مفهوم واسع سيشمل الممارسات غير الشرعية

الغش التجاري وتقليد السلع مرض يهدد الاقتصاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر السلع المغشوشة والمقلدة مرضا يهدد الاقتصاد الوطني وصحة المواطنين والمقيمين، وتنتشر في كافة أنحاء الدولة كالنار في الهشيم دون رادع يوقفها ، الأمر الذي فاقم من خطورتها خاصة مع تزايد الإقبال عليها بعلم أو بدون علم المستهلكين.

ولم تعد السلع المغشوشة والمقلدة تقتصر على سلعة معينة بل تشمل جميع السلع التي يستخدمها المواطن والمقيم كما يتفنن مصنعوها في تصنيعها بحيث يصعب على المستهلك أن يكتشف السلعة المقلدة من الأصلية.

ويؤدي غياب القيم الأخلاقية وضعف الرادع القانوني وندرة التشريعات التي تحمي المستهلك وضعف الأجهزة الرقابية بسبب ضخامة السلع المعروضة في الأسواق إضافة إلى ضعف وعي المستهلكين بخطورة هذه السلع إلى استشراء ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة في الأسواق.

زيادة ملحوظة

ويؤكد عمر شيتوي عضو مجلس أصحاب العلامات التجارية في دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس السابق للمجلس أن ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة تتزايد بشكل مقلق وخطير في دولة الإمارات بصفة خاصة ومنطقة الخليج بصفة عامة في ظل غياب القوانين الرادعة للمتاجرين فيها وضعف التنسيق بين الجهات الرقابية المعنية بها في دول مجلس التعاون الخليجي، منوها أن لاتوجد دولة في العالم تخلو من هذه الظاهرة الخطيرة لكن حجمها في منطقتنا أكبر بكثير.

ويرى أن الغش التجاري مفهوم واسع يشمل جميع الممارسات غير المشروعة التي تهدف إلى تحقيق ربح أو منفعة من خلال التحايل على القانون أو خداع المستهلك وبشكل يضر بالمصالح المشروعة للآخري، لافتا إلى أن هذا المفهوم يشمل طيفا واسعا من الممارسات في القطاعات المتعلقة بالسلع والخدمات.

ونوه إلى أن الإمارات لم تتأخر في سن القوانين لمحاربة الغش التجاري مثل قانون منع الغش والتدليس في المعاملات التجارية وقانون حماية المستهلك وقانون العلامات التجارية ومشروع قانون المنافسة إضافة إلى الأحكام التي تتضمنها قوانين أخرى مثل قانون الشركات وقوانين الملكية الفكرية ، لكن المهم لابد أن تكون العقوبات مغلظة وقوية وهو ماتفتقده هذه التشريعات في الوقت الح إلى ولذلك نطالب بتعديلها.

ويضم المجلس أصحاب ووكلاء العلامات التجارية الأشهر في العالم ويعقد اجتماعاته على مستوي دول المنطقة بصورة دورية للحد من ظاهرة الغش التجاري التي تكبد أصحابه خسائر فادحة، ويقع مقره الرئيسي في إمارة دبي.

ولفت عمر شيتوي إلى أن المجلس يعقد اجتماعات دورية لمناقشة ظاهرة الغش والتدليس مشيرا إلى أن هذه الظاهرة تزدادالحرة التيجم التجارة وأثبتت التجربة أن نسبة كبيرة من السلع المغشوشة والمقلدة تأتي إلى الإمارات من الصين ، وأن الحكومة الصينية حريصة على التخلص من هذه السلع لديها بعد أن أساءت لسمعتها كثيرا.

المناطق الحرة

ونوه شيتوي بأن المجلس نظم عدة مؤتمرات وندوات مع وزارة الاقتصاد والاتحاد العربي لمكافحة القرصنة ومعهد التدريب والدراسات القضائية في أبو ظبي ، وقد خلصت هذه المؤتمرات والندوات إلى أن نجاح الإمارات ودول الخليج في مكافحة الغش التجاري يتوقف على تطبيق قانون العلامات التجارية الموحد الذي صدر منذ نحو 4 سنوات ولم يتم تفعيله حتى اليوم على مستوى الدول الأعضاء الستة ولابد أن يتم تغليظ عقوبات هذا القانون.

