«التربية» تبادر بالرعاية والتوعية و«صحة دبي» تبشر بمضخة إنسولين ذكية

السكري يرهق 2500 طفل.. وندرة المتخصصين تفاقم المعاناة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ربيعها الخامس وقعت «فاطمة» فجأة في غيبوبة سكري داخل أروقة حضانتها، لم تكن تعرف معنى المرض ولا أبعاده ولا مضاعفاته الخطرة، ولكن كل ما عرفته أنها ستتوقف منذ الآن عن تناول كعكتها المفضلة «بلاك فورست»، ولن تقرب أكلاتها المفضلة كالكنتاكي والهمبرغر وغيرها من الوجبات والحلويات التي تجذب الأطفال كالمغناطيس.

تروي والداتها أم جاسم تفاصيل معاناتها اليومية، فتقول: «طرقنا كل الأبواب، ولجأنا إلى العطارين والمشعوذين من منطلق أن «الغريق يتعلق بقشة».. ذهبنا إلى ألمانيا والهند وبريطانيا بحثاً عن علاج يخلصها من متاعب الحقن اليومية، ولكن الكل أجمع على ضرورة التعايش مع المرض ومراقبة الطفلة عن كثب حتى مرحلة البلوغ».

وتروي أم جاسم قصتها مع حقن الإنسولين، فتقول: «كنت أرتعش من منظر الإبرة (الحقنة)، ولكني وجدت نفسي مضطرة إلى إعطاء فاطمة حقن الإنسولين ثلاث مرات يومياً.. كنت أتمزق ألماً، وأذرف دماً بدلاً من الدموع التي جفت لكثرة البكاء عندما يقترب موعد إعطاء الإنسولين، ولكن فاطمة كانت تشعر بي وتواسيني بكلمات أكبر منها، فقد كانت دائماً تقول: «أين نحن من سيدنا أيوب عليه السلام»، وأتذكر كلام طبيبها الخاص لي في بداية اكتشاف المرض: «إن هذا العصر هو العصر الذهبي لمرضى السكري، لأن العلاج أصبح أكثر سهولة وأكثر تقدماً من ذي قبل، كما أن مراقبة سكري الأطفال أصبحت لا تحتاج إلى الوخز بالإبر، خاصة بعد ظهور الأجهزة الذكية وتفيد جداً الأطفال، لأنها تجنّبهم الوخز اليومي، وأن بإمكان الطفل مراقبة السكري لديه في المدرسة وأثناء اللعب والنوم».

وتضيف والدتها: «فاطمة كانت منذ صغرها طفلة ذكية، وكانت تجلس أمام الإنترنت وتبحث عن كل ما يتعلق بسكري الأطفال، وعندما وصلت إلى تسع سنوات بدأت تعتمد على نفسها بكل شيء، وتخلت عن الممرضة التي رافقتها مدة أربع سنوات إلى المدرسة، وصارت تضع في حقيبتها المدرسية الحلوى والسكر، وكانت قبل حدوث انخفاض السكر تهرع مسرعة إلى تناول العصير المحلى، لا بل إنها كانت تفحص السكر وحدها».

قصة ربما تكون مكررة في كثير من البيوت في الدولة، بل إنها بلا شك تدور تفاصيلها في 2500 بيت حسب إحصائيات المختصين في عدد المرضى الأطفال، إلا أن هذه المعاناة من الأهل والأطفال يقابلها ما يفاقم المعاناة، وهو ندرة الأطباء المختصين في السكري عند الأطفال، لا سيما بين المواطنين.

وزارة التربية والتعليم ضاعفت أنشطتها التوعوية بين الطلبة والمدرسين، وكثفت خططها لتقليل أي أضرار قد تلحق بمرضى السكري داخل أسوار المدارس، بينما أكدت هيئة صحة دبي أن العام المقبل سيكون حافلاً ببشرى خير للأطفال وذويهم، من خلال إدخال مضخة ذكية للإنسولين تتحكم في زيادته أو خفضه حسب نسبته في دم الطفل.

خلل في خلايا معيّنة

الدكتور شادي الطباع، استشاري سكري الأطفال في مركز دبي للسكري التابع لهيئة الصحة، يرجع أسباب الإصابة بالسكري من النوع الأول إلى خلل في خلايا معينة، ينتج عنه ضعف أو انعدام في إنتاج البنكرياس للإنسولين الضروري لنقل السكر من الدم إلى الخلايا، ونتيجة لهذا الخلل يرتفع معدل السكر في الدم، ويحتاج المصاب إلى حقن الإنسولين طوال حياته.

