ظل النديم..أوراق شيخ «العربية» محمود شاكر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتني وجدان العلي في كتابه «ظل النديم.. أوراق وأسمار شيخ العربية أبي فهر محمود محمد شاكر»، بجمع ما تناثر من سيرة شيخ العربية الأستاذ أبي فهر محمود محمد شاكر، محاولاً مطالعة العقل الفريد لذلك العلَم الكبير الذي ناله العقوق والإهمال، ومُغفِلاً المعاد المكرر مما عرفه الناس عنه وصار دانياً سهل القطاف.

ويفتتح المؤلف عمله بمقدمة يعرض فيها السبب الداعي إلى التأليف، إذ يرى أن لأبي فهر دَيناً ثقيلاً في أعناق الذين أخذوا عنه وفتح الله بصائرهم بضياء علمه، فبذل وسعه في صرف عقولهم عن آفات الطريق وعثراته التي تركت ندوباً في نفسه وحياته، واصلاً نفسه وأصحابه بنهج السابقين الذين ابتكروا الحضارة التي تم فيها معنى الإنسان.

ويصف صنيعه في الكتاب بأنه خلاصة إصغاء ومتابعة وجمع وسؤال امتدت قرابة ثلاثة عشر عاماً منذ كان في الجامعة، عمل خلالها على اقتفاء أثر الأستاذ محمود شاكر ولزوم بيته والإلمام بما تيسر من تراثه النفيس، حريصاً على تدوين النوادر من كلامه وأحاديثه التي لم تُنشر من قبل، ولم يعلم بها إلا القليل ممن سكن قلوبهم حبُّه وعرفوا قدره.

ويتطرق إلى الحديث عن النشأة الأولى التي امتدت ظلالها في شعاب نفس محمود شاكر بامتداد عمره في هذه الدنيا.ويلخص الأسباب التي وسمت شخصية الأستاذ بسمات خاصة في أربعة أمور: المكتبة الوافرة بالكتب المختلفة في أنواع المعارف والعلوم العربية التي هيَّأها له والده، وكيل الأزهر، وأخوه الأكبر محدِّث الديار المصرية،.

والذاكرة الواعية التي تلقف كل ما تقرؤه وتضعه في مكانه من خزانة النفس، وأساتذته من أهل العلم والفكر والأدب وعلى رأسهم العلامة السيد علي المرصفي، وقضية الشعر الجاهلي وما يتعلق بها من الكلام في إعجاز القرآن الكريم.

ويقف مليّاً أمام تفاصيل النشأة الطفولية لأبي فهر التي صنعت منه عالماً .ويسرد المؤلف مشاهد من مجالس محمود شاكر حَوَتْ مواقف طريفة ونقاشات علمية ودروساً شرح فيها كتب التراث كـ«المفضليات» و«الأصمعيات» وغيرهما، بحضور الأصحاب الذين كان يتلقاهم تلقي الوالد أبناءه، عارضاً كلماتهم ومواقفهم بأساليبهم لتكون صادقة ومعبِّرة.

وتحت عنوان «كلمة في المنهج»، يتعرَّض المؤلف لقضية التذوق التي تمثل الإطار العام للتعامل مع الأدب، موضحاً أن التذوق الذي بنى عليه محمود شاكر دراسته ودندن حوله كثيراً وذكره في كتبه، لم يكن ذلك التذوقَ الدائر على ألسنة الناس، من الاستحسان والتقبيح اللذين لا يستندان إلى دليل أو أساس علمي منضبط، وهو ما يسميه شاكر «التذوق الساذج»، ولكنه التذوق الذي ينبع من تكرار النظر، والاستقراء التام، وجمع النظير إلى النظير، والاستنباط القائم على الدليل، واليقظة في التحليل.

Email