مكاتب تتحايل على القانون وتتلاعب بالأسعار.. و«العمل» تفتح أسواقاً جديدة

العمالة المساندة تستنزف الكفلاء ودعوات لهـــيئة وطنية ناظمة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

جرت العادة أن يتم تناول قضية العمالة المنزلية بالتركيز على ظاهرة العمالة ومشكلاتها ومعاناتها وحقوقها.. وهي قضايا مهمة وحاضرة باستمرار على ساحة العمل والعمال وحقوق الإنسان في دولة الإمارات، إلا أن حلقة في هذا الميدان تكاد تكون الأكثر استغلالاً من قبل جميع الأطراف سواء المكاتب المستقدمة للعمالة أو العمال أنفسهم، ألا وهم الكفلاء، الذي يتم استنزافهم بشكل مؤلم، ويرفعون الشكوى تلو الأخرى بأن تحاط مشكلتهم بمزيد من القوانين الحامية لحقوقهم، الرادعة للمتهاونين.


وما بين الأسعار المبالغ فيها التي يتوجب عليهم دفعها لاستقدام عمالة مساندة في المنزل والتي قد تصل إلى ما يزيد على الـ20 ألف درهم، وما بين المعاناة التي تلحق بهم جراء هروب العمالة المساندة والضمانات التي تترتب عليهم إثر ذلك، أو وقوعهم ضحايا مصيدة مكاتب الاستقدام التي تتفق مع بعض العمالة المساندة لتحين الفرص وترك مخدومهم باحثين عن أعمال حرة مشروعة أو غير مشروعة، يبقى هذا الملف رهن الاهتمام والبحث من المسؤولين والمهتمين للوصول إلى حلول مرضية لجميع الأطراف.


ويؤكد مسؤولون وباحثون وأكاديميون من مؤسسات رسمية وغير رسمية، أهمية وضع آليات جديدة لتحسين وتطوير سوق العمالة المنزلية تشمل ضبط تكاليف ومدد الاستقدام وتنظيم المبالغ المالية التي يدفعها المواطن وتنشيط دور الشركات والمكاتب، وتحسين أداء السوق وتنويع الخيارات لزيادة التنافسية وتفعيل دور المكاتب الخارجية، والتي هي من أهم مطالب المواطنين والمقيمين الآونة الأخيرة، ما شأنها أن تسهم من تجاوز تحديات سوق العمالة المنزلية بشكل عام والعمالة المنزلية النسائية بشكل خاص، وتعزيزاً لحماية حقوق جميع الأطراف، داعين إلى ضرورة إنشاء هيئة وطنية مستقلة معنية بشؤون العمالة المنزلية بحيث تتولى مسؤولية ملف العمالة المنزلية ليتيح للمواطنين والمقيمين التعرف على الحقوق والواجبات، ورفع التوعية بالعلاقة التعاقدية للطرفين.

بالإضافة إلى التعريف بآلية تقديم الشكاوى والنزاعات، وتوفير المستندات المطلوبة كطلب استقدام عمال العمالة المساندة المنزلية، ونماذج الخدمات ذات العلاقة، فضلاً عن شركات استقدام العمالة من ناحية العقود المبرمة كـ(الجنسية، الديانة، ووقت التسليم، والالتزام بالتدريب، وأخيراً وجود مشكلات مع شركات الاستقدام، وجهاتها الحكومية)، منها فتح الباب أمام أسواق جديدة لاستقطاب أكبر عدد منها حسب احتياجات المواطنين والمقيمين وأيضاً في ما يتعلق بالضوابط الفعالة وكذلك العقوبات المستحقة للأطراف كافة.


دراسة بحثية
ووفقاً لدراسة بحثية أكاديمية، أكد الدكتور عقيل كاظم، رئيس قسم علم الاجتماع في جامعة الإمارات، أهمية إيجاد القوانين وآليات العمل والناظمة للطبيعة العمالة المساعدة في الدولة وبما يحفظ حقوق جميع الأطراف، وإلزام مكاتب استقدام العمالة المساندة على تدريب وتأهيل العمالة المساندة قبل الاستقدام للدولة، ومتابعتها بعد قدومها للدولة وفق شروط محددة، ووضع جزاءات عند الإخلال بشرط الاستقدام، مضيفاً أن ظاهرة العمالة المساندة، هي بالمناسبة ليست ظاهرة محلية فحسب بل عالمية، ولكن تختلف أشكالها وآلياتها من بلد لآخر.


