أكاديميون: حاجة لطرق مبتكرة تعزز علاقة «العربية» بالمهن والأعمال

اللغة الأم «قضية عامة» وجميع التخصصات أبناؤها

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

اللغة العربية قضية أساسية، والجميع مسؤول عنها بغض النظر عن تخصصاتهم ووظائفهم، وكل مختص يجب أن يكون المبادر لربط اللغة العربية بتخصصه ومجال عمله بحكم مسؤوليته ووظيفته، ومن هذا المنطلق دعا باحثون من مختلف التخصصات والأقسام والكليات والجامعات للتقدم بالدراسات والبحوث الجادة التي تسهم في النمو المعرفي والعلمي، وتكشف عن وسائل وطرق جديدة وابتكارات حديثة تثري البحث العلمي، وتعزز علاقة اللغة العربية بمختلف التخصصات والمهن والأعمال.

تحديات

أكدت الدكتورة خديجة فرحان الحميد من جامعة زايد أن هناك العديد من التحديات التي تواجه تدريس اللغة العربية من خلال ما لمسته أثناء الاحتكاك بالطلبة، وأعربت عن بالغ أسفها لتخلي البعض منهم عن لغة الضاد، مشيرة إلى أنها شهدت عدة حالات لطلبة يتحدثون مع بعضهم البعض خارج القاعات الدراسية بالجامعة باللغة الانجليزية الركيكة.

وأشارت إلى أن الجيل الحالي مهدد بخسارة اللغتين بسبب ضياع الهوية، والخجل من التحدث بالفصحى الأمر الذي يتعارض مع الهوية والانتماء للوطن والأمة.

واعتبرت الدكتورة خديجة أن دورها كمربية يكمن في توعية الطلاب بأهمية اللغة وضرورة ممارستها، كونها الحاضن الأساسي للهوية الوطنية، كما شددت على عدم التحدث بلغة عربية ركيكة مع غير الناطقين بها من الجاليات الآسيوية وغيرها في الدولة، وقالت: إذا كان لابد من الحديث معهم وتعليمهم اللغة العربية فلنعلمهم الصحيحة وليس الركيكة.

أما الدكتور نهاد الموسى أستاذ شرف في الجامعة الأردنية فيرى أن الطلاب تتنازعهم مواقف واتجاهات متباينة نحو لغتهم الأم، وأصبحت اللغات الأجنبية تستهويهم كونها تعبر عن أمم متفوقة، فضلا عن نزعتهم نحو التمرد، ظنا منهم أن اللغة الإنجليزية تمنحهم تفوقا وانتسابا إلى ثقافة متقدمة.

حلول مقترحة

وعن الحلول المقترحة لجذب الطلاب للغة الضاد بيّن أنه يجب بداية تشخيص مواقف الطلاب من اللغات المختلفة، وتحليلها من أجل الوقوف على الطرق السليمة والناجحة في القضاء على ظاهرة التمرد على العربية، مشيرا إلى أن الحفاظ على هويتنا العربية واللسان الناطق بها لا يتعارض مطلقا مع دراسة وتعلم اللغات الأخرى، شريطة عدم اتخاذها مصدرا للتباهي.

وأوضح أن بعض الشباب قد يضيق بما يحدث في الأمة العربية وما آلت إليه أحوالها فيحمل اللغة جريرة هذا الانحدار، مهيبا بالقائمين على أمر اللغة تنوير الشباب وتوعيتهم باستمرار عن طريق التحاور الهادف، لتبيان أن العربية هي المدخل لفهم التراث.

أخطار

أشارت ثريا العسيلي عضو اتحاد الكتاب المصري إلى ما يحمله الاستعانة بالخادمات غير الناطقات بالعربية من خطر على هوية أبنائنا الوطنية، معربة عن آسفها لما آلت إليه صاحبة الجلالة من ترد على ألسنة الطلاب في بعض المؤسسات التعليمية، وقالت إن العديد من المؤتمرات تقام لحماية اللغة من دون الخروج منها بحلول جذرية.

