فعاليات وأنشطة مبتكرة للتوعية تتواصل على مدى 6 أشهر

الكشف المبكر لسرطان الثدي.. أمل محفوف بالتحديات

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالتزامن مع أشهر التوعية العالمية للوقاية من أمراض السرطان، تستمر فعاليات حملة الكشف المبكر بالدولة على مدى 6 أشهر من كل عام، عبر فعاليات تشخيصية وعلاجية وتوعوية، تنفذها وزارة الصحة ووقاية المجتمع إلى جانب الهيئات والمؤسسات المحلية والجمعيات الخيرية على مستوى مناطق الدولة.

وذلك من بداية شهر أكتوبر حتى مارس، حيث يخصص شهر أكتوبر للتوعية بسرطان الثدي، ونوفمبر للتوعية بسرطان الرئة، بينما يخصص يناير للتوعية بسرطان عنق الرحم، ومارس لسرطان القولون.

جهود مثمرة

وبذلت الدولة، خلال السنوات الخمس الماضية، جهوداً مكثفة في مجال مكافحة مرض السرطان، حيث أتاحت، بالتعاون مع المؤسسات الصحية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص والجمعيات الخيرية، فحوص الكشف المبكر للسرطان، لتشمل مناطق الدولة كافة.

إضافة إلى إتاحة التشخيص والعلاج لجميع المصابين، وتكثيف عمليات التوعية والتثقيف لأفراد المجتمع كافة، إلى جانب توفير التطعيمات الخاصة بسرطان عنق الرحم الذي يعطى مجاناً لكل الطالبات في المرحلة الدراسية الحادية عشرة للفئة العمرية من 15 إلى 17 سنة.

كما استحدثت الدولة العيادات المتنقلة التي تجوب البلاد، لتقديم خدمات الفحص المبكر والتشخيص التي استطاعت اكتشاف العديد من الحالات الإيجابية، خاصة سرطان الثدي بين النساء، ومن ثم تقديم العلاج اللازم للحالات المكتشفة.

وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل لمكافحة هذا المرض، فإن المرض لا يزال يمثِّل مشكلة صحية عامة تودي بحياة الكثيرين، حيث تشير التوقعات إلى استمرار زيادة معدلات الإصابة والوفاة بمرض السرطان في الدولة ـ إذا لم يتم اتخاذ إجراءات للحد من تلك الزيادات ـ فمن المتوقع أن يصاب بالمرض ما يزيد على 3200 شخص ووفاة 1700 آخرين خلال عام 2020.

وأن يرتفع هذا الرقم في عام 2030 إلى إصابة أكثر من 5900 شخص ووفاة 3365 آخرين.

تحديات في الأفق

ومن المتوقع عالمياً أن تشهد حالة السرطان الجديدة بحلول عام 2030 ارتفاعاً ملحوظاً، يقدر بما بين 11.3 مليون حالة في عام 2007 و15.5 مليون حالة سنوياً، فيما توقعت النسخة الأحدث من قاعدة بيانات »جلوبوكان«، التابعة للوكالة الدولية لبحوث السرطان، أيضاً أن تشهد أعداد حالات الإصابة الجديدة بأمراض السرطان زيادة كبيرة سنوياً، لتصل إلى ما يقارب 19.3 مليون حالة بحلول عام 2025.

وذلك نتيجة لتزايد أعداد السكان وارتفاع معدلات الشيخوخة في العالم.

ويشير الأطباء إلى ما يزيد على 200 نوع من أنواع السرطان التي تصيب مناطق مختلفة من الجسم، تشمل الدماغ والأنف والفم والحنجرة والغدة الدرقية والجلد والرئتين والثديين والكبد والأمعاء والقولون والكلى والبروستات والخصيتين والمبيضين، كما تستهدف بعض أنواع السرطان الأخرى خلايا الدم والأعصاب والعظام.

نشاطات للتوعية

وبمناسبة شهر التوعية بمرض سرطان الثدي في أكتوبر الجاري، يشتمل هذا الشهر على إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة الصحية والتوعوية والتدريبية وإجراءات الفحوص المجانية، للكشف المبكِّر عن سرطان الثدي على مستوى الدولة، إذ يجمع الأطباء على أن الفحص المبكر لسرطان الثدي يعد حجر الزاوية لكشف المرض وعلاجه والشفاء منه.

