نائب رئيس شؤون الإرث في «إكسبو 2020 دبي» لـ«البيان الاقتصادي»:

«الاستدامة» مركزاً علمياً بـ 1.2 مليون زائر سنوياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت مرجان فريدوني، نائب الرئيس لشؤون الإرث لدى إكسبو 2020 دبي أن جناح الاستدامة سيواصل عمله كمركز استكشاف علمي تحت اسم «إكسبلوتاريوم» على أن يستقطب 1.2 مليون زائر سنوياً بعد عام 2021.

وأوضحت في حوار مع «البيان الاقتصادي» على هامش فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة أن المركز سيشكل عنصراً حيوياً في المركز بعد نهاية إكسبو 2020 دبي. وسيتم إعادة استخدام أكثر من 80% من الموقع لأهدافٍ جديدة، كما سيغدو منظومةً بيئيةً مستدامة تنبض بالعمل والعلم. وتالياً نص الحوار:

ما دوافع تركيز دبي والإمارات على الاستدامة كمحور في فعاليات إكسبو 2020 دبي؟

يعكس تاريخ شعبنا مئات السنين من الصمود في وجه أحلك الظروف، حيث كان تأمين المياه والغذاء أمراً صعباً للغاية. ويواجه العالم اليوم هذه التحديات على نحو متزايد.

ولم تكن الاستدامة يوماً أولوية قصوى لدولة الإمارات كما هي اليوم. وتهدف الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 إلى توفير بيئة مستدامة على جميع المستويات بما في ذلك المحافظة على الموارد المائية، ورفع مستوى الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتطبيق معايير التنمية الخضراء.

ويشكل ذلك غاية طويلة الأمد مع أهداف واضحة المعالم. كما تهدف «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»- التي تم الإعلان عنها مؤخراً- إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 70 في المئة، وزيادة استخدام الطاقة النظيفة بنسبة 50 في المئة، وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة بنسبة 40 في المئة بحلول منتصف القرن الحالي.

تحدٍ رئيسي

ما أهمية الاستدامة بالنسبة لإكسبو 2020 دبي؟

تمثل الاستدامة تحدياً رئيسياً للعالم أجمع، ولا سيما مع بدء نفاذ موارده مقابل ازدياد عدد السكان وتنامي احتياجاتهم. وتتوقع منظمة الأمم المتحدة أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 9,7 مليارات نسمة بحلول عام 2050.

فيما أشار «معهد السكان» الأميركي إلى أن حاجة العالم من الغذاء والطاقة ستزداد بنحو 50 في المئة ومن المياه بواقع 30 في المئة بحلول عام 2030. وستساهم ظاهرة تغير المناخ في مضاعفة تلك الاحتياجات، ما سيؤثر بدوره على قطاعات الزراعة والطاقة وغيرها.

ونتطلع إلى جعل جناح الاستدامة معلماً عالمياً يجسد قدرتنا على مواجهة تلك التحديات. ونأمل أن يساهم في إلهام وتوعية 25 مليون زائر، ويرسخ مكانته كصرحٍ حيوي فاعلٍ لمستقبلٍ أكثر استدامة.

تجربة تعليمية

ما الذي تريدون تحقيقه من جناح الاستدامة؟

نرغب بأن يشاهد أكبر عدد ممكن من الناس- والمتوقع أن يبلغ عددهم 25 مليون زائر- الجناح بأنفسهم خلال إكسبو 2020 دبي، وأن تشكل مشاهدتهم تلك تجربة تعليمية وملهمة في الوقت ذاته. وفي هذا الصدد، نولي شريحة الشباب تركيزاً خاصاً لأنها مستقبل العالم.

وفي نهاية المطاف، نأمل أن يغير جناح الاستدامة تصورات الناس، وأن يحثهم على تبني أساليب حياة أكثر استدامة. وإذا ما حدث ذلك، وقام زوار الحدث بنقل فكر الاستدامة إلى بلدانهم، سنكون قد حققنا عندها إنجازاً مذهلاً.

أفكار مبتكرة

ما هو المفهوم الذي يستند إليه جناح الاستدامة؟

يشكل جناح الاستدامة أحد المعالم الرئيسية في إكسبو 2020 دبي، وسيتخطى مفهوم المعرض التقليدي إلى تقديم تجربة حقيقية تجسد مفهوم الاستدامة على أرض الواقع من منظورٍ فائق التطور. وسيكون الجناح بحد ذاته عرضاً لأحدث التصاميم والممارسات المستدامة.

