«البيان الاقتصادي» تستطلع آراء وزراء عرب وأجانب

العـالم يتـأرجح على وقع تراجع النفط

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قد ينطبق المثل القائل (مصائب قوم عند قوم فوائد) عند الحديث عن الانخفاضات الكبيرة التي طالت أسعار النفط، والتي انخفضت بنحو 50 % منذ يناير 2014، ولا يزال التراجع النفطي مستمراً، كان آخره الهبوط الذي طال مزيج برنت بنحو 8 % الأسبوع الماضي.

وباستثناء البلدان الخليجية، حيث نوعت الإمارات، بحكمة قادتها ورؤيتهم البعيدة، اقتصادها، ولم تضع كل البيض في سلة واحدة، إلى جانب امتلاكها لثروات سيادية ضخمة، جمعتها زمن الذروات النفطية، وحكمة الاستثمار في أسواق العالم الواعدة، لصالح مستقبل الأجيال المقبلة، وهو ما فعلته الدول الخليجية الأخرى.

(البيان الاقتصادي) استطلعت آراء مجموعة من الوزراء العرب والأجانب من مختلف مناطق العالم، للوقوف على تداعيات التراجع الكبير في أسعار النفط على اقتصادات بلدانهم.

رؤية

يقول عبد السلام بوشوارب وزير الصناعة والمناجم الجزائري، إن الوعي بالحاجة إلى تنويع الاقتصاد الجزائري، وبشكل أساسي، من خلال رؤية صناعية جديدة، سبق بداية انخفاض أسعار النفط. وأضاف أن السلطات الجزائرية اتخذت بالفعل تدابير تهدف إلى احتواء آثار انخفاض أسعار برميل النفط في الأسواق العالمية، منها ترشيد النفقات.

وتطرق بوشوارب إلى انخفاض اليورو، حيث قال، أذكر أن سعر صرف العملة يتميز بتعويم الدينار الجزائري ما بين النصف الأول من عام 2013 والنصف الأول من 2014، حيث انخفض الدينار الجزائري بنسبة 4.3 % مقابل اليورو، و2.3 % مقابل الدولار الأميركي.

وفي الوقت نفسه، فإن معدل الصرف الفعلي الحقيقي للدينار قد انخفض بنسبة 0.95 %. واستمر هذا الوضع في النصف الثاني عام 2014، ولا سيما على الدولار الأميركي الذي ارتفع بنسبة 11.5 %. وهذا الوضع قد يخفف من الآثار السلبية لتراجع النفط في الدولار. وأكد بوشوارب على إن الاقتصاد الجزائري لديه الموارد المالية والبشرية والطبيعية الكبيرة، والفرص المتاحة للتطوير.

منظور

من جانبه، قال أنتونيو دي ليما وزير اقتصاد الجمهورية البرتغالية، إن التراجع الكبير في أسعار النفط بالأسواق العالمية من منظور اقتصاد صغير مفتوح لدولة مثل البرتغال، يمكن أن يكون له تأثير من جانبين، أولاً التأثير الإيجابي...

حيث إن البرتغال لا يوجد لديها البترول، وبالتالي، ترك تراجع أسعار النفط أثراً إيجابياً فيها وفي كل تكاليف الإنتاج (التي أصبحت أرخص)، وفي الدخل المتاح، وبالتالي، في الاستهلاك من قبل المواطنين البرتغاليين.

ثانياً، رخص تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى الانخفاض في اليورو، عززا من القدرة التنافسية البرتغالية. وبطبيعة الحال، يمكن للمرء أن يجادل بأن تأثير اليورو سوف يؤثر أيضاً في المشترين الرئيسيين لدينا.

ومع ذلك، عندما نقارن التكلفة (والجودة) للعمل لدينا، نحن نعتقد أن البرتغال تقدم مزيجاً تنافسياً للغاية، يسمح لنا بالمنافسة على تكلفة مثيرة جداً للاهتمام، حتى بالنسبة للأسواق الأوروبية، ما يشكل فرصة كبيرة للمستثمرين الأجانب.

عجلة

ويرى شيري كونهاليكوتي وزير الدولة في حكومة كيرلا الهندية، أن الانخفاض في أسعار النفط ساهم في تعزيز اقتصاد الهند، حيث ساهم في تخفيض العجز في الإيرادات، ودفع عجلة القوة الشرائية لمواطنينا. ولكن نحن لا نعتقد أن أسعار النفط ستواصل الانخفاض لفترة طويلة، بالتأكيد أسعار النفط ستعاود الارتفاع، ويجب أن أقول إن السعر المعتدل للنفط سيكون أفضل لتطوير دول مثل الهند.

