جسر يصل حاضر الدوحة بماضيها

سوق واقف.. عبق التراث القطري

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد سوق واقف معلما تراثيا وسياحيا بارزا يقصده المقيمون من قطريين ووافدين من جميع أنحاء العالم وخاصة الأوروبيين على مدار العام ليتمتعوا برؤية فن العمارة العتيق وهو يعبق بنشوه التراث القطري ، ولا تكتمل زيارة مدينة الدوحة من دون الذهاب إليه والتجول في أنحائه. ويمكن القول ان سوق واقف جسر يربط حاضر الدوحة بماضيها.

ويقع السوق في وسط الدوحة، وهو في موقع مميز يربط المدينة بالبحر أي بين منطقة الأسواق والكورنيش، وبني من الحجارة والطين والأخشاب ، مما أعطاه نكهة خاصة وجعل منه تجربة تراثية تستحق التمعن ومتابعة تفاصيلها.

ويمثل السوق مرتكزا للحركة التجارية في الدوحة، فهو يجذب الباحثين عن البهارات والعطور وآلات الموسيقى والمفروشات والملابس المتميزة والمفروشات التراثية والتوابل والاعشاب، كما يحتوي على سوق للذهب والعطور والطيور، فهو وجهة رائعة للكثيرين على اختلاف اهتماماتهم وأذواقهم.

وتنتشر في السوق العديد من الصناعات الحرفية التقليدية كالمشغولات اليدوية الشعبية والسيوف والخناجر ، والتطريز، وهناك العديد من محلات السجاد التي تبهر بألوانها المتناسقة والجميلة الزائرين بمختلف مشاربهم.

وينعم قاصدو السوق بتجربة مستلهمة من الأصالة العربية، حيث تنتشر في جنباته العديد من المقاهي والمطاعم العربية ليتمتع الزائر بارتشاف كأس شاي أو قهوة عربية، وتذوق أكلة من الأكلات العربية المنتشرة في مطاعمه التي تعد بمثابة صورة تقريبية للوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

ويجمع السوق بين ثناياه روعة العمارة العربية القديمة والتراثية وبهاء العصرنة التي دخلته دون أن تخل بنظامه كمكان يتنفس التاريخ ويحكي قصة قطر قديما وحديثا، خاصة في ظل انتشار مجموعة من المحلات المتخصصة في تسويق تراث قطر وعادات أهلها وتقاليدهم.

سوق الطيور

ويضم سوق واقف قسما كبيرا لبيع الطيور على اختلاف أنواعها ، كما تقام فيه مزادات الطيور التي تجذب كثيرين من محبي الصيد وبيع الطيور وشرائها من مختلف الفئات ، ومازال هذا المزاد يقام صباح كل جمعة ، حيث يعج المكان بالزوار والبائعين يعرضون بضاعتهم في كل مكان ولا يمكن لأي زائر هناك أن يمر دون أن يتوقف ليلقي نظرة إما لجمال الطيور المعروضة وغرابتها أو ليتابع عملية المزاد .

سبب التسمية

ولعل من اهم ما يلفت نظر الزائر للسوق هو سبب التسمية، ومن خلال عدد من المواطنين القطريين الذين التقيتهم ، قال محمد جاسم الخزاعي وهو تاجر عطارة واعشاب ورث مهنته عن والده الذي ورثها بدوره عن جده: إن تسمية السوق ترجع إلى ان مدينة الدوحة كانت مقسمة إلى قسمين بسبب اختراق وادي مشيرب لها خلال زمن بعيد، وكانت المدينة معرضة دائما للسيول والأمطار التي تجري في اتجاه البحر فتختلط مياه البحر بالمطر لتغطي المياه السوق مما يضطر الباعة الذين يتجمعون على طرفي الوادي وعرض البضائع وهم واقفون نظرا لكثرة الماء في السوق وبالتالي صعوبة الجلوس .

