تمتلك قـدرة كبيرة على إيصال المعلومات إلى ذهن المتلقي

تربويون: وسائل التواصل نوافذ فاعلة في التعلم الذاتي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد العديد من التربويين أن وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة فاعلة لتعزيز التعليم والتعلم الذاتي، وأن هذه الشبكات لها قـدرة كبيرة على إيصال المعلومات إلى ذهن المتلقي بكل سهولة وتلقائية، وإزالة الإحساس بالاغتراب الذي قد ينتاب بعض الطلبة داخل قاعات الدروس.

وستمكن من تجاوز الحواجز التي تفصل أحياناً بين الطلبة والمؤسسات التربوية التي ينتمون إليها، كما أن الفائدة سوف تعود على المعلم أيضاً لأن شعوره لن يقتصر على متعة التفاعل مع الطلبة ورؤية اندفاعهم نحو موادهم الدراسية فحسب إنما سوف يجد نفسه.

وقد تعلم مهارة جديدة وربما يحقق فهماً أعمق للمادة الدراسية التي يقوم بتدريسها من خلال إيضاحها وتقديم تفاصيلها بطريقة أخرى، مشيرين في الوقت ذاته إلى ضرورة التدرج في استخدام شبكات التواصل، ضمن المخطط التعليمي لكي يحقق المزيد من المنفعة للطلبة، في وقت نبّه بعض التربويين إلى أن وجود تقنيات حديثة في المدارس لا يضمن نجاح المخرجات التعليمية إذا لم تكن نظرتها تربوية، وإذا لم يؤهل المعلم على تطبيقها حتى ينظر إليها نظرة شمولية.

وبالتالي لا يمكن التفاعل معها بإيجابية في ظل غياب المدرس والاختصاصي التكنولوجي التربوي، لافتين إلى أن برامج اليوتيوب تعد برامج تربوية أكثر منها تعليمية، لأنها تصمم لفئة معينة وقد تكون غير متجانسة، كما أن التفاعل الإلكتروني دون تغذية راجعة مع المدرسين قد يقود إلى أفكار غير صحيحة.

دور مهم

وقالت عائشة جاسم الشامسي مديرة أكاديمية رأس الخيمة للموهوبين في رأس الخيمة إن وسائل التواصل الاجتماعي في يومنا الحالي، تلعب دوراً مهماً في إيصال وجهات نظر كافة الأطراف حول المناهج التعليمية.

خصوصاً في ظل سياسة الانفتاح التي تتبعها وزارة التربية والتعليم مع كافة المعنيين بالعملية التعليمية، حيث توفر هذه الوسائل سهولة التواصل مع القيادات خاصة العليا، ما ينعكس على القرار التعليمي الذي يؤثر بصورة مباشرة على الطالب وولي الأمر، كما توفر تغذية راجعة مباشرة للمسؤولين حول المناهج وآليات التقييم وغيرها من الممارسات التربوية التي يحفل بها الميدان التربوي في الدولة.

وحول دور التكنولوجيا في دعم التعليم والمناهج بصورة عامة بينت مديرة أكاديمية الموهوبين بأنها توفر الجهد والوقت، كما تخلق أجواء من المتعة المقرونة بالفائدة الكبيرة عند تلقي المعلومات، ما يشجع الطلبة على الإقبال على المناهج العلمية بسعادة وراحة.

خاصة في ظل النضج الإلكتروني الذي يتمتع به الطلبة في هذه الأيام، ما يتيح لنا استغلال قدراتهم في إحداث التقدم المطلوب في التعليم، إلا أن هذه الألعاب الإلكترونية معظمها عوالم افتراضية ما يتطلب أن لا يغيب دور المعلم في التحكم بها لتنظيم طرحها على الطلبة والطالبات، كي تحقق الهدف المرجو منها.

