44 عاماً على تأسيس المجلس الوطني الاتحادي (1 - 4)

زايد حرص على تضمين نهج الشورى في الدستور

ت + ت - الحجم الطبيعي

حظي المجلس الوطني الاتحادي، منذ تأسيسه بتاريخ 12 فبراير 1972 مع انطلاق مسيرة الاتحاد، باهتمام ودعم لا محدود من قبل المغفور له بإذن الله تعالى، القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وذلك تجسيدا لنهج الشورى وبلورة لقناعته بأهمية مشاركة المواطنين في قيادة العمل الوطني وتحمل مسؤولياته.

ومنذ بدء مرحلة التأسيس للنهضة الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، يعتبر المجلس الوطني إحدى المؤسسات الاتحادية التي من خلالها تترسخ وتتجسد المشاركة السياسية للمواطنين، للمساهمة في عملية البناء ومسيرة التنمية.

وتواصل دولة الإمارات العربية المتحدة نهج الشورى بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.

المشاركة الشعبية

ولكي نتلمس الأبعاد والآفاق التي أرساها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، في دستور الدولة بشكل عام وفي المجلس الوطني الاتحادي بشكل خاص، حول قضايا الشورى والمشاركة الشعبية، لا بد أن نستعرض بعض مواد الدستور المتعلقة بهذا الشأن، فقد نصت المادة 14 على: «المساواة، والعدالة الاجتماعية، وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، من دعامات المجتمع، والتعاضد والتراحم صلة وثقى بينهم».

كما نصت المادة 77 على ان: «عضو المجلس الاتحادي ينوب عن شعب الاتحاد جميعه، وليس فقط عن الإمارة التي يمثلها داخل المجلس»، فيما نصت المادة 81 على أنه: «لا يؤاخذ أعضاء المجلس عما يبدونه من الأفكار والآراء في أثناء قيامهم بعملهم داخل المجلس أو لجانه».

وكان للدعم اللامحدود الذي أولاه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، لأعمال المجلس وحرصه وإخوانه الحكام على افتتاح الفصول التشريعية المتعاقبة، أكبر الأثر في دعم أركان الاتحاد ومؤسساته وتقويته، وتحقيق المكاسب الفريدة للشعب، ورفع اسم دولة الإمارات شامخا بين الدول على المستويين الإقليمي والدولي.

علاقة راسخة

وترسخت على مدى ثلاثة عقود، علاقة تقدير واحترام بين القيادة والمجلس الوطني الاتحادي، أكدت قدرة أبناء الإمارات على تحمل مسؤوليات العمل الوطني، في إطار من التشاور والتواصل المستمر بين أفراد الشعب وممثليهم في المجلس من جهة، وبين السلطة التنفيذية من جهة أخرى.

وقد أكد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على ذلك منذ قيام الدولة الاتحادية، حيث قال في خطابه في المجلس الوطني الاتحادي بتاريخ 13 نوفمبر 1972 «إن أعضاء المجلس الوطني الاتحادي كلهم من أبناء الشعب، ويستطيعون أن يعبروا بكل حرية عن آرائهم».

مواكبة برلمانيةوحرصاً من المجلس الوطني الاتحادي على مواكبة توجهات الدولة وسياستها الخارجية، شكل الشعبة البرلمانية التي يمارس من خلالها اختصاصه السياسي، والدبلوماسية البرلمانية، وفي الجلسة الثالثة من الدور العادي الثالث من الفصل التشريعي الثاني عام 1975، أكد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد طيب الله ثراه، في أول خطاب له في المجلس في افتتاح دور الانعقاد العادي الأول، على أن «سياسة الاتحاد الخارجية تستهدف نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية، وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب، على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والأخلاق المثلى الدولية».

ونهض المجلس الوطني الاتحادي منذ تشكيل شعبته البرلمانية، بدور فاعل ونشط بشأن حمل مختلف القضايا الوطنية وطرحها في المحافل الخليجية والعربية والإسلامية والدولية، إلى جانب مشاركاته في الفعاليات البرلمانية المتخصصة، وتقديم عدد من المبادرات والمقترحات والحلول التي تم تبني العديد منها وتحول إلى قرارات على عدة مستويات إقليمية ودولية.

هدف واضح

ومع بداية العقد الثاني من عمر المجلس، ومنذ الفصل التشريعي الخامس الذي بدأ بتاريخ 28 ديسمبر 1981 ولغاية الفصل التشريعي السابع الذي اختتم أعماله بتاريخ 4 يناير 1990، عقد المجلس 84 جلسة، وأقر 61 مشروع قانون، وناقش 47 موضوعاً عاماً.

وتبنى المجلس العديد من التوصيات بشأن الخدمات الصحية وسياسة الحكومة في مختلف المجالات. وكان هدف المجلس واضحاً خلال هذه الفترة، وهو تعزيز مجالات الإنتاج والخدمات لتحقيق النهضة الشاملة للبلاد، وتخفيف أعباء المعيشة وتوفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين، وإعداد الخطط اللازمة لتوفير وتأمين احتياجات البلاد، وتنويع مصادر الدخل القومي، وإنشاء المؤسسات الوطنية ودعمها، وتشجيع القطاع الخاص للقيام بدوره في دفع عجلة التنمية.

