المخدرات .. الطريق إلى الإيدز والرذيلة والعجز

الأفيون يدمّر خلايا الدماغ والهيروين يحوّل المتعاطين إلى مجرمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في خطوة الهدف منها تضافر جهود الدول كافة من أجل القضاء على انتشار المخدرات أوصت الأمم المتحدة منذ نحو ربع قرن بتسمية السادس والعشرين من شهر يونيو من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات وذلك للتنبيه إلى خطرها ومحاولة القضاء عليها خاصة بعد أن تسببت هذه الآفة في تدمير ملايين الأسر في مختلف المجتمعات على امتداد المعمورة.

المخدرات.. ماهيتها وأنواعها

عرّف بعض اللغويين المخدرات على أنها تعني الضعف والكسل فيقولون مثلاً تخدرت اليد أو القدم إذا استرخت وأصبحت لا تستطيع الحركة في حين عرفها البعض الآخر على أنها تغطية العقل وتغييبه وتعطيل حواس الجسم.

وتنقسم المخدرات إلى قسمين: نباتية وكيميائية، وهي في الحالتين لها تأثيرات سيئة على العقل والبدن.

المخدرات النباتية: وهي مجموعة من النباتات يتم تناولها كما هي، أي بدون أية إضافات كيميائية وهذه المخدرات هي القات والحشيش.

المخدرات الكيميائية: هي مجموعة من المواد المنشطة يعتمد في تصنيعها على المخدرات الطبيعية، ولكنها تعالج بمواد كيميائية، وبعد معالجتها تعطي نفس تأثير المخدر الطبيعي.

وفي كثير من الحالات يكون تأثيرها أقوى بكثير من المخدر الطبيعي، أما النوع الآخر من المخدرات التي يتم تصنيعها من مواد كيميائية بشكل كامل فلها جوانب خطيرة على الدماغ، ومن أشهر هذه الأنواع عقار الـ Amphetamine وعقار الهلوسة المعروف باسم «LSD» ويعتبر عقار الـ «LSD» من أقوى العقارات المخدرة فيكفي أن يأخذ منه الإنسان مقدار (1 من 10) ميلغرام حتى يصبح مدمناً.

أما المخدرات المضافة إليها المواد الكيميائية فهي الأفيون، والمورفين، والهيروين والكوكايين والكلورال والبنتوتال والأمانين والبلازون.

أضرار المخدرات

لا يوجد هناك أي جانب إيجابي للمخدرات، وإنما يلجأ البعض لأخذها بسبب الهروب من مواجهة المشكلات أو بسبب أصدقاء السوق أو بسبب الفراغ القاتل، والقنوات الفضائية وما تبثها من برامج وأفلام والتي تمجد في بعضها التدخين والمخدرات.

وبسبب الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات تزيد من القدرة الجنسية في حين أن الواقع خلاف ذلك، أو بسبب تقليد بعض المشاهير من أهل الفن والطرب أو بسبب سوء التربية وعدم اهتمام الوالدين بتنشئة الأطفال.

أضرار الأفيون

يعتبر الأفيون من أخطر المخدرات ويمكن الحصول عليه بإجراء شقوق في ثمار الخشخاش غير الناضجة فتخرج من هذه الشقوق مادة بيضاء يتم جمعها وتجفيفها ثم تناولها، ويعمل الأفيون علي تدمير خلايا الدماغ إضافة إلى الاضطراب في الحالة النفسية، ويؤدي تناول الأفيون إلى ضيق في التنفس ومن ثم النوم لفترات طويلة.

كما يؤدي تناول الأفيون إلى ضمور في عضلات الجسم وضعف في الذاكرة وقلة في الشهية وعدم الرغبة في الطعام، ويؤدي كذلك إلى تباطؤ النبض وعادة ما يموت متناول الأفيون وهو نائم بعد تناول الجرعة مباشرة.

المورفين

يستخلص من الأفيون وذلك بعد إضافة بعض الأحماض والأمونيا فينتج عن ذلك المورفين وهو عبارة عن مسحوق أبيض يميل إلى الاصفرار، وأي جرعة من المورفين تؤدي إلى جفاف في الحلق وزيادة في ضغط الدم وخفقان في القلب بشكل متسارع مما يؤدي إلى ضيق في التنفس وهبوط في الدورة الدموية ثم النوم وبعدها الوفاة.

الهيروين

وهو من أقوى المخدرات ويشعر متعاطيه في البداية بنشوة لا تدوم كثيراً وبعدها يشعر المتعاطي بضعف في الذاكرة وعندها يتحول المتعاطي إلى إنسان عدواني.

وقد يرتكب عمليات قتل أو سرقة، ومتعاطو الهيروين يصبحون ضعفاء من الناحية الجنسية ولهذا فهم يلجأون إلى قتل النساء عندما لا يستطيعون إفراغ غرائزهم، ولهذا فهم يشكلون خطراً على المجتمع وعلى أنفسهم.

ويمكن تلخيص أضرار المخدرات كالتالي:

فقدان الشهية وضعف في مقاومة الأمراض، إضافة إلى تهيج في الشعب الهوائية مما يؤدي إلى مرض التدرن الرئوي إضافة إلى إتلاف الكبد وتليفه، كما تصيب المخدرات المخ وتؤدي إلى تلفه وموت ملايين الخلايا العصبية، أما النساء المدمنات فعادة ما يلدن أطفالاً إما موتى أو مشوهين.