تداعيات

ويقول بكام نزيري وزير الاقتصاد في جمهورية مقدونيا، إن تداعيات تراجع أسعار النفط على اقتصاد مقدونيا كان جيداً بالنسبة للبلدان التي تعتبر مستورد صافي للنفط (الولايات المتحدة والصين واليابان والاتحاد الأوروبي)، فسيكون تراجع أسعار النفط مفيد بالنسبة لها، لأنه سيحفز نمو اقتصاداتها، وهذا ينطبق أيضاً على مقدونيا..

والتي تأثرت إيجاباً بتراجع أسعار النفط هي الأخرى، وكان لهذا التراجع تأثير فوري في الإنفاق الاستهلاكي. انخفاض أسعار النفط لها تأثير إيجابي في العديد من القطاعات، من خلال خفض تكاليف الإنتاج. على الجانب الآخر من البلدان المصدرة للنفط صافي (روسيا ومنظمة أوبك وفنزويلا ونيجيريا)، سوف يكون لها آثار جانبية واضحة، ويمكن أن تواجه ضغوطاً مالية.

صعوبات

وقال رشاد باثيودين وزير الصناعة والتجارة السريلانكي، إن الاضطراب في السوق العالمية، يؤثر في اقتصاد صغير، مثل سريلانكا. مشيراً بالقول مع انخفاض أسعار النفط، فإننا نواجه أيضاً بعض الصعوبات في سلع التصدير الرئيسة كالشاي، والذي يعتبر سلعة التصدير الرئيسة إلى سوق الشرق الأوسط، بما في ذلك روسيا.

وهذه الاضطرابات هي على المدى القصير، ولكن لا أعتقد أنها سوف تستمر طويلاً، تمكين الاقتصادات الكبرى لترتد مرة أخرى، بحيث تستفيد سريلانكا أيضاً من التعافي السريع في الاقتصاد العالمي.

مختلط

من جانبه، يرى إكواو غاربراه وزير التجارة والصناعة لجمهورية غانا، إن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتراجع اليورو، سيكون له تأثير مختلط في اقتصاد غانا. حيث سيؤدي إلى انخفاض في الإيرادات الحكومية، ولكنه أيضاً سيخفض التكلفة على الاقتصاد، وغانا لا تزال مستورداً صافياً للنفط الخام والوقود المكرر.

وقدرت أسعار النفط الخام في وقت سابق في الولايات المتحدة 99.38 دولاراً للبرميل لعام 2015..

ولكن حالياً تحوم أسعار النفط الخام دون 60 دولاراً للبرميل، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض كبير في عائدات غانا النفطية من 1.2 مليار دولار انخفاضاً إلى 416.7 مليون دولار، وقد دفع هذا التدابير الرئيسة التي يجري تنفيذها، مثل الحد بصورة شاملة من سقف الإنفاق عبر الحدود في (السلع والخدمات) وإنفاق رأس المال في الميزانية.

كما أن الاتحاد الأوروبي هو واحد من الشركاء التجاريين الرئيسيين لغانا. على سبيل المثال، في عام 2012، زود الاتحاد الأوروبي بواردات بقيمة 4.5 مليارات دولار، في حين غانا أيضاً زودت الاتحاد الأوروبي بصادرات بقيمة 3.8 مليارات دولار.

حتى مع هبوط اليورو، والأمور الأخرى متساوية، فإن أسعار الواردات الأوروبية في غانا تكون أرخص نسبياً، ما سيسهم في تقليل الضغط على عملة غانا (سيدي)، وبالتالي، الحد من التضخم. من ناحية أخرى، قد تصبح الصادرات للاتحاد الأوروبي أكثر تكلفة، وهذا يقلل من الطلب على صادراتنا، وبالتالي، قد يكون لذلك تأثير سلبي في الميزان التجاري.

مصفوفة

وقال صامويل سانتوس لوبيز وزير خارجية جمهورية نيكاراغوا، إن الوفورات الكبيرة من انخفاض أسعار النفط العالمية محدودة في جمهورية نيكاراغوا، لنجاح الحصول عليها من تغيير في مصفوفة الطاقة. وحالياً ليس سوى 49 % من إنتاج الطاقة مصدره النفط في نيكاراغوا، وما تبقى يأتي من مصادر أخرى لتوليد الطاقة. وبعبارة أخرى، في حالة محددة من بلدي، تشير إلى توفير حصري بنسبة 49 % من الإنتاج.

وحتى مع ذلك، فإنه توفير مهم، وبشكل أكبر، بالنظر في الآثار المترتبة على تخفيض تكاليف النقل. بعد الكثير من التحليل المشترك مع القطاع الخاص وقطاع العمل، قررت حكومة جمهورية نيكاراغوا، استخدام هذا الادخار نحو ثلاثة أهداف عظيمة، لتعزيز النمو المستدام والعدل الاقتصادي: خفض التعرفة الكهربائية، إنشاء صندوق لتعزيز الاستثمارات الاجتماعية ولتغطية الديون التي تنتجها الإعانات التي تقرها حكومة بلادي منذ 8 سنوات إلى الطبقات الاجتماعية الأكثر ضعفاً.

