مقصدها الإبداع والابتكار

حنان المهيري.. إبحار في الثقافة المؤسسية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ما كان لطالبة تحقق بطولات محلية ومشاركات عالمية في الفروسية وهي في المدرسة الثانوية، أن تمر حياتها الجامعية مرور الكرام، أو تنجز فيلماً سينمائياً بحجم «عربيانا» لدعم طموح الفتيات في ممارسة هواية ركوب الخيل..

وأن توسع طموحها في الفروسية إلى المنافسة عالمياً وتحقيق مراتب أولى في هذا المضمار، أن تكون وظيفتها بعد كل ذلك تقليدية، وأن يتوقف طموحها عند الوظيفة والزواج والمرتب الشهري وحسب. تلك هي حنان عبدالله المهيري، أو بالأحرى «الدكتورة» في القريب العاجل.

ثاني أفضل موظف

تخرجت المهيري من كلية دبي للطالبات في يونيو 2008، وحصلت على امتياز مع مرتبة الشرف في درجة البكالوريوس في العلوم التطبيقية - وسائل الإعلام في مجال الاتصالات التطبيقية، وأثناء دراستها، نجحت في إخراج فيلمين وثائقيين، وأثناء تدريبها الميداني في القيادة العامة لشرطة دبي، أعجب بإنجازاتها معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي..

وهو ما أتاح لها العمل في القيادة العامة لشرطة دبي، وتحديداً في إدارة المعرفة نحو 4 سنوات، وفيها حصلت على جائزة ثاني أفضل موظف في عام 2010، كما واصلت حنان دراستها في إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية لنيل درجة الماجستير في جامعة ولونغونغ في دبي.

هنا؛ انتقلت حنان إلى هيئة كهرباء ومياه دبي وعملت في المجال ذاته «مدير مساعد في إدارة المعرفة»، ولا تزال على رأس عملها في الهيئة، التي أوشكت فيها أن تنتهي من الدكتوراه، وهي لا تزال في العشرينات من عمرها، مع الإشارة إلى أن المهيري من قلة قليلة على مستوى العالم العربي اختارت لنفسها الإبحار في هذا التخصص الأهم.

قصص التميز لدى حنان لا تعد ولا تحصى، لكن أبلغها يكمن في دراسة الدكتوراه، التي تحاكي توجهات الدول في المعرفة والابتكار وتسايرها طموحات القيادة جنباً إلى جنب، وعن ذلك تقول: موضوع رسالتي في الدكتوراه، يختص بـ«دراسة أثر الثقافة المؤسسية في التبادل المعرفي بين الموظفين في المؤسسات الحكومية والخاصة بدولة الإمارات»..

وقد توصلت إلى هذه الفكرة لكوني عملت في القيادة العامة لشرطة دبي بإدارة المعرفة، وفي هيئة كهرباء ومياه دبي في التخصص ذاته، لذا رغبت أن تكون نتيجة رسالتي مفيدة بحيث يمكن اختبارها على بيئة العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة، في سبيل زيادة التبادل المعرفي بين الموظفين.

وأضافت: من النقاط المهمة التي كشف عنها بحثي الذي أوشك على الانتهاء، أن هناك العديد من العوامل التي قد تتسبب في فشل إدارة المعرفة بالمؤسسات، ومن هذه العوامل: الهيكل التنظيمي للمؤسسة، وغياب القيادة، أو قد تفشل إدارة المعرفة عند اعتمادها على تكنولوجيا غير كافية أو غير متطورة، مشيرة إلى أن من أهم أسباب فشل إدارة المعرفة؛ «الثقافة المؤسسية» لذا تركزت رسالتها على هذا الجانب.