وأوضح أن النسبة العالمية للإصابة بسكري الأطفال هي 1 من كل 1000 طفل، وبحسب التقديرات هناك ما بين 2000 و2500 طفل مصاب بالسكري على مستوى الدولة، مضيفاً أن أسباب إصابة الأطفال بهذا النوع من السكري تثير حيرة العلماء الذين يحاولون البحث عن السبب الذي يؤدي إلى منع إفراز الإنسولين في جسم الطفل، وبرغم عدم إمكانية الحديث عن أسباب حاسمة لهذا الأمر حتى الآن، فإن البعض يرجّح وجود عوامل جينية وراء الإصابة بالنوع الأول من السكري.

وقال: «طبعاً لا يوجد علاج ناجع للمرض حتى الآن، ولكن هناك بعض التجارب العالمية المتمثلة في زراعة الخلايا الجذعية، ولكنها ما زالت قيد التجارب والأبحاث ولم تثبت علمياً، وبالتالي ننصح المرضى بعدم الاندفاع وراء الإعلانات المضللة التي تروّج لها بعض المراكز العلاجية عربياً وعالمياً».

وأضاف: «المستقبل القريب سيحمل أخباراً سارة للأطفال، حيث سيتم اعتباراً من العام المقبل عمل مضخة جديدة للإنسولين، تتعامل مع ارتفاع نسبة الإنسولين بالدم وانخفاضها بعكس المضخات الحالية، لافتاً إلى أن المضخة سيتم توفيرها في صحة دبي العام المقبل.

مرض صديق

من جهته، قال الدكتور عبد الرزاق المدني، استشاري السكري والغدد الصم، رئيس جمعية السكري الإماراتية: «لا شك في أن السكري عند الأطفال معاناة للأبناء، والآباء والأمهات أيضاً، ولكنه في النهاية مرض مثله مثل كل الأمراض، يحتاج إلى التشخيص المبكر والدقيق والعلاج الصحيح والمتابعة المستمرة». ويضيف: «الاختلاف الوحيد بينه وبين غالبية الأمراض أنه يلازم المصاب به طوال العمر، وهنا لا مناص من صداقته والتعامل معه باهتمام وعناية ومودة».

وقال: «السكري عند الأطفال ظاهرة منتشرة في معظم دول العالم، وعلى وجه الخصوص في دول الخليج، برغم غياب الإحصائيات الدقيقة عن نسبة انتشاره، وهناك حقيقة أسباب عديدة ومتنوعة للمرض، منها ما هو وراثي ينتقل من الأب أو الأم والعائلة عامة، وهذا قليل في النوع الأول (سكري الأطفال)، ومنها ما هو متعلق بالمناعة وهجوم فيروسي غير مفسّر حتى الآن، وهذا هو الأكثر شهرة.

ندرة المختصين

بدورها، قالت الدكتورة إلهام الأميري، استشارية سكري الأطفال في مستشفى القاسمي، وهي الوحيدة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع المتخصصة في سكري الأطفال، إن عدد الأطباء المتخصصين في سكري الأطفال في الدولة قد لا يتجاوز عدد أصابع اليد، موضحةً أن الفارق بين طبيب سكري الأطفال والطبيب العادي يكمن في طريق التعامل، فالطفل الواحد يحتاج من الطبيب إلى ما بين ساعة وساعتين لتوعية الأهل بكيفية التعامل مع الطفل المصاب بالسكري، وتوعية الممرضة إن وجدت مع الطفل، وكذلك الخادمة.

برامج تربوية

إلى ذلك، أطلقت وزارة التربية والتعليم «برامج مكافحة السكري» عند الطلبة وأولياء الأمور والهيئة الإدارية والتدريبية بالمدارس، بالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع، إضافة إلى نشر الوعي الصحي بأهمية ممارسة الأنشطة البدنية، من خلال إطلاق العديد من الأنشطة البدنية الموجهة إلى الطلبة، مثل المنافسات الرياضية المدرسية والبطولات المحلية والخارجية، في حين تلزم هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي أولياء الأمور بتزويد المدارس بكل المعلومات والتقارير الخاصة بأبنائهم والإفصاح عن أي معلومات طبية بشأن الطالب.