ورأى شيتوي أن سوق الإمارات والخليج بصفة خاصة والمنطقة العربية بصفة عامة يعدان من أكبر الأسواق العالمية التي يستهدفها "بارونات" السلع المغشوشة والمقلدة لافتا إلى أن الإحصائيات التي تشير أن قيمة السلع المغشوشة في الخليج تصل إلى 7 مليار دولار وفي المنطقة العربية 50 مليار دولار سنويا متواضعة جدا وغير دقيقة ولا توجد إحصائية حقيقية في الوقت الحالي.

وأعرب شيتوي عن أمله في تطبيق قانون العلامات التجارية الخليجي الموحد الذي صدر منذ نحو 4 سنوات ولم يتم تفعيله على مستوى الدول الست حتى الآن.

ونوه عمر شيتوي إلى أن ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة في الإمارات ومنطقة الخليج تتزايد بشكل خطير للغاية ، والغريب حقا أن السلع المغشوشة لم تعد تباع كما كان سابقا بأسعار قليلة ، كما لم تعد تقتصر على منتجات قطاع معين بل تشمل جميع المنتجات بدءا من الدواء مرورا بالطعام وانتهاء بقطع غيار السيارات والسجائر ومواد التجميل، وتشهد دولة الإمارات ودول الخليج زيادات كبيرة في حجم وارداتها وتدخل هذه السلع عبر مناطقها الحرة ، إضافة إلى أن غالبية دول الخليج زادت في السنوات الأخيرة من معدلات تبادلها التجاري مع الصين التي تعد أكبر بلد تصنع فيها السلع المغشوشة والمقلدة، وقد ضبطت الحكومة الصينية مؤخرا أكثر من 675 مليار قطعة مقلدة ومغشوشة ومنعت تصديرها للخارج حفاظا على سمعتها.

وأكد شيتوي أنه لايتواجد لدى المجلس أو أية جهة حكومية أو شعبية إحصائيات دقيقة حول حجم ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة في الإمارات أو منطقة الخليج مشيرا إلى أن أدق دراسة أجراها مجلس أصحاب العلامات التجارية بالدولة وقدرت إجم إلى قيمة الخسائر الناجمة عن المنتجات المقلدة في 4 قطاعات اقتصادية في الإمارات بنحو 700 مليون دولار في عام 2006 .

كما أظهرت الدراسة التي كشفت عن نتائجها شركة "كي بي أم جي" الاستشارية لصالح مجلس أصحاب العلامات التجارية أن قطع غيار السيارات تعد الأكثر تأثرا بعمليات التقليد بنسبة بلغت 12,5%، بينما يعد قطاع الأدوية الأقل تأثرا بنسبة بلغت 0,15% من إجم إلى حجم السوق، وتكلف ظاهرة الغش التجاري الدول العربية سنويا خسائر بنحو 50 مليار دولار فيما تصل خسائر العالم من ظاهرة الغش التجاري إلى 780 مليار دولار.

وشدد شيتوي على أن المجلس قدم دراسات للجهات المختصة في الدولة تضمنت حلولا لمواجهة ظاهرة الغش التجاري أبرزها وأهمها تغليظ العقوبات التي تقرها قوانين دولة الإمارات ودول الخليج العربي إضافة إلى إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في محاربة الظاهرة وتوعية المستهلكين بأضرارها وكذلك تشديد الرقابة على المناطق الحرة في الدولة حيث إنها المصدر الأكبر لدخول السلع المقلدة والمغشوشة إلى الدولة كذلك لابد من تكثيف حملات التوعية للمستهلكين بصورة مستمرة وتنبيههم إلى خطورة هذه السلع.