في حالة اليورو، وأود أن أوضح أن هذه العملة نستخدمها بشكل قليل في تجارتنا الخارجية، حيث إن الجزء الأكبر من تجارتنا في المعاملات الدولية تتم بالدولار. ومع ذلك، فمن المهم التأكيد على أن الاتحاد الأوروبي هو شريك تجاري مهم لنيكاراغوا، لذلك، سيكون من المهم رصد الأثر في الأداء الاقتصادي لتلك المنطقة في نيكاراغوا.

اقتصادات تتباطأ وأخرى تنمو على إيقاع تراجع الذهب الأسود

 ربما كانت دول، مثل الصين والهند، الأكثر استفادة من التراجع الكبير في أسعار النفط بالأسواق العالمية، نظراً للنمو الاقتصادي المتسارع فيها، والذي يتطلب مضاعفة وارداتها النفطية من العالم، مع ضرورة الإشارة إلى أن التراجع النفطي أسهم في تباطؤ نمو اقتصادات مثل الصين والبرازيل، إلا أن تلك الاقتصادات لا تزال تحقق أرقام نمو تفوق 7 %.

الصين والهند لم تكونا الدولتين الوحيدتين اللتين استفادتا من تراجع أسعار النفط، فقد استفادت دول أخرى، مثل اليابان والدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا، أكبر اقتصادات أوروبا، ودول أخرى عديدة في العالم، تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على الواردات النفطية، وقد أسهم التراجع الكبير في أسعار النفط، في خفض كلفة المعيشة والوقود والغذاء فيها، وكلها أخبار سارة بالنسبة لتلك البلدان، فتراجع أسعار النفط، يعني انتعاش التنمية في تلك الاقتصادات، وانخفاض مستويات التضخم.

وعن تداعيات تراجع أسعار النفط على الولايات المتحدة الأميركية، قال هنري لوفندال الرئيس التنفيذي لشركة (وافيتيك لهونوك)، المتخصصة بتوفير برمجيات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوفر قاعدة البيانات للحلول لمنظمات التنمية الاقتصادية في العالم، إن شركات الطاقة ومؤشر (إس آند بي 500)..

والذي يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أميركية، من بنوك ومؤسسات مالية، أعلنت خفض 8.3 مليارات دولار استثماراتها في قطاع الطاقة...

ويتوقع أن يقود ذلك إلى خفض إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة بنحو 0.3 % في عام 2015، وبسبب زيادة إنفاق المستهلكين والتداعيات على قطاع الصناعة، يتوقع أن يرفع ذلك إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة بنحو 1 %، وبالتالي، يتوقع أن يكون التأثير الكلي لتراجع أسعار النفط في الولايات المتحدة جيداً للغاية.

خبر سيئ

من جانب آخر، شكل تراجع أسعار النفط الخام والمشتقات النفطية والزيت والفحم والغاز، خبراً سيئاً لبعض دول العالم، أبرزها روسيا، والتي تعتبر أكبر مُصدر للطاقة في العالم، فعندما نجمع معدل تصدير روسيا من الزيت والغاز والفحم، سنجد أنها الأولى في تصدير الطاقة في العالم.

ويواجه الاقتصاد الروسي تحديات صعبة، نظراً لانخفاض أسعار النفط عالمياً، ما يشكل عبئاً يضاف إلى أعباء العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، بفعل الأزمة الأوكرانية، خاصة أن عائدات النفط تشكل ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الروسي.

روسيا استندت إلى بقاء تسعيرة النفط في حدود 100 دولار لعام 2015، وإذا ما واصلت أسعار النفط انخفاضها، فإن روسيا ستضطر إلى اللجوء للسحب من احتياطاتها النقدية، أو قد تجبر على تقليص الإنفاق لديها.

دولة أخرى، وهي إيران، كانت أيضاً ضمن أكثر الدول تأثراً بتراجع أسعار النفط، فتأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني قد تعاظم، بعدما طالت تلك العقوبات قطاع الطاقة، العمود الفقري للاقتصاد الإيراني.

تلك العقوبات كانت قد حرمت إيران من إمكانية رفع عوائدها النفطية التي تقدر بـ 100 مليار دولار، أي ما يمثل 80 % من العملة الصعبة التي تحصل عليها إيران، خامس أكبر دولة مصدرة للنفط على مستوى العالم، والثانية على مستوى منظمة أوبك، بعد السعودية.

Email