صيد السمك في رأس الخيمة.. معاناة البحر والسوق ودخلاء المهنة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الصيد في إمارة رأس الخيمة مهنة ذات تاريخ عريق تغلفها «شجون الحداثة»، ولا تزال تسبح في دوامة ثالوث البحر «المهنة ذاتها، وسوق السمك، وجهات حماية الصيد والبحر» ما يضاعف الحمل على كاهل الصيادين.


هذه المهنة لم تعد تعزز تواجد الصياد المواطن بحسب رأي العديد من الصيادين الذين التقتهم «البيان»، بل باتت محتكرة من الجنسيات الأجنبية، التي سحبت البساط من تحت الصياد المواطن.


جولة
رافقنا الصياد المواطن عبدالله حسن في جولة بحرية للوقوف على تلك الشجون، وتطلب الأمر الاستيقاظ مع ساعات الصباح الباكر، كان حديثه لا ينقطع في تلك الرحلة عن سرد الذكريات الجميلة التي عاشها في خضم البحر رغم التحديات الطبيعية، إلا أنه يحمد الله على رزق البحر وهالة الحزن تبدو واضحة في ملامح الرجل نتيجة لما آل إليه حال الصيادين الذين عاشوا هذه المهنة منذ بداية حياتهم، متمنياً أن ترجع مهنة الصيد لما كانت عليه سابقاً.


ويتفق مع الصياد عبدالله العديد من الصيادين الذين ملوا مهنة الصيد بسبب كثرة التضييق عليهم، على حد وصفهم.7 تحديات
وتتلخص أغلب مشاكل الصيادين في إمارة رأس الخيمة بحسب رأي العديد منهم بضيق مساحة الصيد، وتعقيد الإجراءات الإدارية، وغياب الدعم، وعدم وجود تأمين، وغياب الضمانات الاجتماعية، وكذلك ارتفاع تكاليف معدات الصيد وتهميش المهنة.


يؤكد الصياد حسن الأصلي، الذي عمل سنوات طويلة في المهنة، وصلت لـ٥٥ سنة، أنه لم يسبق نيله رعاية طبية أو تأميناً، لا هو ولا بحارته ولا أي فرد من عائلته التي يعمل جلها في مهنة صيد الأسماك.
ويعتقد أن التفات الجهات المعنية لمسألة توفير التأمين اللازم لصغار الصيادين بات شأناً في غاية الأهمية، بسبب المخاطر والتهديدات غير المتوقعة، لافتاً إلى أن الصيادين الحرفيين يمثلون جزءاً أساسياً من قطاع الثروة السمكية في الإمارة.


مافيا السوق
يوضح الصياد يوسف بخيت أن السفن الكبيرة «اللنجات» المخصصة للصيد تأثرت أيضاً بسبب تكاليف رحلة الصيد، حيث تخرج تلك السفن لتبقى في البحر لمدة 3 أيام وتأتي بكميات كبيرة، وتكون النتيجة أن «تكاليف الرحلة قد بلغت 4 آلاف درهم فيما الدخل الناتج عن الرحلة لا يتجاوز 3 آلاف درهم وفوق هذا نجد أن من يستقبلنا للشراء هم من المسيطرين على السوق».


شروط
ويقول الصياد حميد الزعابي، أضم صوتي لصوت بقية الصيادين في أن تقوم الدولة بتقديم الدعم اللازم لمهنة الصيد ولا نريد أن يقوم المسؤولون في جهات مختلفة بفرض رسوم وشروط تطرد الصياد من المهنة، وإنما أن يتم إيجاد وسائل كي تستمر المهنة في يد أبناء الدولة شأن غالب دول العالم والصيادون بحاجة لرعاية أكبر من الجهات لأن تكاليف رحلة الصياد لا تطغى على العائد فرحلة الصيد لمسافة 13 كيلو تبلغ 500 درهم ذهاباً وإياباً، في ظل عدم تواجد الأسماك ما يعرض الصياد للخسائر.