رأي التجار

ويعرض رجل الأعمال حمد العوضي العضو السابق لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي رأي التجار المواطنين مؤكدا أنهم أكبر المتضررين من انتشار السلع المغشوشة والمقلدة حيث إن هؤلاء التجار هم وكلاء لشركات عالمية تتميز بامتلاكها علامات تجارية شهيرة ، وللأسف يدخل الدولة سلع مقلدة مثل طبق الأصل تماما ويصعب على المستهلك التفريق بين الأصلي والمقلد وبالتالي يقبل المستهلكون على السلع المقلدة اعتقادا منهم أنها الأرخص ، وبالتالي فالغش لم يتوقف عند الملابس فقط بل تعداه ليشمل كل السلع بما فيها المجوهرات والذهب، كما أن هذه السلع المغشوشة تخلق منافسة غير شريفة بين التجار المواطنين وغيرهم من التجار الآسيويين الذين ينتشرون في الدولة بشكل كبير ومعظمهم غير مؤهل للعمل.

ويرى أن أهم أسباب انتشار السلع المغشوشة والمقلدة في الإمارات هي المعارض الخارجية التي يتم تنظيمها في إمارات الدولة مشيرا إلى أن غالبية السلع الموجودة في تلك المعارض لا تخضع للرقابة من قبل الجهات المعنية في الدولة كما تستقطب هذه المعارض أعدادا ضخمة من السلع خاصة من الصين ويتم تنظيمها بشكل كبير بحجة الترويج التجاري للدولة كما أن المشاركين في هذه المعارض يدفعون رسوما قليلة جدا ويقومون بتحقيق أرباحا طائلة من مبيعاتهم وللأسف لا يوجد رقابة عليها وإذا حصل المستهلك على سلعة مغشوشة منها يصعب عليه الشكوى ضد البائع حيث يكون البائع خارج الدولة بعد انتهاء المعرض. ويوضح أن المناطق الحرة تعد أيضا من الأسباب المباشرة والرئيسية لانتشار السلع المغشوشة والمقلدة في الدولة موضحا أن غالبية هذه المناطق لا تتواجد بها نظم قانونية أو رقابية صارمة تحول دون دخول هذه البضائع، كما لا يوجد تنسيق وتعاون قوي بين الأجهزة المعنية بالسلع المغشوشة بحيث يتم وضع إستراتيجية واقعية لمكافحة هذه الظاهرة.

ويؤكد العوضي أن السلع المغشوشة تشكل ظاهرة خطيرة جدا بسبب ضخامة هذه الصناعة فضلا عن تواجدها بشكل مخيف ومقلق في دول عديدة وخاصة في آسيا وأمريكا اللاتينية وأخطر حلقاتها هو المصنع الذي يصعب السيطرة عليه ولذلك تنتشر في الإمارات وغيرها ولابد من تكاتف الأجهزة الرسمية بما يؤدي إلى منع دخول هذه السلع من منافذنا البرية والجوية والبحرية ولابد من القضاء على الثغرات القانونية التي تنعش هذه السلع في الدولة وهنا لابد من تغليظ العقوبات بشكل كبير.

جمعية حماية المستهلك

ويتفق الدكتور جمعة بلال فيروز رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك مع ما ذكره رجل الأعمال حمد العوضي مؤكدا استشراء ظاهرة السلع المغشوشة والمقلدة.

وأوضح أن الجمعية تلقت شكاوى من شركات عالمية ذات ماركات شهيرة أكدت أن معظم السلع المغشوشة والمناهضة لها تدخل إلى منطقة الخليج عبر دولة الإمارات ، وقال: بلاشك فإن هذا الأمر يسيء إلى الدولة بشكل كبير ولابد من وضع إستراتيجية عملية وواقعية لمحاربة هذه الظاهرة بشكل أكبر.

وأوضح أن دور الجمعية يتركز في العمل التوعوي للمستهلكين بخطورة هذه السلع وبخاصة الأدوية المغشوشة لافتا إلى أن الجمعية نظمت ندوات كثيرة في أبو ظبي ودبي والإمارات الشمالية للتحذير من هذه الظاهرة المقلقة، والجمعية لا يهمها الظهور في الصحف بشكل أكبر بل يهمها التواصل مع المستهلكين ونبذل جهودا كبيرة في هذا الصدد.

وشدد الدكتور جمعة على أنه لا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم وقيمة السلع المغشوشة في الدولة مشيرا إلى أن السبب في تواجدها يرجع إلى المناطق الحرة إضافة إلى ضعف التنسيق بين إدارات الجمارك والمنافذ لكن الوضع يتحسن بشكل أفضل عما سبق.

Email