«التربية»: لدينا مبادرات لنشرها.. والمعلمون: نبحث عنها لنعطيها

السعادة في المدارس.. عطاء مفتوح وقيمة تربـــوية لا تتحقق بالتمنّي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تحقيق السعادة في البيئة التعليمية هاجس مستمر لدى جميع أركان هذه العملية بدءاً من وزارة التربية والتعليم مروراً بالمدرسة وإدارتها ومعلميها وانتهاءً بمحور العملية التعليمية وهو الطالب، وبشكل متصل أسرته وأولياء الأمور، بحيث ينظر كل ركن من هذه الأركان إلى تحقيق هذا المطلب من زاوية خاصة بحيث يحقق تكامل هذه الزوايا ضمان الوصول إلى الهدف المنشود، فـ«التربية» تؤكد أنها تسعى جاهدة لنشر السعادة في الميدان التعليمي من خلال العديد من المبادرات والفعاليات مقروناً برفع مستويات التحصيل الأكاديمي للطلبة.

كما أوضحت أنها أفردت مجلساً خاصاً للسعادة والإيجابية من شأنه بث الإيجابية في الميدان التربوي، بينما يرى الكادر التدريسي والمعلمون خصوصاً أن تحقيق الدخل المستقر الكافي كفيل بتوجيه أوقاتهم نحو إبداع طلبتهم بينما واقعهم يقول إنهم مقيدون بالمناهج الجامدة والدخل المحدود والأوقات المملوءة بالكثير من الأعمال غير التعليمية، في حين يرى الطلبة وأولياء أمورهم أن مفتاح سعادتهم في الخروج من الأساليب النمطية في التعليم وإتاحة المجال أكثر للمشاركات الإبداعية بعيداً عن أجواء الورقة الامتحانية التي تقيس الحفظ ولا تقيس الفهم.

وأفاد تربويون وأكاديميون بأن دولة الإمارات تمتلك أرضية خصبة وإمكانات تخولها أن تكون مركزاً إقليمياً وعالمياً ورائداً على المستوى الإقليمي في مجال السعادة والإيجابية، نظراً لاهتمامها بهذا الموضوع على المستوى الوطني، وفي هذا السياق انتهجت إدارات لمؤسسات تعليمية مبادرات لتحقيق السعادة والإيجابية والتسامح، لجميع عناصر العملية التعليمية من هيئات إدارية وتدريسية وطلبة، واعتبروا المدرسة البيت الثاني للطالب لذلك عليها احتواؤه وتوفير احتياجاتهم لتنجح في تحقيق السعادة وتزيد من دافعيتهم نحو التعليم، ولفتوا إلى أن المؤسسات التعليمية ترتكز على المعلم في إعداد أجيال قادرة على محاكاة المستقبل.

مبادرات

وأكد عبد الرحمن الحمادي وكيل وزارة التربية والتعليم للرقابة والخدمات المساندة، أن وزارة التربية والتعليم سعت ومن خلال جملة مبادرات وفعاليات إلى نشر السعادة في أرجاء الميدان التربوي لما لذلك من أثر كبير في تدعيم المسيرة التربوية في الدولة، ورفع مستويات التحصيل الأكاديمي للطلبة، إذ تشكل السعادة والإيجابية أساساً حيوياً وجوهرياً للارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية بما يحقق تطلعات القيادة الرشيدة الخاصة بقطاع التعليم.

وبين أن وزارة التربية والتعليم عكفت خلال الفترات الماضية على بلورة جملة مبادرات شملت كافة أطراف العملية التربوية والتعليمية، وذلك لإيمان الوزارة بأهمية بث السعادة في الميدان التربوي لتحقيق مفهوم التعليم الإيجابي الذي يتشارك فيه كافة أعضاء الميدان التربوي على نحو فعال ومثمر.

ونوه أن الوزارة تتجه إلى تحقيق مفهومي السعادة والإيجابية في مختلف مفاصلها وبين أوساط طلبة مدارسها ومناطقها التعليمية وموظفيها، وذلك للنهوض بمخرجات المدرسة الإماراتية، نظراً للدور المؤثر للسعادة في الأداء الأكاديمي للطلبة، عبر إيجاد نموذج جديد يستند إلى الرفاه والسعادة، مدعوماً بحزمة من المبادرات والبرامج الفاعلة التي تصب في هذا السياق.