وسيتحول بعد انتهاء الحدث العالمي في عام 2021 إلى مركز استكشاف علمي تحت اسم «إكسبلوتاريوم» ليساهم في إلهام زواره في المستقبل بأفكارٍ مبتكرة لحماية كوكبنا والحفاظ عليه.

حوار موسع

ما الذي يميز الجناح عن غيره من الأجنحة والأقسام ضمن فعاليات الحدث؟

نطمح لأن نجعل جناح الاستدامة شيئاً يحدث تغييرا حقيقيا في حياة من يشاهدونه. وسيتحقق ذلك من خلال ضرب أمثلة مادية وتشغيلية، ليكون مبنى مستداما على نحو غير عادي على المدى الطويل. وبجانب ذلك فإن المبنى سيشرك الجمهور ويلهمهم من خلال إثارة حوار متعمق واستكشاف ما سيكون عليه المستقبل المستدام بالنسبة لكل منا.

إن مزيج كل هذه الزوايا هو ما يجعل الجناح متميزا. وكلنا ثقة بأن مبنى كهذا سيكون صرحاً فريداً على مستوى المنطقة والعالم بأسره.

ما أبرز مميزات الجناح؟

نتطلع إلى جعل جناح الاستدامة منخفض استهلاك المياه والطاقة إلى أدنى حد ممكن، وأن يكون قادراً على تلبية احتياجاته من إمدادات الطاقة والمياه ذاتياً ليتم تخزينها واستخدامها لاحقاً عند الحاجة.

ونعتمد في تلبية احتياجات الحدث من الكهرباء على الطاقة الشمسية. حيث سيوظف الجناح 10 آلاف متر مربع من الألواح الشمسية، أي ما يعادل مساحة 6 حلبات أولمبية للتزلج على الجليد. وسيتم تركيب أكثر من نصف هذه الألواح على مظلة تغطي الجناح المركزي، بينما يتوزع الباقي على «أشجار الطاقة» التي تدور لتتبع مسار الشمس.

وسيوفر الجناح كذلك احتياجاته من المياه عبر مصدرين رئيسيين هما معالجة المياه غير النظيفة، وتجميع المياه من الهواء الرطب عبر أنظمة تكثيف مختلفة.

هندسة وتصميم

من سيتولى إنشاء الجناح؟

أجرينا مسابقة عالمية لانتقاء أفضل المعماريين لتصميم الجناح، وقد فازت بها شركة «غريمشو أركيتكتس» البريطانية بجدارة.

إن «غريمشو آركيتكتس» شركة رائدة في مجال الهندسة المعمارية المستدامة. وقد عملت على العديد من المشاريع التي لم يقتصر تفردها على الناحية المعمارية فحسب، وإنما اتسمت كذلك بقدرتها على إيصال أفكار معينة وحفز إلهام الآخرين. ومن أعمال الشركة «مشروع إيدن» المشهور عالمياً في كورنويل بالمملكة المتحدة، وهو عبارة عن مجمع يضم عدّة بيوت زجاجية تحتضن آلاف النباتات من مختلف بقاع العالم.

وسيتم تصميم المعرض ومحتواه من قبل شركة «ثينك» التي تمتاز بقدرتها على إبداع تجارب نوعية لشريحة واسعة من العملاء بمن فيهم المتاحف والمراكز العلمية وأحواض الأسماك (الأكواريوم) وحدائق الحيوان والشركات والحكومات. وتضم قائمة المشاريع السابقة للشركة: «أكاديمية كاليفورنيا للعلوم»، و«الحديقة النباتية» في بروكلين، و«متحف الأردن».

بينما تقوم شركة «بيروهابولد» المتخصصة بمجالات الهندسة والاستدامة بالإشراف على تنفيذ المخطط على الأرض. وتمتلك هذه الشركة خبرة واسعة في مجال الاستدامة، ولديها سجل حافل بالإنجازات ومساعدة العملاء على تطوير أساليب مبتكرة للاستفادة من الطاقة المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها في المناطق النائية.

رحلة متكاملة

ما هي التجربة الفريدة التي تنتظر زوار الجناح؟

عند دخول الجناح، سيمر الزوار في مسار حلزوني يحاكي مجرى نهر جاف عبر مناطق طبيعية حتى يصلوا بنهاية المطاف إلى فناء يحتضن مبنىً ضخماً وجميلاً وعملياً في نفس الوقت. ويتربع في قلب هذا المبنى هيكل على شكل سقف عائم يضخ الماء إلى حديقة وبركة.