المستقبل للتعليم الإلكتروني

بدوره قال البروفيسور الدكتور ياس البياتي أستاذ الإعلام الجديد في جامعة عجمان: إن التحديات المستقبلية التي تواجه الدول العربية، وبالذات صناع القرار السياسي، هي الثورة التقنية في مجالات الإعلام الجديد وتنوعها، واستخدامها من قبل جميع أفراد المجتمع، وزيادة التركيز على أدوات التواصل الاجتماعي وتوسيع دائرة استخداماتها خاصة بين الشباب باعتبارهم الفئة الأكبر والأكثر اهتماماً بهذه الأدوات.

وهو الأمر الذي ينبغي أن يضعه صاحب القرار كأجندة في قراراته الاستراتيجية، لأن وسائل التواصل الاجتماعي تعين واضعي السياسات على تحديد الأولويات وتشجع الجمهور على تقبل البرامج وزيادة مستويات الرضا، كما أنها تعزز فرص نجاح نتائج السياسات، وتحفز الجمهور على المشاركة برأيه والإسهام في التطوير والعمل على مراجعة وتحديث استراتيجية الدولة وآليات صنع القرار بها، إضافة إلى تعزيز المشاركة الاجتماعية عبر أدوات التواصل الاجتماعي وقياس تأثيره.

ويكفي اليوم مراجعة الأرقام لنعرف قيمة وخطورة الإعلام الجديد في حياتنا المعاصرة، والتي تعكس الكثير من الدلالات التي تجعل منه الجهاز الأقوى في اختراق عقول البشر.

قوة خلاقة

وأضاف البياتي: بدون شك فإن الجميع يتوقع أن يساعد التعليم في بناء قوة عمل مؤهلة وخلاقة تستطيع أن تتكيّف مع التكنولوجيات الجديدة، وأن تشارك في «ثورة الذكاء» التي هي القوة المحركة لاقتصاداتنا، وأيضاً أن يقوم التعليم بدفع المعرفة بطريقة تسمح بأن تسير التنمية الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الإدارة المسؤولة على البنية المادية والبشرية، وكذلك الحفاظ على الخصوصيات الثقافية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى والالتزام بتقدم المجتمع.

وباختصار يمكن اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة فاعلة لتعزيز التعليم من خلال إشغال الطلبة ودفعهم للتفاعل مع بعضهم البعض، ويشمل الأمر حتى الطلبة الذين لا يعرفون شيئا عن مثل هذا التواصل الاجتماعي أو أولئك الذين لم يفلحوا في النشاطات الجماعية لأنهم سوف يجدون المتعة والإثارة في مثل هذا النمط من التعلم والتفاعل.

كما أن الفائدة سوف تعود على المعلم أيضا لأن شعوره لن يقتصر على متعة التفاعل مع الطلبة ورؤية اندفاعهم نحو موادهم الدراسية فحسب إنما سوف يجد نفسه وقد تعلم مهارة جديدة وربما يحقق فهماً أعمق للمادة الدراسية التي يقوم بتدريسها من خلال إيضاحها وتقديم تفاصيلها بطريقة أخرى.

من هنا يجد المعلم نفسه أمام خيارات كثيرة يعمل من خلالها على المزاوجة بين المادة التعليمية التي يدرسها مع وسائل التكنولوجيا المستخدمة حالياً وكذلك تكنولوجيا الغد وتزويد الطلبة بالمهارات التي يحتاجون إليها لتحقيق النجاحات في المستقبل فضلاً عن فسح المجال أمام قدراتهم الإبداعية وتكشّف مواهبهم وميولهم.

ولا ريب أن المعلمين الذين يهتمون باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في قاعة الدرس سوف يرون بأم العين تعاظم مشاركات الطلبة وتعاونهم داخل قاعة الدرس وربما حصول تقدم في درجاتهم.

تحديات وأخطار

وقال البياتي: إن الثورات المعرفية والتكنولوجية والمعلوماتية المعاصرة تنطوي على تحديات وأخطار وفرص تمسُّ الكيان العميق للأمة العربية، وتعرّضها لما يسمى بـ«صدمة المستقبل».