وأهابت العسيلي بالجهات المعنية ضرورة توحيد الجهود على مستوى الوطن العربي من أجل إطلاق مشروع قومي يهدف للارتقاء بدراسة اللغة العربية وفق خطة مرسومة لتوحيد المناهج، فضلا عن وضع الخطط اللازمة للاهتمام بمعلم اللغة منذ المراحل الدراسية الأولى، والعمل على إعداد إعلاميين يعملون في مختلف الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، ليقدموا رسالة للنشء مفادها الرقي بلغتهم بعيدة عن الأخطاء اللغوية والنحوية.

موازنة

وبسؤال الدكتور عبدالله الرحمن السعدي أستاذ مشارك بكلية التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، عن كيفية الموازنة بين التعليم الذكي والحفاظ على الهوية العربية، قال إن التكنولوجيا الحديثة أدت خدمة كبيرة للمجتمعات في كافة جوانبها الحضارية ومنها جانب الشريعة الإسلامية واللغة العربية، مشيرا إلى أن استخدام التكنولوجيا في التعليم لا يتعارض مع الهوية العربية، بل سخرت هذه المستجدات لخدمتها وفي مقدمتها لغة التشريع التي تعد اللغة الفصحى التي منحت البشرية حضارة على مر العصور، وهي تثبت أصالتها في الوقت الحاضر بمواكبتها لكل المستجدات.

«توفل عربية» للالتحاق بالجامعة القاسمية

قال الأستاذ الدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية لـ«البيان»، إن الجامعة بصدد اعتماد امتحان «مستوى الكفاية اللغوية»، وإصدار شهادة تؤهل من يجتازه الالتحاق بالجامعة القاسمية، مشيرا إلى أنها توازي امتحانات «الأيلتس» و«التوفل» باللغة الإنجليزية، إلا أنها خصصت لدعم وتعزيز اللغة العربية لدى طلاب الجامعة.

وأوضح أن الجامعة باشرت بالفعل في إجراءات هذه الشهادة من الجهات المعنية لجعلها شرطا من شروط الالتحاق بالجامعة وتطبيقها قريبا، لافتا إلى أنه من الأولى الاهتمام بلغة الضاد، ومع ذلك لم ينف الدين ضرورة تعلم اللغات الأخرى، حيث قال الرسول الكريم «من عرف لغة قوم أمن مكرهم».

وقال إن أستاذ اللغة العربية لم يعد مؤهلا التأهيل الكافي واللائق بها بعد أن شغلته عنها أشياء أخرى نتيجة للعولمة، لذا يجب أن يعد المعلم نفسه إعداداً جيداً ليحبب الطلاب باللغة من خلال منحها الأهمية الواجبة، والقيمة التي تستحقها ويستدرجهم شيئا فشيئا للعودة إليها.

رمز الفصاحة

وأضاف إن الأرض العربية أصبحت تتحدث بهجين لغوي مدمر، علاوة على أن بعض الطلاب استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لتدمير اللغة عوضا عن النهوض بها، مشيرا إلى أن حفظ آيات من الكتاب الكريم كفيلة بتقويم اللسان إذ إنه رمز الفصاحة الأول، ويشكل في حد ذاته بيئة سماعية تمكن الناس من مجاراته في الفصاحة، فضلا عن أن حفظه وقراءته مطلب ديني.

وأشار الدكتور سالم إلى أن الأهل أيضا لهم دور خطير. إذ إن بعضهم يتباهى بالنطق بغير العربية، قائلا:«لم نجد في المعمورة من يهين لغته مثل العرب»، كما أهاب بالأكاديميين ضرورة إلقاء الدروس والتحدث إلى الطلاب بالعربية، والإكثار من النشاط اللاصفي تحفيزا للطلبة مثل تنظيم مسابقات في الشعر، وفي فن الخطابة والأدب بوجه عام، والتركيز على الجوانب المهارية، مع تحقيق البيئة السماعية للطالب في مؤسسته الجامعية.

وبين أن الجامعة القاسمية لديها مركز للغات يستقبل الطلاب من كافة أنحاء المعمورة، ويفرغون مدة عام كامل لتعلم اللغة العربية الميسرة (لغة الإعلام)، وهو شرط للالتحاق بالجامعة ولتطمئن الجامعة على إتقان الطالب للعربية لغير الناطقين بها.

Email