وقد أثبتت الدراسات التي قامت بها مجلة Medicine and Science الأميركية أن جميع الأطفال الذين يولدون لأمهات مدمنات يكونون متخلفين عقلياً ومعاقين وإنهم عندما يكبرون يتسببون في كثير من الجرائم مثل الجرائم اللاأخلاقية والقتل.

وعند الحديث عن المخدرات لا يمكن إغفال الحديث عن الإيدز حيث ان معظم الذين يصابون بالإيدز هم أصلاً متعاطو مخدرات، حيث يؤدي تناول المخدر عن طريق الإبر إلى انتقال المرض.

آثارها على المدمن

تؤدي المخدرات إلى تدهور صحة المدمن حتى يصبح عاطلاً عن العمل وغير قادر على تحمل مسؤولية الأسرة كما يصبح عضواً غير منتج في المجتمع، وعادة ما يميل المدمن إلى ارتكاب الجرائم، وعندما يعجز المدمن عن تأمين المخدر بالطرق المتاحة كثيراً ما يلجأ لإجبار زوجته أو ابنته على البغاء، لذا فإن انتشار الرذيلة بين المدمنين يعد أمراً طبيعياً.

الآثار النفسية

لكل نوع من أنواع المخدرات أثره الخاص على أعضاء الإنسان، وأخطر ما في ذلك ان المخدرات تؤدي إلى ضمور قشرة الدماغ التي تتحكم في التفكير والإرادة وتؤكد الأبحاث الطبية أن تعاطي المخدرات ولو بدون إدمان يؤدي إلى نقص في القدرات العقلية وإلى إصابة خلايا «المخيخ» بالضمور مما يخل بقدرة الشخص على الوقوف بدون ترنح .

كما أنه في كثير من الحالات يتبول الشخص على نفسه وهو واقف دون ان يستطيع التحكم في أعصابه، وعادة يؤدي عدم القدرة في التحكم بالأعصاب إلى شلل في النصف السفلي من الجسم، كما يصاب المدمن بنوبات من الهذيان والارتعاش وفقدان الوعي، وفي كثير من الأحيان تؤدي هذه الأسباب إلى تلف في العصب البصري مما يفضي إلى العمى إضافة إلى سرطان المريء.

ومن أبرز أضرار المخدرات النفسية الشعور بالاضطهاد والكآبة والتوتر العصبي وحدوث هلوسات سمعية وبصرية كأن يرى أشخاصا أمامه وينادون عليه باسمه مع ان الحقيقة غير ذلك، إضافة إلى تخيلات تؤدي إلى الخوف والجنون ومن ثم الانتحار أو ارتكاب جرائم أخلاقية، كما يشعر المدمن بضعف في التركيز مما يجعل المدمن غير قادر على التفاعل مع محيطه.

كيفية التعامل مع المدمن

يعد المدمن مريضاً، لذا يجب التعامل معه من هذا المنطلق، فقد خصصت معظم دول العالم عيادات خاصة لعلاج المدمنين، وذلك لإعادة تأهيل المدمن اجتماعياً كي يعود إلى أسرته ومجتمعه كشخص منتج وقادر على العطاء، وتأخذ رحلة العلاج فترة طويلة من الوقت، إلا أن طول العلاج وقصره يعتمدان على قوة الإرادة عند المدمن، ورفضه حتى التفكير في العودة إلى المخدرات.

ولضمان عدم عودة المدمن إلى براثن المخدرات من جديد بعد خروجه من السجن أو من عيادة العلاج، ينبغي عدم عودته أو اختلاطه بأصدقاء السوء، فهم السبب المباشر في انتشار المخدرات والمسكرات بين الشباب، وعلاج المدمن حتى يعود إلى طبيعته يحتاج إلى أموال طائلة.

تقول مجلة «شوم ذمٌُِم» الأميركية إن العالم يخسر على علاج المدمنين ما بين 140 ـ 160 مليار دولار سنوياً، في حين لو أنفق 20% من هذا المبلغ على الأطفال لانتهت مآسي أطفال الشوارع في العالم.

ولو اُنفق 30% من هذا المبلغ على التعليم فإن العالم سيخلو من الأمية، ولو اُنفق 50% من هذا المبلغ على الأدوية والمختبرات والأبحاث الطبية، فإنه سيتم إيجاد علاج لأمراض السرطان والإيدز؛ وهي من أخطار الأمراض التي تفتك بالبشرية في الوقت الحاضر.

المخدرات والدول العربية

تعد الدول العربية من الدول المستهلكة من قبل عصابات ومروجي المخدرات، وذلك بهدف تدمير الشباب العربي وإشغاله عن قضاياه. تقول مجلة «The People» الأميركية إن العالم العربي فيه نحو 4 ملايين مدمن منهم 500 ألف مدمن ميؤوس من شفائهم في حين أن 300 ألف مدمن هم من طلبة المدارس الثانوية وطلبة الجامعات.

حيث تشكل الإناث 48% من هذا العدد. وتضيف المجلة إن وجود العالم العربي وسط القارات جعل منه محطة لعبور المخدرات من جنوب شرق آسيا إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، مما جعل العالم العربي هدفاً لعصابات المخدرات، سواء من أجل بيعها أو من أجل نقلها إلى المناطق الأخرى.

Email