تفخيخ تدمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعود بعض آثار تدمر إلى العهد الروماني، أي قبل ألفي عام، ومنذ أيام تتوارد الأنباء عن قيام مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية» بتفخيخ المواقع الأثرية في المدينة لتفجيرها، مذكرة بما فعلته حركة طالبان بتماثيل بوميان في أفغانستان، التي فجرتها عام 2001، رغم نداءات العالم وصرخات أهل العلم والمعرفة.. دون جدوى، هذا ما ستفعله داعش بآثار تدمر. لا يغيب عن حصيف أن هدف داعش ليس تحطيم (الأوثان) .

كما يروجون، بل تدمير الحضارات، فما خف حمله وارتفع ثمنه تم تهريبه وبيعه في السوق السوداء، وما عجزت داعش وشقيقاتها عن تحريكه من مكانه دمرته، موحية أنها أصنام يجب التخلص منها!

خلال الأيام الماضية، دمر التنظيم بعض المواقع الأثرية في العراق، وكان آخرها مدينة نمرود التي تشكل أحد أعظم الكنوز الأثرية في العراق، وهو لن يتوانى عن تدمير المدينة، ليس لأنه يستشعر خطراً، ولكن ليحافظ على الصورة المفزعة التي رسمها لنفسه وهو يحز الرقاب ويحرق الأحياء ويغرق السجناء داخل أقفاصهم في خزانات مياه عميقة.

لكن ما لا يفهمه العاقل، هو أن يتحرك تنظيم داعش مئات الكيلومترات بعرباته وأسلحته وثيابه السوداء، على طول الصحراء السورية من دير الزور إلى تدمر، دون أن ترصده طائرات دولية، أو تقصفه مدافع محلية، أو براميل بدائية، وكأن عناصر التنظيم ينبتون من الأرض..

لا يمكن للمرء أن يفهم أبداً نظرية سرقة الآثار واستخراج النفط وسهولة الحصول على السلاح وسط حرب دولية على تنظيم داعش. أخشى حتى لحظة نشر هذه الزاوية، أن تكون آثار تدمر قد أصبحت أثراً بعد عين، وأخشى أن تكون الكتابة، كما كل نداءات العالم للحفاظ على إرث الأجداد، لا قيمة لها، طالما داعش يتحرك بشكل مكشوف في الصحراء، ليس خائفاً من أحد.

 

Email