سيف الشامسي خلال نـدوة التطورات الأخيرة في أسواق النفط العالمية:

أولوياتنا تطوير سوق السندات والصكوك بالدرهم

أحمد بن سعيد وعبد الله الشيباني وخميس المزينة ومحمد أحمد بن فهد خلال الندوة- البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكّد سيف هادف الشامسي، مساعد محافظ مصرف الإمارات المركزي لشؤون السياسة النقدية والاستقرار النقدي، أن أولويات السياسة النقدية للمصرف ستتركز في الفترة المقبلة على تفعيل القانون الخاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى إصدار قانون الدين العام بهدف تطوير سوق السندات والصكوك بالدرهم لبناء ما يسمى «منحنى العائد» الذي يشجع على إصدار الشركات لأدوات الدين في السوق المحلية.

جاء ذلك في كلمة الشامسي خلال انعقاد «ندوة التطورات الأخيرة في أسواق النفط العالمية وآثارها على الاقتصاد الإماراتي والخليجي» في دبي أمس، التي تأتي برعاية كريمة وحضور سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لمجموعة «طيران الإمارات»، ونظمها مجلس دبي الاقتصادي بالتعاون مع بنك ستاندرد تشارترد، وبمشاركة وحضور مسؤولين من الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وخبراء دوليين في مجال الطاقة، وقيادات أعمال.

هذا وحضر الندوة أيضاً معالي عبد الله الشيباني الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي، واللواء خميس مطر المزينة، القائد العام لشرطة دبي، واللواء الأستاذ الدكتور محمد أحمد بن فهد، مساعد القائد العام لشؤون الأكاديمية والتدريب، وعدد من السادة مسؤولي الدوائر الاتحادية والمحلية.

وأضاف الشامسي أنه لا يوجد أثر مباشر لتقلب سعر صرف العملات الأجنبية على المداخيل المتأتية من قطاع النفط في الموازنة الحكومية، وذلك بحكم الربط الثابت لسعر صرف الدرهم مقابل الدولار الأميركي.

ركائز النمو

وأضاف الشامسي: «تدل مؤشرات استقرار القطاع المصرفي على الثقة بالدور الذي يضطلع به القطاع في دفع عجلة النمو الاقتصادي، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال 18.1% (16.2% بالنسبة للشق الأول لرأس المال)، مقارنة بنسب 12% و8% على التوالي حسب المتطلبات الرقابية التي وضعها المصرف المركزي. كما تتمتع البنوك بقاعدة صلبة لودائع العملاء، التي نمت بمعدل 8.2% سنويا منذ نهاية 2010، مع بلوغ نسبة الإقراض الى الموارد المستقرة للبنوك العاملة في الدولة 86%، وهي كلها مؤشرات على الوضع الجيد للسيولة لدى القطاع المصرفي».

وأضاف: «لا شك أن الإمارات حققت نجاحاً كبيراً في تنويع مصادر الدخل غير النفطي الذي أصبح يزيد على 60% من إجمالي الناتج المحلي، كما أن الاحتياطي الضخم يعزز قدرة اقتصاد الدولة على مواجهة تقلبات الاقتصاد العالمي بما فيها انخفاض أسعار النفط. ونعتقد أن القطاع المصرفي الإماراتي في وضع قوي حيث بلغ ائتمان شركات القطاع الخاص 53% والأفراد 23% والوحدات الحكومية 24% من إجمالي القروض في 2014، كما أن جميع المؤشرات تدل على وضع السيولة الجيد في القطاع المصرفي».

من جانبه توقع ماريوس ماراثيفيتس الرئيس العالمي للبحوث في بنك ستاندرد تشارترد حدوث ارتداد في أسعار النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي، متوقعاً أن يبقى نمو اقتصاد الإمارات صحياً وأن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 3.8% في 2015 مشيراً إلى أن تلك النسبة تدعم استدامة نمو اقتصاد الدولة.

وأضاف: «لقد بلغ نمو اقتصاد الدولة سرعته القصوى بتحقيقه نمواً بمعدل 4.5% في الفترة الماضية، وتجاوز تلك النسبة قد يؤدي إلى حدوث فقاعة أخرى. ونعتقد أن انخفاض أسعار النفط تؤثر على الموازنة كذلك، فتاريخياً حقق اقتصاد الدولة فوائض كبيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، ومحاولة تحقيق نفس مستويات الفوائض في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط ستنعكس سلباً على الاقتصاد، ويجب أن يكون هدف السياسات المالية في هذه الآونة هو التركيز على تحقيق نمو مستدام وليس رفع الاحتياطيات، وبالتالي فإن 3.8% هي نسبة معتدلة وتصب في صالح اقتصاد الدولة على المديين المتوسط والطويل».

فرصة رائعة

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن انخفاض النفط يمثل كذلك فرصة «رائعة» لتخفيف الدعم الحكومي على الطاقة في دول الخليج، مشيراً إلى أن حصة الشرق الأوسط من الدعم الحكومي العالمي على الطاقة يبلغ 50%، وأن تخفيف الدعم الحكومي على الطاقة في الشرق الأوسط يفيد الطبقات المتوسطة في المنطقة، كما حدث في مصر والأردن وماليزيا، لافتاً إلى أن الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى لتخفيف هذا الدعم.

