البدل.. مزيج روائي لثقافات وصور بين الرقة وروسيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

تبدأ رواية «البدل» لـ«خليل الرز» بالخلط بين الأماكن التي في حلب وموسكو ودمشق والرّقة، فيكون المكان في دمشق، فإذا هو في موسكو، والذي في حلب يصبح في دمشق، وهلمّ جرّاً، ولكنها كلّها تقع في الحيّ الروسي الواقع في دمشق« وهو متخيل وغير واقعي فعلياً». وكذلك يخلط في أنواع الأطعمة والروايات المترجمة.

وبطل الرواية، أو الشخصية الرئيسية يعمل لدى المعلم «عبدو» في تنقية وفلترة المسابح. إنها رواية واقعية سوريالية بامتياز فهو يخلط الوقائع مع بعضها ويضيف إليها المادة الثقافية، ويعرج على الأماكن التي في روسيا، فتكون في دمشق.

وأماكن حلب، تكون في روسيا، وضمن هذا الخلط العجيب تكون الرواية قد اكتملت، ونجح خليل الرز في إيصال عوالمه إلينا، هكذا ببساطة، وبعدد قليل من الشخصيات المركبة التي بعضها روسي وبعضها من حلب، وبعضها من الرّقة، وأكثرها من دمشق، يدخل خليل إلى عمق الشخصيات فيسيرها، ويحللها، ويدرسها ثم يلقي بها إلينا جاهزة ومكتملة، إنها رواية أقل ما يقال فيها إنها حداثية،

صديق البطل، عبدو، أفهمه أن شهادة الأدب الروسي التي جاء بها من موسكو، لن تلزمه، وهؤلاء الذين تعرّف عليهم، خلال عشر سنوات، ( تورغينيف – دوستويفسكي – تشيخوف – أندرييف ) وسواهم، لن يفيدونه، وفعلاً، خلال الأشهر الخمسة الأولى التي قضاها بحثاً عن عمل، لم يصل إلى نتيجة، وتبين أن الكونت تولستوي لا يتحول إلى قليل من الخبز والخضروات والزيت، وأجرة الشقة الخانقة.

قال له عبدو، لا يمكن أبداً أن يعمل بهؤلاء المثقفين على سدّ لقمة العيش، ويأخذه معه إلى مطعم «أبي آكوب» إلى الحي الروسي، فيرى عبدو واهتمام الناس به والحفاوة التي يستقبل بها

فيقرّ له بأنّ الفروق لم تعد هي الفروق، بين الأدب الروسي وبين جمهورية الصين الشعبية، ويقنعه تماماً كيف أنّ كلّ معدات معالجة المياه في الشرق الأوسط صينية، عند ذلك يقرّر بطل الرواية، أنّ كلّ الأدباء الروس العظام يمكن أن يحشروا مع معدات عبدو الصينية.

يستعرض الشخصية الرئيسية مهاراته، من حين لآخر، معرفته بالمثقفين الروس، فيعرّفنا بالشاعر الضابط الأبيض وزوج آنا أخماتوفا، الذي قتله الحمر بعد اعتقاله، وكذلك ببقية الركب، وفي اليوم التالي يتوجه بطل الرواية إلى ورشة صديقه عبدو، حيث كان يومه الأوّل هناك، وهو بكامل قواه العقلية تقريباً، ويجرنا ذلك إلى عيد المرأة العالمي الذي يصادف وقوعه مع عيد الثورة.

فيلمح قرنفلة حمراء، يعرفها، كان فيكتور إيفانيتش يرفعها بيده عالياً، ويلوح بها فوق رؤوس المحتشدين.. وفيكتور هذا رجل سبعيني وصحافي سابق في النسخة العربية من «أبناء موسكو» جاء في تسعينيات القرن الماضي، عندما فرغ الروبل من قيمته السوفييتية بالسرعة التي فرغت بها مخازن المواد الغذائية، بحثاً عن حياة أفضل في دمشق، إلى الحي الروسي، منضماً إلى آلاف الزوجات الروسيات.

والمطلقات المخضرمات، وعشاقهن، والتاجرات اليافعات القادمات من موسكو وكييف وخاركوف، والعائدات إلى هناك ببنطلونات الجينز السورية الرخيصة وأقلام المكياج وقراضات الأظافر، وأحذية الجلد الاصطناعي، ثم الخبراء الروس من مختلف الاختصاصات، فينضم إليهم. كذلك يستعرض لنا خليل الرز، ثقافته الفنية، بإبراز اللوحة، ومعرفة حياة من رسمها.

والبدل اسم لشيخه في الرقة، الذي يكون موزعاً في أكثر من مكان وفي كلّ الحروب، كما يقول له صديقه ودائماً يتحدث عن انتصاراتنا التي نكون فيها مهزومين غالباً.

الكتاب: البدل «رواية»

تأليف: خليل الرز

الناشر: مركز المحروسة – القاهرة 2016

الصفحات:

227 صفحة

القطع: المتوسط

Email