وأكدت الدكتورة آمنة الضحاك الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع الرعاية والأنشطة في وزارة التربية والتعليم، اهتمام الوزارة بصحة الطلاب ووضعها على رأس سلم أولوياتها، انطلاقاً من قناعتها بأن الإنجاز الدراسي للطالب وتفوقه الذي يحقق استراتيجية وزارة التربية والتعليم مرتبطان بالضرورة بالصحة البدنية للطالب وخلوه من الأمراض.

شراكات

وأشارت الشامسي إلى أن الوزارة في إطار سعيها لتحقيق هذه الغاية تعمل على محورين أساسيين، يتمثل الأول في إنجاز شراكات مع الجهات المعنية بالصحة في الدولة لتنفيذ برامج صحية لمصلحة الطلاب، لافتةً إلى أن المحور الثاني يتمثل في إعداد وتنفيذ الإدارة المعنية في الوزارة برامج متنوعة تحقق الهدف المتمثل في سلامة الطلاب من الأمراض، وذلك عبر تنظيم فعاليات وأنشطة صحية عامة تركز على الاحتياجات الجسدية والعقلية والانفعالية والاجتماعية للطلاب.

وأوضحت أن هناك تعاوناً مع الشركاء والجهات الصحية المعنية في الدولة في تقييم أهم الأمراض المنتشرة عند طلبة المدارس من السمنة والنحافة وفقر الدم وحالات الربو والسكري وغيرها، لتطبيق مبادرات وحملات توعية للحد من انتشار الأمراض والمشكلات الصحية بين الطلبة.

وفي السياق ذاته، أكدت عائشة الصيري، مديرة إدارة الصحة بوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة تهدف إلى بناء سلوكيات صحية لدى الطلاب تنبع من المدرسة من خلال نشر الوعي بينهم، وأنه سيتم ذلك من خلال عمل البرامج المختلفة وورش العمل والندوات والملصقات، كما ستكون هناك لقاءات مع الطلبة، خصوصاً داخل المدارس التي تعاني انتشار مشكلات السمنة والنحافة والسكري فيها.

احترازات مدرسية

من جانبها، اتخذت بعض المدارس إجراءات احترازية لإنقاذ حياة الطلبة المصابين بالسكري، منها تزويد المقاصف المدرسية بصور لهؤلاء الطلبة، وتوفير أطعمة مناسبة لهم، ومراجعة شبه يومية من ممرض المدرسة، ومحاضرات تثقيفية للكادر الإداري والتدريسي والطلبة للتعامل مع أقرانهم الذين يعانون أي مرض، فضلاً عن دورات إسعافات أولية للتعامل مع أي حالة طارئة في المدرسة.

وأكدت أمينة إبراهيم، مديرة مدرسة ثانوية دبي، أن المدرسة تتابع عن قرب أي حالة تعاني مرضاً، خاصة مرض السكري، وتحرص على متابعة ما يُقدّم في المقصف المدرسي، وتنظم دورات تثقيفية للطلبة وورش إسعافات أولية، حتى تسهل على الطلبة كيفية التعامل مع أي حالة مرضية.

 

«المعرفة» تُلزم أولياء أمور الطلبة بتقديم تقارير طبية

شددت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي على أهمية تزويد أولياء الأمور بكافة المعلومات الخاصة بأبنائهم، كما ألزمت أولياء الأمور بتزويد مدارسها بتقارير طبية أو نفسية عند الحاجة وذلك وفقاً لعقد بين المدرسة وولي الأمر، والذي يتضمن حقوق ومسؤوليات كل من المدرسة وولي الأمر في مختلف جوانب الحياة التعليمية لأبنائهم، فإنه من مسؤوليات ولي الأمر تزويد المدرسة بنسخ عن جميع التقييمات أو التقارير الطبية أو النفسية أو التعليمية الخاصة المتعلقة بالطالب قبل التحاقه بالمدرسة، وتعد هذه المستندات شرطاً أساسياً في تمكين المدرسة من تقديم أفضل خدمات تعليمية لهؤلاء الطلبة.

ويجدر التأكيد أن عدم الكشف عن هذه المعلومات أو حجبها بشكل متعمد قد يؤدي إلى عدم تمكن هؤلاء الطلبة من تحقيق التقدم المتوقع في المدرسة.

