أبو الفنون

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما يعانيه أبو الفنون لا يقل شأناً عما يعانيه الشعر من قلة اهتمام، وانصراف الناس عن حضور العروض، على قلتها، والاكتفاء بالمسرح طقساً للمهرجانات والندوات الحوارية والتوصيات، وفي النهاية يذهب المسرح إلى ذلك الركن المهمل من الفنون الأصيلة التي يأكلها النسيان ويعلوها الغبار.

أعطى المسرح الكثير من المعرفة للناس، ليس من باب المعلومة، بل من باب التحفيز الذي يقود إلى المعرفة، المسرح الذي يقترب من حقائق الحياة مضحكاً أو مبكياً أو متأملاً، فهو يطرح الأسئلة للبحث عن الحقائق، ولطالما كان السؤال نصف الحقيقة، الخشبة تقود التائهين إلى معالجة مشاكلهم عندما يدركون حقيقتها.

هل انتهت حقاً مقولة ستانسلافسكي (اعطني مسرحاً أعطِك شعباً مثقفاً)، أم ذهبت إلى زاوية الغبار، أسوة بالعالم الذي يستبدل الثقافة العميقة بالمعلومة التي يبحث عنها سريعاً في غوغل، ويصدقها بشكل أسرع. ولا حاجة للتأكد من بيت شعر كتب بشكل غير صحيح أو تاريخ غير دقيق أو دواء ليس مرخصاً، وما أكثر المعلومات التي تقدمها الشبكة دون التحقق من صحة محتواها.

المسرح فعل الاستمرارية وليس الانقطاع ثم الحركة ثم التوقف، فعل إذا نظرنا إليه من زاوية القيمة التي يحتويها لعرفنا أهمية وجوده في المدرسة كحصة تعليمية، يكبر من خلالها الطلاب على فكرة الفن يخدم القيم النبيلة ويعززها اجتماعياً، وكلما ترسخت هذه الفكرة انتشرت الثقافة الأصيلة بين أفراد المجتمع.

عندما يموت المسرح يجف جذع الشجرة التي تثمر، أو التي تطرح الورق الأخضر، هل لنا أن نتخيل حجم الضرر، حجم الاستسهال في الحصول على فن رخيص وسريع تكبر الأجيال على إيقاعه، وهل لنا أن نعرف النتائج بعد سنوات قليلة؟

المسرح على الأغلب، يساعد على حماية أجيالنا ويعزز قيمنا الأصيلة في مجتمعاتنا.

Email