جارتنا المنسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعود بالتاريخ إلى اجتماع القمة العربية الأفريقية الأول في العام 1977 وما أقرّه آنذاك من توصيات تدعو إلى تشجيع التقارب الأفريقي العربي ورفد الاستثمارات العربية المباشرة وغير المباشرة في البلدان الأفريقية.

ومع ذلك، يبدو أن الاستثمار العربي في القارة السمراء لم يرتق إلى حجم التوقعات إلى يومنا هذا مع استمرار توجه الرأس المال العربي إلى الأسواق الغربية، ربما تخوفاً من الإشاعات التي أحاطت نظيراتها الأفريقية على المستوى الإداري والقانوني والمالي وكذلك الاجتماعي.

وعلى الرغم من سيطرة جو من النفور الاستثماري والتجاري على معظم أنحاء أفريقيا، فإنها تمكّنت من تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي من خلال موجة كبيرة من التطوّرات والتحسينات الجذرية التي ألقت بظلالها على معظم أنحاء القارة الأفريقية وخصوصاً على دول أفريقيا جنوب الصحراء التي تتطلّع إلى مستقبل أفضل من دول شمال أفريقيا العربية، .

وذلك لما تمتلكه الأولى من الموارد الطبيعية والمواد الخام كالمعادن الثمينة والماس والذهب الذي تنتج جنوب أفريقيا 20 % من إجمالي إنتاجه العالمي؛ إضافةً إلى التسهيلات المتاحة أمام الأجانب من حيث إمكانية تملّك 100 % من المشروعات في البلاد وتحويل الأرباح إلى أي بلد آخر، وكذلك تخفيض الرسوم الجمركية والتشديد على حماية الملكية الفكرية.

وهذا ما تنبهت إليه الأسواق العالمية الكبرى كالصين والهند وأوروبا والأميركتين، في حين أقلية من المستثمرين العرب، اللبنانيين والمصريين على وجه التحديد، أدركوا أهمية هذه السوق في العقود الأخيرة.

ولكن بالنظر إلى العلاقة التاريخية والجغرافية والسياسية العريقة بين الدول العربية والأخرى الأفريقية التي تضم ثلثي الشعب العربي، فإن الدول العربية أحق بقيادة قاطرة الاستثمار في أفريقيا، ناهيك عن المصالح الاقتصادية والثقافية والتجارية والصناعية المتنوعة التي تخدم الطرفين.

إن دول أفريقيا السوداء تحتضن قوى عاملة كبيرة من مختلف الحضارات والثقافات المتنوعة، تجعل منها سوقاً مثالياً للمنتجات العربية في مختلف المجالات.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، تنعم الدول الأفريقية بالمناخ والموارد المائية والأراضي الخصبة الكفيلة بتلبية احتياجات العالم العربي ودول الخليج من الإنتاج الزراعي والغذائي بتكلفة أقل.

ومن هنا، يمكننا القول إنه آن الأوان للدول العربية كي تعيد النظر في سياساتها الاستثمارية القائمة بشكل كبير على الممارسات المتّبعة في الدول الغربية، وسبر أغوار الإمكانات والفرص الواعدة في السوق الأفريقية البكر، بما يدعم التنمية الاقتصادية العربية.

Email