ويؤكد العقد أنه على ولي الأمر تقديم إشعار خطي لمدير المدرسة يوضح فيه أنهم يدركون أو يشكون في أن أبناءهم، أو أياً من أقرباء الطالب من الدرجة الأولى، يعانون من صعوبات في التعلم، كما ينبغي على أولياء الأمور تزويد المدرسة بنسخ عن جميع التقارير الخطية وجميع المعلومات ذات الصلة. وفي حال شكّت المدرسة في أن أولياء الأمور قد أخفوا عمداً هذه المعلومات المهمة عنها، سيتم الطلب من أولياء الأمور سحب أبنائهم من المدرسة، من خلال قرار يتخذه مدير المدرسة ومعلم الطالب وبعد التشاور مع أولياء الأمور والطالب.

وفي ما يخص جوانب الصحة والسلامة، تؤكد هيئة المعرفة والتنمية البشرية من خلال عقد المدرسة وولي الأمر أن توفير بيئة تعلم آمنة وصحية للطلبة هو مسؤولية المدرسة وأولياء الأمور، وبناء عليه يقع على عاتق المدرسة إعداد وتنفيذ جميع السياسات والإجراءات اللازمة، في حين يتوقع من أولياء الأمور الالتزام بتطبيق سياسات المدرسة والتأكد من التزام أبنائهم بتطبيقها.

وتتضمن مسؤوليات المدرسة توفير رعاية طبية ملائمة للطلبة وفق القوانين المتبعة، وتوفير الظروف التي تتيح تقديم الرعاية والاهتمام اللازمين للطلبة، والتعامل بسرية مع القضايا الطبية المتعلقة بهم، وتشجيع الطلبة على اتباع أساليب الحياة الصحية، بما في ذلك تناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية.

 

«أطفال حلوين» تجمع 300 مشارك سنوياً

عام 2003، شكلت الدكتورة خولة بالهول، مديرة مركز الثلاسيميا في مستشفى لطيفة، ووفاء عايش، مديرة التغدية السريرية في صحة دبي، مع عدد من المتطوعين من الأطباء والمتخصصين في مجال التغذية، وكذلك الأهالي، رابطة «أطفال حلوين» التي تضم الأطفال المصابين بالسكري وأهاليهم، وتضم حالياً 300 طفل يلتقون سنوياً في مؤتمر طبي، يناقش آخر ما توصلت إليه الأبحاث العلمية والشركات العالمية المصنعة للأجهزة الطبية، إضافة إلى إطلاع الأهل على آخر المستجدات المتعلقة بسكري الأطفال.

وتدعم «أطفال حلوين» هؤلاء الأطفال على مستويين: الأول يتمثل في تقديم الدعم المعنوي للأطفال وأهالي الأطفال الحديثي التشخيص وفي بداية المرض حتى يتمكنوا من مواجهة المرض والتعايش معه، كما يتم تقديم التوعية والتثقيف والتوجيه من الناحية العلمية أو من ناحية التغذية بعد ذلك، والمستوى الثاني يتمثل في تجمع الأطفال المصابين بالسكري في ملتقيات تجمع بين المرح والتثقيف.

سو جونستون: نراقب 3 طلبة في مدرستنا

أفادت سو جونستون، مديرة مدرسة السلام، بأن المدرسة تُلزم أولياء الأمور بتعبئة نموذج طبي من هيئة الصحة ضمن إجراءات التسجيل، وفي حال وجود أمراض يتم تزويد المدرسة بالتقارير الطبية اللازمة، وذلك بقصد تسهيل عملية التواصل والتتعامل مع الحالة أو المرض.

وأوضحت مديرة مدرسة السلام أن لديها 3 حالات مصابة بالسكري في المدرسة، اثنان منها لديهما شخص مدرب يراقب حالتهما الصحية بشكل دائم، إذ يحدّد ولي الأمر شخصاً يتابع حالة الطفل وذلك بالتعاون مع إدارة المدرسة، و لا سيما في حالة الأعمار الصغيرة من مرحلة الروضة الأولى حتى الصف الرابع.

وأكدت سو جونستون أنه يتم التنسيق مع أولياء الأمور لعمل نظام غذائي متكامل ومن ثم تزويد المقصف المدرسي به، إضافة إلى تعريف المعنيين بصور الطلبة وحالتهم الصحية، والتشديد في نوعية الأكل الموصى به، وذلك تجنباً لوقوع حالات إغماء أو ارتفاع في نسبة السكري.