وقال إن هذه القضية باتت قضية وطنية بامتياز، نظراً لخصوصية التركيبة الاجتماعية والحياة الاقتصادية، ومراحل التطور والنمو المتسارع الذي تشهده دولة الإمارات في كافة المجالات، في ظل تنامي الحاجة إلى عمالة مساندة مؤهلة ومدربة لها حقوقها وعليها التزاماتها، تفرضها متطلبات الحياة العصرية، وأن تقوم به مكاتب توريد العمالة المساندة، وهي جزء وطرف رئيسي في المشكلة المتفاقمة التي باتت لها إفرازات خطيرة، حيث إن مكاتب التوريد هدفها الأول والأخير هو تحقيق الربح المادي، على حساب جوانب كثيرة تهم الدولة والمجتمع، باتت تفرضها نفسها وتشكل خطورة.


وأشار إلى العديد من الدراسات البحثية التي قام بها باحثون أكاديميون، لتسجيل الكثير من المظاهر السلبية، التي أفرزتها مسألة الاعتماد على العمالة المساندة، ومن بينها قضية الإشراف على تربية الأطفال وتعليمهم، حيث أوكلت العائلات هذا الجانب للخدم، بحجة انشغال أفراد الأسرة بالعمل خارج المنزل، سواء الأب أو الأم، لدرجة أن بعض الأسر أصبح لديها عدد من العمالة المساندة يفوق عدد أفراد الأسرة الواحدة في المنزل، والبعض يعزو السبب لمتطلبات الحياة اليومية والرفاهية أحياناً أكثر، فالمنازل الواسعة والكبيرة وتعدد مستلزمات الحياة اليومية، باتت تفرض نفسها على كثير من الأسر، وطالب الدكتور عقيل بضرورة أن تتولى الجهات المعنية وضع ضوابط قانونية للعمالة المساعدة، لاسيما بعد أن أصبح منظر العاملات الخادمات الموجودات في مكاتب تشغيل الخدم ظاهرة سلبية تستوجب التدخل.


فشل الاستقدام
وأوضحت مريم الشحي رئيس مفوضية مرشدات رأس الخيمة استمرار فشل سوق الاستقدام المنزلي على وجه العموم، مشيرة إلى أن هناك تعقيدات كثيرة تسببت في إحداث هذا الفشل، وهي عبارة عن رواسب للماضي، إما بسبب سوء التفاوض، أو بسبب عدم وضع المصلحة العامة أولاً، إضافة لكون العاملين في المنازل أصبحوا يبحثون عن بيئات أخرى، إما أقل عملاً وأكثر تنظيماً، أو أكثر انفتاحاً.

ولا نغفل دور التضخيم الإعلامي للقضايا التي تحدث ضد عاملي المنازل، من تعد أو تقصير، وهو ما جعل الدول الأخرى في قلق على سلامة رعاياها، مع يقيننا أن هذه الحالات موجودة، لكنها ليست سائدة، وكنت أتمنى على وسائل الإعلام المختلفة، أن يظهر أيضاً الجوانب الإيجابية للآلاف من العاملين الذين عاشوا في بلادنا وانجذبوا لبيئتها.

مشيرة إلى أفضل الحلول لمعالجة هذه الترسبات والتي تتمثل في إيجاد قانون يعمل على تنظيم سوق العمالة المنزلية.


شكاوى متكررة
وتعالت صيحات المواطنين المطالبة بوضع «تسعيرة» محددة للتعاقد مع العمالة المساندة حسب جنسيتها بما يوازي ما عرف عنها من مهارات، حتى لا يقع المواطن فريسة للجشعين من أصحاب مكاتب استقدام العمالة، راجين من المسؤولين عدم الصمت والتحرك لإنقاذ الوضع الذي لا يحتمل، بوضع قوانين تنظم الأسعار وتحفظ حقوق المواطنين والخادمات على حد سواء، فقد وصلت أسعار بعض المكاتب في إمارات الفجيرة ودبي والشارقة إلى أكثر من 20 ألف درهم، فضلاً عن تكاليف التأشيرة واستخراج بطاقة الهوية والفحص الطبي.


