ورثت المهنة عن والدتها ودخلت العديد من الدورات

«أم راشد».. أول اخصائية إماراتية في الحجامة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ 15 عاماً، تعلمت موزة المزروعي (أم راشد) أبجديات الحجامة، أسوة بوالدتها التي كانت تمارس الحجامة الجافة «الخبانة» وتدلك المرضى بطريقة المسح الشعبي، فضلاً عن والدها الذي كان يعالج الناس بالكي «الوسم». ورثت أم راشد ميولها من ذويها، لكنها قررت تطوير مهارات العلاج بالحجامة، فالتحقت بالكثير من الدورات، وثابرت حتى تمكنت من الحصول على لقب أول إماراتية تحصل على رخصة ممارسة الحجامة من وزارة الصحة، إذ تمارس العلاج بالحجامة منذ سنوات في أحد المراكز الطبية في إمارة رأس الخيمة، وتعالج النساء والأطفال على ضوء التشخيص النظري القائم على مشاهدة العمود الفقري للمريض، ومراقبة درجة انحنائه أثناء الكلام، إلى جانب بعض المعايير الأخرى المساهمة في تشخيص الحالات الماثلة أمامها.

10 ساعات

قالت أم راشد إن الحجامة عبارة عن علاج ينتمي إلى الطب البديل يتمثل في امتصاص الدم وتسريبه عبر كاسات مثبتة على جسم الشخص، ما يتطلب من الشخص الذي يمارس الحجامة الالتزام بمعايير الصحة والنظافة وقاية من الأمراض. ومنذ حصولها على الرخصة، تحرص على أخذ دورة تدريبية في مجال الصحة بمعدل 10 ساعات وفقاً لقرار وزارة الصحة الذي ينص على ضرورة اجتياز أصحاب الرخص الطبية لدورة تدريبية كل عام.

وذكرت أم راشد أن الحجامة الإسلامية استنسختها الكثير من الحضارات الأخرى، واعتمدها الكثير من الشعوب كعلاج بديل في دول أشهرها الهند والصين، إلى جانب استحداث أقسام متخصصة في الحجامة في المستشفيات الألمانية الحديثة، ذلك بعد مشاهدة النتائج والآثار الإيجابية للحجامة بصفتها تساهم في علاج معظم الأمراض، وتمتص الدم الفاسد المصاب بالشيخوخة والهرم من الجسم، وتدفع بالركود والكسل، من خلال العمل على توازن كريات الدم وتنشيطها.

لا يستحب استخدام أكثر من 15 كأساً لامتصاص الدم من الجسم، وفي هذا الصدد قالت إن هذا العدد يعتبر هو الحد الأقصى لا يجب تجاوزه حرصاً على سلامة الشخص، أما عند ملاحظة شحوب الوجه يتقلص عدد الكؤوس إلى أقل من هذا العدد بكثير. وقد تمتنع أم راشد حيناً عن علاج بعض الحالات بالحجامة نتيجة إصابتها بأمراض مثل فقر الدم، وللأسف يعرض بعض مرتادي العيادة عن الإفصاح ببعض الأمراض المعدية مثل مرض الكبد الوبائي، خشية الامتناع عن إجراء الحجامة لهم.

أخطاء شائعة

من الأخطاء الشائعة لدى الناس، التوجه إلى بعض الأشخاص الذين يمارسون العلاج بالحجامة دون ترخيص، نظراً لانخفاض أسعار العلاج بالمقارنة مع المراكز الطبية، لكن هناك ضريبة قد يدفعها هؤلاء نتيجة نقص خبرة الشخص الذي يمارس الحجامة، يسفر عنها تفاقم المشكلة لدى المريض نتيجة إجراء الحجامة في موضع غير صحيح، فضلاً عن عدم تعقيم الأدوات بصورة جيدة، مما يؤدي إلى تلوث دم المريض أو إصابته في بعض الأحيان بأمراض معدية نتيجة تكرار استخدام الشيفرات وبعض المعدات الأخرى.

وطالبت أم راشد باستحداث أقسام تهتم بالطب البديل والحجامة داخل المستشفيات الحكومية الكبرى في الدولة، وتعيين المتخصصين في ممارسة الحجامة عوضاً عن لجوء الناس إلى أشخاص غير مؤهلين يمارسون الحجامة في بيوتهم. ومن الصعوبات التي تواجه أم راشد أمامها لفتح مركز متخصص بالحجامة، أن المركز يحتاج إلى دعم كبير، إذ تمارس الحجامة الآن في إحدى العيادات الطبية في إمارة رأس الخيمة، بها كادر طبي مرخص من وزارة الصحة.

غاية لا تدرك

رضا بعض مرتادي العيادة غاية لا تدرك على حد تعبير أم راشد، نظراً لعدم معرفتهم بشكوى أجسادهم أو ترددهم في تقبل العلاج بالحجامة. ووجهت بعض النصائح تمثلت في أهمية الحجامة للذين تجاوزوا الأربعين بمعدل ثلاث مرات في السنة، لاسيما السيدات باعتبارهن أضعف من حيث البنية من الرجال، إلى جانب تعرضهن لمشقات الولادة والحمل، أما الذين تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً والأربعين، حري بهم إجراء الحجامة مرة كل عام، إلا في الحالات التي تعاني من مرض يستحسن فيها إجراء الحجامة بصفة دورية.

