بدء فعاليات مؤتمر فكر الـ 11 في دبي

المواطن والحكومات تحت مجهر الشباب العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت أمس، فعاليات المؤتمر الحادي عشر لمؤسسة الفكر العربي بعنوان "المواطن والحكومات: رؤية مستقبلية" في فندق غراند بارك حياة بدبي، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي وأعضاء المؤسسة والمشاركين فـي المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، يـناقش خلالها علاقة المواطن بالحكومات ودور الشباب العربي.

رؤية مستقبلية

ويواكب المؤتمر في دورته الحادية عشرة ما قدمه في الدورة السابقة عن "ماذا بعد الربيع؟"، وذلك بالبحث عن رؤية مستقبلية لعلاقة المواطن بحكوماته، وهي القضية المفصلية الأهم بعد أن تبدّلت قواعد العلاقات والأدوار وتغيرت الموازين بين المسؤوليات والواجبات، و"المفهوم الجديد الذي يرسم علاقة المواطن بالحكومات لتحقيق نقلة إيجابية في حياة المواطن في علاقته بالحكومة، مع الأخذ في الاعتبار أن نجاح هذا المفهوم يبقى رهناً بمدى تفاعل كل الأدوار وتكاملها، وتطوير آليات العلاقة بين الحكومة والمواطن لتحقيق مستقبل واعد، كما قال الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي.

مقهى الشباب

تسعة وأربعون شاباً وشابة من 20 دولة عربية التقوا تحت مظلة المؤتمر الحادي عشر لمؤسسة الفكر العربي في دبي. ورداً على سؤال (البيان) حول محاور جلساتهم في مقهى الشباب، تدافع الجميع بحماس للتحدث عن تجربتهم وأهمية مثل هذا المبادرات. قال أنمار خالد الذي تم اختياره سفيراً للعراق في المؤتمر القادم، "ناقشتنا العديد من القضايا، من المؤشرات الاقتصادية إلى دور الحكومة والشباب والقطاع الخاصة في تنمية واستثمار الطاقات البشرية. كما تم اختيار سفراء الدورة القادمة من المؤتمر". وأضافت ناريمان دخيل من تونس، "لمثل هذه الملتقيات أهمية كبيرة فنحن نتعرف على شباب مثلنا. ونتبادل الأفكار لنتعرف من خلالهم على تجربة بلدهم بعيداً عن لعبة الإعلام والفضائيات، ومناقشة أفكار اقتصادية ومبادرات وتجارب لبعض المشاركين والاستفادة منها، وبالتالي إلغاء الفكر النمطي.

حضور بانورامي

وما يلفت الانتباه في الساعة الأولى من المؤتمر، الأعداد الكبيرة المشاركة من مختلف البلدان العربية والأطياف والأعمار، من ربة المنزل اللبنانية المقيمة في السعودية التي تساهم كعضو مشارك في المؤسسة من خلال عملها التطوعي في تنمية الثقافة والفكر، والباحثة الأكاديمية من الجزائر التي تحضر في جامعة السوربون بباريس أطروحة الدكتوراه في مقارنة الأديان، إلى الطلبة الجامعيين والعاملين في مختلف القطاعات من الفكر والأدب إلى المال والأعمال.

ورش وندوات

وتضمن البرنامج ورشاً وندوات تجمع بين مختلف الأجيال، فعلى صعيد الجلسات تم أمس استعراض تجربتين رائدتين في العالم العربي، الأولى تجربة الحكومة الالكترونية في الإمارات، والثانية تجربة شركة آرامكو السعودية الشريك الراعي للمؤتمر، إضافة إلى ورشات مقهى الشباب، وكيف تتنافس الدول، وإشراك أصحاب المصلحة المباشرة. وفي الجلسات العامة مناقشة المجتمع والحكومات، ودور الحكومات المستجد، والمسؤولية الاجتماعية للشركات والعمل الخيري في الوطن العربي.

الحكومة الإلكترونية

وفي جلسة تجربة الحكومة الإلكترونية في الإمارات، تحدث سالم خميس الشاعر السويدي، نائب مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات لقطاع المعلومات والحكومة الإلكترونية، عن أهمية الحكومة الإلكترونية، والنتائج التي حققتها على مدى سنوات، في القطاعات الاقتصادية المختلفة. وأكد ضرورة التنظيم الحكومي الإلكتروني في دعم التنمية المستمرة، وفي تعزيز الثقة الخدماتية بين المواطنين والحكومة، ذاكراً عدداً من التجارب العالمية، مقارنةً بتجربة الحكومة الإلكترونية في الإمارات. مؤكداً أن الحكومة الإلكترونية قائمة على التوازن بين طرفيها، أي بين الأفراد من جهة، والحكومة من جهة أخرى. ففي حال طلب الأفراد خدمةً معينة، من واجب الحكومة توفيرها بشكل سريع ومباشر، وهذا ما يمكن للحكومة الإلكترونية تأمينه. ومن حق الحكومة الحصول على المعلومات، واستثمارها في مشاريع قانونية معينة، وبالتالي يكون العقد الإلكتروني بين المواطنين والحكومة قد استقام بشكل متوازن، ويُحدد داخله الواجبات والحقوق التي تطال كلا الطرفين.

