من أوائل من تنبأوا بخطورة الإرهاب قبل استفحاله كظاهرة عالمية

مواقف زايد.. بصيرة ثاقبة

زايد بن سلطان آل نهيان يستعرض الحرس برفقة الأمير فيليب

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مؤسس وباني نهضة الاتحاد سباقا دائما وكعادته في طرح الأفكار والرؤى للتعامل مع كافة القضايا والمستجدات على الساحات المحلية والإقليمية والدولية وكان من أوائل الذين استطاعوا ببعد نظر وبصيرة ثاقبة ان يتنبأ بخطورة الإرهاب كظاهرة عالمية قبل ان ينتبه إليها الكثر من دول وزعماء العالم.

مواقف ثابتة

اتخذ زايد مواقف ثابتة وشجاعة تجاه رفض وإدانة ظاهرة الإرهاب بكل أشكاله وصوره ومصادره، وأكد دعمه الكامل للجهود الدولية والإقليمية لمكافحة هذه الظاهرة التي لا تمثل الإسلام وسماحته، والذي اعتبرها عملاً بغيضاً من وجهة نظر الإسلام والأديان السماوية، وعدواً لدوداً للإنسانية جمعاء.

ودعا، دوماً، إلى التسامح والتراحم في العلاقات الإنسانية بين الشعوب وأكد، في أكثر من موقف، أن الدين الإسلامي لا يعرف العنف والبطش الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدّعون الإسلام زوراً، وأن الإسلام هو دين المحبة والغفران والتسامح والرأفة، وأن المسلم لا يجوز أن يقتل أخاه مسلماً كان أو غير مسلم.

مع رجال الدين

وأشار، في كلمة وجهها إلى رجال الدين وأهل العلم في العالم العربي والإسلامي يوم 22 مارس 1993 إلى التصدي لظاهرة التطرف الديني الذي يرفضه الإسلام، وتوعية الشباب بمبادئ الدين الحق الذي يدعو إلى التسامح والتراحم ويرفض قتل المسلم لأخيه المسلم.

وقال في رسالته «إن الواجب يحتم على أهل العلم أن يبينوا للناس جوهر الإسلام ورسالته العظيمة بأسلوب يليق بسماحة الدين الحنيف، الذي يحث على الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يستجيب الناس ويواجهوا الإرهاب باسم الدين والقتل باسم الدين».

وأكد، في لقائه مع الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا في 11 نوفمبر 1993 بأبوظبي، أن الإسلام دين رحمة وتسامح وغفران وتفاهم وتقارب بين البشر ومعاملة بالتي هي أحسن، وأن الدين الإسلامي لا يعرف العنف والبطش الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدّعون الإسلام زوراً، وباسم هذا الادعاء يذبحون إخوانهم وأهلهم للوصول إلى أهدافهم المغرضة تحت شعار الدين، في سلوك مشين، والإسلام منهم براء.

روح التسامح

ونبذ الشيخ زايد، انطلاقاً من روح التسامح التي يؤمن بها، ظاهرة التطرف الديني. وأكد في لقائه مع عدد من السفراء الجدد يوم 29 مارس 1988 «إن البشرية لها قيمة عظمى عند الله سبحانه وتعالى..

ويجب أن تُعامَل بما أراده الخالق لها من خير ورفاهية، وان الإسلام يكرم الإنسان لأن المولى عزّ وجلّ كرّمه، وإنه يعتبر النفس البشرية أمانة يجب ألا تُهان أو تُذلّ أو تُعامَل بدون عدالة أو بدون حقّ، وأن قتْل النفس البشرية بغير حقّ يعتبر ذنباً عظيماً لأن من قتل نفساً بدون حقّ كمن قتل البشرية كلها».

وقال «إن الدين الإسلامي يعامل جميع البشر على السواء، لا فرق بين مسلم وغير مسلم، وإن الله سبحانه وتعالى، عندما بعث نبيّه سيّد المُرسَلين محمداً صلى الله عليه وسلم، أمره بأن يجادل بالتي هي أحسن، وأنه لو كان فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حوله».

