شدد على كونها أهم عوامل تجاوز الأزمة المالية

المري: كفاءة دبي الاستثمارية والإدارية سر النجاح

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال جمال حامد المري، المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في دائرة المالية بحكومة دبي، إن كفاءة دبي الاستثمارية والإدارية هي سر نجاحها في جدولة ديونها وسدادها. وكان أحد العوامل التي ساعدت الإمارة على الخروج من الأزمة المالية، التي بدأت تضرب العالم في العام 2008، معتبراً أن المفهوم السائد لدى المجتمع والمتعلق بخروج دبي من الأزمة المالية العالمية السابقة «جراء سداد الديون» فقط ليس مفهوماً دقيقاً.

وشدد على أن الابتكار هو أحد أعمدة الكفاءة الحكومية، مستعرضاً كيف أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة إلى خروج دبي وتعافيها من الأزمة المالية. وبين المري أن التحدي الأكبر، الذي واجهته دبي خلال الأزمة المالية «لم يكن سداد الديون، وإنما استعادة ثقة المستثمرين في دبي وأنشطتها الاقتصادية وخاصة في السوق المالي والقطاع العقاري».

جاءت تصريحات المري خلال مشاركته في الملتقى الحواري، الذي نظمه قبل أيام برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز بعنوان «الكفاءة الحكومية، كيف نحافظ على المركز الأول».

كفاءة

وأكد المري أن كثيراً من دول العالم أعادت جدولة ديونها بأسعار فائدة مرتفعة بغية الخروج من أزمتها المالية، مضيفاً أن شركات دبي استطاعت إدارة التزاماتها حتى تمكنت بعض الشركات من سداد التزامات عديدة قبل موعدها، لأنها دخلت في مرحلة من الكفاءة الاستثمارية والإدارية، مضيفاً أن «هذه العوامل اجتمعت وتفاعلت تفاعلاً إيجابياً، ما شجعنا على القول، إننا خرجنا من الأزمة المالية».

وذكر في الحوار الذي دار أمام الملتقى، وجمع في فندق أبراج الإمارات أكثر من 500 من المسؤولين والموظفين في حكومة دبي، أن «إدارة الدين في إطار من الانضباط والكفاءة المالية هي حقيقة مالية قائمة عندنا وعند كثير من الحكومات في العالم، لكننا نستطيع أن نقول، إننا تجاوزنا أزمة الدين باللجوء إلى الكفاءة حتى لم تعد الديون تشكل عائقاً أمام تقدمنا».

تحديات

واعتبر المدير التنفيذي للحسابات المركزية في دائرة المالية بحكومة دبي أن الأزمة المالية السابقة «حلت على مدينة جاهزة للتحديات، مدينة تتمتع بالكفاءة الحكومية، وفيها برنامج للأداء الحكومي المتميز، بدأ منذ زمن طويل وأفرز كفاءات حكومية كبيرة، مدينة فيها مشاريع ضخمة كان كثير منها في طور الانتهاء..

لذا فإن دبي لم تبدأ في معالجة الأزمة من الصفر، وإنما بالاستناد إلى معطيات راسخة، وكان عليها التحرك سريعاً للحفاظ على تلك المشاريع والاستثمارات والأصول المهمة، فكان أول تحرك في هذا الشأن هو التحرك باتجاه الإنفاق الحكومي الكفؤ».

وقال: إن الإمارة، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أنشأت «اللجنة العليا للسياسة المالية»، من أجل إدارة مسألة كفاءة الإنفاق الحكومي والسيطرة على الإنفاق، مبيناً أن «القطاع الحكومي المتسم بالكفاءة والقوة آنذاك، تأثر بالأزمة ولم يكن سبباً لها».

إجراءات

وأضاف المري أن الأزمة المالية «شجعت على اتخاذ عدد من الإجراءات، تمثل أولها في إنشاء اللجنة العليا للسياسة المالية، التي أشرفت على القطاعين إشرافاً مركزياً بسلطة مالية قوية، أما الإجراء الثاني فتمثل بإنشاء الحكومة لصندوق دبي للدعم المالي، من أجل التركيز على الشركات الحكومية، التي شكلت قطاعاً كبيراً متأثراً بالأزمة، ما نجم عنه ترتيب الشركات لأمورها وفق سياسات وقرارات معينة».

