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات سريعة الامتصاص، إلى جانب الحرص على تناول كمية كبيرة من السلطات الغنية بالخضراوات وبالتالي الفيتامينات، مع تناول كمية كبيرة من الماء ما بين الفطور والسحور، للتغلب على شعور العطش أثناء النهار،وكذلك الإكثار من شرب عصائر الفواكه الطازجة والمشروبات الدافئة أثناء هذه الفترة.

موضوع السعرات الحرارية يظل من الموضوعات المزعجة .. هل مطلوب من الصائم أن يمسك بآلة حاسبة للسعرات؟

وينصح خبراء التغذية بمراقبة المواد المغذية بدلاً من حساب السعرات الحرارية،وتناول الأطعمة المفيدة كالفاكهة والخضراوات والأسماك المشبعة بالزيوت، واللحوم خالية الدهون والمكسرات والبذور والحبوب والأرز البني والمعكرونة الكاملة ورقائق الحبوب الغذائية واللبن والحليب والجبن.

يجب أن تكون الأطعمة المتناولة في الإفطار متوازنة، و تحتوي على صنف أو أكثر من مجموعات الأغذية،ومتنوعة لتغطي الاحتياجات الغذائية للجسم ، ومن بين ذلك طبق السلطة الخضراء الطازجة لما تحتويه من ألياف وأملاح معدنية وفيتامينات، وكذلك ألياف الفاكهة والتمر التي تحتفظ بكميات من الماء داخل أنسجة الجسم، وتعمل على ترطيب العضلات، وتجعل الجسم يحتفظ باحتياطي كبير للطاقة، ويستحسن للصائم أن يتناول في البداية طعاماً سائلاً، ثم بعد دقائق يستكمل طعامه، لأن ذلك يشجع المعدة على القيام بوظيفتها بطريقة طبيعية وتنبيه إفرازاتها بطريقة صحية، مع ضرورة تجنب الأطعمة المقلية والدسمة التي تسبب عسر الهضم والحرقة وزيادة الوزن، وتقليل السكريات والأملاح والإقلاع عن التدخين، والإكثار من العصائر الطبيعية مثل عصير الليمون أو الجوافة أو البرتقال في رمضان للحفاظ على رشاقة الجسم وحيويته بشكل أكبر من عصائر مثل قمر الدين والعرقسوس الذي يعد من أكثر العصائر التي تسبب ارتفاع ضغط الدم وحجز الأملاح في الجسم، ويكون أنسب وقت لتناول الحلويات بعد الإفطار بثلاث ساعات حتى يتم هضم طعام الإفطار جيداً.

ماذا عن الإكثار من تناول الحلويات، وخاصة بعد الإفطار مباشرة ؟

تناول كميات كبيرة من الحلويات بعد الإفطار مباشرة تؤدي إلى تخزين الزائد على الحاجة في صورة دهون تحت الجلد وهذا يؤدى إلى زيادة الوزن والبدانة ومن ثم ارتفاع الضغط والكوليسترول.

في رمضان يكون الناس على طبيعتهم في تناول الطعام، ولا يكترث البعض لما تقولونه أنتم خبراء التغذية، حول الدهون والسكريات ، وغير ذلك من المؤشرات الخاصة بعلم الغذاء وعلم الأمراض .. فما رأيكم ؟

يمكن للإنسان تناول ما يشاء من أصناف الطعام والشراب، ولكن بقدر ودون إسراف، وعليه بالحركة لتعمل عضلاته ويستفيد جسمه من مخازن الدهون ويحولها إلى طاقة.

وتعتمد هذه الأسس في مبدئها على عدم الإسراف في الطعام، وممارسة الرياضة، والمشي لمدة ساعة يومياً وممارسة بعض التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة على الأقل قبل الإفطار بساعة ونصف أو بعد صلاة التراويح، على أن يحتوي البرنامج الغذائي على سعرات حرارية تتراوح من 1200 - 2000 سعر حراري فقط.

كما ينبغي على الصائم أن يتبع نفس نظام حياته العادية قبل الصيام، وخاصة من حيث العمل والحركة والنوم، والتعود على تنظيم الغذاء والاعتدال فيه، والاستمرار في نظام مشابه بعد رمضان.

وأود الإشارة إلى أن جميع البحوث والدراسات التي أجريت على الصوم، أكدت أن الصوم يمثل فرصة لتحريك سكر الكبد والدهون المخزونة تحت الجلد وبروتينات العضلات والغدد وخلايا الكبد، مما يساعد في تنظيف الجسم والأنسجة وتبديل الخلايا، كما أن في الصوم وقاية وعلاجا لبعض أمراض الجهاز الهضمي والعصبي والجلد وأمراض أخرى كثيرة كما تشير إلى ذلك البحوث العلمية.