ويضيف الخزاعي : إن بداية سوق واقف ترجع إلى اكثر من 250 عاما ، حيث كان التجار يأتون بالحطب والأعشاب واللحم والسمك والتمر والسكر والملح والبهارات وكانوا يأتون بها من الهند وايران وتشيكوسلوفاكيا، ويبيعون تجارتهم من الفجر الى بعد العصر.

وكان البدو يقيمون فيها كل نهار خميس سوقاً خاصا بهم يبيعون فيه الأخشاب والفحم والدهن ومنتجات الحليب.

وكان السوق يضم ثلاثة أنواع من المحال:«العماير»وهي المخازن الكبرى التي تتعاطى الأعمال التجارية بالجملة والمفرق، وتخزن مواد البناء والأغذية كالتمور والأرز، و"محلات المشغولات اليدوية" كالخياطة والنجارة، وإلى جانبهما كان هناك ما يعرف بـ «البسطات» وهي تلك التي كان يقيمها الباعة.

ومنذ عام 2004 اعتمدت الحكومة القطرية خطة لإعادة إحياء سوق واقف ، وذلك بهدف استعادة أجوائه القديمة بعد أن سيطرت المباني العمرانية على الأمكنة التاريخية، مما أدى إلى انتشار الأبنية الإسمنتية التي اثرت على الطابع التقليدي القديم للسوق.

ومع تنفيذ خطة إعادة إحياء سوق واقف تم هدم الأبنية الإسمنتية لإبراز الأبنية القديمة، كما تم الاعتماد على التقنية المتطورة لإنارة الممرات والطرق.

وتنتشر في سوق واقف العديد من الفنادق فئة الخمس نجوم التي تمزج بين الطابع التقليدي والاناقة وحسن الضيافة لتناسب جميع الزوار الذين يفدون الى السوق، ومن اشهر الفنادق القديمة التراثية فندق " بسم الله".

وتم مؤخرا افتتاح عدد من الفنادق تجمع بين الاصالة والفخامة وهي "المرقاب" وأرميلة" و"النجادة" و"الجسرة" و"البدع" و"مشيرب"، ويتميز كل واحد منها، بهوية خاصة من حيث التصاميم المعاصرة، والأسلوب الفريد، في جو يعبق بالتاريخ والأصالة. حيث يتمتع كل فندق ببصمة خاصة في تقديم مفهومٍ فريدٍ للضيافة القطرية. وتشتهر فنادق سوق واقف بأنها ملاذ لنزلائها للابتعاد عن ضوضاء المدينة والتمتع بالخصوصية والاسترخاء والاستجمام. وتناسب مجموعة فنادق سوق واقف جميع الضيوف سواء من رجال الأعمال أو العائلات.

ويمكن القول أن سوق " واقف " جسر يصل حاضر مدينة " الدوحة " التي تشهد تطورا عمرانيا متسارعا بماضيها الزاخر بتراثها الأصيل .

تاريخ اصيل

 

 

يجمع عدد كبير من القطريين على ان بداية سوق واقف الاولى كانت منذ اكثر من 250 عاما حيث كان الناس يأتون ببضاعتهم من الاعشاب والحطب واللبن والسكر ليبيعوها في السوق، وتم انشاء السوق بهذا الشكل وتسميته بهذا الاسم في عام 1955.

ومر السوق بمراحل تطور مختلفة تواكب الحداثة التي شهدتها قطر ، حيث تمت إعادة بنائه مؤخرا مما أعاد اليه شكل ومنظر الأسواق القديمة في القرن التاسع عشر، بمحلاته الجذابة التي تحتوي على مختلف البضائع، وشوارعه وأزقته الجميلة وقد لاقت إعادة بناء السوق على طرازه الأصلي نجاحاً منقطع النظير، حيث أصبح أحد أكثر المواقع شهرة في الدوحة. وتم تزويد السوق بخدمة الإنترنت اللاسلكية بالمجان وبلا حدود ، حيث تسهم هذه الخدمة في جذب السياح الى السوق خاصة المقاهي والمطاعم التي يرتادها عدد كبير من السياح المغرمين بالبقاء على اتصال مستمر بالإنترنت.a

Email