ويؤكد الأطباء أن سرطان الثدي يعد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء في العالم، إذ يصيب امرأة واحدة من بين كل ثماني نساء، وتزداد نسبة الإصابة به كلما تقدمت المرأة في العمر، علماً بأنه لا يوجد سبب محدد للإصابة بسرطان الثدي حتى الآن، غير أن اكتشافه مبكراً من خلال الفحوص الدورية للثدي، وعلاجه في مراحله المبكرة، يعتبران الحل الوحيد للشفاء منه، وتشتمل فحوص الكشف المبكر على التصوير الإشعاعي الماموغرام والفحص السريري والذاتي.

وينصح الدكتور عرفان الحق، استشاري الأورام الطبية في مستشفى برجيل في أبوظبي، أنه يجب على السيدات دون سن الأربعين إجراء فحص طبي للثدي مرة كل 3 سنوات.

إضافة إلى الانتظام بالفحص الذاتي للثدي مرة كل شهر للسيدات من عمر 20 فما فوق، أما السيدات في سن الأربعين فما فوق، فمن الضروري خضوعهن لفحص طبي للثدي مرة كل عام، وكذلك إجراء فحص الماموغرام مرة كل سنتين، مع ضرورة مراجعة الطبيب في حال ملاحظة أي تغييرات في الثدي.

حملات مكثفة

وفي أبوظبي، انطلقت مجموعة من الحملات التثقيفية والتشخيصية في القطاعين العام والخاص منذ مطلع شهر أكتوبر الجاري عن الكشف المبكر لسرطان الثدي.

حيث نظمت الخدمات العلاجية الخارجية، إحدى منشآت شركة أبوظبي للخدمات الصحية »صحة«، حملتها السنوية، عبر توفير فحوص الكشف المبكر عن سرطان الثدي خلال شهر أكتوبر، مستهدفةً السيدات اللواتي يبلغن من العمر 40 سنة فما فوق اللاتي لم يجرين الفحص خلال السنتين الماضيين، وتشمل فحوص الكشف الفحص السريري من قِبل الطبيبة والفحص الإشعاعي للثدي.

وقالت الدكتورة مريم المزروعي، المديرة التنفيذية للخدمات العلاجية الخارجية، إن الحملة خلال عام 2015 أجرت الفحص الإشعاعي للثدي مجاناً لما يقارب 450 سيدة، مشيرةً إلى أن الخدمات العلاجية الخارجية تولي أهمية كبيرة للحملات التوعوية، وذلك لإيماننا بأن الوقاية خير من العلاج، كما تؤدي عياداتنا دوراً محورياً في توعية المجتمع، لكونها نقطة الدخول الأولى إلى نظام الرعاية الصحية للعديد من المرضى.

وأضافت أن الخدمات العلاجية الخارجية نجحت في زيادة نسبة السيدات اللاتي يخضعن لفحوص الكشف عن سرطان الثدي، لتصل إلى 54.8% من حملة بطاقة »ثقة« ما بين عمر 40-69 عاماً، بينما وصلت النسبة نفسها لحملة بطاقات التأمين الأخرى إلى 21.7%.

وذلك نتيجة عدم تغطية شركات التأمين هذه الفحوص، فيما كانت النسبة الإجمالية لا تتجاوز 29.20% منذ عامين، وهو الأمر الذي يشير إلى مدى الحاجة إلى زيادة الوعي، وتوسيع شبكة التغطية، والمتابعة المستمرة من قِبل الكادر الطبي مع المرضى.

الفحص المجاني

وتم تخصيص مركزي بني ياس ومدينة خليفة في أبوظبي ومركز المويجعي في العين لإجراء الفحص الإشعاعي للثدي مجاناً، وعلى الراغبات في الاستفادة من الفحوص المجانية حجز موعد في أقرب مركز صحي تابع لشركة صحة في أبوظبي والعين، عن طريق مركز اتصال شركة صحة 80050، ومن ثم مراجعة طبيبة الأسرة التي ستقوم بالكشف، ومن ثم تحويلها إلى أقرب مركز لإجراء الفحص الإشعاعي للثدي.

فيما استضافت حلبة مرسى ياس، يوم الأحد الماضي 9 أكتوبر، مبادرة »حلبة ضمن الحلبة«، الهادفة إلى نشر الوعي بمرض سرطان الثدي والتعريف بمخاطره، فيما حقق برنامج الكشف المبكر لسرطان الثدي، الذي أطلقته هيئة الصحة في أبوظبي منذ 5 سنوات تحت شعار »الصحة أمان والفحص اطمئنان«، نجاحاً كبيراً من حيث شمولية البرنامج واتساع رقعته، ليشمل جميع السيدات المستهدفات في الإمارة.

