كتب عن عالم مجهول

كلما استعرت الحرب في منطقة ما من العالم يسارع القارئ حول العالم للبحث عن كتب تُعرّف بتلك الجغرافيا التي تدور فيها الحرب، ونادراً ما يحصل القارئ على مراده لأن مناطق الحروب عادة ما تكون منسية أو مسكوتاً عنها جغرافياً، اقتصادها ضعيف، جهلها كبير، وكلما برز فيها حدث ما سارعت جاراتها إلى مداواتها أو مواساتها.

عندما طاردت «داعش» اليزيدين في العراق وهجرتهم من منازلهم، لم يكن العالم يعرف الكثير عنهم، والكتب التي تبحث في حياتهم ووجودهم قليلة، وغالباً ما تكون باللغة الإنجليزية لمستشرقين أو لضباط مستعمرين، كتبوا تقارير استخباراتية لحكوماتهم، وليست كتباً موضوعية ميدانية، كما هو متبع في التأليف والبحث.

تعود للواجهة اليوم الحاجة إلى تلك الكتب مع التقدم الشرس لتنظيم داعش تجاه مدينة عين العرب «كوباني» الكردية، التي تعد ثالث مدينة كردية في الشمال السوري على حدود تركيا، والكثير من القراء ومن عموم الناس يجهلون طبيعة الوجود الكردي في تلك المنطقة نظراً لقلة الدراسات والكتب وغيرها من الدلائل التي تشير إلى البنى الديموغرافية لشمال متنوع الثقافات والأديان والأعراق.

ما تحتاجه المكتبة ليس مجرد كتب سريعة يضعها هواة أو متحمسون فطريون لقراهم المترامية على امتداد تسعمئة كيلو متر هي امتداد الحدود التركية السورية، المكتبة تحتاج إلى وصف وتحليل عميقين عن تلك الأقليات التي يتفتح وعيها القومي يوماً بعد يوم، حيث الأكراد والآشوريون والسريان واليزيديون والتركمان والأرمن وغيرهم مما لم تفصح عنهم الأحداث بعد، من يعرفهم ومن يعرف عاداتهم وتقاليدهم، وهل تعوض كلمتا العروبة والإسلام عن تلك الفسيفساء التي تضم الملايين ولكنها مجهولة لولا «داعش»!

نحتاج إلى الكثير من الكتب لنعرف هويات مجتمعاتنا قبل أن نطلق أحكاماً سريعة على عالم نجهله، لكن أين تلك الكتب، وأين هم الكُتاب؟!