المكتب الإعلامي لحكومة دبي ينظِّم جلسة «الاتصال الاستراتيجي»

نائب رئيس الوزراء البرتغالي السابق: سمعة الإمارات بإنجازاتها

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد باولو بورتاس، نائب رئيس الوزراء البرتغالي السابق أن دولة الإمارات نجحت في بناء سمعة ناصعة على المستوى العالمي بسلسلة من الإنجازات الكبرى ضمن مختلف القطاعات التنموية، ما جعلها نموذجاً فريداً للدول التي تمتلك وعياً كاملاً بمتطلبات التنمية، ومنحها صورة مشرِّفة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

مشيداً بنجاحات دبي التي أصبحت اليوم تمثل جسراً يربط الماضي بالمستقبل كمثال للمدينة التي تدرك أبعاد مستقبل العولمة وتعمل بجد للحفاظ على مكانتها الرائدة في عالم الغد، وقال إن تلك النجاحات هي نتاج جهد جماعي تقوده رؤية تحدد أهداف التطوير بوضوح ودقة عالية.

جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة من «برنامج الاتصال الاستراتيجي» الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي بالتعاون مع أكاديمية الإمارات الدبلوماسية والمُخصَّص لأعضاء «شبكة دبي للدبلوماسية الإعلامية والاتصال الاستراتيجي».

حيث تحدث المسؤول البرتغالي السابق حول كيفية تطوير استراتيجية اتصال متكاملة خلال أوقات الأزمات، انطلاقاً من تجربته الشخصية التي خاضها من خلال تولي مسؤولياته كنائب لرئيس الوزراء في البرتغال إبان الأزمة الاقتصادية العالمية التي عصفت باقتصاد بلاده، وكانت لها تداعياتها الخطيرة على بلاده في تلك الفترة، والكيفية التي تعاملت بها حكومته بما في ذلك الجوانب المتعلقة باستراتيجية الاتصال الحكومي آنذاك.

خلفيات ثقافية

واستعرض المسؤول السابق، الذي شغل أيضاً منصبي وزير الدفاع ووزير الدولة للشؤون الخارجية سابقاً في البرتغال، الكيفية التي خاضت بها حكومته مفاوضات حل الأزمة مع الترويكا التي ضمت صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، من خلال خطة مدتها ثلاث سنوات بدأت في العام 2012 .

وانتهت في العام 2014، متناولاً الجوانب المختلفة للأزمة وأسلوب التعامل معها الذي أبرز من خلاله أهمية استيعاب الخلفيات الثقافية للطرف الآخر من الأزمة والذي تجسّد في الحالة البرتغالية في الترويكا بما تمثله من مزيج كبير من الثقافات كونها تضم ثلاث منظمات دولية متعددة الجنسية، وما يستدعيه ذلك من فهم عميق لطبيعة الشعوب التي تضمها تلك المنظمات.

نقل الحقيقة

وتطرق بورتاس إلى جوانب عدة من البرنامج الإصلاحي الذي اتبعته البرتغال آنذاك وما صاحبه من إجراءات تقشفية، وما قامت به الحكومة في ناحية توضيح المواقف بالنسبة للشعب البرتغالي، مؤكداً أن الصدق في نقل الحقائق ركيزة مهمة لكسب التأييد العام وتعزيز ثقة الأفراد والمؤسسات في مصداقية الحكومة، حيث إن مكاشفة الناس بالواقع تضمن تكاتف المجتمع مع الحكومة لتخطي الأزمة، وتفادي أي أخبار كاذبة وشائعات وتصورات مغلوطة قد تؤثر على مسار عملية الإصلاح.

وأكد أننا نعيش اليوم في عالم تحكمه الانطباعات أكثر مما تحكمه الحقائق، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بما يحيط بأي أزمة من انطباعات والتعامل معها بسرعة وكفاءة لتوضيح المواقف، وقال إن أسلوب التعاطي الناجح مع الأزمات على المستوى الدولي لابد أن يأخذ في الاعتبار التطور الهائل الحادث في عالم الاتصال.

حيث أصبح العالم أكثر تقارباً بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تعد معها تفاصيل إدارة الأزمات تجري فقط وراء الأبواب المغلقة بل إن أخبارها وتطوراتها باتت متاحة للجمهور العالمي عبر وسائل الاتصال الحديثة، ما يوجب تطوير استراتيجية تواكب هذا التطور وتراعي الأبعاد الجديدة لأساليب إدارة الأزمات.

رسائل واضحة

وعند تناوله لعناصر استراتيجية الاتصال الإعلامية، أشار باولو بورتاس إلى ضرورة صياغة رسائل بسيطة وواضحة تعكس أسباب الأزمة وتصورات الخروج منها والهدف النهائي الذي ينبغي أن تتضافر مختلف الجهود لتحقيقه، مبيناً أن القاعدة العريضة من الجمهور في شتى بلدان العالم لا تتوافر لديها خلفية متخصصة تؤهلها لفهم المصطلحات التقنية ما يتطلب التواصل معهم عبر مستوى يتماشى مع إمكاناتهم ويراعي كونهم من غير المختصين.