انخفاض ملموس

أكدت هيئة الصحة أبوظبي ارتفاع عدد فحوص الماموغرام لفحص سرطان الثدي لعام 2014 إلى ما يقرب من 17 ألف فحص للسيدات، مقارنةً بـ9 آلاف و500 فحص في عام 2010، أي ما يعادل 77% زيادة في عدد الفحوص، حيث يتوافر في إمارة أبوظبي ما يزيد على 18 مركزاً للفحص المبكر لسرطان الثدي، إضافة إلى المراكز المتوافرة في القطاع الخاص، إذ يسهم الفحص المبكر لسرطان الثدي في الشفاء التام لـ98% من الحالات.

وتقول الهيئة إن معدلات وفيات سرطان الثدي قد انخفضت من 8.7 لكل 100 ألف سيدة عام 2009 إلى 5 لكل 100 ألف سيدة عام 2014، في حين انخفضت حالات الكشف المتأخر عن المرض من 64% في عام 2009 إلى 16% في عام 2013، داعيةً إلى إجراء الفحوص الدورية، بهدف الحد من الوفيات التي يسببها السرطان، وتحسين نوعية الحياة للمرضى المتعافين من المرض.

الماموغرام

تصوير الثدي بالأشعة السينية يعتبر أدق وسيلة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، فبواسطة الماموغرام يمكن الكشف عن سرطان الثدي، قبل أن تتم ملاحظة وجود أي عوارض في الثدي، حيث يمكن التصوير الإشعاعي من الكشف عن السرطان عندما يكون حجمه صغيراً وسهل المعالجة دون إزالة الثدي، وعليه تنصح جميع السيدات بإجراء الماموغرام كل عامين، اعتباراً من سن الـ40 أو قبل ذلك.

وقالت الدكتورة منال محمد، بمركز المقطع الصحي في أبوظبي، إن فحوص الكشف المبكر عن السرطان التي يجريها المركز عبر الماموغرام أنقذت أخيراً حياة مريضين، بعد أن تم اكتشاف مرضهما في مراحل مبكرة.

مؤسسات التعليم تواكب الحدث باهتمام

تستضيف جامعات أبوظبي، خلال شهر أكتوبر وبالتعاون مع هيئة الصحة أبوظبي ومستشفى »دانة الإمارات«، سلسلة من الفعاليات والأنشطة لتوعية الطلاب في المجال الصحي، وتحديداً سرطان الثدي من خلال الكشف الدوري والمبكر، حيث يلقي عدد من الأطباء المتخصصين محاضرات، وتقام فعاليات عدة في جامعة باريس السوربون أبوظبي وجامعة نيويورك أبوظبي ومدارس أكاديمية جيمس.

وحذّر الأطباء من عدم الالتزام بالكشف الدوري لتشخيص حالات سرطان الثدي في وقت مبكر وصولاً إلى الشفاء التام، مؤكدين أن التشخيص المبكر يرفع نسبة الشفاء من السرطان إلى أكثر من 90%.

ويعد سرطان الثدي الأكثر انتشاراً في أبوظبي بنسبة 25% من جميع أنواع السرطانات الأخرى، إضافة إلى اعتباره القاتل الثاني للمرأة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية.

وأكدت الدكتورة أمنيات الهاجري، مديرة دائرة الصحة العامة والبحوث في هيئة الصحة أبوظبي، أن انخفاض نسبة الكشف المتأخر عن سرطان الثدي في إمارة أبوظبي يعد إنجازاً مهماً.

وما كان ليتحقق دون دعم حكومة أبوظبي التي وضعت القطاع الصحي والصحة العامة على رأس أولوياتها الاستراتيجية، مثمنةً كل جهود الشركاء من القطاعين العام والخاص وقطاع التنمية المجتمعية، وكل من أسهم في نشر الوعي بمرض السرطان وسبل الوقاية منه، ومؤكدةً حرص الهيئة على الحفاظ على هذه النسبة، وذلك على غرار النسب العالمية في البلدان المتقدمة.

وقالت الدكتورة نورة الغيثي، مديرة المراكز الصحية في العين، اختصاصية طب الأسرة في الخدمات العلاجية الخارجية: »لقد نجحنا، بفضل الله، في زيادة نسب النساء اللواتي يجرين الفحوص، وذلك من خلال برنامج (بيتنا الطبي).

ومن خلال حملات الفحوص المجانية التي نقوم بها سنوياً، وما زال أمامنا الكثير من العمل، لكسر حاجز الخوف والخجل الذي تعانيه بعض السيدات، فقد أظهرت الدراسات العالمية مدى أهمية الكشف المبكر والعلاج المبكر في زيادة نسب الشفاء من المرض«.

Email