وأوضح أن وزارة التربية والتعليم وبعد أن أجرت تغييرات جذرية في هياكلها ونهجها وصولاً إلى المناهج المطبقة في المدارس، سعت إلى الاستفادة من النماذج العالمية ذات الصلة بالتعلم والسعادة والإيجابية وفي سبيل ذلك عقدت الوزارة العديد من الفعاليات التي من شأنها تحقيق السعادة في مفاصل الميدان التربوي، كما استضافت مختصين عالميين في مجال التعليم والسعادة بغية وضع أطر عامة لنموذج متفرد بالوزارة يحقق ما تصبو إليه من الارتقاء بالتحصيل الأكاديمي للطلبة.

تعزيز الإنتاجية

وقال حمد الرحومي مقرر لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام بالمجلس الوطني الاتحادي إن سعادة المعلم مطلب أساسي في العملية التربوية لأن تحقيق هذا المطلب، سينعكس إيجابياً على سعادة الطلبة وأولياء الأمور على حد سواء، داعياً إلى ضرورة إطلاق برامج ومبادرات تتلمس احتياجات المعلمين والطلبة وتسعدهم والتركيز على قطاع التعليم لأنه حجر الأساس في بناء الأجيال.

وأضاف: لا بد من تخفيف الأعباء الوظيفية على المعلم وأن يتفرغ للتعليم بعيداً عن المهام الإضافية، الإدارية والإشرافية والتوثيقية التي تتطلبها ملفات الإنجاز، إضافة إلى الشعور بالأمان الوظيفي، منوهاً بأن سبب عزوف المواطنين الذكور عن هذه المهنة هو زيادة الأعباء الملقاة على عاتق المعلمين ومقارنتها مع الرواتب والامتيازات التي يحصلون عليها في وظائف أخرى.

منظومة متكاملة

ورأت ناعمة الشرهان عضو المجلس الوطني الاتحادي أن إيجاد بيئة تسعد الطالب تعني الحديث عن منظومة متكاملة في هذا القطاع تشمل المعلم والمناهج وأولياء الأمور والبيئة المدرسية فمن غير المعقول الحديث عن بيئة تعليمية جاذبة في ظل تواجد نظام تدريسي تقليدي يعتمد على التلقين، نريد تعليماً يكون الطالب طرفاً أساسياً مشاركاً متلقياً، بدل المفهوم التعليمي السلبي السائد الذي يرتكز على الحفظ فقط، ما يجعل مخرجات التعليم ضعيفة.

وتساءلت كيف يمكن خلق بيئة تعليمية سعيدة والمعلم احد اهم أدوات تطوير التعليم يرزح تحت ضغوط هائلة تتعلق بالعمل نفسه وبوضعه المادي لذا فإن أي حديث عن التطوير لا يبدأ بالنهوض بالمعلم وتحسين مستواه وإعادته لمكانته التي كان يخطى بها في المجتمع محكوم عليها بالفشل.

وطالبت الشرهان بتسخير وسائل التكنولوجيا في التعليم خاصة وأنها تستهوي الأبناء بمختلف مراحلهم، وأضافت ان أردت بيئة جاذبة ومدارس سعيدة ابتكر طرائق تعليم تَخَلَّق حالة من الاستمتاع لدى الطالب والمعلم.

وقالت إن وزارة التربية والتعليم تبذل جهوداً في إطار خطتها التطويرية لكن العمل يحتاج الى وقت لتظهر نتائجه.

جوائز

من جهته أوضح الدكتور جمال المهيري الأمين العام لجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز، أن السعادة أصبحت أولوية وتسعى دولتنا إلى أن تصبح أسعد دول العالم، مستندة على روح الاتحاد والرفاه لشعب الإمارات، انطلاقاً من فهم عميق لما تشكله السعادة وما تساهم فيه من خلق إيجابية ودافعيه نحو العمل.

وأوضح أن مؤسساتنا التعليمية تسعى لتحقيق رؤية وتوجهات الدولة من ناحية غرس القيم الإيجابية في طلابنا الذين يمثلون شباب المستقبل، ولفت إلى أن الجوائز التربوية التي تقدم، فالدولة تعد جزءاً من سعادة عناصر العملية التربوية من إدارة مدرسية ومعلمين واختصاصيين وطلبة.

ولفت إلى أن جائزة حمدان تتوج سنوياً المتميزين احتفاء بهم ليكونوا دافعاً لغيرهم نحو التميز ضمن معايير تساهم في تطوير الذات والمنظومة التعليمية.

وأكد أن تحقيق السعادة تتم بعملية تشاركية بين أفراد المجتمع وعناصر العملية التعليمية، من خلال العمل الجماعي وإطلاق مبادرات وتنفيذ مشاريع تشاركية تحقق أهداف الدولة نحو تحقيق السعادة والإيجابية.