رؤية وتواصل

وقال السويدي إن تجربة الحكومة الإلكترونية في الإمارات بدأت منذ سنوات، يوم انطلقت الإمارات في تقييم الدوائر الحكومية، وتسليط الضوء على تجاربها، وإخفاقاتها ونجاحاتها المتنوعة. سطرت الإمارات منذ البداية قصة نجاحها كدولة قائدة عالمياً، أخذت بعين الاعتبار الكثير من المعايير والقوانين التنموية المتطورة، كي تستفيد منها في المجالات الإدارية والتنفيذية، المتعلقة بعلاقة المواطن بدوائره الرسمية. وقد اتسمت تجربة الحكومة الإلكترونية هذه بعدد من الصفات، أبرزها وضوح الرؤية، وتأمين دعم القيادة السياسية، من أجل الاطلاع على التطورات العالمية والمحلية، وطرح السياسات الملائمة على ضوئها.

تنمية ومعرفة

كما ألقى محمد عبدالله العلي، النائب الأعلى لرئيس شركة أرامكو السعودية للشؤون المالية، كلمةً، طرح فيها معادلة رباعية. إذ حدد واجبات الحكومة في أربع نقاط أساسية، وهي: العدالة، الأمن ، التنمية الاقتصادية، وتنمية رأس المال الفكري والاجتماعي. أما واجبات المواطن فتنطوي بدورها على أربع نقاط أساسية أيضاً، وهي: الإخلاص والولاء واحترام النظام، الثقة بالنفس وأخذ المبادرة، العمل التطوعي، التنوع والتعايش والتسامح، الحفاظ على البيئة والموارد والمكتسبات. كما تطرق إلى تجربة أرامكو الريادية في عالم الاقتصاد، فعلى الرغم من تصنيف الشركة بين شركات البترول العالمية طوال العشرين سنة الماضية، إلا أنها لم تركن إلى الراحة، بل سعت إلى مسابقة الزمن وتحدي نفسها من خلال تبني برامج سريعة التحول، كي تتطور الإمكانيات وتتطور القدرات الكثيرة في الشركة. وترتكز الاستراتيجية في الشركة على عدد من المحاور، وهي الاقتصاد، والمعرفة والمجتمع والبيئة.

قضايا مجتمعية ملحة على طاولة «فكر وأفكار»

ضمن فعاليات المؤتمر عقدت، أمس جلسة "فكر وأفكار"، التي ضمت مجموعة من الشباب العربي المهتم بالشؤون والقضايا العامة، عبّروا فيها عن مبادراتهم الفردية واهتماماتهم، التي يسعون من خلالها إلى حمل مجتمعهم نحو التطور والتقدم، على كل الصعد الثقافية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، عبر مداخلات قصيرة تخللها عرض مصوّر حول الموضوع المطروح. حيث استهلت الجلسة الفرقة الموسيقية "الفارابي" التي تضم مجموعة من الشباب العربي المبدع في المجال الموسيقي، وأدار الجلسة كل من عبد المحسن محمد العجمي، وسمر المزغني.

مداخلات الشباب

وتنوعت مداخلات الشباب من الاهتمام بالشأن الصحي، وكيفية تطوير هذا القطاع في ظل العجر الصحي للحكومة في مصر، وقد قدم الدكتور الجراح محمد جمال الدين عددا من الاقتراحات. وأكد كل من أماني من فلسطين، ومنصور من ليبيا، ومروى من اليمن، على بقاء "رسالة الشخص وإن توفي" عبر انشاء مشروع "سوق القرية" الذي يهدف الى تعزيز المعرفة الثقافية ومواضيع الهوية والبيئة.. إلخ، وهو الهدف الذي كان يسعى له صديق مشترك توفي في دير الزور.