الصوم يدفعنا إلى التهام مائدة الطعام وما عليها لحظة الإفطار، هل من خطر في ذلك، وخاصة أن المعدة تظل فارغة ساعات طويلة ؟

أكدت الدراسات أن المعدة تمتلئ بالطعام في أقل من ساعة بعد فترة صيام تام مع الجوع لفترة لا تقل عن 13 - 17 ساعة، مما يؤدي إلى ارتخاء في عضلاتها وإصابتها بالتلبك، وهذا أمر طبيعي، لأن المواد الدهنية عسرة الهضم والكربوهيدرات تملأ المعدة، خصوصاً إذا ما أضيف إليها الماء، فيتبع ذلك انتفاخ البطن وضيق التنفس الذي يكون السبب فيه امتلاء البطن والضغط على الحجاب الحاجز بين البطن والصدر فيرتفع إلى أعلى ويسبب عدم تمدد الرئتين إلى الوضع الطبيعي، فيشعر الشخص بضيق التنفس بعد حوالي ساعة من الأكل، والتحذيرات هنا تشير إلى أن الإكثار من البروتينات يؤدي إلى عسر الهضم وزيادة التعرض للإمساك، ويزيد من ظهور أعراض مرض التنفس بالنسبة للمصابين به أو من لديهم استعداد له، إضافة إلى إضراره بمرضى الكلى وتليف الكبد.

البعض يجد في شهر رمضان فرصة في التخلص من الوزن الزائد، استعادة الرشاقة والحيوية، فما رأيكم ؟

من الفوائد الصحية للصيام، هي، أنه يعمل على تجديد وتنشيط قدرة الجسم على الاستجابة للتغيرات الفسيولوجية المختلفة خلال هذا الشهر الكريم، كما أن فترة الصيام يمكن أن تساعد في إنقاص الوزن الزائد إذا راعى الصائم خلالها اتباع عادات غذائية صحيحة والابتعاد عن العادات السيئة التي تمثل 99 % من أسباب السمنة لدى الشرقيين.

ما هي إذن أفضل العادات الغذائية الصحيحة التي يجب اتباعها ، والسيئة التي تحذرون منها خلال شهر رمضان ؟

من العادات الغذائية الصحية : ( تناول الطعام بهدوء ومضغه جيداً )، من العادات الصحية الجيدة التي يجب أن نحافظ عليها في شهر رمضان. فمضغ الطعام جيداً يعد وسيلة من وسائل التغذية الصحيحة التي يمكن عن طريقها إنقاص الوزن الزائد دون الحاجة لنظام الريجيم القاسي، إلى جانب تقسيم وجبتي الإفطار والسحور إلى أربع وجبات حتى يتم الهضم الجيد للطعام وضمان عدم تركيزه في شكل شحوم زائدة للجسم.

كما أن التبكير بالإفطار يعد من العادات الصحيحة طبقا للسنة النبوية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: »لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر« صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إلى جانب تأخير السحور، الذي يتيح الفرصة لإتمام عملية الهضم الكامل لطعام الإفطار ويتيح الفرصة لتقليل وجبة الإفطار في اليوم التالي.

من ضمن العادات الصحيحة خلال شهر رمضان، كذلك، ممارسة الرياضة بعد الإفطار بساعة وعدم النوم مباشرة ذلك لأن النوم مباشرة يتسبب في تحويل الطعام الزائد عن حاجة الجسم إلى دهون. لذا يجب ممارسة الرياضة لحرق مزيد من السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم والمساعدة في إنقاص الوزن.

الصلاة بعد تناول التمر وقبل إكمال الإفطار من العادات الغذائية السليمة والصحية، لأن فترة الصلاة التي تعقب شرب العصير أو التمر ،كافية للمعدة والأمعاء الخاوية لامتصاص الماء والسكر، بحيث تسمح بارتفاع نسبة السكر في الدم وتمد الجسم بكمية معقولة من الماء والتي تروي الظمأ وتزيل الشعور بالجوع.

ماذا عن العادات الغذائية السيئة التي تحذرون دائماً منها ؟

تناول العرقسوس بكثرة يعد من العادات الغذائية السيئة التي يجب أن نحذر منها، إذ إن العرقسوس وعلى الرغم من أنه من المشروبات ذات السعرات الحرارية القليلة، إلا أنه يؤدي في حالة الإكثار من تناوله إلى ارتفاع ضغط الدم، وشرب الشاي بعد الإفطار مباشرة من العادات السيئة .

 إذ يؤدي شرب الشاي بعد تناول وجبة الإفطار مباشرة إلى امتصاص الكالسيوم والحديد ومن ثم يصبح ما نتناوله من طعام غير ذي جدوى خصوصاً، إذا كان مصدر الحديد نباتيا، وتزداد المشكلة إذا كان الشخص يعاني من أنيميا حادة ، لذا ننصح بتناول الشاي بعد الإفطار بساعة على الأقل، كما ننصح بعد الإكثار من الحلويات أوتناولها عقب الإفطار مباشرة ، حيث ينتج عن ذلك ارتفاع في مستوى السكر في الدم، وارتفاع في ضغط الدم، بجانب حدوث السمنة .

الخلاصة هي أن الغذاء الصحي في رمضان هو الغذاء الصحي في كل وقت، حيث يجب على الإنسان أن يوفر لجسمه الاحتياجات المختلفة من الكربوهيدرات والدهون والبروتينات في غذائه مع الفيتامينات والعناصر المختلفة كالكالسيوم والحديد.

Email