بيئة عمل متعاونة

وقالت طالبة الدكتوراه في جامعة ولنغونغ الأسترالية بدبي: يؤكد بحثي أن للمؤسسة الثقافية أبعاداً عدة منها: الابتكار، الانفتاح، الثقة، المخاطرة، المشاركة، احترام الفرد، توجه العمل، التفاوت في السلطة، والانتساب، لافتة إلى أنها تهدف من رسالتها في الدكتوراه إلى وضع إطار أو آلية، تستطيع من خلالها المؤسسات أن تختبر ثقافتها المؤسسية..

لكي تكتشف إن كانت ثقافتها المؤسسية الحالية تشجع أو تمنع من التبادل المعرفي بين الموظفين، وبعد معرفة النتيجة، يمكن للمؤسسة تطوير ثقافتها المؤسسية وخلق بيئة عمل متعاونة وصحية بين الموظفين.

ترى حنان المهيري أن لإدارة المعرفة أهمية بالغة في الوقت المعاصر، نظراً للتغيرات والتطورات العالمية المتسارعة ودورها في تعاظم المعرفة وتحولها إلى علم قائم بذاته، له أدبياته الخاصة ووحداته التنظيمية الكبيرة في المؤسسات الحديثة.

كما أن الابتكار والتدفق المستمر في البيانات والمعلومات، يجعلنا بحاجة ماسة لنظام أو آلية لتنظيم كل هذه المعلومات، بالإضافة إلى استخلاص المعرفة المتوافرة في عقول البشر ونقلها من شخص لآخر.

التبادل المعرفي

وتابعت: في مجال دراستي؛ هنا يكون التبادل المعرفي بين الموظفين مهماً جداً لأن هناك موظفين ذوي خبرة، وموظفين ذوي مهارات مختلفة، ويجب أن يتم بينهم تبادل في المعرفة لكي تستفيد المؤسسة..

وهناك عوامل عديدة تؤثر في التبادل المعرفي بين الموظفين من ضمنها الثقافة المؤسسية. أضف إلى ذلك قلة البحوث العلمية في ما يخص هذا الموضوع في الشرق الأوسط، ولذا سيكون بحثي جديداً في المنطقة وخاصة بين الدول العربية والخليجية، وقد تتمكن المؤسسات من الاستفادة من نتائج البحث.

اختتمت الدكتورة حنان المهيري حديثها بالقول: لا شك أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، اهتم بشكل كبير ولافت بإدارة المعرفة...

فسموه حث على إدراج إدارة المعرفة كإحدى المعايير في جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز، إضافة إلى طرح سموه فئة خاصة تندرج ضمن فئة أفضل الممارسات.......

وهي الجهة الاتحادية المتميزة في مجال إدارة المعرفة، وانعكاساً لرؤية سموه اهتمت مؤسسات حكومية عدة بتأسيس إدارات خاصة تعنى بإدارة المعرفة، منها على سبيل المثال: القيادة العامة لشرطة دبي، وهيئة كهرباء مياه دبي، وبلدية دبي وغيرها الكثير. وذلك يبشر بخير كبير ينتظر دبي والإمارات.

خسائر بالمليارات

تجتهد الباحثة المواطنة حنان المهيري، في أن تعكس رسالة الدكتوراه الخاصة بها، آلية عمل أو نظاماً تستطيع المؤسسات في القطاعين الحكومي والخاص، الاستفادة منه في قياس تأثير الثقافة المؤسسية على التبادل المعرفي بين الموظفين، ما سيتيح الفرصة لهذه المؤسسات لتطوير ثقافتها المؤسسية نحو الأفضل، وزيادة الإنتاجية والتشجيع على الابتكار والإبداع.

وأضافت المهيري: أصبح موضوع إدارة المعرفة فكرة ساخنة في السنوات القليلة الماضية على مستوى المؤسسات والدول كافة، لكن للأسف هناك العديد من المؤسسات في العالم، فشلت في تقديمه أو الاستفادة منه كما يجب، ما أدى إلى خسائر طائلة بالمليارات نظراً لعدم تطبيقها لإدارة المعرفة بطريقة سليمة، لذا تبرز أولوية المعرفة لإدارة المعرفة.

Email