تعليم إيجابي

وقالت فاطمة غانم المري الرئيس التنفيذي لمؤسسة التعليم المدرسي في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي إن دبي تبنت خلال السنوات الثلاث الأخيرة منظومة التعليم الإيجابي الذي من شأنه تحقيق تطور نوعي في التحصيل العلمي للطلبة، عبر إطلاق حزمة من المبادرات التي تستهدف تعزيز جوانب الدعم الإيجابي للطلبة وتطوير العلاقة التفاعلية بين المعلمين والطلبة وبين الطلبة وبعضهم البعض، بالإضافة إلى تحفيز الصحة النفسية والجسدية لهم بالشراكة مع المؤسسات المحلية والدولية.

من جانبها قالت الدكتورة نورة البلوشي نائب الشؤون الأكاديمية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة زايد رئيس المجلس الطلابي للسعادة بجامعة زايد فرع دبي، إن الإدارة حرصت على تشكيل مجلس السعادة والإيجابية والتسامح في الجامعة ويتضمن خمسة أقسام تضم فرقاً لإسعاد الطلبة وأخرى لإسعاد الهيئة الإدارية والتدريسية وفريق عمل لإسعاد المتعاملين في المجتمع المحلي، وفريقاً خاصاً للتقييم والتحليل، وآخر للتعزيز التواصل وتحسين بيئة العمل.

أبواب مفتوحة

وقال الأكاديمي والتربوي خالد الخاجة إن أهم أسباب تحقيق السعادة لولي الأمر والطالب هي اتباع سياسة الأبواب المفتوحة للمؤسسة التعليمية لتتمكن من حل الإشكاليات التي تواجه الطرفين من دون التعرض للدراسة، فضلاً عن أهمية تحقيق السعادة للمعلمين من خلال منحهم الصلاحيات في إضافة أنشطة إثرائية تخدم العملية التعليمية أو تعديل أوضاعهم المادية حتى لا يتجه إلى عمل إضافي وهو الدروس الخصوصية التي تدفع به إلى التقصير في عمله داخل الصف، وأكد أن النجاح يرتكز على السعادة كونها كركيزة أساسية لتحقيق الاستدامة في العمل.

وقال جمال الشيبة مدير مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية إن المدرسة تعمل على نشر مفاهيم وثقافة السعادة بين عناصر العملية التعليمية بمدرسته، من خلال الأنشطة والفعاليات النوعية التي تحقق الرفاهية والسعادة.

ولفت إلى أن التركيز على أبرز ملامح المدرسة السعيدة في الوقت الحالي، يعد خطوة جادة نحو المسار الصحيح، لوضع وتنفيذ مبادرات وبرامج منهجية تحقق سعادة المتعلمين، ورفاهيتهم، وصياغتها على شكل معايير تنفذ من خلال خطة المدرسة الإماراتية التي تعتبر عنواناً لمستقبل التعليم في الفترة المقبلة.

وذكر أن مساعدة أولياء الأمور تتحقق بمساعدة أبنائهم، بالإضافة إلى تعزيز التواصل من خلال فتح قنوات متعددة للتواصل مع أولياء الأمور، إذ تم عمل جروب لكل صف دراسي لتسهيل عملية التواصل مع الكادر التدريسي.

وأكد حرص الإدارة على تكريم المعلمين في نهاية كل عام دراسي وحل المشكلات الخاصة بهم وتقديم المساعدة للمعلمين من خلال إنجاز معاملات الوافدين منهم عن طريق السفارات والخارجية.

وأضاف إبراهيم حسن الملا رئيس وحدة شؤون الطلبة في مدرسة عمر بن الخطاب، إن المدارس لا بد أن تضع محور السعادة ضمن خطتها الاستراتيجية للخروج بفعاليات تحقق لهم التعليم الإيجابي في وقت تستشرف الدولة فيه مستقبل التعليم تحت مظلة السعادة، ومدى تأثيرها على بناء أجيال المعرفة.

تحفيز

وفي السياق ذاته قالت أمينة النيادي مديرة مدرسة ثانوية دبي، إنها تتبع أسلوب التحفيز سواء للكادر الإداري والتدريسي والطلبة، وتحرص على تنظيم فعاليات يومية لبث روح الإيجابية للطلبة واتبعت أسلوب ونظام الأبواب المفتوحة لاستقبال الطلبة والمعلمين في أي وقت، وتعمل بشكل مستمر على رفع دافعيه الطلاب للتعلم وذلك من خلال برامج تحفيزية.

وذكرت أنها طورت الفناء المدرسي ليستوعب العديد من الألعاب الترفيهية الجاذبة مثل كرة السلة والبلياردو واللعب اليدوية للكرة، وتحرص على تغير البيئة المدرسية وجعلها جاذبة للطالب والمعلم معاً.

