تأثيرات ضخمة للمشاكل النفسية والصحية في المؤسسات الاقتصادية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهرت دراسات عديدة كان أهمها دراسة جامعة هارفارد بالولايات المتحدة أن ملايين الأشخاص في العالم يعانون من تأثيرات المشاكل النفسية ومضاعفاتها، لافتة إلى أن هذا الجانب غير مطروق في دراسات اقتصاديات العمل والمال.

وفي استجابة للمخاطر الكامنة في هذا السياق، أسفرت الانتخابات التي أقيمت في اليابان في صيف 2016 عن تشكيل حكومة جديدة لرئيس الوزراء شينزو آبي أطلقت على نفسها اسم «مجلس وزراء التحديات المستقبلية».

واعتبرت حكومة آبي أن إصلاح أسلوب عمل الناس يمثل تحديا رئيسيا ستواجهه اليابان مستقبلا وسيطال بتداعياته النمو الاقتصادي، لذا، تم إدراج قضايا مثل ساعات العمل الطويلة وخلق بيئات عمل ملائمة للشباب والسيدات وموازنة العمل مع العلاج ضمن المواضيع الرئيسية للنقاشات.

وفي أوروبا، تشكل حوادث العمل عبئاً اقتصادياً يصعب قياسه كمياً، لكن العديد من الدراسات أكدت أن حوادث العمل والأمراض المهنية تؤثر على الأداء الاقتصادي للشركات ونمو البلدان الأوروبية. وبلغت خسائر الناتج المحلي الإجمالي بسبب الحوادث والأمراض المهنية حوالي 4٪. كما أن حوالي 8.6٪ من العاملين في الاتحاد الأوروبي، أبلغوا عن مشاكل صحية تتعلق بعملهم خلال العام الماضي، أي حوالي 23 مليون نسمة.

وكانت أكثر المشاكل الصحية الاضطرابات العضلية الهيكلية يليها الإجهاد والاكتئاب أو القلق، ما أدى إلى إنهاء أو تغيير وظائف أولئك العاملين.

ويكلف ذلك الشركات ضعف الإجازات المرضية وخمسة أضعاف عدد الحوادث. وهذه الحالات تكلف نحو 240 مليار يورو سنويا، 43٪ منها في تكاليف العلاج الطبي وفقدان الإنتاجية بنسبة 57٪. كما أظهرت الدراسات ضرورة عدم النظر للصحة والسلامة كتكلفة فقط بل كاستثمار، حيث إن كل يورو يُنفق في هذا المجال، يولد 2.2 يورو على الأقل.

جزء من الاستثمار

ولخص الرئيس الفخري لغرفة التجارة الكندية ميشيل ويلسون - وزير المالية الكندي السابق خطورة الموقف بالأرقام، فأميركا الشمالية وحدها تخسر 60 مليار دولار بسبب مرضى الاكتئاب وحده، وقال: الصحة النفسية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من نجاح الاستثمار الاقتصادي، وأنه آن الأوان لأن نحتضنها بكلتا يدينا قبل أن تصيب العاملين بإعاقة عن العمل تنعكس على الإنتاج.

كل ذلك دفع عددا كبيرا من الدول إلى أن يضع الصحة النفسية في بؤرة الاهتمام، خاصة في اقتصاديات أماكن العمل، ويعتبر مفهوم السلامة والصحة المهنية جزءا أساسيا من عقود العمل، ويتم تضمين المخاطر النفسية في تقييم المخاطر التي تعد أساساً لبناء بيئة صحية للعمل.

ويحرص بعض المؤسسات العالمية الكبرى على دراسة الأساليب الفعالة للحصول على أفضل مستوى صحي لموظفيها كعامل أساسي يجعلها قادرة على المنافسة في عصر المعلومات والقدرات العقلية الفائقة، خاصة ما يتعلق بالجوانب النفسية لحياة موظفيها.

تجارب

ويعمل الإطار الاستراتيجي الجديد للصحة والسلامة بين الأعوام 2014-2020 مع الصندوق الاجتماعي الأوروبي، لمواجهة التحديات وهي شيخوخة اليد العاملة، تحسينُ تنفيذ القواعد الحالية والوقاية من الأمراض المهنية. ففي بلجيكا على سبيل المثال تعمل الشركات مع الموظفين على الابتكار ليس للتمتع باللياقة البدنية فقط، بل للاستعداد للذهاب للعمل في الأوقات الصعبة أيضاً.

والهدف من ذلك هو تجنب ترك العمل بسبب المشاكل المهنية. كما تتجه شركات طيران عالمية لإجراء فحوصات نفسية دورية لطياريها في إطار تقرير أداء سلامة الطيران، وخصوصاً مع ارتفاع المعدل العالمي لحوادث الطائرات النفاثة.

اتفاق

وقعت الدائرة الاقتصادية برأس الخيمة مؤخراً اتفاقية للتفاهم والتعاون مع الاتحاد الدولي لمكافحة التدخين ــ لندن، في مبادرة أولى من نوعها على مستوى العالم تتبناها جهة اقتصادية حسبما أكد الدكتور عبد الرحمن الشايب مدير عام الدائرة. وتعد هذه خطوة استراتيجية من الدائرة وتأكيداً للسياسات التي تعمل على الحفاظ على الأموال والأرواح، إلى جانب الإدراك الكبير لدور الصحة والسلامة في العمل، وانعكاساتها على الاقتصاد.

Email