أكاديميون يطالبون الكليات باختبار كفاءة الطلبة قبل دخول التخصص

الدراسة بلا موهبة لا تصنع إعلامياً ناجحاً

ميدان العمل الإعلامي يصقل المهارات ويضاعف الخبرات | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد أكاديميون وباحثون أن كليات الإعلام لا تخرج إعلامياً جاهزاً لسوق العمل، وإنما تزويد الدارس بمفاتيح المهنة وهي ضرورية جداً لكنها لا تكفي لصناعة إعلامي ناجح فلا بد من أن تقترن بالموهبة والإبداع، وهذا يقع على من يختار هذا الانخراط في دراسة هذا التخصص إلى جانب امتلاك الثقافة العامة التي تعد مطلباً أساسياً في هذا الجانب.

وأضافوا: إن كليات الإعلام مطالبة باختيار الطلبة عبر إخضاعهم لامتحان مقابلة يعتمد على عدة ركائز يجب أن تتوفر في المتقدم، خاصة وأن كليات الإعلام لا تسطيع أن تخلق مفهوم الإبداع للطالب الذي يدرس التخصصي الإعلامي، وإنما تزويده بمنطلقات أساسية في المهنة أو ما يسمى مفاتيح المهنة من خلال الدراسة الأكاديمية، والمشكلة في كليات الإعلام في العالم العربي تكمن في أن غالبيتها تركز على الإطار النظري في العملية التعليمية وتهتم به أكثر من الإطار التطبيقي أو العملي الميداني.

 

مهنة نبيلة

بداية قال علي جابر مدير عام مجموعة قنوات ام بي سي إن مهنة الصحافة نبيلة وهي بعيدة كل البعد عن الدخلاء، لافتاً إلى أن على الجامعات العربية التي تدرّس مادة الإعلام والصحافة أن تهتم بتدريس أخلاقيات وقوانين المهنة وأُسسها النظرية والفلسفية وليس تقنياتها فقط، وأن من يحمل قلماً يجب أن يدرك مسؤولية ذلك.

ولفت جابر إلى أن الصحافة تبدأ بالبحث عن الخبر ثم التحقق في صحته ثم التحقق والتحقق ومن ثم كتابته أو إنتاجه بطريقة جيدة ومفهومة وأن مشكلة الصحافة اليوم في عالمنا العربي وفي الأخبار على الانترنت هي فقدان عملية التحقق وفقدان المسؤولين المؤتمنين على تطبيق هذه العملية، من الكثيرين من دخلاء المهنة.

وأشار جابر إلى أن مهمة حجب المعلومات المغلوطة ومنع الممارسات غير المهنية في أي وسيلة إعلامية تقع على عاتق المسؤول الأول عن هذه الوسيلة وليس على المراسل وحده.

وأضاف: إن رؤساء التحرير وأصحاب الوسائل الإعلامية هم من يؤسسون لثقافة مهنية تحترم القارئ والمشاهد وتلتزم بصرامة بأصول التحقق من المعلومات قبل نشرها، مؤكداً أن الرسالة التي يطلقها شخص تنتشر خلال دقائق في كافة أنحاء العالم.

 

مهنة راقية

ومن ناحيته أكد الدكتور سليمان الجاسم الباحث والأكاديمي، أن مهنة الإعلام مهنة راقية جداً، لا تقل أهمية عن مهنة المعلم أو الطبيب، لذا يجب الحرص على حمايتها من الدخلاء الذين يفسدون عملها، لافتاً إلى ضرورة أن يطور الإعلامي نفسه بحيث يتماشى مع العصر والإعلام الرقمي.

وأضاف أن مهنة الصحافة تتقبل أي شخص لديه القدرة والموهبة على العمل فيها ويتمتع بالمهارات اللازمة لممارستها، غير أن هناك دخلاء يقومون باستغلال المهنة ويجب حمايتها منهم، داعياً المتلقي نفسه إلى وضع ضوابط لردع دخلاء المهنة.

