دراسة توصي بتبني استراتيجية تعظم مردودها الإيجابي

«دبي الاقتصادي» يدعو إلى تحفيز توطين المناطق الحرة

تقديم حوافز تعزز التوطين في المناطق الحرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوصت دراسة أعدها فريق من الخبراء بمركز السياسات الاقتصادية والأبحاث، الذراع التشغيلية لمجلس دبي الاقتصادي بتوظيف الوفورات الخارجية الايجابية المتميزة للمنطقة الحرة بجبل علي ومركز دبي المالي العالمي على العمالة لتعزيز معدلات التوطين وذلك من خلال تبني استراتيجية تنطوي على حوافز تقدم الى المنشآت التي توظف العمالة المواطنة بنسبة أكبر.

اضافة الى إعادة توجيه قطاع التعليم باتجاه المهن التي تشهد طلباً كبيراً من قبل القطاع الخاص. علاوة على ذلك، أوصت الدراسة بتحديد القطاعات في مناطق دبي الرئيسة التي يمكنها أن تزود منشآت صناعية للمناطق الحرة، اضافة الى السماح للمنشآت المحلية التي تزود المناطق الحرة بالمدخلات الوسيطة أن تسترد الرسوم الجمركية التي تدفعها لقاء وارداتها من المدخلات الأولية.

وتأتي هذه الدراسة ضمن مجموعة من الدراسات تتناول بالبحث والتحليل قضايا مهمة تتعلق باقتصاد دولة الامارات وإمارة دبي. وذلك في إطار سلسلة أبحاث السياسات الاقتصادية التي يضطلع بها المجلس وتستهدف التوصل الى حزمة من التوصيات والمبادرات لتعزيز عملية صنع القرار الاقتصادي. وتتناول الدراسة تقييم الارتباطات الرئيسية بين المناطق الحرة ودبي الرئيسية.

واستهلت الدراسة بالإشارة الى أن أهم ما ميز تجربة دبي في ميدان التنمية الاقتصادية منذ أكثر من ربع قرن هو تأسيس مناطق حرة تواكب أفضل الممارسات العالمية. وتتخذ هذه المناطق إطاراً تنظيمياً يختلف عن بقية مناطق دبي، حيث ساهمت ـ المناطق المذكورة ـ طوال السنوات الماضية في دفع عجلة النمو الاقتصادي من خلال دورها في تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتنويع القاعدة الانتاجية.

وعرفت الدراسة المناطق الحرة بأنها "مناطق أعمال خاصة أو جيوب منعزلة عن الاقتصاد المحلي". ثم أسردت الأهمية الاقتصادية لهذه المناطق، من قبيل نقل المعرفة والتكنولوجيا، وتوسيع الصادرات وبالتالي الحصول على النقد الأجنبي.

فضلاً عن الروابط الأمامية والخلفية لهذه المناطق مع الاقتصاد المحلي. وأشارت الدراسة الى وجود 23 منطقة حرة في إمارة دبي، كما أن ثمة مناطق حرة مخططة وأخرى قيد الانشاء. وتعد المنطقة الحرة بجبل علي التي تأسست في عام 1985 من أكبر المناطق الحرة على مستوى الشرق الأوسط، كذلك توجد المنطقة الحرة بمطار دبي، ومناطق حرة أخرى.

التفوق في الكفاءة التجارية

أجرت الدراسة مقارنة بين المناطق الحرة ومناطق دبي الرئيسة، حيث أشارت الى أن عدد المنشآت العاملة في المناطق الحرة تصل الى قرابة 10% من عدد المنشآت العاملة في دبي الرئيسية، كما أنها تشغل مساحة تبلغ 3% فقط من مساحة دبي الرئيسة، وأن قيمة تجارتها تصل الى 54% من تجارة دبي الرئيسة، ورغم ذلك فان الكفاءة التجارية (وتقيس حصيلة النشاط التجاري لكل عميل) في المناطق الحرة تبلغ حوالي 18.5 مليون درهم مقابل 3.3 ملايين درهم في منطقة دبي الرئيسية، أي تزداد عن هذه الأخيرة بأكثر من خمسة أضعاف.

ثم شرحت الدراسة أهم الحوافز الممنوحة للمناطق الحرة، منها انعدام الرسوم الجمركية أو نظام الحصص الجمركية، وغياب الرقابة على الصرف الأجنبي، وعدم تقييد تحويلات رأس المال والأرباح، وسهولة اجراءات التوظيف، وحق ملكية الأجانب بنسبة 100%، وبساطة الاجراءات الادارية وانخفاض البيروقراطية الادارية، اضافة الى وجود أسعار تنافسية للأراضي ونظام تجديد التأجير طويل الأجل.

