رعاية محمد بن زايد تزيدها جمالاً وتوهجاً

الإمارات والهند.. وشائج ثقافية مرصعة باللؤلؤ

ت + ت - الحجم الطبيعي

مليونان وستمئة ألف هندي يعيشون اليوم في إمارات التسامح والسلام، وملء قلوبهم آمال وأفكار وثقافة أعطت وأخذت من معين الحياة بيننا، حيث ما فتئوا ينعمون برغد العيش وفرص النجاح، وكل هذا الواقع ليس وليد الصدفة.

فلقد حظيت العلاقات التاريخية بين الإمارات والهند بدَفعة كبيرة، منذ زيارة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 1975. فتلك الزيارة شكّلت حجر الأساس للعلاقات الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، المتنامية بين البلدين اليوم.

وما زالت ذكرى زيارة زايد الخير لجامعة «عليجره» الإسلامية، وأصداء سخائه المتمثل في تمويل إنشاء كلية هندسة البترول في تلك الجامعة، حية في قلوب رجال التعليم، والمثقفين، والعلماء الهنود حتى اليوم.

وحينما يواصل المسيرة ويعززها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة تاريخية يستهلها اليوم إلى الهند وتمتد لثلاثة أيام كضيف شرف ضمن احتفالات الهند بيوم الجمهورية الذي يصادف 26 يناير من كل عام، فإن ذلك يجيء توطيداً لأركان صرح كبير ومشهود ألقى بظلاله نماءً وخيراً على الشعبين الصديقين.

جذور عميقة

العلاقات بين الشعبين تاريخية وراسخة الجذور، تشهد عليها تجارة اللؤلؤ التي نشأت منذ عام 3000 قبل الميلاد، حيث البحارة العرب والهنود يقطعون البحار بسفنهم للتواصل فيما بينهم. ومعلوم أن ميناء رأس الخيمة كان يوماً من بين أشهر الموانئ لتجارة اللؤلؤ والأسماك في المنطقة. وكانت البضائع الهندية تنتقل لليمن عبره، بواسطة قوافل الجمال لتجد طريقها في نهاية المطاف نحو أسواق أوروبا.

كان أمراء الهند أهم مستوردي اللؤلؤ الخليجي، الذي يجلبه إليهم تجار دبي ورأس الخيمة والبحرين إلى الهند، وآخر أولئك التجار المشهورين:

الشاعر الراحل سلطان بن علي العويس، الذي عاش «طواشا» لحروف الشعر المرهفة التي ينظمها عقوداً، بقدر ما ينظم على اعناق الحسان أجود أصناف اللؤلؤ بعد أن يجوب به المحيط الهندي وبحر الخليج العربي، ومن اجتاز وخاض بحور الشعر، حتى غدا رمزاً من رموز التواصل الثقافي والتجاري بين البلدين.

إنجازات «كلمة»

تعززت الروابط الثقافية والأدبية بين الإمارات والهند، بصورة قوية في السنوات الأخيرة بفضل جهود قيادة الدولتين .

وبالإضافة إلى قيام «جائزة الشيخ زايد للكتاب» بعقد ندوات لتسليط الضوء على العلاقات الثقافية الهندية العربية وإجراء مقابلات أدبية بين الشخصيات الأدبية الإماراتية والهندية في نيودلهي وأبوظبي، فإن «هيئة أبوظبي للثقافة والسياحة»، قامت بتوجيه مبادرتها الهادفة لترجمة، وطبع، أعمال الكتاب الهنود البارزين باللغة العربية، من خلال مشروعها «كلمة»، الذي بات يمثل حجر الزاوية في تعزيز، وترسيخ، روابط ثقافية وأدبية قديمة بين البلدين.

حيث ترجم مشروع كلمة حتى الآن، وطبع 30 كتاباً في هذا الإطار، تنوعت بين أعمال أدبية من بينها «كنوز الشعر السنسكريتي»، و«لغات الهند»، و«قصص قصيرة من الهند»، و«التراث الهندي»... وغيرها. وهناك أيضا الملحمة الهندية العظيمة «الراميانا» التي طبعها مشروع "كلمة"، وصدرت ضمن مهرجان «جايبور» الأدبي الهندي الشهير.

