رواية عن أشواق جريحة وعشق يطوّقه النسيان

«طوق الياسمين»مذكرات عوالم الأحلام والهيام

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يسرد الأديب واسيني الأعرج في روايته «طوق الياسمين»، مضامين مجموعة من ذكرياته ومذكراته عبر رسائل حبيبته مريم إليه. وكذلك مذكرات صديقه «عيد عياش»، بلغة مستمدة من عالم الأحلام ينفض معها الغبار عن عالم متخفٍ منسي. وهكذا يقلب الأعرج صفحات «طوق الياسمين» باحثاً عن أجوبة لأسئلة طالما شغلت الإنسان، مجتازاً بوابات العبور.

وتقول إحدى الرسائل في العمل «البرد وعزلة المقابر وعشرون سنة من المحاولات اليائسة لنسيانك يا مريم.. أنا لا أعرف سوى الكتابة عن امرأة لم يعرف قلبي المهبول سواها».

يتناول الروائي في الفصل الأول من عمله، بعنوان «سحر الحكاية»، الكثير من التفاصيل الصغيرة في حياة بطلة عمله. ويقول: «في ذلك الزمن البعيد، كانت مريم طفلة تعشق الورود الملونة والوجوه الأليفة، مولعة بحب الألبسة الجميلة، ولنقل مرة أخرى، إنها كانت تحب الوديان الواسعة ومدينتها الساحلية التي استباحت ذات مساء متعجرف دمها ودم محبيها».

يحكي الكاتب عن كافة ملامح وسمات شخصية مريم، فيبين أنها كانت قبل أن يباغت الخريف أوراقه الصفراء، والشتاء وديانه وجباله، تعشق البحر حد الرعشة. فعندما كانت صغيرة أخرجوها منه «البحر» مرات عديدة نصف ميتة وفي كل مرة تقسم برأس أمها العزيزة ألا تعود إليه، ولكنها عندما تواجهه في اليوم التالي، تنسى كل ما قطعته من عهود وتترك نفسها تنقاد نحو سحره وموجه.

وكلما حلّ الشتاء تبحث بشغف عن محيط المدينة المنسي، لتتراشق والأطفال كرات الثلج، وعندما تتعب تدرك فجأة أنها لن تكبر أبداً وأنها بقيت، بعد كل هذا الزمن، على حافة الطفولة، وعبثاً تحاول أن تصير امرأة، وعبثاً تأخذ الدنيا بجدية.

وفي إحدى الرسائل ضمن الرواية، تقول مريم: أعرف، بل متيقنة أنك أنت كذلك كنت تحبني، ولكنك كنت جباناً وغيوراً على مفرداتك وفلسفتك أكثر من غيرتك علي، الله غالب هكذا. في لحظة من اللحظات فضلت علي كتبك وأنانيتك الثقافية ونسيتني، ولهذا ألعنك شوقاً وزعلاً وحنيناً في كل صلواتي، وأرشقك بحبي وبحزني لأني أخفقت في كل شيء معك، حتى الحقد عليك «ما عليهش، أنا مانعرفش نزعف». ربما لأني أنا كذلك لم أعرف لا كيف أحافظ عليك ولا كيف أحبك.

وتختم مريم رسالتها تلك فتحملها توقيعاً باسم «مهبولتك التي تفكر فيك دوماً».

وفي حديث آخر عن مريم، يقول واسيني الأعرج على لسان حبيب مريم، إن كل التفاصيل تندفع بسرعة نحو القلب بالجملة، حين التقينا للمرة الأولى، لم أكن فارساً عاشقاً، بربري العينين، ساحر النظرة والمحيا، أتى على جميع قلوب النساء، ولم تكوني أنت يا مريم ابنة أمير حاكم البلاد والعباد بالعدل، لم يوقظ سيفه إلا لمحاربة المظالم ودرئها، كنت فقط امرأة من ضوء مشع دوماً أو سيدة الأنوار.

كما سمّاك أحد الأصدقاء من الذين سحقتهم السياسة وقضى العمر كله يشتم.. أملاً في أن يجد يداً رحيمة تسحبه نحو السجن وتعطيه صك المناضل الذي اشتهاه كثيراً ولم يحصل عليه. ويواصل الروائي في هذا المنحى: كان المشرفون على النظام يعرفون خطره جيداً، وأنه ليس أكثر من ثرثار مبتئس، يمتهن مجانية الكلام الذي يضحك الأصدقاء، قبل أن يزعج الأعداء.

الكتاب: طوق الياسمين

تأليف: واسيني الأعرج

الناشر: دار الآداب للنشر والتوزيع- بيروت 2016

الصفحات:

318 صفحة

Email