وسيتمكن الزوار من مشاهدة جوانب الاستدامة بشكل فعلي، وخاصةً مع وجود الخلايا الشمسية وأجهزة احتجاز الرطوبة. وسيكون الجناح شاهدا ملموسا على التقدم المحرز في مجال الاستدامة في الإمارات العربية المتحدة وفي الوقت نفسه سيعرض أفضل الممارسات العالمية في مجال الاستدامة. وتتكلل هذه الزيارة برحلة إلى منصة مطلة على موقع معرض إكسبو 2020 دبي وخارجه.

مساهمات الشباب

كيف يمكن للناس العاديين التأثير في تجربة جناح الاستدامة في الوقت الحالي؟

نسعى عموماً لجعل مجتمع الإمارات يشعر بأنه جزء من مسيرتنا نحو إكسبو 2020 دبي. كما نولي اهتماماً خاصاً لمساهمات شبابنا لأنهم المستفيد الرئيسي من مستقبل أكثر استدامة. وفي هذا السياق، أطلقنا برنامج «يوث كونيكت» الذي يهدف إلى تشجيع الشباب على إبداء آرائهم الخاصة حول «جناح الاستدامة».

وكمثالٍ على ذلك، أقمنا مؤخراً مختبر الشباب «يوث لاب» مما أتاح للطلاب فرصة مشاركة أفكارهم مع مصممين من شركتي «غريمشو أركيتكتس» و«ثينك ديزاين». كما قررنا تبني بعض هذه الأفكار في العرض النهائي. وسنواصل تعميق صلاتنا وتعاملنا مع الشباب ومع المجتمع.

منارة المستقبل ووجهة معرفية

بعد انتهاء إكسبو في أبريل 2021، سيبقى جناح الاستدامة منارةً للمستقبل ووجهةً ممتعة للزوار، كما سيواصل عمله كمركز استكشاف علمي تحت اسم «إكسبلوتاريوم» يستقطب 1,2 مليون زائر سنوياً بعد عام 2021.وسيشكل المركز عنصراً حيوياً في الموقع بعد نهاية إكسبو 2020 دبي.

وسيتم إعادة استخدام أكثر من 80% من الموقع لأهدافٍ جديدة، كما سيغدو منظومةً بيئيةً مستدامة تنبض بالعمل والمرح والحيوية والعلم، وتتواجد فيها المؤسسات الأكاديمية والشقق السكنية والمكاتب التجارية بالقرب من المتاحف وفقاً لمرجان فريدوني.

ولفتت فريدوني من جانب آخر إلى أن «أسبوع أبوظبي للاستدامة» يعد الحدث الأبرز عالمياً في مجاله، إذ يعتبر بنفس أهمية الأولمبياد لكن في مجال الاستدامة. ونمتلك الآن ما يكفي من المعلومات والتفاصيل لمشاركتها مع أهم الخبراء العالميين والمهتمين. كما أننا متحمسون جداً لمشروعنا هذا، ونرغب بتسليط الضوء على مخططاتنا وأحلامنا وهي في طريقها إلى التحقق.بكل تأكيد.

سيحتضن «أسبوع أبوظبي للاستدامة» منصة عرض تضم مجسماً كبيراً للجناح، بالإضافة إلى عرض مقطع فيديو حول ذلك. كما نعقد حلقة نقاش يوم 18 يناير يتناول خبراؤنا خلالها العديد من القضايا المهمة المتعلقة بكيفية الحفاظ على الكوكب الذي نعيش عليه.

وستتضمن قائمة المتحدثين مرجان فريدوني، نائب الرئيس لشؤون الإرث في إكسبو 2020 دبي، وعلياء آل علي، مدير شؤون الشباب في إكسبو 2020 دبي، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات البارزة من فرق التصميم والهندسة الخاصة بجناح الاستدامة في المعرض.وفي الختام، نود الإشارة إلى أننا حريصون على التواصل مع فئة الشباب وتفعيل مشاركتهم لأنهم مستقبل كوكبنا.

لما رأت القيادة الرشيدة أن استضافة حدث عالمي كإكسبو هو أمر طبيعي بالنسبة للإمارات ككل ولدبي على وجه الخصوص ويتماشى مع منهج الكفاءة والإنجاز الذي تسير عليه الدولة، فإنها قد وضعت نصب أعينها أهدافا إنسانية نبيلة ومبادئ تنموية وإنسانية عينتها من قبل في رؤية الإمارات للعام 2021 والتي أعلنت عام 2010.