«دكك»
وفي ضوء ذلك، أفاد خليفة المهيري رئيس مجلس إدارة جمعية رأس الخيمة للصيادين بأنه تم العمل مؤخراً على إنشاء «دكك» تابعة لجمعية الصيادين في سوق السمك، والذي يعود ريعه إليها، ليصل عددها إلى 2 دكة، حيث تقوم الدكك بالشراء والبيع لمختلف أنواع الأسماك سواء من داخل أو خارج الإمارة، بأسعار منافسة ومتاحة للمستهلك.


مطالب الصيادين
ولخص الصيادون مطالبهم للبيان، في إنشاء قرية متكاملة للصيادين مع جميع خدماتها، وخفض مدة حظر صيد السمك الشعري والصافي العربي إلى شهر واحد من 15 مارس ولغاية 15 أبريل لتقليل مدة توقف الصيد، وتوسيع الرقعة البحرية، وزيادة الدعم السمكي لقطاع الصيد بما يتواكب مع ارتفاع أسعار المعدات والصيانة للنجات والطراريد، ومطالبة وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة حماية البيئة بالسماح للصيادين بتعمير المشدات البحرية الخاصة بكل صياد وخاصة في ظل التكلفة العالية لشراء الكهف الصناعي والذي تصل تكلفته إلى 1500 درهم بالإضافة لتكلفة نقله إلى داخل البحر، وتعديل قوة وأنواع المحركات المقدمة من وزارة التغير المناخي والبيئة لتصبح بما يطلبه الصيادون.


كما طالبوا بتشديد الرقابة أثناء فترات حظر الصيد، ومضاعفة العقوبة وتشديدها على الصيادين المخالفين، ودعم المحروقات للصيادين، وتوفير دكك جديدة للصيادين المواطنين داخل أسواق الإمارة لوضع حد لاحتكار العمالة الآسيوية والحد من ارتفاع أسعار الأسماك، ووضع دوريات حاصل أعضاؤها على الضبطية القضائية لمراقبة خروج ودخول الصيادين، ووضع آلية لضبط مهنة الصيد في ظل حصول مواطنين غير متفرغين على رخصة الصيد بسبب قيامهم بالعمل في مهن أخرى بمناطق الدولة.


سوق عصري
انتقلنا في جولتنا إلى سوق السمك الذي يعد الشبكة الرئيسية التي يتصل به كل من الصياد والمستهلك وتجار وباعة الأسماك، والتقينا مستهلكين طالبوا بالاهتمام بالسوق حيث إنه بحاجة ماسة إلى التجديد والتطوير، مؤكدين أن السوق المنتظر من شأنه حل الكثير من المشكلات.


بدوره يكشف منذر الزعابي مدير عام بلدية رأس الخيمة عن وضع مخططات لتطوير سوقي السمك في منطقتي رأس الخيمة القديمة والمعيريض وإضفاء بعض التحسينات والتوسعات لضمان الارتقاء بالخدمات المقدمة للزبائن والسياح الذين يرتادون هذا المرفق الحيوي، وبما يتماشى مع النهضة الشاملة التي تشهدها الإمارة.


ويشير إلى أن المشروع سيتم تنفيذه بعد طرحه كمناقصة على شركات المقاولات، وعند ترسيته سيتم الإعلان عن موعد بدء التنفيذ والذي قد يستغرق ستة أشهر لإنجازه، لافتاً إلى أن تطوير السوقين يأتي تزامناً مع الطفرة العمرانية التي تشهدها الإمارة، والإقبال المتزايد للمستهلكين على شراء الأسماك الطازجة التي تتميز بها أسواق الإمارة، وأن مشروع التطوير سيتضمن تشغيل السوق على فترتين صباحية ومسائية بدلاً من تشغيله الفترة الصباحية فقط.


