مثقفة وسياسية مشغولة بالقضايا العربية والشؤون المجتمعية

ستّ الستات..علياء رياض الصلح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يُبيّن كتاب «ستّ الستات»، لمؤلفه الصحافي شكري نصرالله، أن الحديث عن علياء رياض الصلح ليس بالأمر العادي، لأنها كانت من طراز مختلف، وكان لها عقل مختلف، وقدرة هائلة على إبلاغ الآخر بما تريد. فهو يبدأ كتابه بالاحتفال مع شقيقاتها بزفاف إحدى بنات الوليد بن طلال ابن شقيقتها منى، وعلى هامش العرس، دعيت الشقيقات إلى لقاء عائلي في منزل الملك عبدالله..

حيث تناول الحديث الشأن اللبناني بتفاصيله وتعقيداته. ثم ينتقل المؤلف إلى قصة زواجها مع ناصر الدين النشاشيبي، وذلك في عام 1954، إذ غادرا إلى مصر حيث ولاه الرئيس جمال عبد الناصر رئاسة تحرير صحيفة «أخبار اليوم» نظراً لأنه يتقن العربية والإنجليزية قراءة وحديثاً وكتابةً، وكان يملك علاقات عالية مع عدد كبير من الشخصيات العربية والغربية، وهو أول فلسطيني يستلم منصب تحرير الصحيفة في مصر.

وأثناء وجودهما في مصر استطاعت علياء، الشابة المثقفة التي تتقن العربية والفرنسية والإنجليزية، أن تبني مع زوجها، علاقة ودّ وصداقة مع مجلس قيادة الثورة، وخصوصاً مع الرئيس جمال عبد الناصر، وكبار رجال الصحافة المصريين، فكان بيتها يعج برجال السياسة والصحافة، وكانت علياء دائماً نجمة الجلسات والحوارات التي كانت تجرى.

ورأت أنّ الثورة بدأت تميل إلى إنشاء طبقة من الضباط، فصرفت همها عن المبادئ والأهداف .. وانغمست في حياة البذخ واللهو والسهر والكسل .. وعلى ذلك، شدّت علياء وناصر الرحال إلى سويسرا، فراح يعمل زوجها في التأليف والكتابة الصحافية وهي انقادت إلى تربية ولديها والاهتمام بهما وبدراستهما، وأصبحت الحياة بين الاثنين لا تطاق، فقررت علياء أن تستخدم حقها فطلقته، وخرج ناصر من حياتها خروجاً مأساوياً يدمي القلب والروح معاً.

ويبين المؤلف أنه حين توفي الشيخ خليل بشارة الخوري في باريس، ذهبت علياء إلى الكنسية التي يسجى فيها جثمانه، ودخلت متشحة بالأسود وقرأت الفاتحة أمام جميع من حضر. وكذلك يوم توفي العميد ريمون اده وعندما استشهد جبران تويني.

ووضعت الستّ علياء حدّاً للعلاقة مع السفير جوني عبده، وذلك بأنها أخذت تعتذر أو تمتنع عن حضور الدعوات التي تقام على شرفه أو في حضوره كسفير لبنان في فرنسا، أو كسفير سابق لاحقاً، وافترقا منذ منتصف السبعينيات من القرن الـ20، بسبب دفاعه غير المشروط عن حكومة الحريري، وانعكس موقفها الرافض هذا على علاقتها بالعميد ريمون اده، فهو ضد الطائف وضد دولة الطائف...

وضد حكومة الطائف، وكانت علياء ليست راضية عن علاقة العميد بالرئيس الحريري، وخاصة بعد أن سمعت أنّ الحريري دفع ثمن أرض عائلة العميد سعراً خيالياً مستغلاً وضعه المادي الصعب، ورفضه بيع أراضيه لغير المسيحيين كي لا يتهم بأنه يساعد على هجرتهم من لبنان، ومرت الشهور وتوفي العميد بشكل مفاجئ، وكانت السيدة علياء أوّل سيدة تقف إلى جانب سريره، وتقرأ الفاتحة على روحه.

وفي السابع من أبريل عام 1992 كان الراحل ياسر عرفات متجهاً بطائرته الخاصة من الخرطوم إلى طرابلس – ليبيا، عندما هبت عاصفة هوجاء لم يتمكن قائداها ومساعدهما من الإفلات منها، وفي غضون دقائق، قرّر الفريق بعد استشارة عرفات أن يهبطوا اضطرارياً، وهذا ما كان.

فقتل الجميع وأصيب عرفات إصابة بالغة في جسده وفي رأسه، ولكنها لم تكن إصابة قاتلة بسبب أن مرافقه الخاص أحاطه بيديه فخفف من قوة الصدمة عليه، وذاع نبأ عرفات على قيد الحياة، وكانت علياء الصلح من بين الأوائل الذين سمعوا بالخبر، فأجرت اتصالات مكثفة بالمملكة العربية السعودية، وتمنت أن تبادر المملكة إلى بذل كلّ ما بوسعها لإنقاذ حياة عرفات، فرحبت المملكة بالفكرة ..

ووعدت علياء بإجراء كل ما يلزم، لا بل إنها أرسلت السفير عمر مصالحه، سفير فلسطين في الأونيسكو، وصديق علياء، إلى عمان ليخبر عرفات بالأمر، وفي اليوم التالي أخبر عرفات مصالحه أن السلطات الأردنية لم توافق على السفر بسبب الخطر من بعض الإصابات التي لحقت به، التي أدت إلى تهشيم العظم قرب الدماغ.

Email