واكب المجلس الوطني الاتحادي مسيرة البناء والتقدم والتطور في دولة الإمارات، وساهم في تأسيس علاقة متميزة بين السلطات الاتحادية والمحلية، استهدفت إطلاق طاقات الشباب للمساهمة في مشروع الدولة التنموي والنهضة الشاملة المتوازنة، عبر سن تشريعات وقوانين عززت فاعلية عمل مختلف الأجهزة التنفيذية، وشجعت الاستثمار في مجالات التنمية البشرية وتطوير آليات المشاركة السياسية والعمل التطوعي، مما مكن المجلس من أن يكون إحدى الدعائم الأساسية للتجربة الاتحادية الإماراتية في المشاركة والتنمية.

وكانت دولة الإمارات في بداية تأسيسها، بحاجة إلى إقرار تشريعات تطال جميع مرافق الحياة ومختلف مؤسسات الدولة. ومن أول مشروعات القوانين التي عرضت على المجلس الوطني الاتحادي، مشروع بشأن الجريدة الرسمية، وعلم الاتحاد، والقوات المسلحة الاتحادية، واختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء، وخدمة الموظفين، والامتيازات والحصانات الدبلوماسية، ونظام السلك الدبلوماسي والقنصلي.

تقدم منشود

وكان الهدف الماثل دوماً أمام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد طيب الله ثراه، هو تدعيم عمل السلطات الاتحادية، والعمل بشكل يتفق مع تحقيق الإنجازات على الصعد كافة، فقد قال في خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الأول بتاريخ 20 نوفمبر 1972: «ينبغي أن تعمل السلطات الاتحادية على استصدار القوانين والتشريعات التي أشار إليها الدستور، بالسرعة اللازمة كي نسابق الزمن في تحقيق التقدم الذي ننشده وتوفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين».

حضور دائم

وفي إطار سعيه إلى وضع دستور دائم، أكد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد طيب الله ثراه، أن «ترسيخ دعائم الاتحاد وتوطيد أركانه وتعزيز استقراره وتحقيق تقدمه في كافة الميادين، من أعز رغباتنا ومن أعظم ما تتجه إليه عزائمنا، حرصا على النهوض ببلادنا وتحقيق أماني شعبنا الواحد».

ورغبة منه في تهيئة شعب الإمارات للحياة الدستورية الحرة الكريمة، والسير به قدما نحو حكم ديمقراطي نيابي متكامل الأركان، قال رحمه الله، في خطابه أمام المجلس: «لقد ارتأى المجلس الأعلى للاتحاد أن يشرك معه في إعداد مشروع الدستور الدائم، عناصر مستنيرة من شعب الاتحاد في صورة لجنة تأسيسية من ثمانية وعشرين عضواً، صدر بتشكيلها قرار في 26 يونيو 1975، كما صدر قرار آخر باختيار واحد من أبرز رجال الفقه الدستوري ممن سبق لهم العمل في منطقة الخليج العربي، ليكون خبيرا ومقررا للجنة التأسيسية».

وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، رحمه الله، يحضر جلسات المجلس والمناقشات التي تتناول قضايا الوطن والمواطنين، وتعد الجلسة الثالثة عشرة من دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الثاني، التي عقدها المجلس يوم 29 أبريل عام 1975، جلسة تاريخية شهدت مشاركته في مناقشات المجلس حول دور وواجبات الأعضاء في التعامل مع قضايا المواطنين.

احتياجات المواطنين

كان الشيخ زايد رحمه الله، يحرص على الاجتماع مع رئيس وأعضاء المجلس بعد كل جلسة يحضرها، ويتحدث إليهم ويستمع إلى قضاياهم بروح شفافة يلفها دفء المشاعر وأبوة القائد، بالإضافة إلى استقباله لجان الرد على خطاب الافتتاح في كل دور انعقاد جديد.

وكان يستمع لما يبديه الأعضاء من ملاحظات ونقل هموم المواطنين، ويصدر القرارات المناسبة في حينها، أو يحيل المواضيع للجهات المختصة لمتابعتها، ومن أبرزها الأمر السامي بإنشاء جامعة الإمارات، وصندوق الزواج ليجسد حرص القائد وتفاعله مع هموم واحتياجات المواطنين.

قاعة زايد

حرصاً من المجلس الوطني على أن يرتبط اسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، بمناقشات المجلس وطرحه للقضايا الوطنية، قرر المجلس إطلاق اسم الشيخ زايد على القاعة الرئيسة للمجلس التي يعقد فيها جلساته «تحت القبة» بتاريخ 5/‏12/‏2000.

رؤساء المجلس

تعاقب على رئاسة المجلس في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ستة رؤساء، فقد كان ثاني بن عبد الله أول رئيس للمجلس في فصليه الأول والثاني، خلال الفترة من 12/2/1972 ولغاية 1/12/1976، وتريم عمران تريم ثاني رئيس خلال الفصلين الثالث والرابع، من 1/3/1977 إلى 1/12/1981.

وهلال بن أحمد بن لوتاه خلال الفصول التشريعية من الخامس الى الثامن، من 28/12/1981 إلى 1/12/1991، والحاج بن عبد الله المحيربي خلال الفصلين التاسع والعاشر من 6/2/1993 إلى 1/12/1996، ومحمد خليفة بن حبتور خلال الفصلين الحادي عش والثاني عشر من 14/12/1997م إلى 29/1/2001، وسعيد محمد الكندي خلال الفصل التشريعي الثالث عشر من 18/2/2003 إلى 29/1/2005.

Email