الدكتورة مي رؤوف مديرة مركز دبي للتبرع بالدم:

إدخال تقنية «الإفريزيز» لخدمة مرضى الثلاسيميا

ت + ت - الحجم الطبيعي

«إن عمليات نقل الدم وتوفيره بطرق آمنة، هي التي تنقذ أرواح الناس وتحسّن صحتهم، لذا ينبغي أن يشكل توفير الدم الآمن والكافي جزءاً لا يتجزأ من سياسة الرعاية الصحية الوطنية في كل بلد ومن بنيته التحتية».. هذا ما تؤكده منظمة الصحة العالمية، في أساس استراتيجيتها ومنهجيتها المعتمدة دولياً، وهو ما يتفق معنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد في مدينة دبي ممثلة في هيئة الصحة بدبي، حيث إن التبرع بالدم ونقله وتوفيره، وإن كان يتم وفق أعلى معايير الأمان والمأمونية، فإن عملية التبرع نفسها وتوفير كل الشروط التي تكفل سلامة المتبرع والمريض تمثل واحدة من أهم أولويات استراتيجية «صحة دبي»، كما تعد جزءاً أصيلاً من منظومة القيم التي يتسم بها مجتمعنا، الذي يرى أن توفير الدم الآمن منهجية وطنية، وإنقاذ الأرواح قمة إنسانية حضارية، يقوم عليها نخبة من المتخصصين وذوي الكفاءات العالية، ممن تساندهم وتعزز جهودهم أفضل التجهيزات والوسائل التي تحفظ قطرات الدم لمن يحتاج إليها في الوقت المناسب.

هذا بالتحديد ما توجزه لنا الدكتورة مي رؤوف مديرة مركز دبي للتبرع بالدم في هيئة الصحة بدبي، والتي تكشف في الحوار التالي، مجمل وتفاصيل ما يقوم به المركز من حملات للتبرع بالدم ونشر الوعي حول أهمية التبرع بالدم الطوعي، وما يحمله من رسالة إنسانية بليغة، قائمة على العلم والتقنيات الحديثة والذكية، وعلى خبرات كوادر بشرية مميزة يزخر بها مركز التبرع بالدم في دبي.

لو أمكن في البداية التعريف بالمركز، وهل هناك مراكز أخرى للتبرع بالدم في دبي؟

مركز دبي للتبرع بالدم التابع لهيئة الصحة بدبي، هو المركز، والجهة الرئيسة التي تعمل على توفير الدم ومكوناته إلى جميع مستشفيات الهيئة، إلى جانب 39 مستشفى تابعاً للقطاع الخاص، والمركز كما هو معروف يعتمد في مصادره على التبرع الطوعي بالدم.

ماذا تعني عملية التبرع بالدم وتوفيره آمناً بشكل عام؟

عملية التبرع وتوفيره آمناً هي جزء أصيل من السياسة الصحية لأي دولة في العالم، ولها الأولوية في أجندة المؤسسات الصحية لطبيعة وأهمية الدم، الذي يمثل توفيره إنقاذاً لحياة من يتعرضون للحوادث بشكل مباشر، إلى جانب الحالات المرضية التي يعتمد علاجها على الدم، فضلاً عن تعزيز الدم للعمليات الجراحية الكبرى والدقيقة.

وبشكل عام أيضاً وفي أنحاء العالم، يلعب الدم دوراً أساسياً في إنقاذ أرواح الأمهات في مجال رعاية الأمهات والأطفال، وأثناء الكوارث، وغيرها من الظروف التي نشاهدها في أنحاء متفرقة من العالم.. ومن هنا تبدو أهمية التبرع بالدم وتوفير مخزون استراتيجي من مكوناته، وحفظه آمناً.

نعود إلى مركزنا، ومستوى تصنيفه عالمياً فهذا من شأنه أن يزيد من الاطمئنان على مأمونية الدم وسلامته.. هل هناك تصنيف محدد للمركز؟ وماذا عن برامج الجودة التي يتبعها؟

مركز دبي للتبرع بالدم، يعد واحداً من أفضل المراكز المتخصصة دولياً، والمركز حاصل على الاعتماد الدولي من جمعية بنوك الدم الأميركية ( AABB ) وذلك منذ عام 2012، وهذه الجمعية هي الأكثر صرامة وتشدداً ودقة في مجال الاعتماد الدولي.

أما عن الجودة والفحوص الطبية، فالمركز مشارك في برامج الجودة الخارجية المعنية بدقة الفحوص التي تجرى على المتبرعين بالدم، وذلك مع واحدة من أعرق الكليات العالمية، وهي كلية الباثولوجيين الأميركية ( CAP ).

ماذا عن خدمات المركز؟ وهل تقتصر على تجميع الدم من المتبرعين وتقديمه للمحتاجين وفقط؟

عمل المركز وخدماته لا تقتصر على الصورة النمطية لمراكز الدم، فالمركز له مكانته العالمية ويعمل وفق ذلك، وبالتالي لا يقتصر دوره على تجميع الدم وتوفيره، فهو يحرص على سحب الدم من المتبرعين وحفظه وتوفير كل ما يلزم لمأمونية الدم وسلامته، إلى جانب الحفاظ على سلامة المتبرع نفسه قبل التبرع وبعده، إلى جانب توفير الدم ومكوناته للمرضى المحتاجين، وفق أعلى درجات الأمان والجودة.

