محمود الساجر.. تعبيريّة بلا ضفاف في فضاءات الحقيقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُحيط كتاب (محمود الساجر: تعبيريّة بلا ضفاف)، لمؤلفه محمد جمعة حمّادة، بتجربة هذا الفنان التشكيلي السوري، المولود في منبج عام 1955، والدارس للفن في المعهد العالي للفنون الجميلة (سوريكوف) بموسكو، والمتعدد النشاطات الفنيّة. فهو مصمم ديكور مسرحي، ومنتج للوحة التعبيريّة المتعددة الصيغ والأساليب.

كما إنه عمل محاضراً في كلية الهندسة المعماريّة بحلب، ودرّس الرسم والتصوير وتاريخ الفن في مركز فتحي محمد للفنون التشكيليّة. وكذا أقام عدة معارض فرديّة، وأيضا يشارك في المعارض الجماعيّة.

محمود الساجر (بحسب الكتاب)، رجل من أحاسيس ومشاعر، مثقف ذو ذائقة بصريّة عالية، يُدرك تماماً الحقائق التي تسهم في بناء العمل الفني والنهوض فيه، ويتناول الأشياء أينما وجدت، ويُخزّن منها ما يتوافق مع رؤيته، ثم يُعيد صياغتها وطرحها بشكل مختلف وجديد ومبسّط، بعيداً عن الاستعراض وبعيداً عن معطيات اللوحة التقليديّة.

يتوزع الكتاب على ثمانية فصول، تصدرتها شهادة للفنان الرائد فاتح المدرس حول تجربة الفنان الساجر، أكّد فيها أن الباب مفتوح أمامه ليمضي قدماً في مناقشة الأحباء، ذلك لأن الأحباء هم ثقافته، وبخياله عليه أن يتجه نحو أكثر الأبعاد جدليّة في الفن.

ويشرح الكتاب كيف أنه استفاد الفنان الساجر من رسوم أخيه الأكبر عدنان، ومن توجيهات أخيه المخرج المسرحي فواز، وفي مرسم مدرسة الحسن بن الهيثم بمسقط رأسه (منبج) تعرف إلى طلاب موهوبين أصبحوا فيما بعد فنانين تربطه بهم قرابة، منهم الفنانان: فواز أرناؤوط وعصام حتيتو.

ويرى الفنان الساجر أن الفن الأصيل هو حياة قبل أن يكون تعبيراً عن الحياة، والحياة معاناة وتصعيد في الزمان قبل أن تكون نمواً وازدهاراً في المكان، وقلة أولئك الذين استطاعوا أن يجعلوا من فنهم حياةً، وأقل منهم من جعلوا من حياتهم معاناة وتصعيداً، والفن (كما يقول) يأخذه أحياناً إلى حافة الهاوية وإلى فضاءات الحقيقة المطلقة والمجهول. والفن يقوده إلى نقاء الروح، وصدق الأشياء والطبيعة وصفاء الماء.

اتخذت لوحات الفنان الساجر من التعبيريّة (بحسب الكتاب)، منهجاً لها، إذ عالجت في معظمها، معاناة الإنسان وبحثه الدائب عن التواصل مع الآخر والخلاص، وعلاقة المرأة مع نفسها حيناً، ومع الرجل حيناً آخر. أدخل الفنان الساجر في وجوهه الحزينة، المتألمة، جانباً ذاتياً عميقاً.

فأعطى لوحاته أبعاداً جديدة، إذ استطاع أن يربط معاناته الذاتيّة مع معاناة الآخرين، وأن يُعبّر عن الجانب المشترك في هذه المعاناة، وتمكن من أن يربط الفن بالناس، عبر ذلك الحزن الأخرس الذي عبّر فيه عن المأساة، وهذه الوجوه (بشهادة للفنان نزار صابور) متعبة وساذجة، تحفر رسماً في طبقة بمادة تُلصق على السطح.

وجوه لا تعرف ما تريده، أو أغلبها بكماء بلمسة لون على فمها. أما التشكيلي نبيه قطاية فيرى أننا نقرأ في أعمال الساجر..بقايا صور الحضارة الفراتيّة: ملوك وأميرات، ثيران وغلالات وحكايات، قلوب منسيّة تسبح في فراغ حر.

.وذلك من خلال تعبير شاعري شفاف. ويذهب التشكيلي طاهر البني للتأكيد أنه حيث ينعتق الخيال، يرتقي محمود الساجر ليصوغ كائناته عبر سحب لونيّة تمعن في شفافيتها، وتتحول إلى نبرات بصريّة هادئة، تنساب إلى العين وتبوح بمواقفها الإنسانيّة.

الكتاب: محمود الساجر: تعبيريّة  بلا ضفاف

المؤلف: محمد جمعة حمّادة

الناشر: الهيئة العامة السوريّة للكتاب_ دمشق 2017

الصفحات:

168 صفحة

القطع: المتوسط

Email