تقرير «الاتجاهات العالمية 2018» يركّز على سرعة المتغيرات أمام المجتمعات

الابتكار المستدام مرهون بالتأثير في حياة الناس

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

أكد تقرير صادر عن القمة العالمية للحكومات بالتعاون مع (OCED) أن الترابط بين التقنيات أسهم في تسريع وتيرة العولمة، والتي عززت تحفيز التعديلات البنيوية، وفي الوقت ذاته أحدثت ردة فعل واستياء من جراء تزايد انعدام المساواة في جميع أنحاء العالم، وقد أشار التقرير إلى أن الابتكار لا بد أن يتمحور حول إتاحة سبل جديدة للتأثير بشكل إيجابي على حياة الناس اليومية، وحتى يكون الابتكار مستداماً يجب أن يرتكز أيضاً على ضمان ثقة الجمهور في القدرة على التعامل مع عالم سريع التغير بمهارة، وأن يعمل بوصفه راعياً سليماً لمواردها.

ولفت التقرير إلى بروز شعور في العديد من البلدان بأن فوائد هذا العالم المتصل والمتغير بسرعة قد تركزت في أيد قليلة جداً، ووصلت الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الغالبية العظمى من البلدان المتقدمة إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود.

وبحسب التقرير الذي حمل عنوان أهمية الابتكار في الحكومة «الاتجاهات العالمية 2018»، يتسم الوضع السياسي والاقتصادي والعالمي بالتعقيد وسرعة التغير، كما يخوض المجتمع عملية تحول لا تصدق، والتي تفرض تحديات جدية أمام الأنظمة والرؤى القائمة حول طبيعة سير العالم والطريق التي ينبغي تنظيمه وفقها، ولا تساهم التقنيات الناشئة في إحداث تحول جذري في الوضع الراهن، فحسب بل تغير الأفكار المسبقة القائمة وتخلق مستقبلاً مجهولاً.

وأوضح أنه عندما تم إطلاق جهاز «آيفون» لأول مرة قبل عشرة أعوام، كان موقع «تويتر» في انطلاقاته الأولى، ولم تكن شركة «أوبر» موجودة بعد، وكان بوسع عدد قليل من الناس أن يتخيلوا عالمنا الحالي المتصل باستمرار والمترابط بالانقطاع، حيث تستخدم غالبية الناس الإنترنت في الجوال على أساس يومي.

ثروة

وأكد التقرير أن نسبة 10% الأكثر ثراء من السكان في منطقة دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حالياً تجني نحو 10 أضعاف دخل الـ 10% الأكثر فقراً، أي بزيادة نحو 7 مرات على ثمانينيات القرن الماضي، وتزداد المشكلة بسيطرة 8 رجال فقط على ثروة تماثل قيمتها ثروة نصف سكان العالم، إذ يؤثر هذا الوضع على ثقة الناس في المؤسسات، وإيمانهم بفوائد العولمة.

كما أكد أنه في الوقت الحالي يثق 43% فقط من المواطنين بحكوماتهم، كما أن هذا المعدل أخذ في الانخفاض، ويسود اعتقاد عام بأن الحكومات غير قادرة على حماية مصالح شعوبها.

ويمثل فتور الثقة بقدرة الحكومات على إدارة التحديات العالمية أساساً ضعيفاً لخوض غمار موجات جديدة من التغير، وتقدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن نسبة 10% من الوظائف في بلدان المنظمة معرضة بشدة لخطر أن تصبح مؤتمتة، في حين ستتغير نسبة إضافية من القوة العاملة وقدرها 25% بشكل كبير بسبب الأتمتة.

تحولات

وأوضح التقرير الصادر عن القمة العالمية للحكومات في دورتها الماضية، أن التحولات السكانية الرئيسية تغذي هذا التحول أيضاً، ويعد الجيل الحالي من الشباب في جميع أنحاء العالم العربي أكبر جيل على مدى العصور، إلا أن نسبة الشباب في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد انخفضت على مدى الأعوام الخمسين الماضية، وكان لذلك نتائج واضحة على الإنفاق عبر الأجيال على المعاشات التقاعدية، والرعاية الصحية والتعليم، حيث تواجه العديد من البلدان شيخوخة السكان، الأمر الذي يفرض ضغوطاً متزايدة على العديد من البرامج الحكومية والآليات الاجتماعية.

