الأثرياء الهنود في الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

نَفسُ عِصامٍ سَوَّدَت عِصاما، وَعَلَّمَتهُ الكَرَّ وَالإِقداما وَصَيَّرَتهُ مَلِكاً هُماما، حَتّى عَلا وَجاوَزَ الأَقواما"، فحوى أدبية تختصر حياة الملك عصام الخارجي الذي عمل حاجباً وغدا سيداً عُرِف بنفسه العصامية. ولعل هذا ما ينطبق على مسيرة حياة الأثرياء الهنود في الخليج العربي.

قراءةٌ في الخارطة الديموغرافية لمنطقة الخليج العربي قد تلفت الانتباه إلى كثرة الأثرياء الهنود في المنطقة.

هؤلاء العصاميون الذين صنعوا ثرواتهم بأنفسهم وتخطوا كل الظروف المعيشية الصعبة التي واجهتهم في بلدهم الأم من الفقر المزمن وقلة الموارد المالية والتعليمية، حتى أصبحوا من الأفراد ذوي الملاءة المالية العالية في العالم ومنطقة الخليج العربي خصوصاً.

تارةً ترى صورةً لأطفالٍ في الهند يدرسون تحت الجسور والأشجار بالمجان لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف المدرسية، .

وتارةً تقرأ عن رجل أعمال هندي كان سائق تكسي وأصبح من أغنى أغنياء المعمورة. ولعل هذا التباين هو ما يميّز الأثرياء الهنود عن سائر الأغنياء في العالم ويجعل نفسهم العصامية ظاهرةً تستحق الدراسة والاهتمام.

وإذا ما نظرنا إلى حياة كل رجل أعمال هندي ضمن قائمة كبار الأثرياء في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنّ معظمهم بدؤوا من لا شيء وترعرعوا فقراء. ولكن بالإرادة والطموح والشغف للوصول إلى القمة أصبحوا في مصاف أهم رجال الأعمال في المنطقة، .

وإنما هذا نتيجة حرصهم على العمل الجاد لتوطيد نفوذهم على المستوى العالمي ودخول شتى الأسواق والقطاعات الاقتصادية الحيوية، على رأسها قطاع التجزئة الذي يضم 46 بالمائة من إجمالي أعمال أغنى 50 هندياً في الخليج، .

وكذلك قطاعا البناء والصناعة بنسبة 28 بالمائة، بالإضافة إلى قطاعات الرعاية الصحية والعقارات والقطاع المصرفي والتعليم والتكنولوجيا وغيرها الكثير.

وبالأرقام، تشير الإحصائيات إلى أن الخليج العربي يحتضن ما يزيد على 6 ملايين هندي، بمن فيهم عشرة من كبار المليارديرات الهنود في العالم.

ولعل أكثر ما يميّز الجالية الهندية عن سائر الجاليات الأخرى في المنطقة هو روح التعاون والتكافل الذي يجمع أفرادها تحت كنف واحد.

وتدفعنا هذه المعطيات إلى التدقيق في مفهوم العصامية التي يتحلى بها الأثرياء الهنود في الخليج.

فهم مجازفون طموحون يعملون على تنمية أعمالهم بطريقة مبتكرة ولا تقتصر أعمالهم على تأسيس المشاريع الصغيرة أو العملاق. ولكن ما لا شك فيه أنهم ما كانوا لينجحوا في الخليج العربي لولا وجود بيئة مناسبة تدعم طموحاتهم وآمالهم العريضة في الاستمرارية والنمو.

Email