 

أجهزة ذكية للفحص والمراقبة

قال عبد الله جمعة مدير مركز دبي للسكري إن المركز الذي يعد الأول من نوعه على مستوى المنطقة يضم قسماً متكاملاً لعلاج مرض السكري لدى الأطفال، ويقدم رعاية طبية وغذائية وتثقيفية للأطفال المصابين بمرض السكري، كما يوفر علاجاً متطوراً للصغار المصابين بالسكري، وأجهزة طبية حديثة، لافتاً إلى أن هناك 50 طفلاً من المسجلين في المركز يعيشون على مضخة الأنسولين و30 طفلاً على جهاز غري لايف ليبرا لفحص السكر.

وأضاف: يحتاج الطفل المصاب بالسكري لعناية خاصة من حيث نوعية الطعام، إذ يجب على الأم والأب معرفة كمية الأنسولين التي يحتاجها الجسم يومياً وتحديد أنواع الطعام المناسبة لذلك علاوة على العلاج بحقن الأنسولين التي تلازم الطفل المصاب بالنوع الأول من السكري طوال حياته، وهذا ما نقوم به داخل المركز.

وقال إن هيئة الصحة ما زالت تعد المؤسسة الصحية الحكومية عالمياً التي قامت بإدخال الأجهزة الذكية لفحص ومراقبة السكري، في المركز ويتم صرفه للأطفال وفق شروط محددة من قبل الطبيب.

 

«الايروبك» وقاية وعلاج

أفاد الدكتور أسامة كامل اللالا، اختصاصي الجهد البدني والصحة بأن معظم الدراسات الحديثة أثبتت أن زيادة نسبة المصابين بداء السكري من النوع الثاني يعود إلى الخمول وقلة الحركة، كما أشارت إلى أهمية الدور الوقائي للنشاط البدني من الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وفي تأجيل حدوثه لاسيما بين الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لظهور المرض، فمن المتفق عليه في كافة الأوساط الطبية والرياضية بأن اكتساب اللياقة البدنية الهوائية «الايروبك» والتي تؤدي إلى تنمية اللياقة القلبية التنفسية تعد من أفضل السبل للوقاية وعلاج السكري من النوع الثاني وكذلك أمراض القلب وتصلب الشرايين والسمنة.

ولكن يجب أن يتخذ بعض الإجراءات قبل البدء بممارسة الأنشطة البدنية، منها إجراء الفحص الطبي الشامل، من حيث التأكد من سلامة القلب والأوعية الدموية، وقياس ضغط الدم ومستوى الكولسترول والدهنيات الثلاثية في الدم، وإجراء اختبار الجهد البدني مع تخطيط القلب، وفحص مستويات السكر بالدم مرتين قبل 30 دقيقة من بدء النشاط ثم قبل النشاط مباشرة ففي حالة كان مستوى السكر لديه أقل من 100 ملجم / ديسلتر عليك بتناول وجبة خفيفة تحتوي على كربوهيدرات سهلة الهضم وسريعة الامتصاص مثل «موز، تفاح، برتقال، عصير، قطعة حلوى» وفي حالة بلغ مستوى السكر بالدم لديك أكثر من 250 ملجم / ديسلتر يجب فحص الاستون في بول الدم. ويتجنب ممارسة النشاط إذا كان مستوى السكر لديه أعلى من 300 ملجم / ديسلتر سواء كنت مصابا بداء السكر من النوع الأول أو الثاني.

 

الأنشطة المدرسية تضبط السكر

أكد معتز غباشي، المرشد الأكاديمي المهني في مدرسة عمر بن الخطاب النموذجية، أن انخراط الطالب المريض بالسكري في الأنشطة الاجتماعية المختلفة يعزز التفوق الدراسي، ويساعده بصورة مباشرة على ضبط معدلات السكر في الدم من ناحية، ومن ناحية أخرى يجعله يشعر بأنه متميز عن غيره من سائر الأطفال، وبالتالي فإن هذا التفوق يجعله لا يشعر بما يعانيه من النقص الصحي، وكلما ازداد التفوق الاجتماعي والدراسي أصبحت نظرة الطفل إلى مرضه شيئاً بسيطاً.

وقال: «إن دور المدرسة والأهل يكمن في تعزيز تفوق الطالب وتحفيزه أمام أقرانه ليشعر بالفخر لا بالنقص، فضلاً عن أن دورهما تكاملي في الرعاية والاهتمام، وفتح قناة اتصال دائمة فيما بينهما تستهدف كل ما يتعلق بالطالب المريض والأدوية التي يستخدمها مع تعريف بنوع المرض ومرحلته».