وتزداد الأخطار تأثيراً بسبب ما يعانيه الكيان العربي نفسه من عوامل الضعف المتمثلة في انتشار الأمية، وتخلّف برامج التربية والتعليم عن حاجات المجتمعات العربية ومتطلبات العصر، والمسألة أننا لم نحسن الخروج من عجزنا وقصورنا لكي نتحول إلى مشاركين في صناعة العالم بصورة غنية وخلاقة.

ولعلَّ ما أعاقنا عن ذلك هو الحمولات الأيديولوجية والمسبقات الدوغمائية التي منعتنا من استثمار طاقاتنا على الخلق والتحول، بقدر ما حملتنا على أن لا نعترف بإنجازات الغرب والتعلّم منه، أو التي جعلتنا نتعامل مع هذه الإنجازات بعقلية تقليدية شعاراتية عقيمة وغير منتجة.

وأضاف: أن وسائل التواصل الاجتماعي سوف يكون لديها خارطة طريق واضحة لخدمة التعليم، وسوف تكون منصة تفاعلية بين الطالب والمعلم، لأن شبكات التواصل الاجتماعية تمثل بيئة مناسبة لتعليم حديث ومتطور يلبي حاجات الفرد، ويتماشى مع الثورة التكنولوجية العالمية كما يمكن تسخيرها في التعليم التطبيقي بشكل مبتكر، ويخدم المنظومة التعليمية الدول.

خصوصاً الدول التي تهدف للوصول إلى مصاف الدول الأكثر ابتكاراً، كالإمارات، لأن وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد قضية تكنولوجية أو حتى اجتماعية، بل إنها غدت جزءاً من حياة الناس ووسيلة كسائر وسائلهم في التخاطب والتواصل، ولم يكن التعليم شاذاً عن هذه القاعدة ولا خارجاً عن هذا الإطار، بل يمكن القول إنه من أكثر المجالات تأثراً بهذا التوجه أو هذه النقلة النوعية في التواصل.

منصة للتعلم الذاتي

ودعت الدكتورة انتصار العوبيدي رئيس كلية الاتصال بكلية الفجيرة إلى ضرورة التمسك بوسائل التواصل الاجتماعي كإحدى أهم الأدوات التي تستخدم لانتشار المعلومات والعلم سواء حالياً أو في المستقبل، خصوصا إذا ما وظفت بطرق سليمة، حيث تعتمد هذه الوسائل على المرسل والرسالة والمتلقي لها، ما يشكل منها وسيلة فعالة للتعلم الذاتي، نظراً لكونها من أهم الظواهر التكنولوجية في القرن الحالي بسبب تزايد عدد مستخدميها إلى أرقام فلكية، ما يمنحها حق الأولوية في تحويل مسارات التعلم المستقبلي.

وأضافت أن نجاح وسائل التواصل الاجتماعية في الوسط التعليمي يعتمد على برمجة الرسائل المرسلة عبر تلك القنوات بما يخدم صالح التعليم لتساهم في رقي المجتمعات ونهضة العلم وكل ذلك بيد النخبة المتعلمة والقادة والمدرسين الذين من شأنهم تحويل رسالة هذه الوسائل إلى قنوات إيجابية لنشر المعلومة ومنصة اجتماعية لتبادل الأفكار البناءة، خصوصاً أنها تساهم بشكل كبير في اختصار الزمن وتقليص مساحة الرسائل وتفعيل قنوات التعلم الذاتي.

فضلاً عن سرعة التفاعل والحصول على المعلومة من المؤسسات والأفراد، وتشير إلى أن التعليم في الدول العربية وفي الإمارات بالذات خطا خطوات كبيرة بإدخال التعلم الذكي والأجهزة الذكية لتحفيز الأجيال التي هجرت الكتب، ومن الجيد الاستفادة من كل الوسائل الحديثة التي تفرض نفسها على الإنسان دون أن نلغي الوسائل القديمة. وترى أن التواصل الاجتماعي منصة تعلم ناجحة إذا ما وظفت لخدمة هذا الهدف.

