يتطلع إلى المستقبل من زاوية الأدب والرياضة

لؤي علاي.. بُعد نظر بالبصيرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تثبت لنا التجارب في كل يوم أن العمى عمى البصيرة وفقدان الإرادة، فالمبصر من اتبع إرادة قلبه واستطاع أن يفوز في تحدي الحياة، ومن تلك التجارب الناجحة قصة المواطن لؤي سعيد علاي رئيس وحدة الإعلام في هيئة كهرباء ومياه الشارقة فرع خورفكان، من مواليد 1978، والحاصل على شهادة البكالوريوس في الآداب، وهو كاتب إماراتي يطرح أفكاره في مقالات أسبوعية.

علاي فقد بصره في سن مبكرة من حياته وبالتحديد في عمر المراهقة بعد إنجازه التعليم الثانوي؛ بسبب ضعف بصري حاد كان يعاني منه منذ طفولته، واكتسب قوة الشخصية وحسن الخلق من أبويه اللذين منحاه كل الثقة والمسؤولية في تحمل الذات، وكان لهما بصمة مميزة في حياته، وفي خدمة الوطن فوالده عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي ووالدته تربوية بدرجة موجه سابقاً.

لم يعجز علاي فقده للبصر عن رؤية جمال الحياة أو استكمال المسير، بل كان يردد دائماً أن انطلاقته بدأت بعد فقده البصر، فبعد أن صعب عليه استكمال تعليمه الجامعي في دولة الإمارات آنذاك قرر الانتساب لجامعة بيروت العالمية في كلية الآداب وذلك في عام 1996، وتخرج فيها ليكمل مسيرة عمله في هيئة كهرباء ومياه الشارقة التي قضى فيها 20 عاماً، ويشغل حالياً منصب رئيس وحدة الإعلام بها، بعد أن كانت بدايته معهم بوظيفة كاتب في قسم قطع التيار.

إنجازات

يمتلك علاي عدة عضويات ومشاركات تطوعية مجتمعية، فهو عضو مجلس إدارة في نادي خورفكان للمعاقين ورئيس اللجنة الرياضية، وعضو في اتحاد رياضة الإمارات للمعاقين سابقاً، ونائب رئيس لجنة المنتخبات ورياضة المعاقين في الدولة سابقاً ورئيس اللجنة الرياضية في جمعية الإمارات لرعاية المكفوفين وعضو مجلس إدارة.

ويقول علاي: «منحني الله إعاقة بصرية زرعت في داخلي حب التحدي والاطلاع وتلمس تفاصيل الحياة من خلال تجاربي العملية والمجتمعية، حيث شاركت ممثلاً للإمارات في عدة مؤتمرات وملتقيات داخلية وخارجية، ومترئساً عدة وفود، وحصلت على عدد من التكريمات، كما كنت ممثلاً بالمشاركة في أولمبياد لندن 2012، ولي عدة أعمال تطوعية في العمل الوطني بمختلف المجالات».

كرة الجرس

وذكر علاي أن له بصمة في تأسيس أول منتخب لكرة الهدف أو ما تعرف بكرة «الجرس»، حيث مثل الإمارات في بطولات خليجية وعربية.

وأكد أن تشكيل المنتخب وإدارته بالكامل كان عملا تطوعياً من فئة المكفوفين للوطن، حيث حقق نجاحات كبيرة تمثلت في ميداليات ذهبية وبرونزية باسم الإمارات.

رحلة القلم

بدأت رحلة علاي التي يبصرها بروحه الطيبة وتلامس محدثيه والقريبين منه، بالإنجازات الرياضية، واستكملها منذ 5 سنوات برحلة قلم جعلت لاسمه بصمة بارزة في سجل كتاب المقال الإماراتيين، يعبر من خلالها عن هموم المكفوف شخصياً والمعاق بشكل العام، ومن ثم خرج بريشة قلمه إلى فضاء واسع في التعبير والكتابة ليتقن نقل رسائل المواطنين بأسلوب راقٍ، يفي بإيصال المضمون للمجتمع، حيث ذاع صيته بعد عدد من المقالات الخاصة التي ينشرها باستمرار في وسائل إعلام متنوعة.

يوضح علاي بأنه يخوض حالياً تدريباً لتعلم الكتابة بلغة «بريل» الخاصة بالمكفوفين؛ لحالات الطوارئ فقط، حيث لم تجعل له الأجهزة اللوحية والبرامج الإلكترونية الذكية من حاجة، ففي التقنية الحديثة ما يغني عن «بريل»، مشيراً إلى أن برامج التقنية الحديثة المخصصة لمساعدة فاقدي البصر ساهمت في تواصله المباشر مع المجتمع، فلديه حسابات خاصه في «تويتر» و«فيس بوك» و«انستغرام» ينشر من خلالها ما يجول في فكرة ويطرح رسائله.

ويؤكد علاي أن رحلة إنجاز مشروع كتابه الأول قد اقتربت، وصدوره خلال اشهر قليلة قادمة تحت عنوان «مبصرون ولكن» يسرد فيه تجربة حياته مع ضعف البصر، ويشرح مكامن القوة التي يحتاجها الكفيف لاستكمال مسيرته بنجاح. ويعتبر علاي تطوير الذات أهم أولوياته في الحياة؛ حيث يجد انعكاس ذلك في سعادته، لافتاً إلى انه من أشد الناس حباً لقراءة كتب الأدب والقصص بطريقة الاستماع، إذ لا يغفل عن القراءة في أسوء الأحوال.

أسرة

نجح علاي في تكوين عائلة بعد خوض تجربتي زواج، فهو الآن أب لـ7 من الأبناء، وله زوجه تربوية يصفها بالمميزة، فحياتهما معاً أضحت تجربة تشاركية فريدة من نوعها، بعد أن قدم لها بفضل خبرته الكثير في فن التعامل مع فئة الطلبة المعاقين المشمولين ببرامج الدمج بالمدارس، ولا ينسى البوح بسر نجاح الشخص وهو الأسرة المستقرة.

لعلاي رأي خاص في وضع المعاقين بالمجتمع، فهو يرفض مجاملة المعاق على حساب استفادته، فيقول: «نحتاج لإعادة النظر في وضع المعاقين ووضعهم بمسار واضح ومتساوٍ، لذلك أتمنى إنشاء هيئة لشؤون المعاقين تنظم كل ذلك وتوفر الكثير من الوقت والمال على الجهات الصحية والتعليمية التي تقدم له خدماتها، لتسهم تلك الهيئة في التعاون مع أسرة المعاق منذ ولادته مشروعاً ناجحاً وفرداً قادراً على العطاء وإن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة».

خاض لؤي علاي تجربة انتخابية في المجلس الوطني الاتحادي، ولم يحالفه بها الحظ، لكنه أبدى عدم يأسه من الحصول على مقعد يمثل فيه صوت الكفيف بالمجتمع.

وأوضح أنه خاض التجربة مرتين متتاليتين وكانت في الأخيرة ناجحة لولا ظروف وفاة جده في ذات يوم التصويت، «ورغم ذلك فقد بلغت نسبة الأصوات التي حصل عليها المرتبة الثانية على إمارة الشارقة، وهو ما يعزز بداخلي عزيمة الاستمرار بغاية تحقيق هدف حصول فئة المعاقين على مقعد خاص بهم في المجلس الوطني الاتحادي ليناقشوا احتياجاتهم بأنفسهم دونما وسيط».

Email