وتعد ضغوط الهجرة عاملاً آخر يساهم بتفاقم الأمر، إذ يتم إرغام أعداد قياسية من الناس على النزوح من منازلهم بسبب الصراعات أو العنف والعوامل البيئة مثل تغير المناخ، حيث سجلت بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكثر من 1.5 مليون طلب لجوء جديد في عام 2016 بالمقارنة مع العام السابق، ويفرض هذا الاتجاه السائد ضغوطاً كبيرة على الحكومات لتقوم بمواءمة خدماتها العامة لضمان ألا يتم إغفال أحد.

تسارع

ونوه التقرير إلى أن الأمر الواضح الوحيد بالنظر إلى حجم التغير وحجم التحول والمرافق له وحالة انعدام اليقين بالنسبة للمستقبل المترتبة عن ذلك، هو أنه ليس هناك ثمة رجوع إلى الوراء في ظل تسارع معدل التغير بوتيرة هائلة، وأنه يجب على الدول والأفراد إعادة النظر في الوضع الراهن ومناقشة الأساليب المحتملة للمضي قدماً.

منهجيات

تبرز حاجة إلى منهجيات جديدة لضمان إتاحة الفرصة للجميع لتحسين رفاههم في اقتصاد تتزايد عولمته ورقمنته، ويعد التجديد السبيل الوحيد لتحقيق مستقبل مزدهر، ومثمر وشامل، والأهم من ذلك كله هو الابتكار.

 

مرصد الابتكار.. منتدى لتبادل الدروس المستفادة والرؤى

يعتبر مرصد الابتكار في القطاع العام (OPSI) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCED) بمثابة منتدى لتبادل الدروس المستفادة والرؤى في مجال الابتكار الحكومي، بهدف تعزيز رسالته والتعلم من المبتكرين الرائدين، وأبرم مرصد الابتكار في القطاع العام شراكة مع مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي (MPRCG) في حكومة الإمارات العربية المتحدة، إذ يعمل هذا المركز على تحفيز ثقافة الابتكار وإثرائها ضمن الحكومة، وأعد المرصد والمركز معاً استعراضاً عالمياً شمل بحوثاً موسعة ودعوة مفتوحة للابتكارات لاستطلاع الطريقة التي تعتمدها الحكومات للابتكار استجابة منها للتحديات الهائلة التي يواجهها عالم اليوم المعقد، وعبر تحديد هذه الاتجاهات والأمثلة ومشاركتها من خلال الاستعراض.

وانطلاقاً من عملهما معاً كمنتدى الابتكار العالمي، يسعى مرصد الابتكار في القطاع العام ومركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي إلى توفير مصدر الإلهام للعمل المقبل وتضمين النجاحات، والحد من تأثير الفشل وتسريع العملية التحويلية للابتكار بهدف تزويد المواطنين بنتائج فضلى، حيث نشرت نتائج الاستعراض بالتزامن مع انعقاد القمة العالمية للحكومات 2018 التي تجمع فيها أكثر من 130 بلداً لمناقشة السبل المبتكرة لمواجهة التحديات التي تشهدها البشرية.

وكان من أبرز سمات القمة ذكر ابتكارات الحكومات الخلاقة، وهي سلسلة من المعارض التفاعلية التي تجسد الابتكارات على أرض الواقع.

3 اتجاهات

وحدد مرصد الابتكار في القطاع العام من خلال الأبحاث الأخيرة التي قام بها والدعوة العالمية للابتكارات ثلاثة اتجاهات رئيسية في مجال ابتكار القطاع العام، والتي تستند إلى الاتجاهات التي تم تحديدها العام الماضي وتحفز الابتكار بطريقة مترابطة وشاملة لعدة قطاعات، ويتضمن كل قسم معني منها مناقشة لمبادرات الابتكار التي تقوم بها الحكومات وشركاؤها، وأمثلة واقعية على الاتجاهات في حيز التطبيق، وتوصيات لمساعدة البلدان على إطلاق الابتكار، وتركز الاتجاهات على ثلاثة أسس وهي الهوية، ومنهجيات الأنظمة وعناصر التمكين، والشمولية والشرائح الأضعف من السكان.