ومضى إلى القول: أنشأت الحكومة كذلك، ضمن تلك الإجراءات، إدارة للدين العام لتكون معنية بإدارة دين الإمارة لدى كل من قطاع الشركات والقطاع الحكومي، وجاءت تلك الإجراءات، من أجل تحقيق التوازن بين احتياجات الشركات الحكومية ودعمها في محاولاتها الخروج من الأزمة من جانب، واحتياجات القطاع الحكومي واستثماراته وكفاءته في التشغيل من الجانب الآخر.

دروس

وبحسب المري فإن الدروس المستفادة من الأزمة المالية كثيرة جداً، أهمها «الاستعداد الجيد للأزمات، بتشكيل هيكليات إدارية كفؤة»، وأضاف موضحاً: «من المعروف في عالم الاقتصاد أنه لا بد من أن يعقب فترات الازدهار الطويلة أزمات مالية..

فالاستعداد الجيد اليوم حاضر ومتمثل بهيكلية إدارية كفؤة وباحتياطات مالية قوية، وهي من الأمور المهمة أيضاً، علاوة على عدم التعويل على الاستثمارات الخارجية، والحرص على الاستثمار في مشاريع تحقق عائدات استثمارية للإمارة».

ولفت كذلك إلى أهمية تدريب الموظفين الحكوميين على الكفاءة المالية، مذكراً بأن مالية دبي طرحت برامج عدة في هذا الشأن، بينها «ماليون»، كما أشار إلى حرص الحكومة على وضع سياسات مالية كفؤة وتفعيلها، وإنشاء جيل من الأنظمة والقرارات والسياسات، التي من الممكن أن تكون معيناً في حال تكرار الأزمة.

وخلص المري إلى التذكير بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: نفرح بالإنجاز، ولكن لا نركن إليه، لأننا لا ننظر للوراء أبداً، لأن المستقبل والإنجاز القادم أمامنا. وانتهى إلى القول: بدأت دبي تتجه من التميز إلى الابتكار، وأنا مطمئن إلى أن التركيز على الابتكار في دبي سيجعلها تحافظ على المركز الأول لفترة طويلة.

دور

أكد المري خلال الملتقى ضرورة عدم إغفال الدور الشخصي لموظفي الحكومة في تحقيق المركز الأول والمحافظة عليه، فالحكومة، كما قال، تتشكل من مجموعة مؤسسات ودوائر وجهات، وهذه المؤسسات والدوائر والجهات تتألف من موظفين أفراد، وهؤلاء جميعاً مسؤولون عن المحافظة على المركز الأول، تماماً مثلما كانوا مسؤولين عن احتلال المركز الأول في البداية.

ونوّه بأهمية الابتكار، مؤكداً أن سر الكفاءة الحكومية كامن فيه، وأضاف: «أدعو زملائي الموظفين والموظفات إلى الاهتمام بالابتكار، فالقيادة الرشيدة كانت أول من أدرك هذا السر وبادر إلى نشره، لكي يهتم الجميع بشحذ الهمم والمبادرة والإبداع، من أدنى درجات السلم الوظيفي حتى أعلاها، فقد أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في وقت مبكر من العام الجاري، أن العام 2015 هو عام للابتكار.

كذلك تفضل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، وأعلن قبل بضعة أسابيع عن الأسبوع الإماراتي للابتكار في نوفمبر، فالكل إذاً مدعو إلى المضي قدماً بطرق إبداعية، وبوسائل غير مألوفة، لكي نظل حاملين مشاعل التفوق، ومتبوئين لمواقع الصدارة في كل الميادين».

ترشيد

أشار المدير التنفيذي في دائرة المالية إلى أن الإمارة شرعت في ترشيد الإنفاق الحكومي والعمل، وفق أولويات كان على رأسها استكمال المشاريع القائمة خلال الأزمة، التي قال، إن من أهمها مشروع مترو دبي، الذي كان على وشك الانتهاء من إنجازه وكانت ثمة أعباء مالية مترتبة عليه، ومشروع ترام دبي، الذي كان في طور البداية وشكل إنجازه تحدياً، علاوة على مشاريع بلدية دبي الضخمة في ذلك الوقت، ومشاريع المطارات، التي اعتبر أنها من أهم المشاريع، التي نجحت دبي في إنجازها».

Email