العمالة المنزلية .. أجيالنا تحت رحمة الخادمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاستغناء عن العمالة المنزلية المساعدة لم يعد خياراً في المجتمع الإماراتي وهو الأمر الذي ينسحب أيضاً على دول الخليج العربي.

فلا يمكن بأي حال من الأحول أن تستغني الأسر عن هذه العمالة نظراً لخروج الأم للعمل وطبيعة الحياة المتسارعة ومن هنا أطلق الاتحاد النسائي العام بتوجيهات من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية مبادرة جديدة تستهدف التوعية بمخاطر هذه العمالة وأهمية تحديد أدوار هذه العمالة في المنزل وعدم الاعتماد عليها في إدارة شؤون الأسرة والأطفال.


ووفقاً لإحصائيات رسمية خلال السنوات الماضية فإن 23% من الأسر الإماراتية لديها خدم يزيدون على عدد أفرادها كما أن فئة الخدم تشكل 6% من سكان إمارة أبوظبي و5% من سكان الدولة.
تكامل


وقالت مريم المنذري أخصائية التنمية والبحوث في الاتحاد النسائي العام لـ«البيان» إن الاتحاد النسائي أطلق مبادرة العمالة المنزلية المساعدة بهدف ضمان استقرار الأسرة والتركيز على تكامل الأدوار بين الأسرة والتأكيد على حقوق العمالة المنزلية ما لها وما عليها وأهمية ذلك تكمن في أن يكون لدى الأم والأب رؤية واضحة حول دور هذه العمالة عند دخول الخادمة إلى البيت باعتبار أنها عمالة جديدة سيكون لها دور في المنزل.

وأوضحت أن المبادرة أطلقت منذ 2016 وما زالت مستمرة بالتعاون مع وزارة التوطين والموارد البشرية والمبادرة تتضمن محوراً قانونياً وحقوقياً ومحور إعلامياً ومحوراً اجتماعياً ونحن نتعاون مع مؤسسات التعليم العالي لعمل فلاشات إعلامية توعوية عن خدم المنازل وتكامل الأدوار بين الأب والأم ومنها جامعة زايد وجامعة أبوظبي ونشر هذه الفلاشات التوعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي كما يبثها الاتحاد النسائي العام عبر موقعه الرسمي وعبر حسابه في تويتر.
دور الأم


وأضافت: لدينا كادر من المدربين الاجتماعيين من داخل الاتحاد النسائي ومن جهات أخرى تركز على دور الأم في السنوات الأولى من عمر الطفل بأن تكون اليد الحانية وأن الخادمة دخلت المنزل لأداء أعمال محددة ولا يمكن أن تحل محل الأم والواقع يؤكد أن الأطفال أصبحوا متعلقين بالخادمة أكثر من الأم وأصبحت الخادمة تتقمص دور الأم .

وهذا أمر خطير لأن السنوات الأولى من عمر الطفل تسمى سنوات الغرس ويجب على الأم أن تكون قريبة من أطفالها وبالتالي نؤكد أهمية هذا الجانب من خلال عقد دورات ومجالس نسائية ودورات في عدد من المؤسسات العاملة بالدولة وبالتعاون مع الجمعيات النسائية.


تحديات
وأوضحت المنذري أن المبادرة تنفذ في جانبين الأول المؤسسي والثاني في المجالس النسائية وأقمنا نحو 6 مجالس نسائية وحوارية سابقاً وخلال الفترة المقبلة لدينا تركيز على المؤسسات والمجالس النسائية على مستوى الدولة.


وقالت إن الاتحاد النسائي العام استقطب باحثاً لدراسة حول العمالة المنزلية المساعدة يجري العمل عليها بهدف توضيح دور العمالة المنزلية وحجمها وأهم التحديات الناتجة عنها في مجتمع الإمارات.


وأكدت الباحثة في إدارة التنمية والبحوث أن هذه المبادرة لها أهداف ونتائج متوقعة أهمها تعزيز ثقافة الأم والأب تجاه أبنائهم وتحديد الأدوار للعمالة المنزلية وأن تكون هناك خطوط حمراء بين الخصوصيات للأسرة وبين العمالة المنزلية وألا تتقمص العمالة المنزلية كل الأدوار.
آليات
وشددت على أهمية أن تختار الأسرة العمالة المتعلمة والمثقفة لأن بيئات العمالة المنزلية تختلف من بيئة لأخرى يمكن أن تكون لها وسائل عنف أو معتقدات غير مقبولة داخل المجتمع يمكن أن يتأثر بها الأطفال والمبادرة ما زالت قائمة ولدينا تعاون كبير مع وزارة الموارد البشرية التوطين ومكاتب استقدام الخدم للتوعية عبر اختيار العمالة المنزلية بمواصفات معينة تتلاءم مع بيئة الإمارات.