الشاعرة جيتا

يؤكد الشاعر الإماراتي شهاب غانم متانة تلك العلاقات الثقافية المعاصرة بين الإمارات والهند مشيراً إلى تجربته الشخصية المتمثلة في ترجمة الشعر الهندي إلى العربية منها كتاب قصائد من كيرلا، وكتاب قصائد من الهند الذي ترجم عن 12 لغة هندية، بالإضافة لترجمته قصائد الشاعر ساتشي دانادان الذي رشح لجائزة نوبل للآداب بجانب كتاب «رنين الثريا» لكمالا ثريا الذي نال جائزة العويس للابداع "الترجمة".

وعن الشاعرة جيتا شهابرا يقول إنها مبدعة تعيش منذ عقود في الإمارات والهند معاً، حيث تقضي باستمرار نصف السنة في دبي والنصف الآخر في بومباي، وبينهما نظمت الكثير من القصائد الشعرية الجميلة ذات الطابع الإنساني والداعي إلى التعايش والسلام.

«البيان» وجهود قدسي

أجرت «البيان» في ديسمبر الماضي حواراً مع الأديب الهندي سيد قدسي تركز حول اواصر الثقافة والوجدان بين الشعبين الإماراتي والهندي، خاصة ولاية كيرالا، وقد جاء في ذلك الحوار على لسان قدسي الذي ترجم ونشر قصصاً لأدباء إماراتيين في السنوات الأخيرة إلى لغة الملايلام الماليبارية..

«كيرلا هي أكثر ولاية هندية تُعنى بالأدب، وتحرز الترجمات صدى كبيرا في أسواق الكتاب الهندية تدريجياً، لقد صارت لدينا ألفة مع الأدب والكتّاب العرب وقد بذلنا جهوداً كبيرة في مساعي الترجمة والنشر من خلال مكتبة بلبل Bulbul التي هي مبادرة محدودة نصف ربحية نشأت في كيرالا، وتعمل بمثابة جسر ذي اتجاهين، لتحفيز ونشر الترجمات للكتب العربية ذات القيمة الرفيعة، والعكس بالعكس.

الهند في القرية العالمية

جناح الهند في القرية العالمية في دبي، هو الأكبر حجماً واتساعاً، حيث يتمركز على مساحة وقدرها 11.500 متر مربع، ويحوي 325 متجراً، مقارنة بأول مشاركة للهند، حيث بدأت بـ 180 متجراً، كما يضم الجناح مميزات أخرى إلى جانب المتاجر.

دار الياسمين

جسور إماراتية أخرى تمدها دار الياسمين للنشر والتوزيع نحو أقاصي الهند منذ خمس سنوات من خلال تنظيم " مهرجان الثقافة العربية وتراث الإمارات والترجمة" بالتعاون مع جامعة كاليكيت في ولاية كيرالا. وتقول الدكتورة مريم الشناصي صاحبة الدار:

نقوم بتزويد أكثر من ألف طالب في الجامعات الهندية يدرسون اللغة العربية وآدابها بالكتب والمطبوعات العربية اثناء حضورهم فعاليات المهرجان، وننظم لهم أنشطة مختلفة حول مجالات الأدب العربي والتراث، وفي هذا الإطار قمنا بتوزيع 9000 كتاب حتى الآن. كما نسعى الى تأسيس مكتبات عربية في الجامعات الهندية وتغذية المكتبات القائمة.

دور أحمد بن ماجد

أحمد بن ماجد بن محمد 1418 ـ 1500م ملاح وجغرافي من رأس الخيمة، برع في فنون الفلك والملاحة والجغرافيا وسماه البرتغاليون أمير البحر، ويلقب معلم بحر الهند، لخبرته الحاذقة في عبور هذا الطريق، ينتسب إلى عائلة عريقة من الملاحين. كتب العديد من المراجع الملاحية، وكان خبيراً ملاحياً في البحر الأحمر وخليج بربرا والمحيط الهندي وبحر الصين.

دليل الهند

يتمتع الباحث الإماراتي أحمد بن ماجد بأشهر اسم في تاريخ الملاحة البحرية لارتباطه بالرحلة الشهيرة حول رأس الرجاء الصالح إلى الهند، إذ قام ابن ماجد بمساعدة المكتشف العالمي فاسكو دي غاما لاكتشاف الطريق الجديد الذي يوصل العالم بالهند.

Email