وأوضح أن التوسع والثورة في عالم الإعلام الإلكتروني أصبحت كبيرة، مشدداً على أن الإمارات تبذل جهوداً كبيرة في حماية الإعلام الإلكتروني، الذي لا يمكن تجاهله، إذ إنه يساهم في التفاعل الإيجابي لما فيه من خير للمجتمعات، ويوفر كماً أكبر من المعلومات ويساهم بالارتقاء والوعي في المجتمعات، إلا أن الدولة لا تدخر وسعاً في تنظيم العمل الإعلامي الإلكتروني من الدخلاء على المهنة، لأنهم يمسون السلام الاجتماعي لعدم التزامهم بالمهنية وأخلاقيات العمل الصحفي وأحياناً اللجوء إلى الابتزاز.

 

سلاح ذو حدين

وقال الدكتور عطا عبد الرحيم عميد كلية الإعلام بجامعة الجزيرة انه يجب فهم واستيعاب الدور الحقيقي للصحف الإلكترونية وما تتطلبه من كل من يمارس العمل بها، أنه لم يعد من الممكن حجب المعلومات في عصر السماوات المفتوحة والثورة التكنولوجية التي انعكست بشكل أساسي على قطاع الإعلام الذي أصبح العالم معه قرية صغيرة.

وأكد الدكتور عطا أن حرية الإعلام هي الأساس ولا بد أن يقابلها مسؤولية، لافتاً إلى أن الصحفي ينتزع حريته بيده من خلال مهنيته، فكلما ارتفعت المهنية ارتفع معها سقف الحرية، وأن سلاح الإعلام يظل خطيراً ومؤثراً وإذا لم يحسن استخدامه سيكون عامل هدم لمجتمعاتنا، مؤكداً استعداد النقابة في مواصلة تدريب وتأهيل طلبة كلية الإعلام وغيرهم والتعاون مع المؤسسات الإعلامية بهذا الصدد في سبيل إكساب الطلبة المهارات اللازمة التي تؤهلهم للدخول في سوق العمل الإعلامي، ودعا إلى ضرورة البحث دائماً عن المعلومات الصحيحة والدقيقة قبل نشرها.

ولفت د. عطا إلى أن وجود التأسيس النظري لدى الإعلامي أو الممارس لهذه المهنة بشكل خاص أمراً في غاية الأهمية، وخصوصاً عندما تجتمع في الممارس التأهيل الأكاديمي والموهبة، حينها يمكننا الجزم بقراءة مادة إعلامية إيجابية متكاملة وربما تكون عميقة في أحايين أخرى، إلا أن ما نشاهده في الوقت الراهن من سلبيات في المشهد الإعلامي وتحديداً في الصحف الإلكترونية هو نتاج لممارسة الدخلاء على هذه المهنة المهمة دينياً ووطنياً واجتماعياً، والبعيدة كل البعد عن طبيعة العمل الصحفي أو الإعلامي، والبعيد أيضاً عن توازن القالب الصحفي مع النظرية الإعلامية، إضافة إلى غياب أركان الخبر الصحفي الستة في كثير من محتوى الصحف، ما يؤكد ذلك سلبية ممارسة الدخلاء على المتلقي.

استقطاب المتخصصين

شدد الدكتور عطا عبد الرحيم على ضرورة استقطاب المتخصصين في المجال الإعلامي، حيث إن العمل الصحفي بمثابة رسالة وهدف يحاول الممارس لهذه المهنة من خلال هذه الأدوات الإعلامية المتنوعة أن يصنع قضايا جوهرية ومهمة وأخباراً موضوعية من مصادرها الأساسية، مع كل الحرص على كشف وتعديل الأخطاء بأنواعها والتجاوزات، وتعزيز الإيجابيات من خلال تسليط الضوء عليها وإبرازها بكل موضوعية ومصداقية بعيداً عن الحزبيات، لتكون السلطة الرابعة بيد من يستحقها لخدمة الدين ثم الوطن.

وقال عطا إن العمل الإعلامي المرتكز على المهنية والاحترافية يستطيع أن يوازن بين الحرية والمسؤولية من جهة ورفع سقف الحرية من جهة أخرى.

Email