وقالت إن الهدف الأسمى هو عدم إنشاء جيل اتكالي بحت على خدم المنازل ويجب على الأطفال أن يتعودوا الخدمة الذاتية لأنفسهم من خلال القيام ببعض الأعمال البسيطة في المنزل.


وتابعت المنذري أن الملاحظ أن أقل أسرة في مجتمعنا لديها خادمتان أو أكثر وهذا قابل للزيادة وما زالت أعداد العمالة المنزلية كبيرة داخل الأسرة مثل السائق والطباخ وهذا يشكل نوعاً من المؤثرات على الأطفال وعلى الأسرة بشكل عام وقالت إن لدينا تعاوناً مع إدارة حقوق الإنسان في وزارة الداخلية وسنتعاون مع مدربين من طرفها بالنسبة للتوعية القانونية والتوعية بجرائم الخدم.

وأوضحت أن هنالك تعاوناً مع كادر من مدربات اجتماعيات واستشاريات لعقد جلسات حوارية نسائية وفي المؤسسات المختلفة وعبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
جهود


وأكدت أن المؤسسات المعنية وخاصة وزارة الداخلية لديها جهود كبيرة لتعزيز ثقافة المجتمع وأفراد الأسرة للتأكيد أن هذه العمالة ليست مظهراً اجتماعياً وإنما هي للحاجة وبالتالي يجب تحديد متطلبات المنزل ووفقاً للاحتياجات، وأكدت خطورة أن ينشأ الطفل بين يدي الخادمة فيصبح ولاؤه للخادمة أكثر من الأم.


ورداً على سؤال حول مدى إمكانية الاستغناء عن الخدم في المستقبل أوضحت المنذري أنه لا يمكن الاستغناء عن الخدم في الأسرة الخليجية وهذا أمر مفروغ منه لكننا ندعو للتفكير هل نحن بحاجة لهذه الخادمة؟ وما هي هذه الحاجة؟ وتحديد أدوارهم بشكل واضح وأن يكون هناك تكامل بين أفراد الأسرة ونحن ندعو الأم الشابة إلى الابتعاد عن الأنانية وأن تسعى بأن تنشئ الطفلة مع الأسرة الممتدة مثل الجد والجدة.


من جانبها تناولت منى علي الغاوي مدير شعبة الدراسات والبحوث والإحصاء في وزارة الشؤون الاجتماعية أسباب احتياج الأسرة الإماراتية للعمالة المنزلية وتأثير العمالة المنزلية على الأسرة الإماراتية وجهود الدولة في حفظ حقوق الأسرة والعمالة المنزلية.
تنسيق
وأضافت كان لا بد من التكاتف بين المؤسسات والمجتمع لحل هذه القضية وجاء إطلاق هذه الحملة بتوجيهات كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك - لتوعية المرأة بالعمالة المساندة وما عليها من حقوق وواجبات وكيفية التعامل معها من منظور ديني واجتماعي والتواصل مع مؤسسات المجتمع الداعمة للمرأة لكي نمكنها من ممارسة أدوارها وتحقيق أعلى مستويات من الرضا النفسي.

كما يعمل الاتحاد النسائي العام على مشروع خاص متعلق بقضايا الخادمات في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف نشر الوعي لدى الأسر والآباء والأمهات بالأخص كون الاتحاد النسائي العام مختصاً بقضايا المرأة حيث تمثل قضايا الخادمات جزءاً كبيراً من حديث المجتمع الإماراتي.


إلى ذلك أكدت دراسات اجتماعية أن أهم أسباب استخدام العمالة المنزلية المساندة يتمثل في تزايد الأعباء المنزلية وارتفاع دخل الأسرة وانخفاض أجور العمالة المنزلية إضافة إلى عمل الزوجة وانشغالها ووجود كبار السن ضمن أفراد الأسرة.
تحديات
أفادت دراسة بأن المرأة استطاعت أن تحقق تقدماً هائلاً في سوق العمل بكل جدارة واقتدار وللمرأة الإماراتية وظائف متعددة في المجتمع فهي راعية وزوجة وأم وعاملة، لكن الصعوبة تكمن في كثير من الأحيان في أن المرأة تكون خارج البيت مما يضطرها لترك أولادها برعاية الخدم وذلك يشكل ضغطاً نفسياً للأم بسبب مشاكل الخدم الخطيرة والجرائم المتعددة التي ملأت الأسماع ووجلت منها القلوب في الآونة الأخيرة.
       



 

Email