كما طالبوا الجهات المعنية بضرورة إيجاد قوانين تحفظ حقوقهم وتحميهم من استغلال مكاتب الخدم لهم، من خلال التكلفة المرتفعة ورفعهم الأسعار من دون ضوابط فعالة أو عقوبات، ومراقبة المكاتب المخصصة لهذا الأمر ومعاقبة كل من يخل بالعقد المتفق عليه مع المواطن، فالوضع الحالي جعل من الكفيل الحلقة الأضعف في كل الأمور.


حيث استطلعت «البيان» في جولة على بعض مكاتب استقدام العمالة المساندة للتعرف على الأسعار وفترة الضمان والجنسيات المتاحة، إلى جانب استطلاع آراء بعض الأسر للتعرف على أبرز المشكلات التي يواجهونها مع الخدم.


وانتقد المواطن عبيد برمان الارتفاع الجنوني لأسعار مكاتب الاستقدام داعياً إلى ضبط هذه الأسعار وفرض رقابة عليها وخلق نوع من التوازن، حيث تتفاوت بشكل كبير بين مكتب وآخر الأمر الذي يشكل عبئاً على المواطن، ولا يخلو منزل من العمالة والسوق الإماراتي يتطلب عدداً أكبر مما يعني ضرورة إعادة النظر في فتح الباب أمام أسواق جديدة لاستقدام العمالة، وهذه الخطوة من شأنها زيادة التنافس وهبوط الأسعار الجنونية حتى يكون المواطن هو المستفيد الأكبر.


ارتفاع المشكلات
وأشارت مها الهاشمي مدير فرع التوجيه الثقافي والمعنوي بإدارة المراسم والعلاقات العامة بشرطة أبوظبي، إلى ارتفاع حجم المشكلات التي تتسبب فيها العمالة المساندة، فضلاً عن استنزاف مكاتب استجلاب العمالة المساندة للأهالي مع غياب الضمانات الكافية للكفيل، حيث تمنح هذه المكاتب ضماناً للكفيل لا يزيد على 3 أشهر فقط، تكون غالباً بالاتفاق بين المكتب والعمالة المساندة بالتزامها خلال مدة الضمان ثم تبدأ المشكلات تظهر على السطح بعدم الالتزام بتعليمات ربة المنزل أو بالهروب من الكفيل وغيرها من المشكلات التي نواجهها، مطالبة بضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة ووضع الضمانات الكافية للكفيل الذي يستجلب العمالة المساندة، بحيث تضمن حقوق الطرفين على السواء، لافتة إلى أن إجراءات إنهاء المعاملة أصبحت أكثر تعقيداً بما يضر بمصلحة الكفيل المواطن.


مدة الضمان
اتفقت معها بدرية حسن إبراهيم التي طالبت بتخفيض أسعار استجلاب العمالة المساندة التي شبهتها بـ«مهر العروس» نظراً لغلاء الأسعار التي تتفاوت من مكتب لآخر، في حين يتفاجأ الكفيل بهروب العمالة المساندة عنده بعد تكبده كل هذه المبالغ التي تصل إلى 20 ألف درهم، أو تطلب إعادتها للمكتب بعد انتهاء مدة الضمان. وأضافت بدرية أن مشكلات العمالة المساندة متعددة فقد تقوم بتدمير الأجهزة المنزلية نظراً لعدم درايتها باستخدام الأجهزة الإلكترونية، فضلاً عن سرقة الأغراض الشخصية، أو إيذاء الأطفال في بعض الأحيان.


حسب الجنسية
وقالت سميرة، موظفة في أحد مكاتب استقدام العمالة المساندة، إن أسعار العمالة المساندة تختلف من جنسية لأخرى ومدة الوصول تتراوح بين 7 ـ 25 يوماً، حيث يبلغ سعر استقدام الاندونيسية والفلبينية 14 ألف درهم، والسريلانكية 12 ألفاً و500 درهم، في حين تبلغ تكلفة جلب الأثيوبية 4 آلاف درهم وهي الأقل بين سعر العمالة المساندة، موضحة أن فترة الضمان لمدة شهرين باستقطاع ما نسبته 15% من إجمالي المبلغ المدفوع في حالة الإرجاع قبل انتهاء مدة الضمان.