كما يقوم المركز بتقديم الاستشارات الطبية للمتبرعين بالدم، ويعمل على تنمية الوعي المجتمعي وتثقيف الجمهور بفوائد التبرع، وينظم أيضاً حملات التبرع في المواقع المختلفة مثل المؤسسات والشركات والجامعات، وغيرها، بغرض الوصول إلى المتبرعين ونشر الوعي بأهمية التبرع وقيمته الإنسانية.

هل وجدتم أية مؤشرات إيجابية من هذه الحملات؟

المجتمع الإماراتي يتسم بشكل خاص بمنظومة مميزة من القيم الإنسانية النبيلة، التي نلمسها كثيراً وبصورة لافتة في جميع الحملات، ولنا أن نستدل على ذلك بالعديد من المؤشرات الإحصائية والمعدلات المتصاعدة للمتبرعين بالدم، والتي تظهر مدى الوعي المجتمعي بقيمة التبرع، كما تظهر مستوى المسؤولية الرفيع، ولو اكتفينا بمؤشرات السنوات الخمس الماضية فقط، فسنجد أن المركز نجح في تجميع 34941 وحدة دم في عام 2011، وارتفع العدد إلى 42044 في العام 2012، ثم 42824 في 2013، ووصل عدد وحدات الدم المتجمعة إلى 44350 في العام 2014، وقفز العدد إلى 48296 وحدة دم في العام الماضي، بعد أن كان عدد الوحدات المتجمعة في المركز 17660 وحدة في العام 2001، وهذا التصاعد يشير بوضوح إلى تنامي الوعي المجتمعي وروح المسؤولية وانتشار قيمة التطوع والعمل التطوعي في أوساط المجتمع، وهو ما تعمل هيئة الصحة بدبي ممثلة في المركز، على استثماره والاستفادة منه لتوفير الدم وفق أعلى درجات المأمونية في العالم.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المركز نجح في تنظيم 631 حملة للتبرع بالدم في عام 2015 فقط، وهو العام الذي شهد تجميع 48296 وحدة دم، إلى جانب 5149 وحدة صفائح دموية.

ذكرتم أن المركز لا يعمل وفق الصورة النمطية والمألوفة لمراكز الدم.. فما الذي أنجزه غير تجميع الدم وتوفيره؟

المركز أنجز الكثير، وتجميع الدم وتوفيره وإن كان هو الدور الأساس للمركز، إلا أنه ليس هو الوحيد، فقد شهد عام 2015، إدخال نظام فصل الدم إلى مكوناته باستخدام أجهزة الطرد المركزية الإلكترونية لضمان الجودة، وهو أول مركز داخل الدولة يطبق هذا النظام، إلى جانب إدخال نظام أوتوماتيكي متكامل للكشف عن الفيروسات في عينات المتبرعين بالدم بأقل تدخل بشري وذلك بالتعاون مع شركة ابوت العالمية لضمان دقة الفحوص وسلامة نقل الدم، كما شارك المركز بفاعلية في مبادرة «دمي لوطني»، التي تعد نموذجاً مميزاً لتضافر مجموعة من المؤسسات المعنية والمهتمة بتعزيز هذه القيمة الإنسانية في المجتمع.

تمضي هيئة الصحة بدبي ومن خلال استراتيجيتها الطموحة ( 2016 /‏‏‏ 2021 )، إلى توفير خدمات صحية متكاملة وعناية فائقة عالية الجودة، ومن بين هذه الخدمات خدمات توفير الدم.. فماذا عن خطتكم المستقبلية؟

لدينا خطط تنفيذية منبثقة من استراتيجية ورؤية الهيئة وتوجهاتها، ونحن نحرص على توفير خدماتنا وفق التقنيات الحديثة والذكية، وفي خطة عام ( 2016 /‏‏‏ 2017 )، على وجه التحديد، نعمل على إدخال تقنية سحب وحدتين دم من المتبرع بالدم بنظام (افريزيز)، وهو من أحدث النظم العالمية، التي تخدم مرضى الثلاسيميا بشكل مباشر، حيث تتيح هذه التقنية سحب الدم من المتبرعين من الفصائل النادرة، كما أننا نتجه إلى تطبيق تقنية تهبيط نشاط الكائنات المجهرية في الصفائح الدموية وبلازما الدم لضمان سلامة الدم.

وإلى جانب الاستفادة من التقنيات الحديثة والذكية، نتجه كذلك إلى توفير حافلة إضافية لأحدث بنك دم متنقل، وعلى صعيد آخر نعمل الآن على التنسيق لاستضافة اجتماع منظمة الصحة العالمية في مايو المقبل، لبحث موضوع (الطوارئ والأزمات في خدمات نقل الدم)، بحضور نخبة من خبراء العالم المتخصصين، وممثلي بنوك الدم من أربع عشرة دولة فضلاً عن تفعيل تواجد هيئة الصحة بدبي في المحافل والمنتديات العالمية المعنية بنقل الدم ومأمونيته، سواء التي يتم تنظيمها من قبل الهيئة في دبي، أو التي نشارك فيها خارج الدولة.

Email