وتعد الهوية شرطاً أساسياً بالنسبة للأفراد والشركات للحصول على الخدمات الحكومية والمشاركة في المجتمع، وبالنسبة للاقتصاد والحكومات لفك شيفرة إمكانيات الخدمات المبتكرة الجديد، وتعمل الحكومات وشركاؤها على الابتكار بغرض تصور طرق جديدة لتوفير هويات الأفراد والشركات من خلال التقنيات الناشئة، كما تساعد المواطنين على إظهار مزيج فريد من المعرفة والمهارات، والخبرات التي تشكل هوياتهم الشخصية.

وفي هذا السياق خرجت الدراسة بعدد من التوصيات الأساسية في ما يتعلق بدور الهوية وهي تطوير حلول الهوية التي تتناسب مع ثقافة البلاد وجعل المفاضلات مفهومة بوضوح من قبل السكان، والتفكير فيما هو أبعد من مفاهيم الهوية التقليدية، بالإضافة إلى استخدام معايير مفتوحة وواجهات برمجة التطبيقيات (API) لفك شيفرة الإمكانيات.

منهجيات

الابتكار يُحدث نقلة نوعية في الخدمات الحكومية

تلجأ الحكومات إلى الابتكار من أجل إحداث نقلة نوعية في الطريقة التي تقدم من خلالها الخدمات، فالمقاربات الأكثر ابتكاراً تمتنع عن تكديس الإصلاحات واحداً فوق الآخر، وبدلاً من ذلك تعيد جمعها بطريقة تسمح لها ببلوغ الهدف الحقيقي الكامن في التغير المنشود، وتستعرض منهجيات الأنظمة العملية الكاملة للحكومات كنظام مترابط بدلاً من تفكيكه إلى قطع متباينة، وهي تعمل على تحويل العمليات والطرق الكامنة وراء الابتكار وتعيد مواءمتها لتغير طريقة عمل الحكومة بطريقة شاملة، مع إشراك كافة الجهات الفاعلة المتأثرة سواء من داخل الحكومة أو خارجها على حد سواء، وهي بذلك تستفيد من عدد الأدوات والظروف المواتية لتحقيق النجاح.

وخلصت نقطة منهجيات الأنظمة إلى عدد من التوصيات الأساسية وهي التركيز على مشكلة وليس على وسيلة، وتطبيق أدوات جديدة لتشخيص المشكلة، وتحليل الآثار المنهجية المحتملة والمفاضلة بين القيمة الناتجة عن الابتكار، إضافة إلى البقاء على استعداد لمواجهة التغير الطارئ على مستوى القواعد إلى القمة وتجربة التغير التحويلي داخل الحكومة.

تحديات

الحكومات تتجه نحو بناء مجتمعات أكثر شمولية

ركزت نقطة الشمولية والشرائح الأضعف من السكان على مواجهة التحديات الرئيسة الشاملة مثل الهجرة وأزمات شيخوخة السكان، وعدم اليقين بشأن مستقبل أتمتة العمل والتوظيف، واستمرار أوجه التفاوت بين الجنسين والاقتصاد، حيث تتجه الحكومات نحو الابتكار لبناء مجتمعات أكثر شمولية، وتمضي الحكومات نحو الابتكار لبناء مجتمعات أكثر شمولية، كما تمضي الحكومات في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال إيجاد مسارات جديدة نحو المساواة بين الجنسين وتخفيف حدة ظروف الانتقال والظروف الاقتصادية بالنسبة للمهاجرين، وتعتبر الحكومات التي تبحث عن طرق مبتكرة لإعداد المجتمع لمواجهة أتمتة الوظائف ومستقبل العمل قليلة، ولا تزال الطريق طويلة أمامها للوصول إلى هدفها وقد تعترضها بعض الفجوات خلال مسيرتها، ولكن الشمولية آخذة بالتوسع ويجري حالياً إنشاء شبكة أمان مترابطة، فالعالم يقف اليوم عند منعطف يتحدى الحكومات لإقرار بالواقع الجديدة وإيجاد حلول جديدة للجميع.

وخلصت توصيات منهجيات الأنظمة إلى ضرورة التواصل مع المجتمعات لدفع التقدم الموحد والتأكد من أخذ كافة أفراد المجتمع بعين الاعتبار واستشارتها بشأن صنع السياسات وتقديم الخدمة، والتأكيد على ضرورة البدء بتحضير الجيل الحالي لدعم الجيل المستقبلي من الشرائح الأضعف من السكان.

 

Email