الخروج من الاتحاد الأوروبي زاد الغموض بالنسبة للأسواق

خبراء: بريطانيا دخلت حالة من التخبط والمجهول

ت + ت - الحجم الطبيعي

انعكاسات قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا تزال تتدحرج داخلياً وعالمياً، حيث لم يستبعد خبراء احتمال تدني مستوى الاقتصاد البريطاني بنسبة 4% على المدى البعيد ودخول البلاد في حالة من التخبط والمجهول، كما أبدت لندن ذاتها قلقها الشديد، معتبرة أن حرمانها من دخول السوق الأوروبية الموحدة سيكون كارثياً وسط زيادة الغموض بالنسبة للأسواق، في حين اعتبر تقرير قرار الخروج البريطاني حافزاً للإصلاح والتغيير.

إلى ذلك، أوضح خبراء اقتصاد في كلية لندن للأعمال أن احتمال تدني مستوى الاقتصاد البريطاني جراء تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى الكثير من النتائج كانخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 4%، وخوض سنوات من عدم الاستقرار الاقتصادي.

وفي هذا السياق، توقع ريتشارد بورتس، أستاذ الاقتصاد في الكلية، أنه إلى جانب انخفاض الإنتاج والعمالة، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد اضطرابات مالية كبرى.

وقال: يسجّل عجز الحساب الجاري الآن نسبة تصل من 6-7% بتمويل تدفقاتٍ رأسمالية غير مستقرة. وقد يشهد المدى القريب حدوث مخاطر تشمل انهياراً في سوق العقارات، في العاصمة لندن على الأقل، وانخفاضاً شديداً في سعر الصرف.

وأضاف: تذهب أكثر من 50% من صادرات المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، لذا فإن انهيار التجارة سيؤثر سلباً على الصادرات وعلى ديناميكية الاقتصاد أيضاً.

تخبط

كما أوضحت ليندا يو، الأستاذة المساعدة في الكلية، أن النتائج ستؤدي أيضاً إلى حالة من التخبط تزامناً مع دخول المملكة المتحدة في فترة طويلة من المفاوضات مع الشركاء التجاريين؛ حيث قالت: نحن الآن في مواجهة عامين أو أكثر من المجهول، في الوقت الذي تسعى به المملكة المتحدة إلى التفاوض وتحديد موقعها الجديد في الاقتصاد العالمي.

وصّرح، السير أندرو ليكيرمان، عميد الكلية وأستاذ الممارسة الإدارية في قسم المحاسبة: على كل حال، لا ينبغي أن يوّلد التصويت بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكسيت» انطباعاً إلى العالم يوحي أن بريطانيا قد انكفأت وانغلقت على نفسها.

وأردف: شخصياً، أشعر بالقلق بشأن الآثار المترتبة على قرار المملكة المتحدة.

لحظة تاريخية

بدوره، قال شاليش داش الرئيس التنفيذي لشركة الماسة: أعتقد أنها لحظة تاريخية كما أن تأثيرها على أوروبا وبقية العالم سيكون ذا أهمية كبرى في المستقبل. أنا واثق من أن الأثر الاقتصادي سيكون سلبياً أكثر منه إيجابي على المدى القصير، ولكن على المدى المتوسط والطويل فلن يكون لها تأثير على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بما في ذلك دولة الإمارات.

حافز للإصلاح

قال تقرير نشره بنك الإمارات دبي الوطني أمس إن تصويت المملكة المتحدة على الخروج من الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون بمثابة حافز للإصلاح والتغيير.

وقال غاري دوغان الرئيس الأول للاستثمارات في البنك إن ذلك يجب أن يكون بمثابة صيحة صحوة للنخبة السياسية لتغيير علاقاتها وارتباطها بالقاعدة الجماهيرية. ولئن لم تستوعب العبرة وتستفد من الدروس فإن الاحتجاجات ستكون لها آثار مدمرة ونتائج وخيمة على الاقتصاد العالمي والاستقرار السياسي في الغرب.