مطالب الزبائن
ويذكر المواطن سالم الشحي أن سوق السمك بمنطقة رأس الخيمة القديمة يحتاج إلى مزيد من الاهتمام من الجهات المعنية، لدعم صيادي الإمارة لعرض محصولهم اليومي في السوق لمحاربة احتكار العمالة الآسيوية.
وقال المواطن أحمد الحمادي، إن سوق المعيريض يضم سوق السمك والخضراوات واللحوم، ويعاني من أعطال مستمرة في وحدات التكييف وخاصة خلال فترة الصيف الماضية.

موانئ الصيد ذللت المعوقات
أوضح الدكتور سيف الغيص، المدير التنفيذي لهيئة حماية البيئة والتنمية برأس الخيمة، أن مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتطوير 8 موانئ صيد في إمارة رأس الخيمة وفق أحدث المعايير الحديثة والاشتراطات الصحية والسلامة العامة شكلت نقلة نوعية وارتقت بمستوى الخدمات المقدمة للصيادين وذللت الكثير من المعوقات التي كانت تواجه هذا القطاع الاستراتيجي.


وذكر أن مشروع تطوير موانئ الصيد يخدم 1200 صياد ونوخذة، بالإضافة لاستيعاب العمال من الجنسية الآسيوية في مساكن مجهزة بأماكن الترفيه وكافة الخدمات ووسائل الراحة بأسعار رمزية تبلغ 150 درهماً لإيجار غرفة العامل، الأمر الذي ساهم إيجابياً في استقطاب تلك الفئة التي كانت تقيم وسط الأحياء السكنية القريبة من الموانئ بشكل عشوائي، بالإضافة لتوفير المطبخ للوجبات الساخنة.
وأضاف الغيص، أن المشروع تضمن إنشاء 500 مستودع لتخزين معدات الصيد، وأرصفة حديثة بطول 320 متراً لكل منطقة، ومواقف بحرية عائمة لرسو 1520 قارب صيد في الإمارة، وورش صيانة مجهزة فنياً لإصلاح القوارب، ومصانع لإنتاج الثلج تصل طاقتها الإنتاجية إلى 40 طناً يومياً لحفظ ونقل الأسماك إلى مختلف مناطق الدولة، وإنشاء محطات وقود برية وبحرية بالتنسيق مع شركة أدنوك للتوزيع في مناطق «رأس الخيمة والمعيريض وغليلة وشعم».


وأشار إلى أن إنشاء مراسي القوارب على امتداد ساحل الإمارة ساهم في التخفيف من معاناة الصيادين في عمليات تنزيل وتحميل معدات الصيد ونقل محصول الصيد اليومي من القوارب إلى مناطق المزادات في الأسواق بطريقة أكثر حضارية حفاظاً على المنظر الجمالي لإمارة رأس الخيمة، وبعيداً عن الوقوف العشوائي لقوارب الصيادين على سواحل الإمارة.
وأوضح الغيص، أن الهيئة سجلت مخالفة ضد أحد المحال التجارية بعد ضبط كميات كبيرة من أسماك الشعري والصافي المحظور صيده خلال شهري مارس وأبريل تنفيذاً لقرار وزارة التغير المناخي والبيئة، بهدف المحافظة عليهما وإتاحة الفرصة لهما للتكاثر في سواحل الإمارات، لافتاً إلى أن الهيئة سجلت 15 مخالفة ضد الصيادين والبائعين لبيعهم الأسماك الصغيرة من دون الحد المسموح به، والصيد بمناطق المحميات المحظورة.


وأشار إلى أن الهيئة أنزلت 603 كهوف سمكية بمناطق الجزيرة الحمراء والرمس بغرض تنمية المخزون السمكي في ظل التصحر البحري لبعض المناطق البحرية في الإمارة، وتوفير مشدات اصطناعية لتوفير الحماية للأسماك خلال فترة تكاثرها، وجذب الكائنات البحرية التي تعد المصدر الأساسي لغذاء الأسماك الصغيرة.
 

Email