ابتسام الكتبي: صناعة الحياة والإنسان

ابتسام الكتبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات إن عملية تشكيل الصورة عن الذات أو الآخر تُعد عملاً منهجياً واعياً تقوم به الدول التي تسعى إلى بناء القوة، ويأتي إنشاء "مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات" في هذا الإطار، وهي خطوة متقدمة تُحسَب لدولة الإمارات التي تُراجع دائماً سياساتها، وتسعى لتكامل صورتها ونموذجها.

وأضافت "لا شك أن دولة الإمارات تمتلك كل المكونات الاقتصادية والثقافية والحضارية لبناء قوتها الناعمة بشكل أسرع بكثير من غيرها، ولقد أراد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه الخطوة أن يوظّف كل الطاقات الوطنية الإماراتية، ويستخدم الأدوات الجديدة لترسيخ معرفة شعوب العالم بدولة الإمارات وبثقافتها وهويتها وتفردها وقصتها المدهشة في البناء والتنمية والعمران.

وأشارت الدكتورة الكتبي إلى أن "الذكي في هذه الخطوة أن أزمة الشرق الأوسط هي، في جوهرها العميق، أزمة غياب نماذج ناجحة، ولذلك لا بد للإمارات من مراجعة منهجية لمحاولاتها في بناء نموذجها وقصتها في البناء والإنجاز وصناعة الحياة، ومدى إمكانية بناء نموذج مُشِع، تقوم عناصر القوة فيه على النموذج الاتحادي الوحيد الناجح في المنطقة  وكذلك نموذج اقتصادي ناجح ويسعى إلى مجابهة التحديات التنموية باستراتيجيات تستعد للمستقبل والإدارة الحكومية الرشيدة والذكية والتصالح مع العولمة والحداثة وتكريس التسامح والتعايش والانفتاح الثقافي والفكري "دولة مُحسِنة إنسانياً". 

وأضافت كما تقوم عناصر القوة فيه على سياسة خارجية دينامية تواكب تحولات النظام الدولي، وتُعدّ "قوةً ناعمةً" قادرة على اقتراح الحلول وطرح المقاربات والبدائل ودعم استقرار المنطقة والحفاظ على كيانات الدول الوطنية من التفكك ورفض الاستقطاب الطائفي في المنطقة، ومعارضة الخطابات القائمة على الهويات الأوّلية ومواجهة التطرف الديني والإرهاب ودعم الإسلام الوسطي وتمكين المرأة إلى جانب تطوير المنظومة التعليمية، والاستثمار في الفنون والآداب وتشجيع المبدعين والعلماء والفنانين والمبتكرين، وخلق الحواضن الحقيقية لهم، عبر عمل مؤسسي ومنهجي متجدد.

وأوضحت الدكتور ابتسام الكتبي أنه من المؤكد أن تأسيس "مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات" إنما يأتي في سياق قدرة الإمارات على تقديم الدروس والعبر في التنمية وبناء الإنسان، وتقديم سردية وطنية ذات خصوصية قابلة للمحاكاة من قبل شعوب ودول أخرى في المنطقة، التي أصبحت ترى في الإمارات نقطة مضيئة ومساراً جاذباً لتحقيق الطموحات وصناعة التفاؤل والحياة.  ولهذا فإن من أولويات المجلس الجديد الترويج للصورة الإيجابية والجاذبة التي تتوافر عليها دولة الإمارات والدفاع عنها وبناؤها المستمر في إطار عملية بناء ما يسمى "القوة الشاملة للدولة"، وفي مقدمتها: حجم التراكم المعرفي، وتطوير التكنولوجيا، والإمكانات الاقتصادية، فضلاً عن العسكرية  وهذا يقتضي أن تتبنى الإمارات تعريفاً دقيقاً للقوة خاصاً بها، وكذلك إدراك القوة الكامنة، عبر استكشافها وتوظيفها، فضلاً عن استشراف اتجاهات القوة في المستقبل، من خلال رصدها والتنبؤ بها للاستثمار فيها، وفي مقدمتها الاستثمار في المعرفة وإنتاج التكنولوجيا.

 

Email