وأضاف أن نتيجة التصويت على الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي ما هي إلا انعكاس للتململ المتزايد في العالم الغربي من المؤسسات السياسية القائمة.

وأشار إلى أن جزءاً من المشكلة هو أن المؤسسات العالمية أسست لأسباب أقل منطقية أو منفعة. ورغم أن كثيرين في أوروبا فد ينكرونه، إلا أن الاتحاد الأوروبي أوجد لضمان عدم قيام حرب عالمية ثالثة من خلال امتصاص قوة ألمانيا.

كما أن مؤسسات عالمية مثل الأمم المتحدة لا تعكس النظام العالمي الجديد. إذ أن مقرها الدائم هو نيويورك، في حين أن مركز الاقتصاد العالمي وفقاً للبروفيسور داني كواه من كلية لندن للاقتصاد يتمركز في الشرق الأوسط. وأكد التقرير أن الناس أصبحوا أقل ثقة في مؤسساتهم الوطنية، فقد أسست البنوك المركزية في أنحاء العالم على أساس تخفيف الضغوط التضخمية، إلا أنها الآن تصارع حول كيفية خلق التضخم.

ولقد رأى الناخبون البريطانيون أن الاتحاد الأوربي ومؤسساته خذلتهم في أوقات الشدة. وفي الواقع فإن الاقتصاد الأوروبي وقطاعه المالي على وجه الخصوص، ما زال يصارع للتعافي من الأزمة المالية العالمية، والاتحاد الأوروبي بالنسبة للكثيرين، عمد إلى ترسيخ الأنظمة والسيطرة، وحماية المصالح الذاتية، ولم يحرر قط وسائل الإنتاج الكفيلة بتسريع النمو الاقتصادي وتحسين آفاق التوظيف.

ولنتذكر أن الاتحاد الأوروبي ما زال ينقل برلمانه بين بروكسل وستراسبورغ في كل عام بكلفة تناهز 400 مليون دولار، لا لسبب سوى المصالح الذاتية لدولة أو أخرى. والغريب أن ثلث عدد أعضاء البرلمان الأوروبي الحالي وهم 752 عضواً هم ممثلين لأحزاب معارضة للاتحاد الأوروبي.

كارثة

من جانبه، قال فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني أمس إن حرمان بريطانيا من دخول السوق الأوروبية الموحدة بعد قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون «كارثياً» على البلاد.

غموض

وقال لوه جي وي وزير المالية الصيني أمس إن تصويت بريطانيا بالانسحاب زاد من الغموض بالنسبة للأسواق، ولكنه وصف رد فعل الأسواق في الآونة الأخيرة بأنه مفرط في الوقت الذي من المحتمل أن تظهر فيه التبعات الحقيقية لهذا التصويت خلال ما بين خمس إلى عشر سنوات.

وقال إن قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي سيلقى بظلال على الاقتصاد العالمي.. المضاعفات والنتائج ستظهر خلال ما بين خمس وعشر سنوات.وهبطت أسواق الأسهم في شتى أنحاء العالم في أعقاب الاستفتاء في حين هبطت أيضاً قيمة الجنيه الاسترليني.

ترقب

بدوره قال تشو شاو شي رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - أعلى هيئة تخطيط اقتصادي في الصين - أمس إن الشركات الصينية قد تميل للانتظار والترقب لمعرفة تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل أن تقرر ضخ استثمارات في بريطانيا.

تقارب

في سياق متصل، دعا اتحاد حركة الشركات الفرنسية واتحاد الصناعات الألمانية وجمعية أرباب العمل الألمان في بيان مشترك أمس حكومتي البلدين إلى المضي قدماً في مشروع السوق الموحدة بعد أن صوتت بريطانيا لصالح الانسحاب من الاتحاد.

وطالبوا أيضاً بإيجاد سبل جديدة للتعاون مع بريطانيا.

Email