فالأمر أكثر من مجرد حدث مهم يسلط الأضواء على بلادنا أو مجرد مبان مذهلة تخلب الأبصار نزهو بها ونفاخر. بل القيمة التي تحسب لنا هي الأثر الذي سيتركه هذا الحدث على الإمارات العربية المتحدة وعلى المنطقة، والإنسانية جمعاء. بالتالي، لم يضع إكسبو 2020 دبي الإنجاز المادي المباشر في صدر الأولويات والشعارات الرئيسية التي رفعها، بل جعل الشعارات قيما ترسخ لمستقبل مستدام.

فخلق فرص للأجيال المقبلة وكيفية حمل هذه الفرص إلى الشباب لضمان سيرورة الحياة كانا شعارين أساسيين يبينان كيف أن الشغل الشاغل والهم الأساسي الذي يحرك البلاد هو التخطيط لمواصلة المسيرة. أما الشعار الثالث، فهو الاستدامة في حد ذاتها.

ملتقى لقادة الفكر والمبدعين

وضع إكسبو 2020 دبي، منهجاً يسعى لإرث من البنية الأساسية وممارسات الاستدامة المنضبطة. فسيكون الحدث ملتقى لقادة الفكر والمبدعين وصناع القرار من أنحاء العالم، لربط ومشاركة الأفكار والتكنولوجيا وأفضل الممارسات، مع المشاركة في نفس الوقت في حوار خلاق بشأن موجة جديدة من الإبداع.

ومن بين المبادئ التي اعتمدها إكسبو 2020 دبي «استضافة واحد من أكثر معارض إكسبو العالمية استدامة في التاريخ».. حدث ملهم وآمن ويشمل الجميع ويترك إرثاً مستداماً لدبي وللإمارات العربية المتحدة والعالم.

وتستند هذه الرؤية إلى قناعة بأن الاستدامة ينبغي أن تكون العرف السائد وأن تحدد الكيفية التي نسعى من خلالها لتحقيق أحلامنا بالتقدم وإنجاز الكثير من الطموح بقليل من الموارد، سعياً لتجنب الاقتراض من أجيال المستقبل.

ولهذا الغرض، سيسعى القائمون على إكسبو ومصممو الموقع إلى اختيار تقنيات ومواد وحلول تشغيلية تقلل التأثير في البيئة وستحدث أكبر قدر من التأثير في الوعي. وستقود مبادئ الاستدامة جميع مراحل التطوير، من تصميم الموقع وعملية الإنشاء إلى إدارة الحدث ومرحلة الإرث فيما بعد.

مكونات متكاملة في مختلف مراحل المشروع

يتميز إكسبو 2020 دبي بمكونات متكاملة للاستدامة في مراحل المشروع المختلفة بما يشمل رحلة التحضير لإكسبو، وفي أثناء انعقاد الحدث العالمي على مدى ستة أشهر ومرحلة الإرث التي تلي إسدال الستار على إكسبو 2020 دبي في أبريل من عام 2021.

فقبل إكسبو، المتابع لنشاط القائمين على مشروع إكسبو 2020 دبي لا بد أن يرصد بوضوح أن أعمال التمهيد الأولية للموقع حرصت على إعادة تدوير المواد المستخدمة.

إن الحرص على ضمان أن يكون إكسبو 2020 دبي واحداً من أكثر معارض إكسبو العالمية استدامة حتى الآن، وضع الاستدامة في الاعتبار منذ بدء عملية التصميم، كما أن معظم المواد المستخدمة في تشييد مباني الموقع (90 % من إجمالي المواد المستخدمة) سيُعاد استخدامه في هيئة إرث من المباني والبنى التحتية.

أما في أثناء إقامة الحدث العالمي بين أكتوبر 2020 وإبريا 2021، فسيتم تطوير إجراءات تشغيلية بحيث تدار المباني والمنشآت بأكبر كفاءة ممكنة، ويتضمن ذلك تدريب مديري المباني والمنشآت وإدارة النقل الذكي، واستخلاص المياه من البيئة المحيطة، واستغلال الطاقة الشمسية أيضاً. وبعد إكسبو، سيعاد تخصيص البنية الأساسية والمباني لاستخدامها على المدى البعيد.

Email