وكان الشيخ زايد قد أجرى، إثر الهجمات الإرهابية التي وقعت في نيويورك، اتصالاً هاتفياً في 17 سبتمبر 2001 مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، أكد فيه موقف دولة الإمارات الثابت في رفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله، قائلاً «إن الإرهاب بغيض من وجهة نظر الإسلام والديانات السماوية الأخرى، وهو عدو لدود للإنسانية جمعاء».

تضامن

وأشار إلى أن هذه الأعمال الإجرامية تستوجب تضامن المجتمع الدولي لمحاربتها والقضاء عليها واجتثاثها أينما كانت، مؤكدا على أن التضامن الدولي ضد الإرهاب يجب أن ينطلق من مبادئ ثابتة لا تكيل بمكيالين، وأن على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي العمل أيضاً، وفي الوقت ذاته، وقف أعمال الإرهاب الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكيلا تشعر شعوب العالم بالظلم والإجحاف.

ووجّه المغفور له الشيخ زايد رسالة مباشرة إلى قادة حلف الأطلسي أكد فيها موقف دولة الإمارات العربية المتحدة الواضح والثابت تجاه الإرهاب، وإدانته بكل شدة، العمل الإرهابي والإجرامي الذي وقع في الولايات المتحدة الأميركية وذهب ضحيته آلاف القتلى والجرحى من الأبرياء.

الاحتلال الإسرائيلي

وقال إن دولة الإمارات تدين أعمال الإرهاب في كل مكان، بما في ذلك الإرهاب المستمر الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي يومياً في الأراضي الفلسطينية وضد الشعب الفلسطيني الأعزل.

وفي حديث مهم في 6 أكتوبر 2003 قال «حاشا لله أن تكون روح الإرهاب إسلامية أو أن يكون جسده عربياً، وإن هذا ظلم للإسلام وعلى الذين يرددون هذه المزاعم والاتهامات على هواهم وبدون براهين، أن يعودوا إلى القرآن الكريم نحن نقبل كلام الذين يقرأون كتاب الله، أما الاتهامات التي تُوجَّه بدون أساس لعباد الله، فهي غير مقبولة».

وأوضح أن الإسلام ينبذ الإرهاب والاعتداء على البشر في كل مكان يستحيل على المسلم والعربي أن يقوم بإرهاب البشر وإن الضغوط التي تُمارَس على العالم العربي لا تُرضي الله أو رسوله أو العرب والمسلمين، وعلى الذين يتهمون الإسلام والعرب والمسلمين بالإرهاب ويتطاولون، عليهم أن يحددوا لنا من هو الإرهابي هل هم المسلمون أم من يعتدي عليهم وعلى النساء والأطفال والمسنين والعجزة.

لا للإرهاب

وأشار طيب الله ثراه، إلى أن كلام الله موجود وهو لا يحل للمسلم أن يسمح له بأن يكون إرهابياً وعلى هؤلاء أن يعلموا أن المسلمين يتصدون لأي شخص ينتمي للإسلام، بينما هو يرتكب في الوقت ذاته أي أعمال تُرهب البشر، إن الإرهابي هو عدو الإسلام والبشر، بينما المسلم صديق للبشر وأخ للمسلمين وغير المسلمين، لأن الإسلام دين رحمة في الأرض ودين تسامح.

وقال في آخر كلمة، قبل رحيله، وجّهها للأمة في الأول من ديسمبر 2003 «إننا نؤكد أن لا الشرائع السماوية ولا القانون الدولي ولا شرعة حقوق الإنسان، تعطي أي مبرر لممارسة الإرهاب، وأن أية محاولة لاستخدام الدِّين لتبرير هذه الأعمال محاولة خاطئة من أساسها، لأنها تنافي كل الأسس والمبادئ والقيم والتعاليم الدينية والإنسانية».

Email