حروب «مواقع التواصل».. ممارسات وأخطار

الجماعات الإرهابية تستخدمها لتهديد الأمن الدولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشير الباحث د. إيهاب خليفة، في كتابه «حروب مواقع التواصل الاجتماعي»، إلى أنه بتجاوز عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ملياري مستخدم، فإنها لم تعد مجرد أداة للترفيه وتحقيق التواصل بين الأفراد، بل ظهر لها وجه آخر قبيح، وتحولت إلى ساحة خلفية لممارسة نوع جديد من الحروب، هي بالأساس حروب أفكار، وطرحت عدة إشكاليات رئيسية.

منها: الأمنية المتعلقة باستخدام المنظمات الإجرامية والجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لتهديد الأمن الدولي، ومنها: السياسية المتعلقة بضمان حق الأفراد في تحقيق التواصل الآمن بينهم، من دون اختراق لخصوصيتهم، أو تهديد لحريتهم في إبداء الرأي والتعبير، ومنها الثقافية التي تتعلق بالحفاظ على الهوية والقيم والمعتقدات التقليدية في عالم مفتوح الثقافات ولا يعترف بحدود جغرافية.

ويقول مؤلف الكتاب: «تشكلت جبهة حرب حقيقية موازية، ساحة القتال فيها هي مواقع التواصل الاجتماعي، وأدوات القتال هي الفكرة والمعلومة والصورة والفيديو وبرامج التجسس واختراق الخصوصية، والخسائر فيها تتنوع ما بين السياسية والاقتصادية والأمنية، تبدأ بمستوى الفرد وتنتهي بمستوى الدولة وهو ما دفع بعض الدول لإنشاء كتائب وجيوش إلكترونية، مهمتها الرئيسية الدفاع عن صورة الدولة، والمساهمة في تحقيق أهدافها؛ ومواجهة أعدائها، فبدت في الأفق ظاهرة جديدة قيد التشكيل، يمكن تسميتها حروب مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يحاول هذا الكتاب مناقشته بالتطبيق على منطقة الشرق الأوسط.

ويحاول الكاتب تقديم تصور متوازن يعمل على الدمج بين حق الدولة في الحفاظ على أمنها القومي ضد أي تهديدات محتملة قادمة من مواقع التواصل الاجتماعي، وبين حق الأفراد في الحفاظ على خصوصيتهم وممارسة حقهم الطبيعي في التعبير عن الرأي، وذلك من خلال مطالعة بعض التجارب الدولية في عدد من الدول، سواء كانت سلطوية أو ديمقراطية.

ويلفت خليفة إلى أن القارئ قد يلاحظ تركيز الكتاب على الجانب السلبي من الشبكات الاجتماعية في اتهام صادق لإغفال الجانب الإيجابي فيها، ولعل تبرير ذلك بأن هدف الدراسة ليس توضيح مميزات مواقع التواصل الاجتماعي، فهي معروفة ولا يمكن إنكارها، ولكن تسعى إلى التحذير من بعض سلبياتها، ومحاولة تجنيب الأفراد تداعياتها.

ولكن، وحتى نضع الأمور في نطاقها الصحيح، فإن حروب مواقع التواصل الاجتماعي ما هي إلا نتاج للتطور التكنولوجي الرهيب الذي أحدثه الإنترنت - البيئة الحاضنة لمواقع التواصل الاجتماعي - في كافة نواحي الحياة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو ثقافية أو اجتماعية، بصورة جعلت العصر الذي نحن فيه الآن هو عصر الإنترنت بامتياز.

كما يتطرق الكاتب أيضاً إلى الدور الذي لعبه الإنترنت في تغيير طبيعة «الصراع». فأصبح الإنترنت بصفة عامة أحد مصادر تهديد أمن الدول والأشخاص على حد سواء، وما مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي إلا أحد مصادر هذا التهديد الناجم عن الاستخدام المتزايد للإنترنت.

ويتحدث الفصل الثاني عن الشبكات الاجتماعية وتعريفها وأنواعها، ومراحل نشأتها، والفكرة الرئيسية التي تحكم عملها، فالتغريدات والتعليقات والصور والفيديوهات التي تظهر أمامك، والصداقات التي يتم اقتراحها، والإعلانات التي تراها، هي لوغاريتمات مطورة بذكاء. ثم يتناول الهاشتاغ، وكيف أصبح وسيلة فعّالة، يلعب دوراً سياسياً لا يمكن إنكاره، من خلال تناول مميزاته وعيوبه وأبرز سماته.

وفي الفصل الثالث يركز المؤلف على حروب مواقع التواصل الاجتماعي، من حيث التعريف وأدوات التنفيذ والخصائص العامة ومن الذي يدير هذه الحروب، إضافة إلى نبذة عن بعض البرامج التي تُستخدم في إدارة هذه الحروب.

 أما الفصل الرابع فيتناول شكل حروب مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية، وأبرز ملامحها وخصائصها، وكيف أثرت في تضليل أو تشويش الرأي العام، وكيف قامت بعض التنظيمات المتطرفة باستخدامها في أغراض مشروعة أو غير مشروعة. ويحاول الفصل الخامس التوصل إلى إطار يمكن أن يسهم في التغلب على المشاكل والتهديدات الأمنية التي تطرحها الشبكات الاجتماعية.

Email