هناك 96 موضعاً مناسباً في جسم الإنسان للحجامة، لكن أفضل الأماكن التي ينصح بإجراء الحجامة فيها هما الأخدعين والكاهل، إلى جانب قمة الرأس أو الوسط، وانعكاسات الحجامة تبدو جيدة ومؤثرة على الكبد والطحال وفقاً لنتائج المتعالجين بالحجامة، فضلاً عن دورها في علاج بعض أمراض النساء مثل تأخر الحمل. وكان الطب الحديث في الماضي يحارب الحجامة، لكن الآن تغيرت الصورة وأصبح الأطباء أكثر وعياً وإدراكاً بنتائج الحجامة ودورها في علاج الكثير من الأمراض.

فصل الربيع

أفضل الفصول في السنة لإجراء الحجامة هو فصل الربيع، وفي الشهر القمري ينصح بإجراء الحجامة في 17 أو 19 أو 21 من الشهر، أما بالنسبة للأيام يفضل أن تكون في يومي الاثنين أو الخميس، كما ينصح باختيار ساعات الفجر لإجراء الحجامة. كذلك أشارت أم راشد إلى أن الفئة الشابة هي الأكثر ارتياداً للعيادة لإجراء الحجامة، خاصة الموظفات المعلمات نتيجة الشعور بشد الأعصاب من شرح الدرس وتصحيح الامتحانات ونحو ذلك.

حملت بعد 16 عاماً

من الحالات النادرة التي مرت على أم راشد، سيدة لم تحمل منذ 16 عاماً رغم زواجها مرتين، وبعد التزامها بالحجامة رزقها الله بطفلة أخيراً. وثمة طفلة كانت تعاني أثناء ولادتها من بؤرة في الدماغ، نتج عنها الصرع، وذكر الطبيب لأسرة الطفلة أنها ستعاني من عاهة مستدامة، وبعد مرور أربعة أشهر على الولادة اصطحبت الأم طفلتها إلى أم راشد، فعالجتها بتحريك اليد والتدليك المرن بواسطة علاج جديد يطلق عليه «العلاج بالطاقة»، وتماثلت الطفلة إلى الشفاء بنسبة عالية بعد جلسات عدة، والآن تدرس مع أقرانها الآخرين في المدرسة.

نصائح ومحظورات

يبدو أن فوائد الحجامة كثيرة لا تحصى، بشهادة المرضى والأطباء والأبحاث الطبية، لكن في المقابل هناك بعض النصائح يجب التقيد بها أثناء الحجامة لعل أبرزها العمل على إراحة الجسم قبل الحجامة والاسترخاء وعدم بذل مجهود عضلي أو مزاولة هوايات فيها بيئة مرتفعة الضغط أو منخفضة الضغط مثل الطيران أو الغطس.

كذلك يستحب الامتناع عن الأكل قبل الحجامة لفترة ثلاث ساعات على الأقل بصفة عامة والامتناع عن أكل كل ما هو صعب الهضم بصفة خاصة لأن الحجامة على خلو المعدة مفيدة جداً للجسد لكي يكون توزيع الدم توزيعاً طبيعياً في الجسد، لكن لا ضير من شرب السوائل الخفيفة كالماء والعصائر بعد أو أثناء الحجامة، خاصة للمرضى الذين يعانون من مرض انخفاض ضغط الدم أو «الأنيميا». كما يجب ممن يعانون من هذين المرضين عمل الحجامة وهم مستلقون تجنباً من الإغماء أثناء الحجامة والتي تحدث نادراً لبعض الحالات.

ومن الضروري أن يتحرى الأشخاص الأمانة في إخبار الحجّام عن الأمراض التي يعاني منها المحتجم خاصة إذا كان المرض معدياً مثل مرض الكبد الوبائي والايدز وغيرها من الأمراض لأخذ الحيطة والحذر من انتقال العدوى، وفي المقابل يجب استخدام مشارط وأدوات حجامة نظيفة ومعقمة ولم تستخدم مسبقاً من قبل محتجم آخر. كذلك يستحسن تحديد مواقع الحجامة الخاصة بكل مرض، والتي يكون تحري مواقعها بدقة سبباً للشفاء في معظم الحالات.

كما ينبغي أن يغطي المحتجم موضع الحجامة ولا يعرضه للهواء البارد كما هو الحال في جميع الجروح، وحتى لا يتعرض للجراثيم والالتهابات، إضافة إلى الامتناع عن تناول الطعام المالح أو فيه بهارات بعد الحجامة مباشرة، بل ينتظر لمدة ثلاث ساعات أو نحوها. ولا داعي للقلق إذا شعر المحتجم بارتفاع في درجة حرارة في الجسم في اليوم الثاني للحجامة، لأن هذا أمر طبيعي يكون نتيجة لازدياد المناعة في الجسم ويزول بسرعة.

ويجب الالتزام بالجلسات المقبلة لبعض الأمراض التي لا يمكن عمل الحجامة لها في جلسة واحدة حتى لا تذهب الفائدة، وكذلك الحالات المرضية التي تستدعي أكثر من جلسة واحدة.

Email