طبعة جديدة لإصدار سعد الدين الشاذلي بعد عقود ثلاثة من الحجب

مذكرات حرب أكتوبر كتاب ممنوع يظهر أخيراً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل كتاب "مذكرات حرب أكتوبر"، لمؤلفه العقيد سعد الدين الشاذلي، أول طبعة مصرية لمذكرات قائد أركان الجيش المصري في أكتوبر من عام 1973، عن حرب أكتوبر. ويأتي إصدار هذه الطبعة، بعد ثلاثة عقود من الحجب والمنع؛ إذ كانت الطبعة الأولى للمذكرات قد صدرت عن مؤسسة الوطن العربي في لندن عام 1980، قبل أن تصدر الطبعة الشهيرة منه، في الجزائر.

والتي تداولها كثير من محبي الشاذلي، ككتاب ممنوع. تبدأ المذكرات باستعراض لأهم الأسئلة التي كانت مطروحة، ولا تزال، عن حرب أكتوبر. ومنها: "كيف حدثت ثغرة الدفرسوار ؟ كيف تحولت المعركة من نصر مباغت إلى حصار غريب للجيش الثالث ؟ ماذا يمكن أن يحدث لو لم تقع الخلافات بين القادة العسكريين والسادات ؟ ما حجم الصدق في ما نشر من مذكرات عن حرب أكتوبر، خاصة ما ذكره الرئيس السادات في كتابه "البحث عن الذات"؟

أخطر ما يقدمه الشاذلي في مذكراته، أنه لم تكن هناك خطة هجوم، حتى عام 1971. وأن ما ذكره الفريق محمد فوزي، وزير الحربية خلال الفترة، من 1968 الى 1971، عن وجود خطة هجومية، غير صحيح؛ إذ كانت هناك خطة دفاعية، هي الخطة 200. وكانت هناك خطة اخرى تدعى "جرانيت". لكنها لم تكن خطة هجومية.

وبعد قدومه (الشاذلي)، الى منصب رئاسة الاركان وضعت خطة اطلق عليها "المآذن العالية"، لتكون كأول خطة هجومية، الا ان تنفيذها كان يتطلب موافقة الاتحاد السوفييتي، على توفير السلاح اللازم بأسرع وقت. وفي ما، بعد يخبرنا الشاذلي، أن تلك الخطة طورت لتصل الى الشكل النهائي الذي طبق في حرب اكتوبر 1973. واطلق عليها الخطة "بدر".

ويسرد الشاذلي جملة تفاصيل: "يوم السبت: 6 اكتوبر، عبرت قواتنا قناة السويس وهي تهتف (الله اكبر)، وتم تدمير خط بارليف، خلال 18 ساعة. وانتهى يوم 7 اكتوبر بأقل خسائر ممكنة، وهي: 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيدا. بينما خسرت اسرائيل 30 طائرة و300 دبابة، وبضعة آلاف من القتلى". ثم يوضح المؤلف انه في الأيام التالية في الحرب، نجحت القوات المصرية في السيطرة على كافة حصون العدو.

وحققت هدف الخطة "بدر" في الوصول الى ما بعد خط بارليف. وصدت الهجمات المضادة للعدو. وفي يوم 11 أكتوبر، فوجئ القادة العسكريون بوزير الحربية، يخبرهم أن القرار السياسي يُجبرهم على تطوير الهجوم، وهو ما اعتبروه مستحيلا. وفي ليلة 16 اكتوبر تمكن القائد العسكري الاسرائيلي (آنذاك): آرييل شارون، من التسلل عبر منطقة الدفرسوار، ببعض الدبابات.

ويبين الشاذلي أنه في تلك الفترة، سارع الرئيس السادات الى عقد مؤتمر في مقر القيادة. وعرض الشاذلي وقتها، سحب الفرقتين:21 مدرعة و 4 مدرعة، لتوجيه ضربة للقوات الاسرائيلية، التي عبرت منطقة الدفرسوار، وفوجئ الشاذلي، كما يؤكد، بثورة السادات العارمة. وقوله له " لا اريد ان اسمع هذه الاقتراحات مرة ثانية. لو أثرت هذا الموضوع مرة أخرى سأحاكمك".

ويبدو أن السادات، حسب الشاذلي، كان يخشى على الروح المعنوية للقوات المسلحة من فكرة التوجه غربا، ما قد يعيد إليهم ذكرى الانسحاب في يونيو عام 1967. وذلك ما ذكره اللواء جمال حماد في كتابه الموسوعي عن معارك الجبهة المصرية في 1973؛ ولم تمر أيام قليلة حتى عبرت عدة فرق اسرائيلية غرب قناة السويس، وطوقت الجيش الثالث، وحاصرته حصارا دفع السادات الى طلب وقف اطلاق النار.

وفي تصور الشاذلي، فإن السادات أجهض النصر الكبير، وأنه مسؤول مسؤولية كاملة عن حصار الجيش الثالث، مبينا انه وقع في يناير 1974، اتفاق فض الاشتباك المصري الاسرائيلي، والذي ينص على سحب اسرائيل كافة قواتها الى غرب قناة السويس، وسحب مصر معظم قواتها التي عبرت، والابقاء على 7 آلاف جندي، و30 دبابة فقط.

ويبين الشاذلي انه في 12 ديسمبر 1973، اتصل به الفريق احمد اسماعيل، وزير الحربية، وأخبره ان الوزير قرر تعيينه سفيرا لمصر في لندن؛ ورد الشاذلي، بالاعتذار، موضحا انه سيبقى في منزله. ومن ثم اتصل به بعدها، اللواء حسني مبارك. وقال له، ان لديه رسالة من الرئيس السادات، مفادها تقديره لدوره (الشاذلي) في حرب اكتوبر، وترقيته الى رتبة فريق، وتعيينه سفيرا لمصر في بريطانيا. إلا أن الشاذلي كرر اعتذاره.

فما كان من السادات إلا أن استدعاه في يناير، إلى استراحته في اسوان. وقال له، انه يُريد الاستفادة من خبراته العسكرية في تسليح الجيش المصري. لذا فإن موقعه في لندن سيخدم القوات المسلحة. وهكذا قبل الشاذلي، كما يشير، بما يعرض عليه. وطبعا لم تكن تلك المبررات صحيحة، إذ فوجئ بتجاهل تكريمه ضمن قادة حرب اكتوبر، وحذف اسمه من الوثائق التسجيلية للحرب، ثم تحميله مسؤولية الثغرة في مذكرات السادات التي صدرت خلال حياته: "البحث عن الذات".

المؤلف في سطور

 الفريق سعد الدين الشاذلي. رئيس أركان الجيش المصري في حرب اكتوبر عام 1973م. باحث عسكري متخصص. لديه دراسات وكتابات متنوعة. شغل مسؤوليات ومناصب عسكرية ودبلوماسية مهمة. منها: سفير بلاده في لندن.

 الكتاب: مذكرات حرب أكتوبر

تأليف: الفريق سعد الدين الشاذلي

الناشر: دار رؤية للنشر - القاهرة 2013

الصفحات: 603 صفحات

القطع: المتوسط

Email