من جانبها، أوضحت مريم موظفة في مكتب آخر لاستقدام العمالة المساندة أن سبب ارتفاع الأسعار ترجع إلى بلد العمالة المساعدة التي ترتفع فيها أسعار الرسوم التي تفرضها الدول المصدرة للعمالة المساندة وفق وصفها لتصل ما بين 9-10 آلاف درهم، مما يدفعهم إلى رفع الأسعار لتغطية باقي المصاريف من تذكرة وفحوص وغيرها من معاملات الإقامة، مشيرة أن راتب العمالة المساندة من الجنسية الفلبينية هو الأعلى حالياً في السوق، حيث يصل إلى 1500 درهم تليها السريلانكية براتب 1100 ثم الاندونيسية بـ 1000 درهم والأثيوبية 800 درهم. لافتة بخصوص عملية الخصم أنه في حال إرجاع الأسرة للعمالة المساندة خلال الضمان يتم خصم مبلغ 1500 درهم من المبلغ الإجمالي وتسليم الباقي للزبون، وفي حال هروب العاملة بعد انقضاء فترة الضمان لا يستطيعون تحمل أية مسؤولية مالية، حيث تكون خارج نطاقهم.


أسعار للضعف
فيما أوضح المواطن سعيد محمد الوشاحي أن أسعار استقدام العمالة المساندة مبالغ فيه، حيث ارتفعت في الوقت الراهن إلى الضعف ففي السابق كانت لا تتعدى الـ 7 آلاف درهم، الأمر الذي يشكل عبئاً على رب الأسرة خاصة وأن مكاتب العمالة المساندة تقدم ضمانات محدودة لا تتعدى الـ 60 يوماً وفي حال هروبها يخسر الزبون ما دفعه من أموال، موضحاً أن عائلته أخيراً قامت بجلب العمالة المساندة من الجنسية الإندونيسية كلفتهم حوالي 15 ألف درهم من فحوصات طبية ورسوم للمكتب، وبراتب شهري 1200 درهم.

فوضى
ينظر مختصون إلى سوق العمالة المنزلية على أنه سوق تحكمه الفوضى رغم الأنظمة والتشريعات الضابطة بسبب تحايل البعض والتفافهم على هذه القوانين. مؤكدين أن قاعدة عريضة من المكاتب تتعامل مع الخادمات على أنهن سلعة للعرض والبيع. وقالوا إن هناك حاجة لإحكام الرقابة على مكاتب الاستقدام، وتخفيض رسومها التي تعتبر سبباً رئيسياً في اعتماد البعض على العمالة الهاربة. وأضافوا أن بعض المكاتب تتبع أساليب ملتوية لإقناع الخادمات بالهروب بعد وصولهن بفترة بسيطة وتسهل لهن ذلك. وأوضحوا أن هذه المطالب تأتي في سياق الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتنظيم سوق العمالة المنزلية المتزايد يوماً بعد يوم.


مليونا خادمة في دول مجلس التعاون
تعد السوق الخليجية إحدى أكبر الأسواق العالمية جذباً للعمالة المنزلية أو المهنية على المستوى العالمي، قياساً إلى عدد السكان. وتشير الإحصاءات إلى أن هناك نحو مليوني خادمة يعملن في دول الخليج، منهن نحو 800 ألف خادمة يعملن في السعودية فقط، وتأتي الأغلبية العظمى من العمالة المنزلية من (الهند، وسريلانكا، وبنغلاديش، والفلبين، وإندونيسيا، وإثيوبيا)، في حين يبلغ متوسط أعمار الخادمات ما بين 25 و30 عاماً. وتحتل الخدمات المنزلية مرتبة متقدمة من مجموعة قطاعات رئيسة، من حيث حجم الأجور والمزايا.


80 %
قال مختص في مجال استقدام العمالة المنزلية إن السوق المحلي يشهد حالة ركود غير مسبوقة، ونقصاً حاداً في أعداد العمالة المنزلية، مشيراً إلى أن نسبة العجز في تغطية طلبات الاستقدام وصلت لأكثر من 80%، مرجعاً ذلك لاقتصار الاستقدام على عدد معين من البلدان، لافتاً إلى أن كثيراً من الأسر لجأت لاستئجار العمالة المنزلية لسد حاجتها بالاعتماد حالياً على المتبقي من العمالة الإندونيسية، وبعض العمالة الإفريقية، مبيناً أن بعض شركات الاستقدام سعت لاستقدام عمالة من بعض الدول عبر وسطاء، غير أنها تعرضت لعمليات احتيال كبدتها خسائر كبيرة.


