أديب روسيا الشهير بدأ حياته بائع أحذية وقاسى ويلات كثيرة

«تعلّمت الكتابة»..غوركي يروي سيرته

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تقتصر السيرة التي يوردها الكاتب الروسي الراحل مكسيم غوركي، في كتابه «كيف تعلّمت الكتابة»، على وصفه جده أنّه كان قاسياً جداً وغليظ الطباع، بل يتطرق إلى جوانب شخصية وإبداعية متنوعة لديه. ويسرد لنا أحداثاً كثيرة، بينها أنه قال له جده بعد أن أتم العاشرة: «إنك لست ميدالية على صدري قمّ واذهب إلى الناس». ومنذ تلك اللحظة انطلق الصبي وانخرط في صفوف الناس ليعاشر أصنافهم، وليعاين أفعالهم.

بدأ مكسيم غوركي حياته العملية أجيراً صغيراً في مخزن لبيع الأحذية، ثم انتقل ليعمل غسّال صحون على باخرة، وكان عند معلمه على ظهر الباخرة صندوق مليء بالكتب، وهذه الكتب فتحت أمامه آفاقاً واسعة وإن كانت جدّته عرفته بالشعر الشعبي. عمل في عدّة أعمال، ثم انصرف إلى جمع الخرق مع المتشردين في مدينة «تيبلسي» التي حطّ رحاله فيها أخيراً وكتب قصته الأولى.

وفي هذه المرحلة كتب غوركي عن حياة الناس الذين التقاهم في الطرقات، وتشرد معهم، وعاش معهم في الملاجئ، وكتب الحكايات والأغاني. ويقول: من الضروري للمبتدئين بالكتابة أن يعرفوا تاريخ الأدب، إنّ تاريخ الإبداع والعمل الإنسانيين أهم بكثير من تاريخ الإنسان ذاته، فالإنسان يعيش حتى المئة، ومن ثم يموت، بينما تعيش أعماله قروناً.

ومما يحكيه الكاتب في السيرة: من البديهي، أني أعرف تماماً، أن الطريق إلى الحرية وعرة جدّاً، ولم يحن الوقت بعد، لشرب الشاي باطمئنان مع الأصدقاء والصبايا الحسان أو الجلوس أمام المرآة ليتمتع المرء بالنظر إلى نفسه، كما يفعل الشباب اليوم، تتطوّر في بلادنا الثقة بالنفس وتظهر فيها القوّة الإبداعية الحقيقية.

وعانيت الرعب كثيراً أمام الحياة عشت حياة قاسية جدّاً، ورأيت منذ طفولتي مصاعب لا توصف، وشعرت بحقد الناس الذي لم أفهمه، كنت عرضة لاضطهاد الآخرين من غير رحمة، في تلك الآونة، قرأت روايات أجنبية مترجمة لكتّاب كبار مثل ديكنز وبلزاك، حدثتني هذه الكتب عن أناس أقوياء الإرادة، ذوي طباع صلبة، قرأت عن أناس يعيشون أفراحاً أخرى، ويتألمون من أشياء أخرى، أمّا أنا فقد عاش حولي أناس قذرون جشعون، حاسدون تشاجروا على أشياء تافهة.

عانى غوركي كثيراً، من هذه الحياة القاسية، ووصل به الأمر إلى أن حاول الانتحار، لكنّه بعد أعوام كثيرة، عندما يتذكر هذه السخافة يحتقر نفسه، ويشعر بالعار ويخاطب الشبان بأنهم يجب أن يثقوا بأنفسهم وبقوتهم، وهذه الثقة تكون بتربية الإرادة، والنصر الصغير الذي يحرزه الإنسان على نفسه، يجعله قوياً بعض الشيء، والإنسان الذي يمارس الرياضة يصبح قوياً وصحيح الجسم ورشيقاً، وهكذا يجب تحرير العقل والإرادة وترويضهما.

يكتب الشعر بسهولة، لكنه رأى أن أشعاره رديئة حتى القبح، واحتقر نفسه لعدم قدرته على كتابة الشعر. ويوضح غوركي أن تصوير بورتريهات «نموذجية» واضحة جدّاً للناس، يمكن فقط في شروط تطور المراقبة والقدرة على التصوير، وإيجاد التشابه ورؤية الفوارق، بشرط: تعلّم، تعلّم، ثم تعلّم، من هذا المكان ظهر رجال الثقافة، وكذلك كثير من تجار الأرياف الذين عملوا في مجال العلم والفن والإنسان هو المبدع لكلّ الأشياء، والأفكار، ومستقبلاً سيكون سلطان كلّ الطبيعة وعروضها.

Email