احتضن موهبتهما جمهور شاطئ جميرا

أحمد وعلي يعزفان على أوتار النجومية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ممارسة الهوايات قد ينفجر منها إبداعات عديدة، خصوصاً إذا رافقها إصرار لتخطي عتبات البداية التي يرعب عندها البعض، ويتنازلون أمامها عن طموحات وهوايات لا يتطلب تحقيقها سوى جرعة بسيطة من الثقة بالنفس والقدرات التي يمتلكها الشخص. إن ممارسة الهوايات تجسد إيجابية الوقت وتحفظ الأشخاص من سلبيات الفراغ، وذلك ما نستشفه من إصرار الشاب علي عبدالرحمن الذي يدرس في الجامعة الكندية وزميله الشاب أحمد إبراهيم الذي يدرس في جامعة حمدان بن محمد الإلكترونية من عزفهما على أوتار التحدي وتحويل إصرارهما إلى أصوات هادئة تطرب العقول والقلوب.

مقطوعات متشابهة

علي وأحمد جمعتهما الصدفة التي يقال دائما إنها خير من ألف ميعاد في شاطئ جميرا، وهنا كانت بداية الثنائي الجميل اللذين يطربان مرتادي الشواطئ والأماكن المفتوحة بمعزوفات شرقية وغربية لكبار العازفين العالميين، نابعة من ثقافتهم وحبهم لهذه الآلة الجميلة التي تبهج أصواتها العقل وترخي الأعصاب، أما عن لقائهما الأول وصداقتهما وعزفهما المقطوعات الثنائية قد يثير فضول بعض من يشاهدهم ويتساءل عن سر انسجامهما بعزف مقطوعات رائعة على أوتار الغيتارين.

بداية صداقتهما كما يرويها علي أنها بدأت قبل خمسة أعوام في أحد زياراته لشاطئ جميرا، حيث شاهد حشداً من الناس وسمع موسيقى جميلة مصدرها أوتار الغيتار التي أحب صوتها منذ صغره وتمنى أن يجيد العزف عليها، فسارع ليستمتع كغيره من الزوار، وعندما اقترب من المكان شاهد شاباً في سنه يعزف على أوتار الغيتار بمهارة عالية، سرح بخياله قليلاً وتمنى أن يكون بهذه المهارة، وقرر بعد أن ينهي هذا الشاب العزف أن يسأله كيف اتقنه، فانتظره حتى انتهى من العزف وتلاشى تصفيق الحضور هاجمه بمجموعة من الأسئلة التي أجاب عنها أحمد بأنه تعلم الأسس من أخيه الذي يكبره بعدة أعوام من العزف على أوتار هذه الآلة.

استبشر علي بهذا الجواب الذي استثار عزيمته من جديد وعقد إصراره على تعلم أبجديات العزف، وطلب من أحمد أن يرشده إلى الوسيلة التي تساعده على تحقيق ذلك، ولكن أحمد أجابه بهدوء إذا كنت ترغب في ذلك عليك في البداية امتلاك الغيتار وبعدها سوف أساعدك بقدر معرفتي على العزف، ذهل علي من هذا العرض الذي لم يتردد فيه وسارع في شراء أول غيتار لم يفكر في جودته أو صوته لكونه لا يعرف عنه الكثير، فأول آلة وجدها في طريقه اشتراها بمبلغ 350 درهماً ليخبر بعد ذلك أحمد عبر الهاتف ويؤكد له رغبته في التعلم، فاتفقا على موعد مساء اليوم التالي وهناك بدأ علي في تعلم العزف.

لمسات الجمالية

استمرت الدروس التي يقدمها أحمد لزميله بدون مقابل، ورويداً رويداً ظهرت لمسات علي الجمالية على أوتار الآلة، وأصبحا يعزفا المقطوعات بشكل ثنائي، ويطربان زوار الشاطئ كلما سنحت لهما الفرصة، وعلى الرغم من الانتقادات التي كان يحصل عليها الثنائي إلا أنهما لم يكترثا بها إلا لتطوير إمكانياتهما وخبراتهما، فأصبحا يعزفان مقطوعات لفنانين عالميين أمثال اميغو وفرقة جبسي كنغ، أضافة إلى بعض المقطوعات الشرقية والأغاني العربية، وتطورت خبراتهما ليتقنا العزف لأنماط ومدارس مختلفة، وتعمقت معرفتهما بأنواع الغيتار وأخشابه وخصائصه.

استمرت صداقة علي وأحمد وأصبحا اليوم يقدمان لوحات موسيقية رائعة تحظى بإعجاب جميع من يستمع لهما، وعلى الرغم من ازدحام يومهما بالدراسة الجامعية وغياب معاهد الفنون الموسيقية وصعوبة الالتحاق بها، إلا أن ذلك لم يعق ممارستهما لهذه الهواية التي يجدونها جاءت من إصرار ورغبة في التعلم وتحدي صعوبات البداية، موجهين نصيحتهما لكل من يملك هواية أن يمارسها مهما كانت التحديات والضغوطات التي تواجهه، وذلك لما لها من إيجابيات كثيرة تساعد الشخص على تطوير قدراته واستغلال وقته بالصورة الأمثل.

تحاشد الجمهور

أكد أحمد إبراهيم أن ممارسة الهوايات تحتاج إلى مساحة لإبرازها في أحيان كثيرة، مستدلاً على ذلك بأحد المواقف التي صادفته مع زميله حينما كانا يعزفان الغيتار في منطقة ممشى الشاطئ المفتوح، إذ تجمع الجمهور وعلا التصفيق لهما بعد نهاية كل مقطوعة، وكان من بين الحضور مذيعة تقدم فعاليات تقام على المسرح الموجود في المنطقة ذاتها، وعرضت عليهما المشاركة بموهبتهما على خشبة المسرح لإمتاع الجمهور، وذلك ما حصل في اليوم التالي حيث خصص لهما الجزء الأخير من وقت الفعاليات لعزف بعض المقطوعات فلاقت استحسان وتفاعل الجمهور، مما أشعر المنظمين بضرورة مشاركتهما في اليوم التالي وتخصيص وقت لهما في بداية الحفل ونهايته، وأكسبهما ثقة أكبر وفرض عليهما مزيداً من المسؤوليات لتطوير قدراتهما، مشيراً إلى أنه يطمح وزميله بالالتحاق بأحد المعاهد لصقل موهبتهما وتطويرها ليصبحا من الفنانين العالميين.

تناغم وانسجام

قدم الثنائي أحمد إبراهيم وعلي عبدالرحمن خلال زيارتهما لمقر جريدة “البيان” عرضاً رائعاً بعزفهما بعض المقطوعات الموسيقية التي أثارت دهشة الزملاء وتساؤلهم عن التناغم والانسجام في العزف بين الشابين، كما عم الهدوء أرجاء المكان وأنصت الجميع لأصوات الأوتار وطالبوهما بتقديم المزيد من الموسيقى الراقية. وتبقى الإشارة مهمة جدا الى وجود معهد موسيقي وطني يهتم برعاية المواهب الشابة من أجل صقل مواهبهم.

Email