وفيما يتعلق بقياس الروابط فيما بين المناطق الحرة ببقية مناطق الامارة (دبي الرئيسة)، فقد أشارت الدراسة الى وجود فروقات في المنشآت العاملة في هاتين المنطقتين، كما ثمة فروقات على الصعيد القطاعي. وبالنسبة لتقييم مساهمة المناطق الحرة ببقية اقتصاد دبي فقد اعتمدت الدراسة على حجم ارتباطات تلك المناطق بدبي الرئيسة مثل نطاق توظيفها للعمالة، وشراء عوامل الانتاج من داخل الامارة، والطلب الاستثماري من المؤسسات المالية المحلية.

متوسط الاستثمارات

استعرضت الدراسة الخصائص المشتركة لعينة من المنشآت العاملة في المناطق الحرة بحسب المجموعات والمناطق القطاعية ومقارنتها بمثيلاتها في دبي الرئيسة. وقد شملت المقارنة (كمتوسط) حجم الاستثمارات، وكثافة رأس المال، وعمر الشركة، وملكية الاماراتيين، وحجم المبيعات المحلية. أما القطاعات التي شملتها المقارنة فهي الصناعات الخفيفة والثقيلة، والانشاءات، والمبيعات، والخدمات، والتمويل. حيث كشفت المقارنة تفوق المناطق الحرة على مناطق دبي الرئيسة من حيث متوسط حجم الاستثمارات.

حيث بلغ هذا المتوسط 1.674 مليون درهم في الصناعات الخفيفة مقابل 934 ألف درهم في دبي الرئيسة. وفي الصناعات الخفيفة بلغ هذا المتوسط 7.407 ملايين درهم في المناطق الحرة مقابل حوالي 3 ملايين درهم في دبي الرئيسة.

وخلصت الدراسة بشكل عام إلى ان حجم الاستثمارات التي خصصت في جميع القطاعات في المناطق الحرة قد فاقت مثيلاتها في دبي الرئيسة. كما أوضحت المقارنة ان متوسط عمر المنشآت وخاصة الصناعية منها في دبي الرئيسة أكبر منه في المناطق الحرة.

علاوة على ذلك فقد تبين ان متوسط نسبة ملكية المواطنين للمنشآت وخاصة الصناعية أعلى في دبي الرئيسة مقارنة بالمناطق الحرة، حيث تصل الى أكثر من ضعف. وبخصوص مؤشر المبيعات المحلية، تتفوق المناطق الحرة على مناطق دبي الرئيسة وخاصة في الصناعات الخفيفة والثقيلة والمبيعات.

دبي المالي العالمي الأكبر شراءً

استعرضت الدراسة متوسط المشتريات من عوامل الانتاج الوسيطة المحلية بحسب المناطق. حيث تبين أن أعلى متوسط كان من حصة مركز دبي المالي العالمي (%99.5)، ثم تأتي منطقة السفوح (%95.6)، وبعدها دبي الرئيسة (%91.2). أما أقل نسبة فكانت من نصيب المنطقة الحرة بجبل علي(%57.4).

أما على الصعيد القطاعي، فقد كانت أعلى متوسط مشتريات لعوامل الانتاج الوسيطة المحلية من نصيب الخدمات المالية (%99.5)، ومن ثم تأتي الخدمات (%97.3)، فالصناعات الخفيفة (%92.4)، وأقل نسبة من حصة قطاع المبيعات (%70.9).

العمالة والطلب على القروض المصرفية أكثر مؤثرات الروابط الخلفية للمناطق الحرة بدبي

واستخدمت الدراسة نموذجاً اقتصادياً قياسياً لتقدير درجة الروابط الخلفية للمناطق الحرة. واعتمدت على ثلاثة قنوات لهذه الروابط، وهي المدخلات الوسيطة المحلية، وسوق العمل، وتمويل الأعمال وذلك في إطار خصائص معينة للمنشآت مثل كثافة رأس المال، وحجم المنشأة، وتكلفة الانتاج، ونسبة التمويل الداخلي، والتمويل المصرفي.

وتفيد نتائج التحليل على مستوى المنشأة ان العوامل الثلاثة لم يكن لها تأثيرات هامة على تلك الروابط باستثناء قناة العمالة بحسب حجم المنشأة وعمرها في القطاع، وقناة الطلب على القروض المصرفية بحسب ملكية المواطنين وحجم المبيعات المحلية وتكلفة الانتاج. وهذا يستدعي الاهتمام ليس فقط في تعزيز الروابط الايجابية ما بين القنوات الثلاث وخصائص المنشآت وإنما في إعادة النظر في الروابط الضعيفة في بعض الحالات باتجاه تقويتها.

أما بخصوص آثار القطاعات (وهي الصناعات الخفيفة والثقيلة، والتشييد، والمبيعات) على الروابط الخلفية للمناطق الحرة بدبي، فقد تبين ان قناتي حجم العمالة وكذلك الطلب على القروض المصرفية لهما نفس آثار القطاعات غير المالية وخاصة على الصناعات الخفيفة والثقيلة والمبيعات.