وعن الجانب المتعلق بالاتصال في إدارة أزمة الدين التي واجهتها بلاده، أوضح أن تعامل الحكومة مع الأزمة شمل تأسيس منصة واحدة لتطوير خطط الاتصال عبر ثلاثة مستويات تتضمن التواصل بين مختلف أعضاء المنظومة الحكومية (الاتصال الداخلي)، والتواصل مع الدائنين ومسؤولي الترويكا، ومن ثم التواصل مع الجمهور.

نصائح مهمة

ومن أهم النصائح التي وجهها نائب رئيس الوزراء البرتغالي السابق للمعنيين بمجال الاتصال في حالات الأزمات، ضرورة تعزيز التنسيق الداخلي بين مكونات الحكومة لاسيما في ناحية توحيد الرسالة وتحديد المواقف والثبات عليها، محذراً من خطورة وجود أي تناقضات قد تشوب الرسالة المتعلقة بالأزمة في أي من مراحلها، والذي قد يؤدي إلى تقويض الثقة في الحكومة، بما قد ينجم عن ذلك من انعكاسات سلبية على استراتيجية التعاطي مع الأزمة.

وشدّد بورتاس على أهمية وجود صوت واحد ورسائل موحَّدة لتفادى حدوث أي تناقض من شأنه إثارة اللغط، مع ضرورة محاربة الشائعات والأخبار المُغرضة، والتي قد تتحول، في مثل هذه الأوقات بمنتهى السرعة والسهولة، لتصبح قناعات راسخة في عقول البعض، منوهاً بأن الهدف الذي يجب أن تعكسه الرسالة الموحدة هو التعافي من الأزمة بشكل قوي وسريع.

استباق الأحداث

وعن السمات التي يجب أن يتمتع بها فريق إدارة الأزمة، حدد باولو بورتاس عناصر عدة يأتي في مقدمتها القدرة على توقع واستباق الأحداث، محذراً من أن التصرف بأسلوب «رد الفعل» في مثل هذه الظروف يؤدي في أحيان كثيرة إلى نتائج سلبية، حيث تمثل الأزمة وقتاً استثنائياً يجب إعداد جمهور المتلقين المعنيين بالأزمة للتعايش معها عبر سرد الحقائق المجردة والالتزام المطلق بالصراحة والشفافية، والابتعاد عن الوعود حتى وإن كانت تبدو قابلة للتحقيق.

فرق الاتصال

وقدّم المحاضر نصائح قيّمة عدة للقائمين على الاتصال في حالات الأزمات تمحورت حول كيفية اختيار المنصات والوسائل الإعلامية المناسبة عند التواصل مع الجمهور مع الأخذ في الحسبان أن الصحافة الكلاسيكية قد تسبب ضرراً كبيراً لاستراتيجية الاتصال بسبب شغفها بالعناوين الجذابة التي قد تغتال الحقيقة أو تحورها، على عكس التلفزيون أو الراديو بما يقدمانه من مساحة أرحب لإلقاء الضوء على ما تم تنفيذه من خطوات إيجابية.

واختتم نائب رئيس الوزراء البرتغالي السابق بالتنبيه إلى ضرورة فهم القائمين على عمليات الاتصال لأفكار المتلقين، وتحديد أوجه الاختلاف بين شتى الشرائح إذ أن الشباب أكثر قدرة على تقبّل خطط إدارة الأزمات، نظراً لطبيعة انفتاحهم على العالم في ضوء الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، التي يشكل الشباب جمهورها الأعظم، الأمر الذي يجعلهم الداعم الأمثل لهذه الخطط، في حين تزداد صعوبة الأمر عند التعامل مع كبار السن، نظراً لما يحملونه من تصورات وقناعات حياتية ونفسية راسخة.

تجربة شخصية

ذكر بورتاس خلال محاضرته أنه تولى المسؤولية نائباً لرئيس الوزراء في أحد أصعب الأوقات في تاريخ البرتغال الحديث، وذلك جراء الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصادها، وصولاً بالدين العام لبلاده إلى ما يزيد على 110% من إجمالي الناتج المحلي هناك، حيث كانت مهمة حكومته وجود مخرج من هذا الموقف الحرج الذي أفقد البرتغال مصداقيتها الاقتصادية أمام العالم، وقلص من فرص حصولها على تمويل جديد، موضحاً مدى صعوبة المهمة التي أوكلت إليه وحكومته في الوقت الذي كانت البرتغال تحاول فيه الخروج من دوامة تلك الأزمة.

Email