وثيقة تأمين للعمالة المساعدة بالشراكة مع القطاع الخاص
أطلقت وزارة الداخلية وثيقة تأمين تضمن حقوق المؤمِّن تجاه فئة العمالة المنزلية المساعدة، بالشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص، وانسجاماً مع إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بأن يكون شعار عام 2017 في الدولة «عام الخير»، وفي خطوة تهدف إلى دعم الأفراد وشركات القطاع الخاص لتعزيز مسؤوليتهم المجتمعية وأداء أدوارهم في خدمة الوطن والإسهام في مسيرته التنموية.
وبموجب الوثيقة يمكن للمواطنين التأمين على العمالة بمبلغ 100 درهم، يتم دفعها مرة واحدة في العام، ضد الهروب والوفاة، وعدم اجتياز الفحص الطبي.


05
حرصت دولة الإمارات على تقديم العديد من التدابير التي تضمن حماية العمالة، كما إن هناك مجموعة من التدابير التي يمكن أن تسهم في تأصيل هذا المبدأ وتكريسه منهجاً حياتياً وقانونياً، ولعل أبرزها 5 تدابير: إعداد قانون عمال الخدمة المساندة، وعقد عمل موحد ينظم العلاقة بين العامل والكفيل، وتكثيف زيارة السفارات والقنصليات الأجنبية في الدولة وزيادة فرص التعاون معهم، بالإضافة إلى إرشاد مكاتب توريد العمالة لبرامج حقوق الإنسان، مع وجود مركز تخصصي لتدريب العاملين في إدارات الجنسية والإقامة.


الهند وإندونيسيا خارج خارطة العمالة
تعد الهند واحدة من أكبر مصدري العمالة عموما والمنزلية على وجه الخصوص، لكن استقدام العمالة المنزلية متوقفٌ منذ أعوام على خلفية شكاوى وحوادث، مسجلة في مكاتب الاستقدام. حيث جددت الحكومة الهندية شروط ضمانٍ مستحدثة، تتمحور حول قيمة تأمين لا تقل عن 9 آلاف درهم إماراتي. كما رفعت الحكومة الإندونيسية البطاقة الحمراء أخيراً، في وجه العمالة المنزلية.
وسجلت سريلانكا أعلى الجنسيات سعراً بالنسبة للاستقدام، فيما يخص مهنة «عاملة منزلية».


تجاوزات
لا يمكن تجاهل التقارير المحلية، وكذلك الدولية، التي تتحدث عن التجاوزات التي ترتكب من طرفي الكفيل والعامل، وإن كانت في أغلبها تقع من طرف العامل، وهي كالتالي:


الهروب بالاتفاق مع المكاتب، بحيث تتفق المكاتب مع الخدم للبقاء عند كفلائهم مدة محددة والهروب بعدها، إما الانخراط في أعمال منافية للآداب، أو الالتحاق بصالونات التجميل، أو بالساعة أكثر ربحاً.


خادمة مؤقتة، فكثير من الخادمات معهن أرقام وعناوين أشخاص ينتظرونهن لتشغيلهن براتب أعلى من راتب الكفيل الذي استقدمها.


طريقة إجراءات التبليغ عن الخادمة الهاربة والتكاليف التي يضطر لأن يدفعها الكفيل، بالإضافة إلى أنه يكون قد خسر نقوده التي دفعها من قبل.
مكاتب في دول موردة للعمالة المنزلية لا تتكفل إلا بتوصيل الخادمة للطائرة فقط، من دون أي مسؤولية عليهم.


قيام عدد من أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية، باستقدام عمالة غير مدربة وغير مؤهلة للعيش داخل المجتمع والأسر الإماراتية.


وجود حالات تعاني الأمراض النفسية والعصبية، نتيجة عدم مراعاة الدقة في انتقاء العناصر الصالحة للتعايش مع عادات المجتمع الإماراتي.