كما قامت الدراسة بتقييم آثار المناطق الحرة على الروابط الخلفية. حيث أوضحت ان المناطق الحرة لها نفس تأثير دبي الرئيسة على الروابط باستثناء تاثير حجم العمالة والطلب على القروض المصرفية، حيث تتفوق المناطق الحرة قليلاً على دبي الرئيسة.

روابط قوية بين المنشآت

توصلت الدراسة الى بعض الاستنتاجات، أهمها أن روابط المناطق الحرة بدبي في إطار سلسلة القيمة وسوق العمل والقطاع المصرفي كانت أفضل مقارنة بالمناطق الأخرى في الامارة. وباستثناء المنطقة الحرة بجبل علي فيما يتعلق بمصادر مدخلات الانتاج المحلية، فإن المنشآت العاملة في المناطق الحرة الأخرى تتمتع بخصائص مشابهة أو أفضل من حيث قدراتها على الترابط مقارنة بمثيلاتها في مناطق دبي الرئيسة.

شراكات متعددة المحاور

 

شكل مجلس دبي الاقتصادي عدداً من الشراكات الاستراتيجية مع الدوائر المحلية والاتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بهدف إرساء دعائم للعلاقات الاستراتيجية مع هذه الدوائر، وتبادل الخبرات والمعرفة والبيانات، وتوسيع دائرة النقاش والبحث حول مختلف القضايا الاقتصادية.

ومن بينها المناطق الاقتصادية العالمية، ومركز دبي للإحصاء، والهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية، والمجلس الصيني لترويج التجارة الدولية، وبرنامج تطوير، وإرنست ويونغ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومصرف الإمارات المركزي، واللجنة المشتركة لدراسة ضريبة القيمة المضافة، واللجنة الوطنية الدائمة للتركيبة السكانية، والمجلس التنفيذي لإمارة دبي، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ولجنة التنسيق الإحصائي مؤسسة التنظيم العقاري، ومركز التنمية العالمية، ومركز دبي المالي العالمي، ووزارة الاقتصاد، ووزارة العمل، ووزارة المواصلات.

وتمثل هذه الشراكات أحد الأساليب التي يتبعها المجلس في تحقيق الرسالة التي ينشدها، وهي تقديم المشورة لحكـومة دبي بشأن الخطط الاستراتيجية المعنية بالتنمية الاقتصادية في الإمارة، وحشد التأييد للسياسات والقضايا الاقتصادية التي تستهدف تطوير بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز القدرة التنافسية لدبي، وتوطيد مكانتها في الاقتصاد العالمي.

 إثراء الحوار الفعال

 بدأ العمل في مركز السياسات الاقتصادية والأبحاث في عام 2006. وقد نما دور المركز بصورة ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية في مجال تقديم المشورة ومقترحات السياسات الاقتصادية السليمة، لا سيما من خلال التوسع والاستثمار في رأس المال البشري للمركز.

وعلى ضوء ذلك، استطاع المركز تحقيق أهداف عالية المستوى، سواء في مجال إعداد التقارير لتقييم السياسات الاقتصادية، والتي بلغ عددها حوالي 50 تقريراً، أو في توفير أجواء مناسبة لإجراء الحوار الفعّال في مختلف القضايا الاقتصادية الاستراتيجية الخاصة بنهضة دبي في مختلف القطاعات .

 مجلس دبي الاقتصادي مبادرة خلاقة تعزز النهضة الشاملة

 يعد مجلس دبي الاقتصادي إحدى المبادرات الخلاّقة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، ليكون شريكاً استراتيجياً لحكومة دبي في عملية صنع القرار الاقتصادي.

ويمثل المجلس أول جهة استشارية من نوعها في إمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يضم 48 عضواً يمثلون قيادات مجتمع الأعمال المحلي الذين يسهمون بجزء مهم من النشاط الاقتصادي الكلي في دبي، إضافة إلى ممثلي بعض الدوائر الحكومية ذات العلاقة. من هنا فإن المجلس يقدم نموذجاً فريداً لمفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، في إطار تقديم المبادرات ومقترحات السياسات السليمة لدعم عملية النمو الاقتصادي لدبي.

لقد تبنى المجلس طوال السنوات الماضية استراتيجية ذات رؤية وأهداف محددة تواكب أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتتماشى مع توجهات خطة دبي الاستراتيجية (2015) التي تعمل لوضع دبي كمركز للمال والأعمال على خريطة الاقتصاد العالمي.

لقد قام المجلس منذ إنشائه في عام 2003 بدور حيويّ في المشاركة في رسم السياسات الاقتصادية لدبي. حيث ساهم في تطوير جدول الأعمال الاقتصادية لدبي، إضافة إلى اقتراح المبادرات التي ترسخ مكانة الاقتصاد الوطني في ظل عالم اقتصادي بات شديد التغير.

Email