ولفت إلى أن دور المدرسة يكمن في توفير الأدوية التي تستخدم في علاج الحالات الطارئة للمريض بالعيادة المدرسية، ووضع برنامج تدريبي للإسعافات الأولية لمرضى السكري، يستهدف المعلمين والإدارة المدرسية لتحقيق أفضل رعاية لهم، فضلاً عن توفير بعض الأطعمة المحببة للطفل والخالية من السكر، وبيعها في المقصف المدرسي أو تقديمها كوجبات يومية للطالب للاهتمام بالجانب الغذائي له.

وقال إن الطفل المصاب بالسكري إنسان طبيعي له احتياجاته الجسمانية والنفسية والعاطفية كأي طفل آخر، لذلك لا تكون معالجة الطفل عن طريق حرمانه مما يحب، وإنما يجب التعايش مع المرض كأي أمر طبيعي آخر، مع ضرورة وضع برنامج محدد مساعد للطفل على تجاوز مرضه.

9

أطلقت هيئة الصحة في دبي «وثيقة حقوق» للأطفال المصابين بداء السكري في المدارس تضم 9 حقوق رئيسية، أولها يؤكد ضرورة أن يتم التعامل مع الطفل المصاب معاملة طبيعية وبدون تفرقة عند التسجيل في المدرسة أو خلال المرحلة التعليمية، بينما الثاني يشير إلى ضرورة السماح لـ«طفل السكري» بفحص السكري كلما احتاج إلى ذلك. وتشير الوثيقة إلى ضرورة عدم ترك «طفل السكري» بدون ملاحظة في حالة شعوره بالإعياء، وأن يتم منحه العناية اللازمة إذا شعر بالمرض أو الإعياء، ومنحة الحرية الكاملة في شرب المياه والذهاب إلى الحمام عند الحاجة.

وتطرق الحق الثامن، إلى مراعاة وضع الطفل المصاب، حيث يحتاج إلى زيادة عدد أيام الغياب المسموح بها عن المدرسة للمراجعة في المستشفى، أما الحق الأخير، فيتمثل في حرية المشاركة في الأنشطة الرياضية وغيرها من الأنشطة.

مشاريع

أطلقت وزارة التربية والتعليم خلال الأعوام الماضية وبالتعاون مع الجهات المعنية الاتحادية والمحلية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» مشروع التثقيف الصحي للمدارس، لتوعية الطلاب بأهمية اتباع أسلوب حياة صحي.

كما أطلقت مشروع «السجل الصحي الإلكتروني للطالب» وشمل المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، والذي يهدف إلى رصد السمنة واللياقة البدنية للطالب الحالة الصحية للطالب منذ دخوله المدرسة وحتى نهاية الثانوية.

200

أشارت معظم الدراسات الحديثة إلى أن ممارسة الأنشطة البدنية الهوائية المعتدلة الشدة بشكل منظم بما يعادل (120 – 200) دقيقة أسبوعياً تؤدي إلى خفض نسبة الإصابة بداء السكري بدرجة ملحوظة.

وتفصيلاً، أوضحت الدراسات أن العضلات تحتاج إلى الطاقة لأداء الأنشطة البدنية، وتستخدم لذلك السكر الموجود بالدم (جلوكوز الدم) والسكر المخزون بالكبد على هيئة جليكوجين، ولكي تتمكن العضلات من استخدام السكر لإنتاج الطاقة لا بد من توافر الأنسولين، فهو الوحيد القادر على إيصال السكر إلى داخل الخلية، كما أن تأثير النشاط البدني في منع أو تأخير الإصابة بالسكري من النوع الثاني يعد أكثر فعالية.

بلا قيود

أكدت وفاء عايش مدير إدارة التغذية السريرية في هيئة الصحة بدبي أن مريض السكري يجب أن يتناول كل شيء ومن دون قيود، شريطة أن يكون متوازياً مع الأدوية، وقالت إن هناك برنامجاً غذائياً متكاملاً لمريض السكري، سواء كان طفلاً أم بالغاً يتم فيه مراعاة عدد السعرات والكربوهيدرات في كل صنف من أصناف الأطعمة، وعدد وحدات الأنسولين التي يحتاجها الجسم، وكل 15 وحدة كربوهيدرات تحتاج إلى وحدة أنسولين، وبالتالي يحسب المريض عدد السعرات ويأخذ مقابلها أنسولين.
 

Email