الطاقة المتجددة ومستقبل النفط

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثارت نتائج التقرير نصف السنوي الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة جدلاً واسعاً بين الأوساط العالمية وسط مخاوف متزايدة حول تداعيات طفرة النفط الصخري الأميركي على ريادة منطقة الشرق الأوسط ضمن قطاع الطاقة، لا سيّما وأنّها تمثل نقلة نوعية على مستوى تلبية معظم الطلب العالمي الجديد على النفط خلال السنوات الخمس المقبلة.

وبالتأكيد لا أحد يستطيع أن ينكر تأثير التطورات المتسارعة في صناعة الطاقة العالمية والتي تقودها الولايات المتحدة عبر خططها الرامية إلى زيادة إنتاج النفط والغاز الصخري بمعدل يفوق إنتاج السعودية وروسيا لتدخل بذلك قائمة الدول المنتجة للنفط في العالم بحلول العام 2017 وقائمة الدول المصدّرة للغاز الطبيعي بحلول العام 2035.

ولكن من ينظر بعين المراقب إلى واقع وآفاق قطاع الطاقة الإقليمي يُدرك بأنّ الشرق الأوسط قادر على مواصلة ترسيخ حضوره الدولي كقوّة مؤثرة بالنظر إلى كونه الحاضن لأكبر مخزون احتياطي من النفط في العالم بمعدل 66% من إجمالي احتياطات "منظمة الدول المصدّرة للبترول- أوبك" والشريك النفطي الأبرز لأسواق شرق آسيا وفي مقدمتها الصين التي يتوقع أن تستحوذ على النصيب الأكبر من استهلاك النفط في العالم بدلاً من الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى الرغم من التطلعات الحَذِرة حيال مستقبل العائدات النفطية في السوق الإقليمية، يمكنُ القول بأنّ طفرة النفط الأميركي لن تنحي منطقة الشرق الأوسط عن مكانتها الطليعية ضمن قطاع الطاقة العالمي بالنظر إلى أنها لا تزال المنتج الأكبر للإمدادت النفطية في العالم لا سيّما وأنها تتمتع بقدرة إنتاجية هائلة من شأنها الاستجابة بفعالية لتغيرات سلسلة التوريد العالمية خلافاً للدول المنتجة الأخرى التي وصلت أو تكاد تصل إلى حدّ الذروة الإنتاجية.

وهناك العديد من المقوّمات الأخرى التي تعزز ريادة الشرق الأوسط ضمن قطاع الطاقة العالمي بعيداً عن النفط والغاز. ولعلّ الطاقة البديلة، وبالأخص الطاقة الشمسية والنووية، تأتي في مقدّمة هذه المقومات باعتبارها صمام الأمان الرئيسي لمواجهة التحديات الناشئة على المدى القريب والبعيد.

وبالفعل أدركت دول الشرق الأوسط، لا سيّما الخليج العربي، أهمية الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة البديلة والنظيفة كونها تمثل استكمالاً للاحتياطات النفطية الوفيرة، وهو ما تُرجِم في سلسلة من المشاريع الطموحة التي لا تزال حالياً في مراحل مختلفة من التنفيذ أبرزها في دولة الإمارات التي تحتضن "مدينة مصدر"، إحدى أكثر المدن استدامة في العالم.

 

 

 

Email