وترى المعلمة الفلسطينية حنان الحروب التي فازت بلقب «المعلم الأفضل» على مستوى العالم في التعليم، لتميزها بمبادرة تعليمية حملت شعار «لا للعنف في التعليم»، ان التطوير يرتكز على تحسين مستوى المعلم فالمردود المادي ضعيف والأعباء كثيرة، واعتقد أن التحديات التي تواجه حقل التعليم في الوطن العربي تتشابه الى حد ما وعليه يجب إجراء تقييم شامل للمنظومة التعليمية سعياً لتحقيق التطلعات التنموية، وبما يتوافق والرؤية المستقبلية.

وذكرت أن التحدي الثاني بعد المعلم هو المناهج الدراسية التي يتم تغييب المعلم عن المشاركة في صياغتها وان حدث تكون مشاركته خجولة، وأرى انه من الضرورة أن يشارك ولي الأمر فيها أيضاً، مشيرة الى ان المناهج الحالية جامدة تنقل وجهة نظر محددة ما يحث خللاً بين المجتمع والمدرسة والمتلقي لذا تجد حالة عدم انسجام وفجوة كبيرة.

ولفتت الى أن المشتغلين في التربية تسقط عليهم القرارات إسقاط ولا يتم إشراك الميدان فيها فتراها تفشل وتتغير ويبقى الميدان بهذه الحالة حقل تجارب بلا تطور، ودعت الى خطط عمل واستراتيجيات واضحة تتعلق بتطوير إمكانيات المعلمين، وتوفير التقنية، وتطوير المناهج، والأنشطة اللا صفية.

ويرى يعقوب الحمادي اختصاصي اجتماعي يعمل في الميدان منذ بوابة 28 عاماً أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها الدول في تجويد التعليم وتطويره، فإنه مازال يواجه تحديات جمة منها المناهج الدراسية المطورة التي غلب عليها الكم وبقيت الجوانب النظرية طاغية على العملية.

وقال إن التحدي الأكبر يتمثل في تدني دافعية الطلبة للتعليم، نحن بحاجة إلى سهام زرع حب التعليم في نفوس أبنائنا لأن قابليتهم متدنية والوزارة تطمح للجودة في التعليم، لذا نريد أن نغرس في نفوسهم أهمية التعليم ودوره في تطوير المجتمعات.

الطلبة يستصعبون التعليم ويجدونه مرهقاً، لكن يجب البحث عن حلول لاستيعاب متطلبات التعليم الحديث، وأضاف، كنّا نعتمد على الحفظ، الآن منهجية التدريس اختلفت وباتت تستند إلى التفكير المتعمق والاستنتاج، وهي طريقة جديدة وطلبتنا لم يعتادوا على هذه الآلية الجديدة.

وطالب بإعادة النظر في المناهج والابتعاد عن المحتوى الكبير المكثف واستبداله بمواد أقل لكنها أكثر كيفاً، أملاً بتعديل أوضاع العاملين في أهم القطاعات على الإطلاق، مشيراً إلى أهمية الاستئناس برأي الميدان عوضاً عن إقصائه عن القرارات والخطط التطويرية والذي أفضى خلال الفترة الماضية إلى ظهور حالة من التخبط.

المجلس الطلابي للسعادة

قالت الدكتورة نورة البلوشي رئيس المجلس الطلابي للسعادة بجامعة زايد فرع دبي، إن السعادة منظور شخصي يختلف في الرؤية، وجامعة زايد تسعى من خلال المجلس الطلابي للسعادة إلى صناعة السعادة والتسامح والإيجابية ونشرها في نفوس أفراد المجتمع الأكاديمي من طلاب وأساتذة وموظفين سواء داخل الحرم الجامعي أو المجتمع الخارجي، وهي بذلك تسعى لتحقيق رؤية ورسالة الدولة التي تسعى لتحقيق أعلى درجات الرضا والسعادة في مجتمع دولة الإمارات.

وأضافت أن الجامعة تبذل كل ما في وسعها لخلق بيئة عمل صحية تنتج السعادة وتتميز بتحقيق التوازن بين العمل والحياة بشكل ممتع، إذ إن توفير الرفاهية والسعادة هي هويتنا وأسلوب حياتنا، وهي كل ما نسعى جاهدين لتقديمه لمجتمعنا، وذكرت أن الجامعة تسعى جاهدة لوضع نماذج مضيئة من أجل جيل جديد من الطلبة أكثر سعادة وازدهاراً.

Email