التأجير من الباطن، فكثير من أصحاب المكاتب قاموا بتأجير مكاتبهم لعمالة من جنسية الاستقدام ذاتها، لقاء دفع مبلغ مالي نهاية كل شهر، مقابل الاستفادة من الرخصة، ما فتح باباً للمخالفات.
عروض مكاتب وإعلانات وهمية على الهواتف المتحركة ومواقع التواصل الاجتماعي.


السكرتيرة كلمة السر، بسبب وجود سكرتيرات أو موظفي مكاتب العمالة المنزلية من الجنسية نفسها، إما أنها تشجع على افتعال المشاكل لتحقيق مكاسب ضخمة، أو تكون حريصة على كشف ألاعيب بعض الخادمات.


ضغوط الحياة تفرض العمالة المساندة على الأسر
ترى خديجة علي مرشود الحفيتي مسؤولة شعبة التميز المؤسسي في بلدية الفجيرة بأن استقدام الخادمات أصبح من الضروريات في كل عائلة صغيرة كانت أو كبيرة، إلا أن أسعار الخادمات بات مبالغاً فيه، مشيرة إلى أن الصعوبات تكمن أثناء استقدام الخادمة بتأخير قدومها إلى البلاد، إلى جانب طول وكثرة الإجراءات التي تستنزف من طاقة وجهد الكفيل، وهو ما عانت منه خديجة أثناء استقدام خادمتها.

متمنية أن يكون هنالك رادع قوي للمكاتب لعدم التلاعب بالأسعار وأن يتضمن عقد العمل حق الكفالة بشكل مفصل، وعمل مكتب حكومي تابع لوزارة العمل خاص باستقدام الخدم بدلاً من المكاتب الخاصة وعمل خطة إستراتيجية للنظر في المشكلات المتكررة الخاصة باستقدام العمالة لضمان عدم تكراره.


أما المواطن سيف سالم فهو مسؤول في أحد محلات بيع الآيس كريم في الإمارة، حيث قام أخيراً بجلب عدد من العمال لمحل العائلة، وصلت رسوم جلب العمالة للجنسية الفلبينية إلى 8 آلاف درهم والهندية أيضاً بنفس السعر، بضمان بنكي يصل إلى 3 آلاف درهم، أي لا يتعدى المبلغ المدفوع 5000 درهم من رسوم فحص وإنهاء معاملات وتخليص إجراءات.


ويستغرب المواطن سعيد اليماحي اختلاف أسعار العمالة المساندة من إمارة لأخرى ومدة الضمان والرواتب، مشيراً أنها مبررات غير مقنعة، فالاختلاف في الأسعار ليس بسيطاً ففي بعض الإمارات يصل فيها سعر العمالة المساندة الاندونيسية إلى 8 آلاف درهم وفي إمارة أخرى إلى 15 ألف درهم، فالتفاوت في السعر كبير جداً، ويأمل أن تعالج مشكلة العمالة المساندة بقوانين تضبط عمل المكاتب على مستوى الدولة، وأن يكون هنالك عقود واضحة الشروط تمنع حجج وتلاعب بعض المكاتب، مطالباً بإلزام أصحاب مكاتب توريد العمالة المنزلية بتعويض الكفيل في حال هروب العمالة المساندة أو امتناعها عن العمل بعد انتهاء فترة الضمان، أو إلزام هذه المكاتب بتوفير عمالة مساندة بديلة، وعدم تحميل الخسارة بالكامل للكفيل.


العمالة المنزلية محروسة بالقانون والمبادئ الاجتماعية
تحظى العمالة المنزلية المساعدة في الدولة بجميع الحقوق التي كفلها القانون والدستور، وتلقى الدولة قبولاً واسعاً من الباحثين عن العمل، نظراً لما يجدونه من احترام لحقوق الإنسان المحاطة بمبادئ اجتماعية يهيمن عليها ديننا الإسلامي الحنيف الذي أوصى بإعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.


وتسعى دولة الإمارات باستمرار عبر وزارة الموارد البشرية والتوطين إلى فتح أسواقاً جديدة لاستقدام العمالة ومنها ما تم مؤخراً من توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الثنائي في مجال العمل، بين الدولة وجمهورية الفلبين، ما يؤكد حرص البلدين على تسهيل إجراءات قبول واستقدام العمالة.