اختفاء تدريجي

من جهته يقول الدكتور إبراهيم غرفال عميد كلية التربية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا: إن التعليم التقليدي بدأ يختفي تدريجياً وعلى مراحل بفعل برامج التواصل الحديثة، ولكن لا يمكن الاستغناء عنه تماما، لأن العملية التعليمية ليست اكتساب معلومات وخبرات فقط، وإنما تنشئة يغذيها المعلم داخل الفصل الدراسي بالتحاور مع طلبته.

كما أن الإنسان في حاجة مستمرة إلى التفاعل البشري، لافتاً إلى أن وسائل التواصل من تويتر وانستغرام وخلافهما تعد نماذج جيدة وفاعلة اذا ما تم ضبط عملية التعامل معها، وفي حال عدم ترك الطلبة بحرية كاملة دون رقابة لصيقة، لأنها أحيانا تبث أشياء ضد ثقافة المجتمع.

فصول تقليدية

وقال إن الفصول التقليدية أصبحت طاردة ومنفرة في ظل وجود تلك التقنيات، كما أن الطلبة عندما يشاهدون برامج مشوقة يستمرون في التفاعل معها دون كلل ولساعات طويلة، ما يكسبهم مهارات عديدة في زمن قياسي، مبيناً أن وجود تقنيات حديثة في المدارس لا يضمن نجاح المخرجات التعليمية إذا لم تكن نظرتها تربوية، وإذا لم يؤهل المعلم على تطبيقها حتى ينظر إليها نظرة شمولية.

وبالتالي لا يمكن التفاعل معها بإيجابية في ظل غياب المدرس والاختصاصي التكنولوجي التربوي، لافتاً إلى أن برامج اليوتيوب تعد برامج تربوية أكثر منها تعليمية، لأنها تصمم لفئة معينة وقد تكون غير متجانسة، كما أن البرامج التعليمية لا بد لها من مخرجات نسعى إلى تحقيقها وفق المراحل التعليمية المحددة، كما أن التفاعل الإلكتروني دون تغذية راجعة مع المدرسين قد يقود إلى أفكار خاطئة، لذلك لا بد من المتابعة والتوجيه المستمرين حتى نحقق الأهداف الإثرائية في العملية التعليمية.

تجربة

أدخلت كثير من المدارس عبر العالم شبكات التواصل الاجتماعي لتوطيد العلاقة بين المُعلِّم والمُتعلِّم، وأثبتت الدراسات فاعلية هذه التجربة، ويُشير رونغواي هوانغ من الصين، إلى أن التجربة كسرت روتين التدريس، وصار الطالب أكثر قـُدرة على الإبداع، وأن هذه الشبكات لها قـُدرة كبيرة على إيصال المعلومات إلى ذِهن المُتلقِّي بكُل سهولة وتلقائية، وإزالة الإحساس بالاغتراب الذي قد ينتاب بعض الطلبة داخل قاعات الدروس، وستمكِّن من تجاوز الحواجز التي تفصل أحيانــاً بين الطلبة والمؤسسات التربوية التي ينتمون إليها.

ولكن ضرورة التدرُج في استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ضمن المُخطط التعليمي لكي يُمكن أن يُحقق المزيد من المنفعة للطلبة، حيث يوفـِّر مبدأ التحفيز والترغيب، ويضمن الوصول بهم إلى أكبر قدر من الحماسة، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بدروس قد يراها البعض مُعقَّدة، منها على سبيل المثال دروس تعلُّم اللُغات الأجنبية، التي تعتمد بشكل أساسي على الانفتاح والحوار، والانسجام داخل المحيط الدراسي.

Email