صحافة محلية

حنان سليمان من مصر، وهي صحافية وباحثة إعلامية، شددت على أهمية وجود صحافة محلية مستقلة في أرجاء مصر، وإصرارها على أهمية وجود نموذج إعلامي جديد غير خاضع لنظام السياسي أو لرجال أعمال، ولا يهدف الى الربح بل إلى الاستمرارية. زيد الريس، من سوريا، ينادي الأفراد في المجتمع إلى "الصحو من النمو المفترض"، بالعمل على مشروع محدد من أجل تعزيز التفاعل بين المواطن والحكومة أو الدولة، والعمل على مستوى الفرد والأسرى، ما يحقق الوصول إلى مجتمع افضل. أما مروى من مصر، متخصصة في علم الفلك، فشرحت للحضور أهمية زيادة معرفة الفرد في مسائل الفلك، لأنه "كلما ازداد رقيّ الأمة، ازداد نظرها إلى السماء" بنظرها.

مستقبل وتنمية

أما ناديا عازوري من فلسطين، عاملة في مجال التدريب والرقص والموسيقى، فتحدثت عن الرقص المجتمعي، وأكدت أن بإمكان العروض الفنية أن تكون أبعد من مجرد عرض مسرحي، بل بإمكانها ان تكون ذات بُعد اجتماعي، لأن لغة الرقص تتجاوز حواجز اللغة والدين والجنس، فالتغيير ممكن بالرقص. خالد البلوشي من جزر القمر، أبدى في مداخلته أهمية المشاريع الصغيرة التي بدورها تشكل مشاريع العالم. ومن خلال "مصانع الشباب" يسعى البلوشي إلى تنمية الوطن ومستقبل الشباب عبر تأمين المكان، والرخصة، والتسويق، والمعدات، والعمالة، لتحفيزهم على القيام بالمبادرات الفردية على مستوى النشاط الاقتصادي.

أما إسماعيل من المغرب، فأنشأ موقعا إلكترونيا لرصد الانتهاكات، التي تحصل للمواطن المغربي عن طريق النقل المباشر، بالإضافة الى اهتمامه بالمرأة العاملة في القرى والأرياف، ومواجهة الصعوبات التي تعترضها. وأبرز المتحدثين في جلسة "فكر وأفكار"، هم: حنان سليمان، زياد ريس، مروى مصطفى، نواف موتري، ناديا عازوري، فهد نهي ونورا الجردي، خالد البلوشي، بندر المطلق، إسماعيل عزام، أحمد شامي، سجا العبدلي، عبدالله عبسي، أماني، منصور، مروى، ماهر، محمد جمال الدين.

تكريم

توزيع جائزة الإبداع العربي اليوم

ينظم اليوم حفل تكريم الفائزين بجائزة الإبداع العربي للعام 2012 في مقر ندوة الثقافة والعلوم بمنطقة الممزر في الساعة الثامنة مساء، وتسليمهم الجوائز. وهذه الجائزة تمنحها مؤسّسة الفكر العربي، التي تعد مؤسّسة دولية مستقلّة غير ربحيّة، ومبادرة تضامنية بين الفكر والمال لتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها وأخلاقها بنهج الحرية المسؤولة، تُعنى بمختلف مجالات المعرفة، وتسعى لتوحيد الجهود الفكرية والثقافية التي تدعو إلى تضامن الأمّة والنهوض بها والمحافظة على هويّتها.

رأي

تجربة دبي محط أنظار العالم بإبداعها غير المسبوق

كميل حوا، رئيس محترف سعودي، ومشارك في المؤتمر قال إنه في الافتتاح حين ورد تعبير "العالم الأول" في كلمة محمد عبدالله العلي، النائب الأعلى في شركة "أرامكو" السعودية، حدث ما يمكن تشبيهه بفك ربطة هدية، تُظهر معالم الرؤية المستنيرة التي يتشارك بها رئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، مع حاكم إمارة دبي، ويدخل في نفس السياق إشارة الكلمة إلى مبادرة إثراء الشباب، وهي مبادرة طموحة سوف تحقق، حسب ما ورد في الكلمة، تعزيز حب العلوم لدى مليوني فتى وفتاة خلال الأعوام القليلة القادمة، وذلك عبر ورش عمل حيوية ومبتكرة. والملفت أن الأمير خالد الفيصل في كلمة افتتاح قصيرة ومؤثرة، كان قد تساءل عمن لديهم إجابات، واعتبر أن الشركة أيضاً من المرشحين للإجابة. وإذ تبعه متحدث مثّل إمارة دبي شارحاً تجربة الحكومة الإلكترونية في دولة الإمارات، جاءت كلمة العلي لتكمل صورة الرؤية الطموحة، وختمها بالإشارة إلى تجربة دبي، التي غدت محط أنظار العالم بإبداعها غير المسبوق.

Email