وتنصّ مذكرة التفاهم ذات العلاقة بالعمالة المساعدة على حزمة من التدابير في كل مراحل دورة العمل التعاقدية، إذ يخضع توظيف العامل المنزلي المساعد لدى صاحب العمل لعقد العمل النموذجي المعمول به في الدولة، ويتولى مكتب الاستقدام إرسال عرض العمل للعامل في بلده، متضمناً شروط عقد العمل كافة، حسب ما هو منصوص عليه في اللوائح، للتحقق من قبول العامل الشروط. ويوقع عقد العمل، المتوافق في نصوصه مع عرض العمل، من قِبل صاحب العمل والعامل عند وصول الأخير إلى الدولة.


وبموجب المذكرة، يسمح فقط لمكاتب الاستقدام الخاصة، المسجلة لدى الوزارة، بتقديم طلبات استقدام وتشغيل العمال المنزليين، المقدمة من أصحاب العمل، فيما يسمح فقط لوكالات التوظيف الخاصة، المرخص لها في الفلبين، بتقديم أسماء وبيانات العمال المرشحين للشواغر المتاحة، والمعتمدة في الدولة، وذلك كله في ظل تأكيد الالتزامات القانونية للوكالات الخاصة المعنية في كلا البلدين.


من أمن العقوبة أساء الأدب
قالت الاختصاصية الأسرية والاجتماعية بثينة حسن: «من أمن العقوبة أساء الأدب»، موضحة أن من يباشرون العمل في بعض المكاتب هم من الجنسية الآسيوية وليس أصحابها الفعليين، وهناك من الآسيويين من هم غير مبالين بما يفعلونه من التجارة بالخدم ويعتبرونها تجارة مربحة ومكسباً عالياً من المال، حيث دأبوا في أغلب الأحيان على استقدام خادمات لا تنطبق عليهن مواصفات العائلات من حيث السن أو الحالة الاجتماعية والتعليمية؛ ما يثير بذلك العديد من الخلافات، كما إن كل خادمة تتطلع إلى طموحاتها الشخصية تجدها هربت وذهبت إما إلى سفارتها أو أنها تعمل في بيت آخر أو وقعت فريسة لمن يتاجر بالخدم.
وأكدت بثينة أنه بتطبيق القانون ستزول جميع المشاكل بالدولة ولا يبقى منها أي شيء، فلا بد من تطبيق القانون حتى لا يكون هناك أي اختراق في الأمور، ومنها عروض المكاتب والإعلانات الوهمية للخدم سواء على الهواتف أو على مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي وغيرها والتي تتناقض مع الخدمات الفعلية التي تقدمها، داعية في الوقت نفسه إلى تجنب التعامل مع الإعلانات المتداولة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للمتاجرة بالعمالة المنزلية المخالفة.


دراسات تحذر من أثر بعض العمالة على التنشئة الاجتماعية والدينية

دأبت المقالات والدراسات في الاستفاضة في الحديث عن مدى اعتماد الأسرة الإماراتية على العمالة المنزلية، وتشير بأصابع اللوم والوعي أيضا، بمخاطر الاستقدام على التنشئة الاجتماعية والدينية، وعلى أهمية عدم الاتكاء على وسادة العمالة المنزلية، خصوصا وأن هناك تحديات كثيرة باتت جلية في إجراءات استقدامها، حيث إن تحديد أسعار الاستقدام قرار يصعب تطبيقه على أرض الواقع، بسبب أن السوق مفتوح ويخضع للعرض والطلب وهناك عوامل مؤثرة سواء داخلية أو خارجية، ومن جهة أخرى فإن ميزانية الاستقدام ليست بالقليلة خصوصا وأن هناك العديد من الأسر تعتمد على وجود أكثر من عاملة أو عامل في منزلها الواحد، مقارنة بمتوسط دخل الفرد، إذ إن حد الأجور يبدأ من 7 آلاف درهم، لينتهي عند عتبة 20 ألف درهم.


وأكدت العديد من العاملات أن تطور الحالة الاجتماعية لعدد كبير من الأسر في بلدانهم، ما يؤدي أحيانا أن تأتي العاملة المنزلية/‏‏ العامل أجل تحسين وضعها المعيشي وفقا للمدة والمبالغ المالية التي تحتاجها ويمكن أن لا تتجاوز الشهرين ومن بعدها تفتعل المشاكل حتى يتسنى لها العودة إلى بلدها مباشرة.

Email