وخلص الدكتور بسام فتوح مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة إلى أن التأثيرات المحتملة لانخفاض أسعار النفط تختلف من دولة لأخرى في الدول المصدرة والمستوردة للنفط على حد سواء. وأشار أن انخفاض إنتاج النفط أثّر على ثقة المستثمرين في الأسواق وهو ما زاد من تقلبات أسعار النفط ورفع مستوى مخاطر الاستثمار في منتجات الطاقة. واستبعد فتوح تكرار سيناريو عام 1986 حين أدى انخفاض أسعار النفط إلى أزمة اقتصادية، حين وصل حجم معروض النفط إلى 100 برميل نفط في اليوم وانخفضت حصة أوبك من الانتاج العالمي إلى أقل من 30%.

وأضاف: «قطاع إنتاج النفط اليوم هو أكبر من أي وقت مضى، كما أن حصة إنتاج النفط الخام أقل بكثير بالمقارنة مع الثمانينيات. ومن الفروق الأخرى هو أن الطلب على النفط انهار تماماً بعد الصدمة الاقتصادية في السبعينيات في حين أن الطلب اليوم لايزال يسير في منحى تصاعدي لكن ببطء».

تأثير

توقع ماريوس ماراثيفيتس أن يختلف تأثير انخفاض النفط في منطقة الخليج من دولة إلى أخرى. وأضاف: «نتوقع أن يكون تأثير انخفاض النفط إن استمر لعدة لسنوات محدوداً للغاية في الكويت وقطر اللتين تملكان احتياطات ضخمة، في حين ستواجه عمان والبحرين التحديات الأكبر لأن معادل سعر النفط فيهما مرتفع، وأما الإمارات والسعودية فتتمتعان باحتياطيات قوية ولكن قد يكون هنالك بعض التأثير من عدة أوجه، أولها اعتدال نمو الناتج المحلي الإجمالي في هاتين الدولتين اللتين تعتمدان إلى حد بعيد على الإنفاق الحكومي والاتفاق على المشاريع، وأعتقد أن انخفاض أسعار النفط قد يؤدي في المحصلة إلى إعادة النظر في بعض المشاريع والاستثمارات المقررة، وربما ثقة المستهلكين».

التنويع يحصّن اقتصاد الدولة من التقلبات الخارجية

 

أكّد هاني الهاملي، الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي، أن استراتيجية التنويع الاقتصادي حصنت الاقتصاد الاماراتي من آثار التقلبات الاقتصادية الخارجية، مشيراً إلى أن الندوة تهدف إلى رفع مستوى الوعي لدى مراكز صنع القرار في القطاعين العام والخاص بالقدر الذي يساعد على تحديد أولويات السياسة الكفيلة لاحتواء تلك الآثار واستدامة مسيرة النمو الاقتصادي.

وأضاف الهاملي أن الناظر إلى المشهد النفطي العالمي منذ أكثر من ستة أعوام سرعان ما يلحظ ثلاثة محطات رئيسية قد مرت بها سوق النفط العالمية والتي تشكل كل منها نقط انقلاب في مسيرة السوق المذكورة. وهي أولاً الانهيار الكبير لأسعار النفط العالمية في عام 2008 على أثر اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث فقد النفط آنذاك أكثر من ثلثي قيمته، تاركاً آثاراً ممتدة لاتزال ماثلة حتى اليوم لدى الكثير من دول العالم.

وثانياً الارتفاع الكبير والمستمر الذي شهدته أسعار النفط بدءاً من 2011، حتى تجاوز خام برنت مستوى 114 دولار للبرميل في الـ15 من يونيو 2014، وثالثاً التدهور المستمر الذي شهده سعر برميل النفط منذ منتصف العام الماضي الذي بلغ دون حاجز الخمسين دولاراً الشهر الماضي وهو أدنى مستوى له على مدار أربعة اعوام، فاقداً أكثر من نصف قيمته السوقية في غضون نصف عام تقريباً.

ولعل القاسم المشترك بين هذه المحطات أو نقاط الانقلاب الثلاث هو ذلك الاضطراب والتغير المستمر الحاصل في سوق النفط العالمية وخلال فترات تعد قياسية إذا ما قورنت بالمتغيرات التي طرأت على السوق المذكورة خلال العقود الثلاثة الماضية.

ومن المؤكد أن ثمة عوامل قد اشتبكت لإحداث مثل هذه المتغيرات التي يبدو لي أن كلها أو جلها هي خارج سيطرتنا نحن الدول المنتجة، ولكن النتيجة أن هذه التقلبات وخاصة في اتجاهاتها الانخفاضية لا بد أن تؤثر بقدر أو بآخر على الاقتصادات العربية والخليجية بصورة مباشرة وغير مباشرة خصوصاً في ظل التوقعات آخرها تقرير للبنك الدولي الذي أشار الى ان متوسط سعر برميل النفط خلال العام الجاري سيكون بحدود 65 دولاراً.

الابتكار عنوان المرحلة

وأضاف الهاملي: «لا شك في أن العامل البديل للطاقة في استدامة النمو والاستقرار الاقتصاديين هو "الابتكار" الذي أصبح بالفعل الميدان الذي يحدد اليوم مراتب البلدان على سلم التنافسية العالمية، وهو عنوان المرحلة القادمة من مسيرة التنمية الشاملة لدولة الامارات».

Email